حكايات من الدوري الإيطالي … لماذا تصبح حكما في إيطاليا؟

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • مجموعة حكايات ومقطفات ولحظات لا تنسى من تاريخ الدوري الإيطالي يرويها لنا الكاتب جون فوت في كتابه “كالشيو … تاريخ الكرة الإيطالية”

    أجتمعت مجموعة من الباحثين اليساريين في 1993 لمناقشة التغيرات الجذرية التي أصابت الأمة الإيطالية ففي ظرف أشهر قليلة كل المجموعات السياسية الإيطالية كانت تحت طائلة القانون بسبب شبهات فساد كبرى والنظام كله كان قريبا من الإنهيار

    هؤلاء الباحثين ذكروا أن هناك مجموعة من الأقليات الناشطة مكونة من قضاه ومدرسين وعمال وممرضين كانوا يكافحون ببسالة هذا الفساد المستشري في الجسد الإيطالي من محسوبية ورشاوي والجريمة المنظمة

    ولكن هذه المجموعة تجاهلت دراسة أقلية منغلقة مكروة من الجميع ولكنها الاهم في عالم كرة القدم حيث هناك صراع واضح بين العدل والعنف وهي مجموعة الحكام

    كل أسبوع يسافر الحكام الإيطاليين بمفردهم إلى قرى صغيرة وبعيدة لتحكيم المباريات بدون الحصول على الحد الادنى من الرواتب بل في بعض الاحيان يكتفي الحكم بالحصول على ثمن إنتقالاته فقط إن كان محظوظا ورغم ذلك في كل مرة كان الحكم يصل في موعده ليقود مباراة على أرضية طينية أمام مجموعة صغيرة من المشجعين حيث يمكنه سماع الثناء على قراراته أو السباب الموجه لشخصه

    لا يوجد هناك من يحميه من الإعتداء عليه سواء بالضرب أو بالسباب فقط هو أمام الجماهير الغاضبة المتجمعة حول أرضية الملعب

    لماذا يصبح أحدهم حكما في إيطاليا؟ لا أحد يعرف فلم يكن هناك دراسات موسعة لهذه المجموعة من الأشخاص المسئولة عن إدارة مباريات عالم كرة القدم الإيطالية الغاضبة والساخطة وفرصة حصول الحكم على الشهرة تكاد تكون معدومة مقارنة باللاعبين الشباب والناشئين حتى

    لماذا إذا يقرر أحدهم أن يصبح حكما في هذه الظروف؟

    حاول الصحافيين الإيطاليين تحليل هذه الظاهرة من الجانب النفسي معتبرين أن الحكم ما هو إلا شخص فشل في مكان ما وقرر أن يتجه إلى التحكيم ليمتلك السلطة والقوة أخيرا في حياته

    يقول جياني بيريرا الصحافي الرياضي الإيطالي الأشهر بأن الحكام ما هم إلا مجموعة من الأشخاص الذين فشلوا في أن يتحولوا إلى لاعبين أو تعرضوا إلى إصابات أنهت ميسرتهم مبكرا ليقرر الركض خلف اللاعبين بدلا من الركض خلف الكرة

    لقد كانوا من وجهة نظره أشخاص سادية تتلذذ بإعطاء الأوامر للأخرين فحكم كرة القدم هو من الأعمال النادرة التي تتيح لصاحبها التحكم في كل شيء على أرضية الملعب فقبل الغعادات التلفزيونية كان الحكم صاحب قرار بدون أي معارضة

    إذا نظرت للوظائف الأساسية للحكام ال36 المسجلين في قائمة حكام الدرجة الاولى الإيطالية عام 2000 فستجد هناك أثنين محلل إقتصادي وثلاثة موظفين في البنوك وأربعة يعملون كمندوبي بيع وفقط مدرس واحد وظابط شرطة أخر، هؤلاء أشخاص محافظة عصامية تحاول بناء نفسها بنفسها

    السؤال الأخر المهم يكون من أين يأتي الحكم، معظم هؤلاء الحكام جاؤوا من مدن وقرى صغيرة وفي إيطاليا يتم كتابة أسم الحكم وبجانبة المدينة التي جاء منها ومع الوقت أصبح يكتب بجانبه المقاطعة نفسها وذلك حتى لا يدير مباراة لأي فريق تابع لها أو للغريم التقليدي لفريق مدينته منعا لأي لغط

    يمكن مقارنة الحكم الإيطالي بعمدة المدينة في أفلام الغرب الامريكية ولكن الفارق الوحيد ان الحكم سلاحه هو الصافرة فقط ولكن المهمة واحدة فهو يحاول تطبيق القانون والنظام على أرضية الملعب ضد إنعدام الثقة والعنف الموجهة ضده

    ربما يجب التعامل مع هؤلاء الحكام كأنهم أبطال بمحاولتهم تطبيق القانون في ظل تلك الظروف المحيطة فهم كقضاه ضد المافيا في سيسلي وجماعات مكافحة الفساد في ميلانو

    لكن مجموعة قليلة فقط هي التي تحترم الحكام أما البقية فهي تعترف بالحكم كشخص سئ وفاسد أو كحكم غاضب على وضعه الشخصي فقرر التحول إلى التحكيم ليثبت لنفسه بأنه موجود أو شخص مصمم على تطبيق القانون حتى لو أغضب الجميع من حوله

    الغريب أنه رغم إستياء الجماهير والمعلقيين والصحافيين الدائم من حكامهم ورغم موجات السباب التي يتم إستقبال الحكام بها دائما في كل الملاعب الإيطالية إلا أن نفس هؤلاء الأشخاص دائما ما يتحدثون عن كون الحكم الإيطالي هو الأفضل في أوروبا

    في بيته يعامل الحكم كفاسد وأمام العالم يكون هو الأفضل