كورنثيانز .. النادي الهاوي الذي غير وجه كرة القدم

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • صورة تعبيرية لكرة القدم

    موقع سبورت 360 – قد تكون الفكرة الأولى التي تتبادر إلى ذهن مشجع كرة القدم الحديث عند سماعه لكلمة “كورنثيانز” هي عن الفريق البرازيلي العريق كورنثيانز باوليستا الحائز على بطولة الدوري البرازيلي خمس مرات. لكن ما يغيب عن بال الكثيرين هو أن الفريق البرازيلي أخذ اسمه عن فريقٍ انجليزي هاوٍ يحمل نفس الإسم كان له الفضل الكبير، ليس فقط في تأسيس كورنثيانز البرازيلي، بل في نشر مبادىء كرة القدم السامية حول العالم.

    فريق كورنثيانز تأسس عام 1882 بمبادرة من مساعد أمين سر الإتحاد الإنجليزي حينها لاين جاكسون والذي كان يهدف لتطوير فريق يمكنه مساعدة منتخب انجلترا الوطني على كسر هيمنة جيرانهم الإسكتلنديين الذين فازوا بسبعة لقاءات من أول 11 لقاءً جمع المنتخبين.

    الهيمنة الاسكتلندية جاءت بواسطة اسلوبهم المعتمد على الكرات القصيرة مقارنة بالطريقة الإنجليزية التي كانت تفضل الكرات العالية. مبادرة جاكسون جاءت في وقت كان يزداد فيه الخلاف بين فرق الشمال والجنوب الإنجليزي حول موضوع الإحترافية في كرة القدم. حيث كانت فرق الجنوب، التي تمثل المدارس العامة والجامعات بشكل أساسي، تعارض دخول الإحترافية معتبرة أنها ستتعارض مع المبادىء التي نشأت عليها كرة القدم. بينما كانت فرق الشمال، المكونة من عمال المصانع بشكل رئيسي، هي المحرض الأول لدخول الإحترافية إلى كرة القدم الإنجليزية الأمر الذي أصبح واقعاً في العام 1885. لكن الكورنثيانز بقوا فريقاً للهواة حتى بعد تشريع الإحترافية رافضين المشاركة في الدوري أو كأس الإتحاد أو أي بطولة لم يكن هدفها خيرياً حتى العام 1923 حين شاركوا للمرة الأولى في كأس الإتحاد الإنجليزي.

    هذا الإلتزام التام بمبادىء الهواة هو السبب الرئيسي لعدم تحقيق الكورنثيانز لأي بطولة رسمية، وذلك بالرغم من أنهم هزموا بلاكبيرن روفرز بنتيجة 8-1 عام 1884 حينما كان بلاكبيرن روفرز بطلاً لكأس الإتحاد، ومن ثم اعادوا الكرة عام 1904 عندما سحقوا بيرنلي (أبطال كأس الإتحاد كذلك) 10-3. لكن لعل أشهر الأمثلة عن تغلب الكورنثيانز على فرق المحترفين هي فوزهم على مانشستر يونايتد 11-3 عام 1904 وهي الهزيمة الأكبر في تاريخ اليونايتد حتى اليوم.

    مستوى الفريق الخرافي جعلهم النادي الوحيد في التاريخ الذي يمثل المنتخب الإنجليزي بأكمله، حيث خاض 11 لاعباً من كورنثيانز مباراتي الأسود الثلاثة أمام ويلز في عامي 1886 و 1887 والذي فاز بهما المنتخب الإنجليزي. كورنثيانز هو وكذلك أكثر فريق يقدم لاعبين لمنتخب انجلترا في تاريخه. مؤرخو كرة القدم يؤكدون أن الفريق كان سيسطر على لقبي الدوري والكأس لعقود من الزمن لو أن قبل المشاركة في البطولتين منذ تأسيسهما.

    لكن بالرغم من كل ذلك إلا أن سر شهرة ومكانة الكورنثيانز الخالدة في تاريخ كرة القدم لا تأتي لا من مستواهم المميز ولا من التزامهم بمبادىء الهواة، لا بل جولاتهم حول العالم وأخلاق الفريق الرياضية الرائعة.

    صورة تعبيرية لجماهير كرة القدم

    صورة تعبيرية لجماهير كرة القدم

    الكورنثيانز .. هل هو مؤسس مبادئ الروح الرياضية في عالم كرة القدم؟

    الفريق الهاو كان فريقاً راقياً بكل ما للكلمة من معنى. حيث يروي الذين عاصروا الكورنثيانز أن معظم حكام مباريات الكورنثيانز كانوا يشعرون بأنهم عديمو الأهمية خلال المباراة خصوصاً وأن لاعبي كورنثيانز كان يلزمون أنفسهم بقوانين أصرم من تلك التي وضعها الإتحاد الإنجليزي، قوانين الرجال النبيلين. لاعبو الكورنثيانز كانوا يرفضون عرقلة الخصم بهدف كسب الكرة ويقومون بإخراج لاعب من فريقهم في حال تعرض أحد لاعبي الخصم للطرد أو الإصابة (حيث لم يكن يسمح بالتبديلات في ذلك العصر).

    الأمر لم يكن يتوقف عند ذلك بل تعداه إلى الحد الذي كان يرفض فيه لاعبو الكورنثيانز التسجيل من ركلات الجزاء وذلك لإيمانهم بعدم ضرورة وجود مثل هذه المخالفات في حال لعب الفريقان بشرف ودون محاولة عرقلة الخصم. الأمر قد يبدو غريباً اليوم، لا بل مضحكاً، خصوصاً وأن المخالفات أصبحت جزءاً طبيعياً من كرة القدم الإحترافية اليوم. لكن اللاعبين الهواة كانوا مازالوا يمارسون اللعبة على أنها لعبة للرجال النبلاء. وإلى يومنا هذا فإن الصحافة الإنجليزية مازالت تستخدم مصطلح “النفسية الكورنثيانية” “Corinthian Spirit” لوصف أي تصرف أخلاقي يصدر عن أي من اللاعبين كإهدار ركلة جزاء منحت بشكل ظالم أو إيقاف اللعب لمعالجة لاعب مصاب.

    جولات الفريق الخارجية كان لها كذلك دور كبير في شعبية الفريق. حيث إعتاد الفريق السفر في جولة خارجية كل عام تقريباً بدءاً من سنة 1897 حين سافر الفريق إلى جنوب أفريقيا (ومن ثم أعادوا الكرة في عامي 1903 و1907) ليكون بذلك أول فريق أوروبي يسافر بهدف نشر كرة القدم إلى خارج أوروبا. جولات الفريق تركزت بشكل عام في أوروبا الوسطى والغربية وخصوصاً الدول التشيك، النمسا، والمجر والتي كانت تعد من أهم المنتخبات على المستوى العالمي، إضافة لزيارات متكررة إلى الجزء الشمالي من القارة العجوز في دول كالسويد والدنمارك. الكورنثيانز وحرصاً منهم على نشر اللعبة على أوسع نطاق كان لهم كذلك زيارات متكررة إلى الولايات المتحدة وكندا (1906، 1911، 1924) وزيارة تاريخية لجاميكا عام 1937.

    لكن أشهر جولات الفريق الخارجية تبقى تلك التي حملته إلى البرازيل للمرة الأولى في العام 1910. حيث لعب الفريق هناك ستة مباريات فاز بها جميعها. لكن أهم نتائج الجولة هي أن أخلاق الكورنثيانز ومستواهم ألهم خمسة عمال من مقاطعة ساو باولو ليأسسوا ناد خاص يهم يكون مخصصاً للعمال وعامة الشعب، على عكس باقي الأندية البرازيلية التي كانت مخصصة لنخبة الشعب والأغنياء فقط. اسم النادي كان: كورنثيانز باوليستا. إصرار الفريق على السفر في مختلف أنحاء الأرض لنشر كرة القدم وأخلاقها جعل معظم مؤرخي كرة القدم يجمعون أن الكورنثيانز كان لهم دور لا يستهان به في الإنتشار الكبير لشعبية كرة القدم في أوائل القرن الماضي.

    مع إقتراب الحرب العالمية الثانية فإن أحوال الفريق تدهورت وأجبر في العالم 1937 على الإندماج مع نادي هواة آخر اسمه Casuals. FC ليتأسس نادي Corinthians Casuals والذي بقي ناد هاوي يلعب في الدرجتين السابعة والثامنة وتخلى عن مبادىء الكورنثيانز الأصلية وأخلاق الفريق ولكن ليس عن جولات الفريق. حيث سافر النادي الجديد إلى ليبيا عام 1953 ليكون أول ناد أجنبي يزور ليبيا بعد استقلالها.

    الكورنثيانز حالة لن تتكرر في تاريخ كرة القدم. لكن أساطير الكورنثيانز يجب أن يبقوا حاضرين في أذهان كل مشجعي كرة القدم ليذكرونا بأن الأخلاق ليست عائقاً أمام النجاح أو التألق.

    كلمات مفتاحية