عندما صدر قرار اقالة أنشيلوتي من منصبه في ريال مدريد حدثت حالة من البلبلة والانتقاد اللاذع للرئيس فلورنتينو بيريز، ورغم أن حالة الانتقاد وموجة الغضب هدأت نسبياً مع مرور الوقت كما هو متوقع إلا أن البحث في أسباب الاقالة ما زال قائماً من قبل وسائل الاعلام الاسبانية والعالمية.
معظم الآراء التي حاولت تبرير قرار بيريز اعتمدت على خروج ريال مدريد خالي الوفاض من تحقيق الألقاب الموسم المنصرم (باستثناء كأس العالم للأندية)، رأي منطقي جداً خصوصاً أن الريال يحدد شرط أساسي لاستمرار المدرب في منصبه قبل عملية التعاقد معه تتمثل في احراز أحد الألقاب الثلاث على أقل تقدير.
لكن قبل أيام قليلة فاجأنا موجي مدير يوفنتوس سابقاً بالكشف عن رغبة بيريز بإقالة أنشيلوتي من منصبه حتى لو استطاع حصد لقب دوري أبطال أوروبا، المدير السابق أكد أن الرئيس أخبره بذلك شفوياً وبشكل مباشر، تصريح ربما نتعجب منه لكن لو عدنا إلى تاريخ بيريز لوجدنا أنه ليس بغريب حيث أقال سابقاً فيسنتي ديل بوسكي من منصبه بعد حصد لقب الدوري الإسباني.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا، ما السبب الذي يجعل بيريز غاضباً من أنشيلوتي ويريد التخلص منه حتى لو حقق له لقب دوري الأبطال في عامين متتاليين؟
الصحفي الشهير إدواردو إيندا (رئيس صحيفة ماركا والموندو ديبورتيفو سابقاً) المعروف عنه تأييده لقرارات فلورنتينو بيريز دائماً، فسر قرار اقالة كارليتو بأن النادي يرغب في تعيين مدرب يمتلك السلطة المطلقة على غرف خلع الملابس، وليس أن تكون السلطة والهيمنة في يد لاعبي الفريق.
تصريح إدواردو تبناه المدرب رافاييل بينيتيز عندما قال عند تقديمه لوسائل الاعلام "المدرب مطلوب منه التعامل بشكل جيد مع لاعبيه لكن ليس مطلوب منه أن يكون صديقهم، يجب أن يكون رئيسهم ومديرهم" تصريح يفهم منه أنه موجه لأنشيلوتي، أو موجه للاعبي الريال حتى يفهموا طبيعة العلاقة بين المدرب ولاعبيه مستقبلاً.
لكن هل حقاً أن سلطة أنشيلوتي على غرف خلع الملابس كانت ضعيفة في ريال مدريد؟
على أرض الواقع لا يوجد أي شيء يبرر هذه التصريحات، محبة اللاعبين للمدرب لا تعني أنه يفرضون عليه قراراتهم، كما أن أنشيلوتي احتوى الخلاف في غرف خلع ملابس الريال وهذا يناقض تصريحات إدواردو.
لكن في ذات الوقت تسببت علاقة أنشيلوتي القوية بلاعبيه استياء بيريز، قادة ريال مدريد ونجوم الفريق الأول شكلوا مع مدربهم حزب واحد لا يوجد فيه انقسامات وهذا الأمر يبدو أنه لم يعجب بيريز خصوصاً أن حزب المدرب واللاعبين حاول التدخل في بعض القضايا التي يراها بيريز من صلاحياته وحده.
منتصف موسم 2014-2015 ظهر على ريال مدريد علامات توضح ضعف الاعداد البدني للاعبين مع تفاقم الاصابات في صفوف الفريق الأول، هذا الأمر دفع أنشيلوتي ولاعبي الريال كيد واحدة للمطالبة بالإطاحة بالطبيب خيسوس أولمو من منصبه كمدير للخدمات الطبية في النادي! لكن بعد أشهر قليلة حدث العكس، بيريز منح أولمو السلطة المطلقة في قسم الخدمات الطبية في الوقت الذي أقال خلاله أنشيلوتي من منصبه.
هل هذا يعني أن بيريز أقال أنشيلوتي لأنه طالب مع لاعبي الريال بإقالة أولمو الذي يحظى بدعم منقطع النظير من مجلس ادارة النادي؟
ليس هذا هو المقصود بالضبط، بيريز أراد الاستغناء عن أنشيلوتي حتى لا يُفرض أي قرار عليه سواء كان يرضيه أم يغضبه، لذلك كانت مسألة ولاء اللاعبين لمدربهم مقلقلة بالنسبة للرئيس.
ما يؤكد شخصية بيريز النرجسية أنه قرر الاستغناء عن خدمات مسعود أوزيل وأنخيل دي ماريا كونهما طلبا زيادة في الأجر السنوي وأصرا على ذلك، الرئيس قام بالاستغناء عن اللاعبين ثم تعاقد مع نجوم جدد بأجور سنوية تعادل أو تفوق ما طلبه أوزيل ودي ماريا! رونالدو لولا أنه يوفر دخل عظيم مالياً لريال مدريد لقرر بيريز الاستغناء عن خدماته أيضاً حينما قال "أنا حزين".
بيريز عندما أراد الاستغناء عن أنشيلوتي نظر إلى ريال مدريد كغابة يحكمها أسد وحيد، من يحاول فرض أي قرار على الأسد فسوف تتم الاطاحة به. بيريز تعامل مع قضية وحدة اللاعبين والمدرب بمبدأ الديكتاتورية والبقاء للأقوى، مبتعداً بالتالي عن دور وجوهر عمل الرئيس الذي يتطلب منه أن يكون دبلوماسي ويبحث جيداً في أسباب الشكاوي التي تقدم له مع محاولة ارضاء جميع الأطراف.
