رالف رانجيك

سبورت 360 – يبدو أن استلام رالف رانجيك لتدريب الميلان اعتباراً من الموسم المقبل للدوري  بات أمراً شبه محسوم حيث أن كل الدروب ستؤدي إلى تعيينه بحسب معظم المصادر الإيطالية. اختيار أثار جدلاً كبيراً بين جماهير الكبير خصوصاً أن بعد أن تسبب في خلافات ما بين جاسيديس من جهة ومالديني وبوبان من جهة أخرى واشتعلت جبهة انتهت برحيل الكرواتي وتهديده بالقضاء . كما أن لا مدرب أجنبي ناجح قد جاء إلى ميلان منذ السويدي نيلس ليدهولم حيث فشل كل من تاباريز وتيريم وليوناردو ومن بعدهم سيدورف وسينسيا ميهايلوفيتش في ترك أي بصمة تذكر.

سبب الجدل الآخر هو الوظيفة المزدوجة بين مدرب ومدير رياضي وأيضاً الراتب الذي سيحصل عليه رانجيك وحديث عن مبلغ يتراوح بين خمسة أوستة ملايين يورو. ميزانية كانت قادرة أن توسع خيارات الفريق كثيراً في سوق المدربين خصوصاً إن عرفنا أن مدرباً شاباً وواعداً كسيموني انزاجي سينال 2.5 مليون يورو فقط بعد التجديد.

بداية من هو رالف رانجيك

قبل أن نبدأ تقييم قدوم هذا المدير/ المدرب لنتعرف عليه أولاً بكلمات بسيطة ، يبلغ من العمر 61 عاماً ومدرب منذ العام 1983 جميعها في ألمانيا ، أي أنه أمضى نصف عمره تقريباً وهو يدرب. رغم أنه لم يحرز أكثر من كأس الإنترتوتو (المؤهلة لكأس الاتحاد الأوروبي) عام 2000 مع شتوتغارت وكأس السوبر مع شالكة عام 2011 إلا أنه يعتبر أحد أبرز العقول التدريبية في ألمانيا وأحد الآباء الروحيين للضغط والضغط المضاد واسترجاع الكرة المفقودة في ثماني ثوان على الأكثر عبر الضغط العالي . هو صانع طفرة ريدبول لايبيزيج والتي بدأت بإنجاز غير مسبوق عبر الصعود به من الدرجة الثانية موسم 2015 – 2016 إلى المركز الثاني في البوندسليغا خلف بايرن ميونخ ليحقق تأهلاً تاريخياً للأبطال.

استلم هندسة مجموعة ريدبول بأكملها كمدير رياضي ورسم الخطوط العريضة لها والتي تسير عليها كامل المجموعة حتى الآن.انشأ مجموعة جبارة لكشف المواهب التي تتناسب مع الأسلوب الذي وضعه للفريق . ومن نتائجها أسماء كبيرة جداً كساديو ماني ونابي كيتا اللذان يلعبان في ليفربول وفي لايبزيج حالياً تيمو فيرنر، أوباميكانو، أمادو حيدرا، كريستوفر نكونكو وتايلر آدمز .

هو احد عرابي يورجن كلوب فكرياً وتكتيكياً ويكفي أن نعرف أن من يعتبر حالياً أفضل مدرب في العالم قد ضم كلاً من ساديو ماني ، نابي كيتا ، فيرمينيو ، جويل ماتيب وأخيراً مينامينو وهناك سعي لضم تيمو فيرنر كذلك الأمر. وكلهم لعبوا تحت قيادة رانجيك أو تدربوا وفقاً لأفكاره وخططه.

GettyImages-93283988 (1)

إذاً ما المشكلة في قدومه لميلان

كما أسلفنا المدرب الأجنبي لا ينجح كثيراً مع الفريق بحسب التاريخ . ثانياً ميلان يعاني منذ العام 2013 من التجارب المستمرة سواء في المدربين أو المشاريع الأنجح لقيادته . تبدلت إداراته ثلاث مرات وفي كل مرة فشل الفريق في الوصول للأبطال . تغييرات كثيرة في اللاعبين والسياسات وإقالات مستمرة في المدربين حتى من أوصلهم إلى مشارف الأبطال (وهي الهدف الأسمى) ونعني هنا جينارو جاتوزو. والآن تريد إدارة ميلان بقيادة جازيديس طرد الطاقم الفني والإداري القديم وجلب آخر جديد بقيادة رانجيك في محاكاة لتجربة لابيزيج التي ورغم نجاحها لا ترقى لتاريخ ومكانة ميلان أحد عمالقة أوروبا والعالم والذي يجب أن تكون مشروعه بحجمه.

ميلان (وبرأيي كاتب هذه السطور ) كان يمكن أن يدار مالياً وفنياً بشكل أفضل بكثير . والأموال التي صرفت عليه حتى اللحظة كان يمكن أن تعيد بناء الفريق دون كل هذه التخبطات لو صرفت في المكان المناسب . الفرق التي بهذا الحجم عندما تسعى للتجديد تبقي على عمود فقري أساسي هو مزيج من الخبرة والشباب وتجلب ثلاثة أو أربعة لاعبين مخضرمين خلال عام أو عامين أو حتى ثلاثة . مرحلة إعادة البناء مرت بها جميع الفرق الكبرى في التاريخ ومعظمها اتبع هذا الخط ونجح به.

الجانب الآخر

لكن من ناحية أخرى فإن هناك من يجادل بأن هذا التاريخ والإرث للنادي ربما هو أحد أكبر الأمور التي تعوق تقدمه إلى الأمام . وربما حان الوقت أيضاً لطي صفحة الماضي نهائياً بعد أن فشل استحضاره سابقاً عبر جلب لاعبين سابقين ليلعبوا أدواراً فنية وإدارية فشلوا بها جميعاً حتى الآن.

من هنا يمكن قبول فكرة رالف رانجييك وطريقته في بناء شبكة مواهب واسعة والعمل في الأكاديميات وفق منهج الضغط والضغط المقابل والذي كان (وللمفارقة) المدرب التاريخي لميلان أريجو ساكي هو رائده الأساسي. ومع قدرة رالف المميزة في فرض الانضباط والتعامل المنفتح مع اللاعبين في آن واحد وتطابق أفكاره التدريبية والإدارية مع استراتيجية إدارة النادي الجديدة في لعب كرة قدم عصرية وجعل الفريق وجهة للشبان الموهوبين بما يؤمن الاستدامة الفنية والمالية فإنه ربما يكون الخيار الأفضل حالياً لإعادة بناء الفريق خصوصاً أن هناك الكثير من اللاعبين في ميلان لديهم خلفيات ألمانية كتشانالوجلو وريبيتش وربما يوفيتش بما يؤمن تناغماً مع أفكار المدرب الألماني.

GettyImages-112151169 (1)

محاذير وشروط

بداية ، إن كانت إدارة ميلان تريد أن تدخل في النادي مجدداً تجربة جديدة فعليها أن تقوم بذلك لمرة واحدة وللأبد. ومن هنا يجب أن يكون خيار رانجييك مدروساً جداً ويجب أن يعطى كامل الصلاحيات والوقت لتنفيذ أفكاره ولا يجب أن يفرض عليه أي شيء. في التوتوسبورت اليوم كان هناك حديث بأن المدرب الألماني يريد فريقاً بهوية إيطالية حيث سيبقى على مدرب الحراس والطاقم الطبي وربما يعيد تاسوتي للفريق ليكون مساعداً له أو يبقي على بونيرا وسيسعى للاعتماد على لاعبين إيطاليين كعمود فقري ومنهم دوناروما ورومانيولي وغيرهم ….هذا القرار يجب أن يكون من عند رانيجيك وليس مفروضاً عليه لأنه أساس العمل في المستقبل .

ثانياً يجب أن تحل الإدارة مجموعة من المشاكل قبل قدوم المدرب ، منها تجديد عقد رومانيولي ودوناروما وكلاهما يديرهم مينو رايولا الشرس والصعب. والمشكلة الثانية هي باولو مالديني بكل ماله من ثقل تاريخي في إيطاليا والنادي حيث يجب على جازيديس أن يصل مع لاتفاق إن أراد البقاء أو الرحيل خصوصاً أنه قد زرع الشقاق مع المدرب \المدير الجديد عندما قال صراحة عنه بأنه غير مناسب لمشروع الميلان .

مالديني وبوبان وماسارا (Getty Images)

مالديني وبوبان وماسارا (Getty Images)

ثالثاً وهو الأهم يجب أن تعرف الإدارة كيف تتصدى لإغراءات الأندية الأخرى التي ترى في ميلان وجهة تسوق للاعبين ماهرين بأسعار معقولة خصوصاً مع أنباء عن سعي السان جيرمان والسيتي لضم إسماعيل بن ناصر وسعي السان جيرمان لجلب ثيو هيرنانديز. هذان اللاعبان مع رومانيولي ودوناروما هم فعلياً العمود الفقري للفريق ويجب على الإدارة أن تجد طريقة لإقناعهم بجدوى البقاء في الفريق خصوصاً ان من يطلبونهم هم في حال أفضل بكثير من ميلان.

رومانيولي ودوناروما (Getty Images)

رومانيولي ودوناروما (Getty Images)

الخلاصة …على إدارة ميلان إن أرادت الخوض في تجربة مشروع أو إعادة بناء جديدة أن تضع أمام أعينها أنها المرة الأخيرة. وعليها أن تحضر كافة ظروف النجاح لها حتى لا نعيد تجارب الماضي التي كانت بمجملها عرجاء وغير مكتملة. فإن نجحت صنعت إيليوت للاستثمار نموذجاً غير مسبوق في إيطاليا يمكن أن يتحول لمرجع فيها . أم إن فإن فشلت التجربة فعليها أأن تبيع النادي لمن يعرف أن يديره أكثر …ووقتها عليه العوض ومنه العوض.

كلمات مفتاحية