حكايات من الدوري الإيطالي … اصل الكاتيناتشو

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • مجموعة حكايات ومقطفات ولحظات لا تنسى من تاريخ الدوري الإيطالي يرويها لنا الكاتب جون فوت في كتابه “كالشيو … تاريخ الكرة الإيطالية”

    لم يخترع جياني بيريرا الكاتيناتشو بل كانت جزءا من الشخصية الإيطالية لذلك لم يكن  هناك حاجة لإختراعها فهي كالحارات الفقيرة في روما والتي كانت موجودة من قبل عرضها وتقديمها من خلال الأفلام

    كانت تلك كلمات بير باولو باسوليني متحدثا عن طريقة “كاتيناتشو” الشهيرة والتي لا يتم ذكرها إلا وتلتصق بالكرة الإيطالية وأنديتها

    تعني كاتيناتشو بالترجمة الحرفية “الباب المنزلق” ويتم الإشارة إليها ككل شيء سئ في كرة القدم فهي تجمع ما بين طريقة اللعب الدفاعية والتدخلات العنيفة، لا أحد يعرف متى بالظبط بدأ أستخدام هذه الكلمة في عالم كرة القدم ولكن بنهاية الخمسينيات كانت موجودة وفي الستينيات  ساهمت في سيطرة الكرة الإيطالية على أوروبا

    تحول هذا الأسم من وصف للإحدى طرق اللعب التكتيكية لكرة القدم إلى وصف شامل لكرة القدم المملة والدفاعية ويمكن تقسيم تاريخ الكاتيناتشو إلى ثلاثة مراحل تبدأ من سويسرا لتنتقل من هناك إلى سالرينو في شمال إيطاليا وتمر بتريستي بادوا قبل أن تنتقل إلى ميلان ثم تورينو بنهاية السبعينيات

    يمكن وصف الكاتيانتشو كحالة عقلية وليست طريقة لعب فهي أقرب إلى عملية فتح وغلق الملعب فالأولوية هي لمنع الخصم من التسجيل أولا ثم بعد ذلك البحث عن إمكانية التسجيل وتلك الطريقة مازالت منتشرة في الدوري الغيطالي خصوصا عندما تلعب الاندية خارج ملاعبها

    يمكن تلخيص الكاتيناتشو بجملة “الأولوية للحفاظ على الشباك نظيفة” وهي الطريقة التي تعتمد عليها معظم الأندية الصغيرة عندما تواجه أندية أكثر قوة فهي تبحث عن منع الخصم من التسجيل أولا ثم إستغلال خروج الخصم وإندفاعه من أجل الرد بالمرتدات

    حاولت بعض الاندية الصغيرة الخروج عن تلك الطريقة في السنوات الاخيرة والهجوم منذ البداية مستغنية عن الكاتيناتشو والأمان التي تعطيه هذه الطريقة

    عندما قام الصحفي الأمريكي جوي ماكجينيس بمتابعة نادي كاستيل دي سانجرو في الناشط في الدوري الجنوبي وجد ان الفريق يكتفي باللعب بمهاجم واحد فقط خلال مبارياته خارج ملعبه وفي بعض الاحيان نجحوا في خطف الثلاثة نقاط وفي أحيان أخرى نجحوا في الخروج بالتعادل السلبي ولكن معظم المباريات انتهت بخسارتهم ورغم ذلك لم تتغير طريقة اللعب طوال الموسم

    يرى جياني بيريرا الصحفي الإيطالي أن سبب عقلية إيطاليا الدفاعية تلك في ضعف قدراتهم الجثمانية مقارنة ببقية دول أوروبا مما يجعل من الصعب على اللاعب الإيطالي تطبيق الضغط العالي الهجومي طوال أحداث اللقاء

    لا تلعب الكاتيناتشو تكتيكيا فقط بل تؤثر على بقية جوانب المباراة فهناك التمثيل والإعتراضات على القرارات التحكيمية وإرتكاب الاخطاء فهي المتسببة في نشر ثقافة “الخطأ التكتيكي” لتعطيل عملية بناء اللعب للخصم

    كل تلك النقاط ليست رئيسية لحسم المباريات ولكنها جوانب مهمة في طريقة لعب الكاتيناتشو للفوز بالمعركة وفي الثقافة الكروية الإيطالية المباراة تبدأ قبل أن تركل الكرة على أرضية الملعب بأيام

    ظهرت الكاتيناتشو الاولى في سويسرا في 1930 على يد مدرب يدعى كارل رابان وكانت فكرته بسيطة، سنقوم بإخراج مهاجم وزيادة مدافع جديد في الخلف وأسماها “فيرو” وهي ترجمة الباب المنزلق أو الكاتيناتشو بالإيطالية

    كانت الاندية حينها تلعب بثلاثة مهاجمين والدفاع يتكون من ثلاثة مدافعين أيضا معتمدين على دفاع رجل لرجل وعندما ينجح مهاجم في المرور من مراقبه فإنه يجد نفسه أمام المرمى مباشرة

    أراد رابان إيقاف ذلك بغضافة مدافع جديد يتواجد بشكل حر خلف زملائه المدافعين بدون فرد معين لمراقبته ليصبح حرا للركض خلف الكرة في أي مكان لذلك أسماه المدافع القشاش او “الليبرو” والتي تعني في اللغة الإيطالية اللاعب الحر

    أضافت الكاتيناتشو بعدا دفاعيا جديدا وغيرت من مفاهيم الدفاع فعندما يتغلب المهاجم على المدافع الذي يراقبه أصبح يجد لاعبا جديدا امامه يقوم بتشتيت الكرة وإستخلاصها بكل سهولة وكان على الليبرو أن يكون قويا في تدخلاته وفي نفس الوقت ذكيا في تدخلاته حتى لا يكلف فريقه الكثير كونه سيكون اللاعب الأخير في الملعب إضافة إلى توفر إمكانية إرسال كرات طولية امامية متقنة

    أحدثت أفكار رابن ثورة سريعا في عالم كرة القدم وظهرت جليا في كأس العالم 1938 عندما نجحت سويسرا في التغلب على ألمانيا والنمسا في تلك النسخة من البطولة

    كان جيبو فياني أول من أدخل هذا المركز إلى كرة القدم الإيطالية ففياني كان محبا لتجربة كل شيء يتعلق بكرة القدم وبعد الحرب العالمة الثانية تولى تدريب فريق ساليرنتينا الصغير

    لم يكن سالرنتينا قادرا على مقارعة الكبار ففضل فياني الدفاع بزيادة من أجل تأمين فريقه فقام فياني في أحد المباريات بإرجاع أحد مهاجميه للعب كمدافع ومراقبة مهاجم الخصم رقم 9 وهنا أصحب هناك مدافع حر في الخط الخلفي للفريق

    قد لا يبدو ما قام به ثوريا ولكن نتائجه كانت كذلك فالمدافع الحر صنع الفارق وتسبب في قيام الخصم بزيادة عددية في خط هجومه مما فتح مساحات أكبر في دفاعاته

    أراد فياني إدخال بعدا شاعريا إلى إكتشافه التكتيكي الجديد فقال بأنه توصل إلى طريقة الكاتيناتشو خلال جلوسه على أحد أرصفة ميناء سالرينو راقب عمل الصيادين بالشباك وكيفية إستخدامهم لشبكة دعم خلف الشبكة الرئيس81047293_767389967092120_8583079858555322368_nية للإمساك بأي أسماك تحاول الهرب فتسبب ذلك في إلهامه

    ورغم أنه سالرنتينا كان أول من أستخدمها إلا أنه كان أقل فريق تحقيقا للنجاحات بتلك الطريقة فلم يحققوا أي إنتصار خارج قواعدهم بتلك الطريقة التي تم تسميتها فيانيما نسبة إلى فياني نفسه وذلك نظرا لأن طريقة تنفيذ سالرنتينا لها كانت بدون هجمات مرتدة فكانت فيانيما هي كاتيناتشو بدون مرتدات

    يدعي فياني بأنه قام بنقل الفكرة إلى نيرو روكو ليستخدمها الأخير في فريق تريستي ثم بادوفا محققا معهم نجاحات تذكر كان أبرزها مركز ثالث ببادوفا موسم 1957/1958

    تسبب ذلك في إنتشار تلك الطريقة فجأة بين الجميع حتى الأندية الإيطالية الكبرى ولكنها لم تكن محبوبة فكان من المفترض للأندية الكبرى أن تهاجم وتدمر دفاعات الخصوم

    كان إنتر ميلان أول فريق كبير يستخدم الكاتيناتشو في النصف الاول من الخمسينيات عندما أختار المدير الفني للفريق حينها ألفريدو فوني لاعبه إفانو بلاسون ليكون ليبرو الفريق

    كان بلاسون مدافع بطيء ولكنه تحول في مركزه الجديد إلى مدافع قشاش متميز مع قدرته على إرسال الكرات الطولية الأمامية بدقة إلى زملائه في الهجوم وكمدافع كانت له عادة قبل كل مباراة أن يحرف خط على أرضية الملعب معلنا بأن هذا الخط هو أخر ما يستطيع مهاجم الخصم تجاوزه على أرضية الملعب وفي الأغلب كان ينجح في منعه من المرور بالفعل

    نجح إنتر في الفوز بالدوري موسم 1951/1952 والإحصائيات تشير إلى أن الفريق سجل 30 هدف اقل من صاحب المركز الثاني يوفنتوس ولكن دفاعه كان هو من نجح في إهداء البطولة له فلم يستطع أحد أن يفتح باب إنتر المنزلق

    تسببت أفكار فونتي التي نفذها فيما يشبه الفضيحة في إيطاليا بعد فوز إنتر بذاك الدوري فقبلها بأعوام قليلة كان تورينو بطل الدوري قد سجل 125 هدف في موسم واحد بأسلوب هجومي وإدخال الليبرو إلى اللعبة قد بدأ في التسبب بقتل متعتها التي تأتي من الأهداف