جوسيب بارتوميو - برشلونة - الدوري الإسباني

سبورت 360- قدم جوسيب بارتوميو سبباً إضافياً لكراهية جمهور برشلونة لحقبة رئاسته للنادي، حيث تواصلت حلقات المسلسل المأساوي لعلاقته بالبرسا، والذي سيكون وإلى الأبد مُرادفاً لكل المعاني السلبية لدى عشاق البلوجرانا حول العالم.

صدمت نشرات الأخبار جمهور عملاق كتالونيا بخبر يفيد اعتقال رئيس ناديهم السابق على خلفية اتهامات بالفساد الإداري في القضية المعروفة إعلامياُ بـ”برسا جيت”، وهي الواقعة  المُتهمة فيها الإدارة السابقة للنادي بقيادة بارتوميو بالاستعانة بشركة لتشويه خصوم الإدارة وعلى رأسهم رموز النادي !.

والمُتابع لحلقات ذلك المُسلسل يُدرك تماماً أن الحال الذي وصل إليه الكبير الكتالوني الآن هو ثمرة عمل بارتوميو السيء داخل النادي، فالرجل تسلم برشلونة قلعة حصينة مهيبة مُرتفعة راياتها تهابها كل الخصوم، لتبدأ في عهده رحلة التدمير والتخريب، حتى سقطت الأسوار العالية وتصدعت الجُدران، وأصبح ذلك الحصن الرهيب مُستباحاً من الجميع بعد أن تهاوت أعمدته وتداعت أساساته.

بارتوميو

خلال السطور التالية نرصد الخطوات التي سار عليها بارتوميو حتى أوصل بتصرفاته النادي للحال الذي لا يُرضي أي عاشق أبداً :

ضعف مستوى التدعيمات

تعاقدت إدارة برشلونة خلال فترة رئاسة بارتوميو مع 34 لاعباً بقيمة 1.08 مليار يورو وفق تقارير صحفية، ويحتل البرازيلي فيليبي كوتينيو صدارة الصفقات من حيث القيمة المالية حيث وصلت قيمة تعاقده إلى 145 مليون يورو.

ويليه عثمان ديمبيلي بقيمة صفقة وصلت إلى 130 مليون يورو، وفي المركز الثالث يأتي مواطنه أنطوان جريزمان بقيمة صفقة وصلت إلى 120 مليون يورو، وبالنظر للصفقات الأعلى فإن بالتأكيد لم يكن المردود الذي قدموه هو ما توقعه منهم الجمهور بالنظر أيضاً لأسعارهم العالية.

ولم تنجح تلك الصفقات  التي كلفت خزائن النادي بشكلٍ إجمالي مليار يورو على الأقل في تحقيق الإضافة المطلوبة، واضطر برشلونة في بعض منها لإعادة البيع بعد المستويات المتواضعة التي قدموها مع الفريق.

المُثير في الأمر أن القيمة المُتدنية لصفقات برشلونة فنياً كانت باعتراف أحد اللاعبين الذين تعاقد معهم النادي بالفعل، وهو المُدافع الفرنسي جيريمي ماثيو الذي لعب في الفترة بين يوليو 2014 و2017، وكان يُعول عليه لسد الفراغ الذي أحدثه اعتزال الأسطورة بويول.

 واعترف ماثيو فيما بعد في تصريحات صحفية أنه كان يشعر بأنه غير مؤهل لتلك المهمة عندما طلب برشلونة التعاقد معه !.

GettyImages-615665428

الصفقات التي أثارت علامات استفهام

في عهد بارتوميو تعاقد برشلونة مع صفقات مُريبة!..فبجانب أنها كانت دون قيمة فنية كبيرة، فقد أثارت كذلك الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، ومن بين هؤلاء بالطبع كيفين برينس بواتنج النجم الغاني الذي لم يكن في أفضل فترات مسيرته على الإطلاق حينما تعاقد معه النادي.

حيث كان بواتينج لاعباً لنادي ساسولو المتواضع في الدوري الإيطالي، وكان عُمره حينها يقترب من 32 سنة، ولم يفهم الناس الحكمة من استعارته في الميركاتو الشتوي لموسم 2018/2019 وحتى نهاية الموسم.

فبالنظر لأرقامه مع ميلان وهي أفضل فترات مسيرته نجد أن بواتنج وهو لاعب يُجيد اللعب في المراكز الهجومية خاض مع الروسونيري 114 مُباراة، سجل فيهم 18 هدفاً فقط، وصنع 16 لزملائه، وبالفعل لم يلعب بواتنج  مع برشلونة سوى 4 مُباريات لم يُسجل فيهم أو يصنع أي أهداف.

بواتينج

وتعاقد النادي أيضاً وعلى سبيل المثال لا الحصر مع اللاعب البرازيلي باولينيو بقيمة 40 مليون يورو قادماً من فريق إيفرجراند الصيني في أغسطس 2017، قبل أن يُعيره إلى ذات الفريق في يوليو 2018.

 ليشتريه النادي الأسيوي من جديد بقيمة 42 مليون يورو في 2019، وهي القيمة التي أكد تقرير نشرته صحيفة آس على أنها تقل بثمانية ملايين يورو عن البند المُعلن لاتفاق برشلونة مع الفريق الصيني.

وظل جمهور برشلونة وهو يتابع تلك التفاصيل مُندهشاً من جدوى تلك التنقلات والأموال الطائرة يميناً وشمالاً على الفريق ومدى استفادته الفنية من لاعبيه بغض النظر عن حسابات الإدارة الاقتصادية التي أسالت كثيراً من الحبر حينها.

إهدار الفرص الذهبية

فوت برشلونة على نفسه خلال عهد بارتوميو فرصة التعاقد مع نجوم من مستوى الصفوة في العالم، ومن بين هؤلاء ألفونسو ديفيز نجم بايرن ميونخ، وكيليان مبابي وإيرلينج هالاند لاعبي باريس سان جيرمان وبوروسيا دورتموند.

حيث كشفت التقارير الصحفية عن رفض بارتوميو التعاقد مع ألفونسو ديفيز عندما كان لاعباً لنادي فانكوفر الكندي قبل انتقاله للعملاق البافاري، وجاء سبب الرفض لأنه كندي !.

وأشارت تقارير اخرى إلى أن إدارة النادي الكتالوني رفضت على سبيل المثال التعاقد مع كيليان مبابي في 2017 حينما كان لاعباً لموناكو، وفضلت عليه عثمان ديمبيلي!، وهو نفس مصير إيرلينج هالاند الذي رفضه برشلونة من أجل التعاقد مع بواتينج !.

إيرلينج هالاند - بوروسيا دورتموند - الدوري الألماني

الارتفاع الجنوني للأجور

ولكي تكتمل عناصر الأزمة الاقتصادية في برشلونة، فإن النادي عانى أيضاً من مشكلة بسبب ارتفاع أجور لاعبيه بالمُقارنة مع باقي مُنافسيهم، وهو ما اضطر بارتوميو في نهاية عهده لاتخاذ إجراءات تقشفية للحد من النفقات عبر خفض الرواتب.

فبجانب تسريب العقد الفلكي للقائد ليونيل ميسي قبل أسابيع، فإن النادي وفقاً لـ تقديرات المعنيين بالأمور المالية ينفق 62% من ميزانيته على أجور اللاعبين والموظفين، وهو رقم عالٍ جداً.

وأشارت تقارير صحفية إلى أن ميسي يتقاضى مرتباً سنوياً قدره 70 مليون يورو، ويأتي في المركز الثاني أنطوان جيزمان براتب يُقدر بـ 45 مليون يورو، وكان راتب سواريز السنوي قبل رحيله الحزين بقيمه 23 مليون يورو سنوياً.

ليونيل ميسي - برشلونة - الدوري الإسباني

رحيل النجوم

قدم برشلونة منذ بداية الألفية الثالثة وعلى مدار سنوات عديدة عدداً من النجوم الرائعين الذي نجحوا بقدراتهم الكبيرة على صناعة الفارق سواء مع الكتلان أو مع مُنتخبات بلادهم.

ولكن الرصيد البشري بدأ في التناقص حتى وصل الفريق لحالٍ يُرثى له في عهد بارتوميو، فاعتزل بويول، وغادر الثنائي تشافي وإنييستا.

ورحل نيمار إلى باريس في صدمة القرن لجمهور كتالونيا بعد ان استغل الباريسيون الشرط الجزائي الذي وضعه برشلونة وكان في مستوى مقدرتهم المالية.

كما فرط برشلونة في لويس سواريز بعد الموسم الصفري الأخير، لم يُغادر النجم الأوروجوياني بالطريقة التي يستحقها، ورحل باكياً حزيناً من تعامل الإدارة معه بشكلٍ لايليق أبداً بنجمٍ في مكانته.

كارليس بويول - برشلونة - الدوري الإسباني

سوء علاقة برشلونة مع باقي الأندية

شهدت علاقة برشلونة بعدة أندية أوروبية تدهوراً خلال فترة تواجد بارتوميو، ومن بين تلك الأندية باريس سان جيرمان الذي دخل مع الكتلان في مُواجهة مُحتدمة بسبب رغبة الكتلان في ضم ماركو فيراتي.

وغازل بارتوميو صراحةً اللاعب من أجل الانضمام لبرشلونة، رغم تأكيده على أن إدارة النادي الباريسي مُتمسكة ببقاء لاعبها، وأنه لايوجد شرط جزائي يُمكن دفعه.

واضطر النجم الإيطالي لتقديم الاعتذار لناديه بعد تصريحات من وكيله هاجم فيها إدارة النادي الباريسي، مُدعياً أن فيراتي كما لو كان مسجوناً في باريس سان جيرمان، وأبدى فيراتي في تصريحات صحفية حينها سعادته بالبقاء مع بطل الدوري الفرنسي.

 ويرى البعض أن خطوة ضم نيمار كانت رداً من الفريق الفرنسي على ما فعلته إدارة برشلونة ورئيسها بارتوميو في ملف فيراتي.

وساءت علاقة برشلونة داخلياً في إسبانيا أيضاً، فخرج خافيير أجيري العام الماضي ليوجه نقداً لاذعاً لتعاقد البلوجرانا مع مهاجم ليجانيس مارتن برايثوايت خارج التوقيتات الرسمية للتعاقدات.

وجاء ذلك بالاستفادة من قاعدة تتيح للكتلان ذلك في الليجا بعد إصابة ديمبيلي، ليؤكد أجيري أنه سيُكمل الموسم بـ 26 لاعباً فقط، يُذكر أن ليجانيس هبط الموسم الماضي لدوري الدرجة الثانية، ولم يقدم برايثوايت أداءً كبيراً مع برشلونة.

lhvjk

وانضم رودي جارسيا، المُدير الفني الفرنسي لنادي ليون، لقائمة مُنتقدي إدارة برشلونة في ملف التعاقدات الخارجية مع نجوم في فرقٍ اخرى.

وخرج جارسيا بعد امتعاض كومان المُعلن من مُغازلة باريس سان جيرمان للقائد ليونيل ميسي مؤكداً على أن برشلونة اعتاد على تلك الأمور ضارباً المثال بالرغبة في ضم ديباي الصيف الماضي، وقال جارسيا، في تصريحات صحفية،:”كومان لم يخجل حينما تحدث عن ممفيس ديباي، حتى بعد إغلاق سوق الانتقالات”.

الصدام مع ميسي

وصلت العلاقة بين إدارة برشلونة في عهد بارتوميو وقائد الفريق ليونيل ميسي لمراحل سيئة جداً، وهو ما عبر عنه ميسي بعد رحيل بارتوميو في حديث صحفي عندما قال إنه قام بخداعه، وتورط في تصوير قائد برشلونة على أنه الشخص السيء أمام جمهور النادي.

واصطدم ميسي علناً خلال فترة بارتوميو مع المُدير الرياضي السابق إيريك أبيدال، وذلك بعد اتهام الأخير لبعض لاعبي برشلونة بالتخاذل أثناء تولي إرنستو فالفيردي مسئولية القيادة الفنية للفريق.

وكانت آخر حلقات مسلسل العلاقة السيئة بين ميسي وإدارة بارتوميو إرساله الرسالة الشهيرة بعد كارثة الهزيمة أمام بايرن ميونخ، والتي طلب فيها الرحيل عن القلعة الكتالونية، وهي الخطوة التي لم تتم بفضل الأمور التعاقدية وارتباط ميسي بسنة إضافية في عقده مع الكتلان.

ليونيل ميسي - برشلونة - الدوري الإسباني

برسا جيت..صرف الأموال لتشويه رموز النادي!

وتُعد واقعة  “برسا جيت” هي القطرة التي أفاضت الكأس في علاقة بارتوميو مع برشلونة، فبحسب جريدة آس الإسبانية فإن إدارة النادي الكتالوني تعاقدت مع شركة لتقديم الخدمات الإعلامية تُدعى I3 Ventures من أجل تشويه عدد من خصوم الإدارة.

وذكر التقرير أن من بين أهداف الحملة المشبوهة تشويه نجمي الفريق ليونيل ميسي وجيرارد بيكيه، من جانبه نفى  بارتوميو وإدارته أن يكون تعاقدهم مع الشركة بهدف تشويه الخصوم، مؤكدين على أن هدفهم كان تطوير صورة النادي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وعقب زلزال بايرن ميونخ المُتمثل في الهزيمة بثمانية أهداف في ربع نهائي دوري الأبطال، عبر الكتلان عن غضبهم من بارتوميو، وتم تنظيم حملة سحب للثقة حققت نجاحاً كبيراً في جمع التوقيعات الأمر الذي وجد أمامه بارتوميو مضطراً للاستقالة في أكتوبر الماضي.

ليصل المسلسل المأساوي لحلقته الأخيرة حتى الآن بالقبض على بارتوميو وإخلاء سبيله فيما بعد على خلفية التحقيقات في وقائع الفساد التي شابت عملية “برسا جيت” في واقعة أضرت كثيراً بصورة برشلونة، وهو الأمر الذي أكده خوان لابورتا المُرشح البارز لتولي رئاسة برشلونة في الانتخابات المُرتقبة بعد أيام.

4141