كريستيانو رونالدو - مانشستر يونايتد - الدوري الإنجليزي

سبورت 360 – كان صيف عام ٢٠٢١ على صعيد سوق الانتقالات صادمًا ومفاجئًا بشكلٍ لا يصدق، حيث وصفه البعض أنه الأكثر إثارة في تاريخ اللعبة في الوقت الذي تلقى فيه عشاق اللعبة الأخبار المتتابعة بحيرة لم يمروا بها من قبل.

صيف أحزن الملايين و أسعد غيرهم، مغادرة لقادة تاريخيين و عودة لرموز خالدة ، مئات الملايين دُفعت من أجل البقاء في القمة و مثلها رُفض من أجل اثبات القوة و النفوذ.

قائد الكتيبة الملكية التاريخي يغادر في ليلة ظلماء مُعتمة، كابوس كتالونيا المُنتظر لسنين طويلة يحدث بينما كان سُكان الإقليم الفاتن نيام، روميلو يعود بمبلغ فلكي بعد أن غادر بلا ثمن يُذكر ، و أخيرا و ليس آخراً .. رئيس جمهورية البرتغال يعود الى مسرح الأحلام.

لم أصدق ما يدور حولي حين بدأت بوادر خروج كريستيانو رونالدو من قصة الحب الظالمة للطرفين التي عاشها مع يوفنتوس و التي لم تكلل بالنجاح، ما قد كان حُلما بعيدا أصبح أخباراً قويةً من مصادر رصينة.

كنت أعلم منذ العام الثاني لكريستيانو في تورينو أن هذه العلاقة ستتكلل بالفشل و سيكون طلاقاً مريراً على الطرفين. كريستيانو وصل الى بلد الفن و العلم بطموحات لم تلبها عائلة أنييللي ، لكني ما لم أتوقعه حقيقة أن كريستيانو سيحفر نفقاً للهروب من هذا المأزق الذي وضعه نفسه فيه.

شخصية البرتغالي الرافضة للفشل و العاشقة للتحديات أعند من أن تستسلم في منتصف الطريق ، لكن ما حصل أن شخصيته العقلانية كانت أقوى و استنتجت من تصرفات ادارة كبير تورينو أن هذا المشروع لن تقوم له قائمة ، بل أنه مشروع غير موجود على أرض الواقع أصلاً.

الأسطورة البرتغالية الخالدة سيغادر ، هذا أمر أصبح واقعاً ملموساً و أنا بدأت أطير فرحاً و أُشعل نار الاحتفالات ، لم يكن تهمني الوجهة بقدر ما كنت أريد الخلاص من هذا الكابوس الذي طال لثلاث سنين ، كنت أحلم طوال الوقت بنهاية مسيرة أفضل للاعب الذي بنى مسيرة لن تتكرر بجسد نحيل و بعزيمة كالجبال.

بدأت الصحف تتراشق الأخبار و تتسابق على اثبات قوة مصادرها و كفاءة صحافييها ، الكل يدلو بدلوه و يتنبأ و يحلل و يناقش وجهة كريستيانو القادمة. المصادر في لحظة، واحدة وبتناغم عجيب أجمعت أن البرتغالي متوجه الى ملعب الاتحاد معقل مانشستر سيتي، و أن الفيلسوف الإسباني يرى في كريستيانو القطعة الناقصة التي ستكمل منظومته الهجومية الفتاكة خصوصا بعد تبخر حلم هاري كين و فقدان الأمل بوصوله لمدينة مانشستر على الأقل في الموسم الحالي.

و هنا بدأت أحلام اليقظة تتكثف في مخيلتي، كريستيانو خلفه ترسانة السيتي الهجومية القاتلة و يراقبهم أحد أنجح المدربين في تاريخ اللعبة.

كم من الأهداف سيسجل؟ كم من البطولات سيحصد؟ كيف سيوظف بيب أحد أعداءه التاريخيين في بداية مسيرته التدريبية؟

و السؤال الأكثر جدلاً : كيف سيستقبل القسم الأحمر من المدينة هذا الخبر الصاعق ؟

الأخبار تتسارع بقوة ، المُحيطون بإدارة السيتي يؤكدون اقتراب الرقم سبعة من ارتداء القميص السماوي، وفي مانشستر يونايتد بدأوا باستشعار سكين الخيانة يخترق أضلاعهم و يُميت قلوبهم بجفاء.

و أنا شخصياً مع الكثير من عشاق و متتبعي صاروخ ماديرا لم نكن نكترث وقتها بدموع جماهير اليونايتد، حيث كل ما كنا نهتم به وقتها هو توقع التشكيلة التي سيبدأ بها كريستيانو اللعب بين نجوم السيتي الذين لا حصر لهم و حجم النجاحات التي ستتحقق على يد غوارديولا.

أتذكر نومي ذلك اليوم مطمئنا أن كريستيانو سيختم مسيرته في مشروع يليق بطموحه الشاب و شبابه المتجدد وأتذكر جيداً استيقاظي على أخبار متسارعة و مفاجئة تحطم كل أحلامي.
ريو فيرديناند يُلمح الى عودة الابن الضال الى الديار ، المانيو الذي لم يكن أصلاً خياراً مطروحاً بالأمس !

أنباء عن ضغوطات من كل حدبٍ و صوب على كريستيانو لتغيير رأيه و إعادة توجيه رحلته الى الملعب الأحمر والده الكروي لن يرضى ، زملاءه السابقون لن يهدئوا ، زملاءه الحاليون يحلمون باللعب معه.

من قال أن قصص الحب لا بُد أن تنتهي ببؤس و ألم ؟

كريستيانو رونالدو يعود الى بيته الذي قدمه للعالم و خرج منه على قمة الهرم ، وبقي عليها حتى اليوم.

حتى أكبر الحالمين في العالم و أكثرهم رومانسية و رقة لم يحلم يوما بلم الشمل بين ابن ماديرا و عُشاقه الأزليين بهذه الطريقة.

كم هي مليئة بالأعاجيب حياة هذا اللاعب ؛ عُمر الاعتزال حوله لزمن العظمة و الانجازات. لاعب بهذا العمر تتهافت عليه أندية القمة في أقوى دوريات العالم!

بعمره يكون اللاعبون اختتموا رحلتهم الطويلة في أحد دوريات منطقتنا و تحولوا لمذيعين أو مدربين للفئات العمرية المختلفة.

لكن عادته بإدهاشنا لم تتوقف ، يعود من الباب الكبير الى الملعب الكبير في الدوري الأكبر.

لم أحلم يوما أن أعود لسماع ضجيج الأولد ترافورد يغني بصوت واحد للبرتغالي تلك الأهزوجة الشهيرة وسط طلعات كريستيانو الجوية التي تدك جدران الخصوم كطائرة الشبح المُرعبة.

بل ما حصل كان يفوق كل أحلامي و خيالاتي ، مانشستر تغني لكريستانو في كل مكان.

الشوارع و محطات القطار و الأعراس و الحانات و السيارات و الأزقة المعتمة و الشوارع الواسعة .. حمى رونالدو أصابت شعب المدينة و حولتهم الى مجانين.

أساطير النادي احتفلوا بجنون لا يقل عن الجنون المعتاد في المدرجات الإنجليزية، لاعبو الفريق تسابقوا على الترحيب بالأسطورة ، الجماهير تناقلت تغريدة الإعلان بأرقام أذهلت المتتبعين ؛ حتى القميص بيع منه ما يكفي لإحلال السلام في العالم و انهاء الحروب.

أسبوعيّ التوقف الدولي مرت كأعوام طويلة و الجميع ينتظر الظهور الأول الذي لم يخطر حصوله على قلب بشر.

جاء اليوم الحلم و استيقظت مانشستر بل العالم كله على ضجيج المدرجات في المسرح الشاهق الارتفاع.

منذ بدأت المباراة حتى اطفاء أنوار الملعب الكبير لم تصمت الجماهير عن الغناء و التغني بأسطورة فريقهم الأولى ، الصوت كان صارخاً جداً لدرجة سماعه في جنبات الأرض كلها !

و كعادته في المواعيد الكبيرة سحر رونالدو الألباب مسجلاً هدفين جعلت الأرض تهتز من تحت المدينة بأكملها ، مثبتاً أنه لم يأتِ للتنزه و الراحة و أنه جاء جائعاً لتسجيل فصل جديد في قصة الحب الطويلة بينه و بين الشياطين الحُمر.

ما حدث أثناء حدوث الصفقة و بعدها من ترحيب و حب جنوني جعلني أشكر الله كثيراً على أن كريستيانو قدم قلبه على عقله و اختار الفريق الأضعف و التحدي الأصعب.

حتى لو كان المواطنون أقوى مئات المرات و النجاح معهم أضمن ، كل هذا لا يهم أبدا .. لأن الحُب لا يُستبدل!