أخيراً تحققت رغبة معظم مشجعي النادي الملكي بإقالة بينيتيز وتعيين النجم المحبوب زيدان، على أمل أن يحقق الأخير نجاحاً مبهراً على طريقة جوارديولا مع برشلونة، وإذا نبشنا بأحوال القلعة البيضاء وأسباب مايحدث فيها من اضطرابات وإقالات في الفترة الأخيرة؛ نجد أن هذه المقارنة والبحث السريع عن محاكاة نجاح برشلونة هو سبب مصائب الريال.

كيف ذلك؟

بدايةً يتفق الجميع أن سياسة برشلونة المتبعة وفلسفتها في اللعب والخطة والاعتماد على اللاماسيا وماخلفه بيب من إرث تختلف عن سياسة مدريد خاصة مع بيريز الأب الروحي لأجيال مجرة النجوم،  لكن فجأة قررت الإدارة المدريدية تغيير النهج وبناء مشروع مشابه للغريم لكن قصير الأمد، بشراء بعض المواهب المبشرة و زرعها في الكاستيا، ورعاية نجمها زيدان ومساعدته على إثراء مهاراته التدريبية بتعينه مديراً رياضياً في عهد مورينيو ثم مساعداً لأنشيلوتي قبل أن تضعه على رأس اﻹدارة الفنية للكاستيا، في محاولة لخلق نسخة مدريدية من جوارديولا، ولأن الصبر في العاصمة الأسبانية قليل، ولأن نجاحات برشلونة تضع ضغوطاً هائلة على الجانب المدريدي، تمت محاولة سلق الطبخة التي لا تنضج إلا على نار هادئة؛ بجلب المدرب الأسباني ابن النادي ذو النجاحات السابقة التي لا بأس بها لعل وعسى بخبرته يحقق شيئاً إلى أن يجهز الطبق الأساسي الذي يتم إعداده: زيدان.

التعلم من نجاحات الآخرين أحد أسرار النجاح بلا شك، لكن التعلم لابد أن يكون على أصوله، وبعد قولبته ليتناسب مع النموذج المحلي، فلا تؤخذ التجربة بحذافيرها بدون مراعاة خصوصية النادي الذي تديره وثقافته. كان الأولى بالإدارة المدريدية الاستمرار بما تجيده، وتدعيم الفريق بالصفقات التي يحتاجها مع الإبقاء على المدرب الذي يجيد التعامل مع النجوم، ثم العمل بهدوء على خلق البيئة المناسبة التي ترغب بالتركيز عليها أكثر في المرحلة القادمة؛ مدرسة النادي ونجومه.

أما النجم الفرنسي، فمن غير المنصف تقييده بإطار المقارنة مع بيب أو حتى انريكي ، فلا المشاكل كانت هي ذاتها، ولا سياسة النادي مشابهه، ولا حتى النجوم الموجودين بحوزته نفسهم، بل حتى علاقات اللاعبين مع بعضهم ليست كما في برشلونة، والأسوأ أنه استلم الفريق وهو خارج من أسهل بطولة ممكن أن ينافس عليها، وبفارق ليس سهلاً مع منافسيه في الدوري، وقد خرج نظرياً غريمه برشلونة من فترته الصعبة بإنتهاء العقوبة أخيراً.

ماسبق لايعني أن احتمالات نجاح تجربة زيدان في مدريد ضئيلة، لكنها مختلفة تماماً عن تجربة الجانب البرشلوني، لذلك من الإنصاف المطالبة بإيقاف هذه المقارنات، وعدم الوقوع في فخ رؤية الجماهير لما ترغب برؤيته وتصديقه. والأهم أن تكف الإدارة المدريدية عن محاولة استنساخ تجربة غريمها بالطريقة السريعة، وتبدأ في التفكير بما يحتاجه الفريق حقاً ومعاينة مشاكله الحقيقية من أجل إيجاد الحلول المثالية.

لمتابعة الكاتبة عبر الفيسبوك