خبر ربما يكون مفاجئ للبعض اليوم في الأوساط الرياضية في إنجلترا هو إعلان نادي مانشستر سيتي عن بيعه لنسبة 13% من أسهم النادي إلى اتحاد شركات صينية مقابل مبلغ 286 مليون باوند أي 400 مليون دولار وهو رقم ضخم جداً بالنسبة لنادي ربما هو ليس الأكبر شعبية في الدوري الإنجليزي أو حتى صاحب أكثر ألقاب في البريميرليج.

ربما مانشستر سيتي ليس النادي الأكبر تاريخاً وبطولات في إنجلترا ولكنه في نفس الوقت أستطاع تطوير نفسه في أقل من 10 سنوات ليضع نفسه وسط الكبار في الدوري الإنجليزي بل وأوروبا بفضل التعامل بشكل تدريجي مع الاستثمارات في النادي وعلى أكثر من مرحلة حتى وصل للنتيجة المذكورة وهي التي تأتي مع أي استثمار فمن الطبيعي أن لا أحد يقوم بدفع الأموال لمجرد التباهي ولكن من أجل الحصول على العائد من هذه الاستثمارات في المستقبل.

المرحلة الأولى : فكر تايلاندي تقليدي

في عام 2007 قام رئيس الوزراء التايلاندي السابق تاكشين شيناوترا وشركته (UK SPORTS LTD.) بشراء نسبة 75% بمبلغ 54 مليون دولار ثم في نهاية العام زادت النسبة لـ90% ومع زيادة هذه النسبة أصبح شيناوترا مالك ورئيساً للنادي وأبنيه أصبحا مديرين للنادي على مستوى التسويق والإدارة مما دفع أكثر من مسئول في الفريق للاستقالة بسبب القرارات المنفردة الغير مدروسة التي يتم اتخاذها بدون الرجوع للأدارة.

بالرغم من القرارات الإدارية المتخبطة وفر شيناوترا 30 مليون باوند في الميركاتو من أجل التعاقد مع نجوم من الصف الأول والثاني في أوروبا مثل الظهير الكرواتي فيردان كورلوكا و المهاجم البلغاري فاليري بوينوف والنجم البرازيلي إيلانو والظهير الأيسر الإسباني خافير جاريدو ولكن المان سيتي لم يتغير اقتصاديا بالشكل الجذري كمان كان هو متوقع بل ظلت ديون الضرائب متواجدة بقيمة 11 مليون باوند مع عدم تقدم واضح للفريق في جدول البريميرليج مما أدى لرحيل شيناوترا عن الفريق السماوي في 2008 مع المشاكل القضائية في بلاده.

المرحلة الثانية : استثمار إماراتي ضخم

في بداية شهر سبتمبر لعام 2008 تم إعلان صفقة استحواذ مجموعة أبو ظبي المتحدة للتنمية والاستثمار على مانشستر سيتي بمبلغ 200 مليون إسترليني ومع دخول أدارة جديدة في اليوم الأخير من الانتقالات الصيففية حاولت الإدارة التعاقد مع أكبر النجوم في الدوريات الأوروبية وقتها مثل النجم البرازيلي كاكا من ميلان والإسباني دايفيد فيا من فالنسيا و البلغاري ديميتار بيرباتوف من توتنهام هوتسبير ونجحت المساعي في النهاية بالتعاقد مع النجم البرازيلي روبينيو من ريال مدريد مقابل 32.5 مليون إسترليني ثم ضخ مبلغ 120 مليون يورو والتعاقد مع نجوم البريميرليج مثل كارلوس تيفيز وإيمانويل أديبايور وجوليان ليسكوت وروكي سانتا كروز وجاريث باري.

المرحل الثالثة : تقنين الاستثمار

بعد إن ضخ الشيخ منصور بن زايد مالك المان سيتي مبلغ 320 مليون إسترليني من أجل التعاقد مع لاعبين من 2008 حتى 2010 مع عدم الوصول لعائد قوي تم تقنين المبلغ المرصود للتعاقد مع اللاعبين لـ175 مليون إسترليني ثم أصبح 100 مليون إسترليني فقط مع الحصول على عائد بيع اللاعبين بقيمة 80 لـ85 مليون إسترليني.

هذه المرحلة جاءت بعد تحقيق الفريق الانتصارات المحلية المطلوبة في هذا الوقت بالفوز ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز موسم 2011-2012 بطولتي كأس الإتحاد الإنجليزي والدرع الخيرية والتطلع بشكل أكبر للبطولات الأوروبية وتحديداً دوري الأبطال.

المرحلة الرابعة :  CITY FOOTBALL والاستعانة بالخبرات الأوروبية الناجحة

في عام 2014 تم أنشاء شركة سيتي فوتبول المختصة في الاستثمار الرياضي تحت غطاء مجموعة أبو ظبي المتحدة للاستثمار، قيادة الشركة عربية إنجليزية إسبانية بوجود الثلاثي خلدون المبارك وفيران سوريانو " نائب رئيس برشلونة " ورودولفو بوريل وهذا الثلاثي حقق أهداف مهمة للمان سيتي بتطوير منشآت النادي مع توقيع اتفاقيات شراكة وإنشاء والاستحواذ على أندية أخرى في قارات أخرى مثل نادي نيويورك سيتي بالولايات المتحدة الأمريكية وميلبورن سيتي في أستراليا ويوكوهاما مارينوس في اليابان

وجود مدير للكرة محنك ومميز وهو تيكسيكي بيجريستاين والذي أستطاع بفكره تطوير منظمة كرة القدم في مانشستر سيتي خلال 3 سنوات بتطوير البنية التحتية لملاعب التدريبات وإبرام اتفاقيات مع عدة أندية خارج إنجلترا مثل إسبانيول الإسباني وسبورتينج لشبونة البرتغالي ونيميجين الهولندي وشترومجودسيت النرويجي من أجل تطوير قطاع الناشئين والتدريبات وتطوير المواهب بكرة القدم.

المرحلة الخامسة : حصد النتائج

بعد أعادة تأسيس مانشستر سيتي على أرض صلبة أدارياً وفنياً أدى ذلك لتغيير دفة الفريق على مستوى الأرباح والبطولات فلأول مرة خلال أخر موسمين حصد الفريق أرباح مادية تعدت الـ60 مليون يورو مع الحصول على لقب جديد للدوري الإنجليزي وتخطي مرحلة الخروج من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا وتأسيس قاعدة جماهيرية متصاعدة في العالم ثم الحصول على 400 مليون دولار مؤخراً مع شراكة صينية ستؤدي لارتفاع قيمة النادي في السوق لحوالي 3 بليون دولار.

أذن نحن أمام نادي نجح في 10 سنوات أو اقل من تحقيق مكانة كبيرة في الكرة الأوروبية بل والعالمية بفضل استثمارات مدروسة وتحقق أهدافها على المدى البعيد فمن الطبيعي أن نتوقع خلال الـ10 أعوام القادمة أن يحصد الفريق السماوي دوري أبطال أوروبا مع تحقيق نجاحات أكبر على المستوى التسويقي والرياضي وأن يُصبح مركز قوة حقيقي في عالم كرة القدم.