في بعض الأحيان قد تساعد العودة إلى نقطة الصفر في استخلاص العبر من أجل فهم أين وصلت الأمور الآن ، وهو ما ينطبق تماماً على لاعب خط وسط ريال مدريد الإسباني إيسكو ألاركون الذي بدأ مسيرته منذ ما يقرب من خمس سنوات ، عندما خاض مع فالنسيا أول لقاء في بطولة كأس ملك إسبانيا ضد لوجرونيس.
وكانت المدرجات في ذلك الوقت متناثرة بسبب الأجواء الباردة جداً في تلك الليلة في شهر نوفمبر / تشرين الثاني ، والتي تم اعتبارها قبل بدايتها مباراة للنسيان بسبب الأحوال الجوية السائدة ، إلا أن إيسكو الذي كان يبلغ من العمر (18 عاماً) قدم أول لمحة حقيقية وتمكن من تسجيل هدفين وقيادة فريقه إلى الفوز.
وبعد انتهاء تلك المباراة ، فقد اعترف فيسنتي مير الذي تولى مسؤولية تدريب فالنسيا في ذلك الوقت بأنه لن ير اللاعب الشاب إيسكو بعد هذه المباراة وقال مازحاً : "بعد هذه الليلة نحن سوف نفتقد إيسكو في الفريق الأول ، أنا لن أراه مرة أخرى" .. في إشارة واضحة إلى تهافت الأندية الكبرى للحصول عليه.
اقرأ أيضاً:
إيسكو "الحاسم" مصدر قوة ريال مدريد
إيسكو خليفة زيدان الفعلي في ريال مدريد
عودة مودريتش لن تجلس إيسكو على مقاعد البدلاء
وازداد وضع إيسكو صعوبة بعد فترة وجيزة على تلك المباراة بسبب جلوسه المتكرر على مقاعد البدلاء ، إذ تم الاعتماد على مشاركة تشوري دومينجيز وإيفر بانيجا في المركز الذي يلعب به ، وهو ما جعل إيسكو يشعر بالغضب الكبير لأنه يعتقد بأنه يستحق الحصول على بضع دقائق والفرصة من أجل اثبات نفسه.
وجرى استبعاد إيسكو عن التشكيلة الأساسية مع فالنسيا في مرات عديدة بسبب قرار صادر عن إدارة النادي ، أو بسبب التآمر عليه من جانب اللاعبين الآخرين الذي شعروا بالغيرة من المهارات الكبيرة التي يتمتع بها ، ولكن انتقاله إلى ملقة فتح الباب الكبير أمامه وصنع أمامه عصراً ذهبياً ساهم بالانتقال إلى ريال مدريد.
وعلى الرغم من محاولات تحجيم إيسكو في أي مباراة يخوضها مع فالنسيا سابقاً ، إلا أنه يحظى الآن بالحفاوة الكبيرة في أي مواجهة يخوضها مع ريال مدريد ، خصوصاً أنه تلق كلمات مشجعة وغير عادية من المدرب كارلو أنشيلوتي بعد مواجهة إلتشي ، وهو الذي أشاد بعدد قليل من اللاعبين مثل رونالدينيو، فاليرون، رونالدو وإنيستا.
وأصبح إيسكو يبحث عن مكان في قائمة أسماء اللاعبين العظماء بعد التصريح الذي أدلى به حارس المرمى إيكر كاسياس عقب مواجهة إلتشي وقال : "نحن نشهد نجماً كبيراً قادم في إسبانيا" .. وهو تصريح يؤكد قيمة لاعب خط الوسط الشاب ، خصوصاً أن كاسياس يعرف تماماً ما يتمتع به إيسكو من مهارات كبيرة ، كما شاهد الكثير من الأمور على أرض الواقع سواء مع ريال مدريد أو خلال مشاركتهما في المنتخب الإسباني.
وتحدثت بعض التقارير عن دفع إيسكو للخروج من ريال مدريد في الانتقالات الصيفية بسبب افتقاره إلى الحنكة التكتيكية ، وهو شيء منافٍ للعقل في الوقت الراهن ، خصوصاً أن اللاعب تطور كثيراً تحت وصاية كارلو أنشيلوتي وأصبح واحد من أبرز اللاعبين في إسبانيا بفضل إظهار التواضع المطلوب للتعلم أكثر ، وهو ما سوف يجعله واحد من خيرة اللاعبين الشباب وأن يقارن بلاعبين مثل زين الدين زيدان وأندريا بيرلو.
"هذا هو فريق إيسكو الآن ، ريال مدريد انتقد كثيراً بسبب تهميش المواهب الإسبانية ، ولكنه الآن تتم إدارته من جانب لاعب إسباني".
ولعب المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي دوراً فعالاً في استغلال الإمكانيات التي يتمتع بها إيسكو ، بناء على المهارات التي ظهر عليها اللاعب عندما كان لاعباً في صفوف ملقة ، حتى انتقاله إلى ريال مدريد الذي شهد تطوراً ملحوظاً على مركزه الذي يتطلب الالتزام والتضحية والحيوية الدائمة ، وهو ما جعل المدرب يعتمد عليه بشكل أساسي في مركز صانع الألعاب الذي يعتبر مركزاً مألوفاً بالنسبة إلى إيسكو حالياً.
وقام إيسكو بالعمل الكبير بعد إصابة الكرواتي لوكا مودريتش في شهر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي ، ثم إصابة الكولومبي جيمس رودريجيز واستمرار عزوف جاريث بيل عن فرض نفسه على الفريق ، فيما لعب النجم الإسباني دوراً رئيسياً في تحقيق نتائج إيجابية ، كما فرض المزيد من الضغوط على لاعبين آخرين أمثال جاريث بيل ، ولكن الأهم من ذلك بأنه أصبح رجل ريال مدريد الأول واسماً ساطعاً في سانتياجو برنابيو.
وانتقد مسؤولو ريال مدريد كثيراً في السنوات الماضية بسبب تهميش المواهب الإسبانية في الفريق الأول منذ رحيل عدد من الأساطر مثل فرناندو هييرو ، راؤول جونزاليس ، جوتي وغيرهم من اللاعبين الإسبان ، فيما تطالب شريحة واسعة من المشجعين بالاعتماد على اللاعبين المحليين بشكل أكبر ، وهو شيء يؤكد العاطفة تجاه هذه المسألة عندما يتعلق الأمر بالشعور الموالي إلى إسبانيا.
وشعر إيسكو بدفء الاستقبال من مشجعي إلتشي بالكاد ، لكنه خرج من عباءة التواضع والشعور بالحرج إلى دائرة الضوء تماماً مثلما فعل أندريس إنيستا في مرة من المرات ، إلا أنه الآن أصبح قادراً على استلام الشعلة التي تؤكد بأنه اللاعب الذي يجسد الجودة الفنية والروح الترابية في إسبانيا .. ولهذا ريال مدريد يتوقع منه الكثير وكذلك الحال بالنسبة إلى إسبانيا.
