هل يمكننا فصل كرة القدم عن السياسة؟ والأهم.. هل يجب علينا فصلهما؟

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • جماهير سيلتك في ديربي جلاسجو

    موقع سبورت 360 – موضوع تداخل السياسة بكرة القدم موضوع شائك ومعقد ويحتمل عديد وجهات النظر. لكننا المشكلة هي أننا لا نتظرق له إلى في الحالات القصوى كما جرى العام الماضي عندما احتدم النقاش حول أهلية عاصمة أذربيجان باكو بإستضافة نهائي اليوروبا ليج رغم السجل السيء للحكومة الأذرية في موضوع حقوق الإنسان أو عندما قام مسعود أوزيل بإلتقاط الصورة الشهيرة مع رجب طيب أردوغان.

    والنقاش في هذه الحالات عادة ما يتمحور حول مشاعرنا تجاه الأشخاص/الدول المعنية بالموضوع دون أن يتطرق إلى لب المشكلة: هل يمكننا فصل كرة القدم عن السياسة؟ والأهم هل يجب علينا فصلهما؟ استعراض الدور الذي تلعبه السياسة في كرة القدم ربما يساعدنا على الإجابة عن هذين السؤالين.

    الإجابة قد تبدو سهلة للبعض؛ فقوانين الفيفا تمنع اللاعبين والمدربين من ارتداء أي دلالات سياسية. والعديد من مشجعي كرة القدم يتبنون وجهة النظر هذه  كونها ترسم صورة نقية وطاهرة لكرة القدم كرياضة جميلة لا تتأثر بما حولها من شوائب. لكن كرة القدم، حالها كحال أي رياضة أو نشاط اجتماعي آخر،  تتاُثر بالسياسة والأهم هو أن كرة القدم، ولكونها الرياضة الشعبية الأولى حول العالم، تلعب دور المرآة لتعكس ما حولها من اضطرابات سياسية واجتماعية وتمنح جماهيرها (وأحياناً لاعبيها) فرصة التعبيرعن أرائهم عبر التغطية الإعلامية الهائلة التي تحصل عليها “اللعبة الجميلة”. وهذه الأراء قد تكون إيجابية أو سلبية حسب وجهة نظرك الشخصية.

    ديربي غلاسجو الشهير بين سيلتيك ورينجيرز يتمتع دوماً بحماس كبير، قد يصل لحد العنف، كونه يضع “قبيلتين كرويتين” مفصولتين بحدود طائفية في مواجهة بعضهما البعض (رينجرز نادي بروستانتي الأغلبية بينما سيلتيك نادي كاثوليكي). ولكن العداء بين جماهير الفريقين يصل أيضاً لحدود سياسية: حيث يناصر جماهير سيلتيك أغلب الأحزاب اليسارية والحركات التحررية حول العالم وأبدوا دعمهم للقضية الفلسطينية في أكثر من مناسبة. فهل يجب منع جماهير سيلتيك من التعبيرعن مناصرتهم للقضية الفلسطينية رغم أنهم يساعدون في نشر المعلومات عن قضية عادلة؟

    رينجرز-سيلتك

    الاتحاد الانجليزي اعترض عام 2016 على قرار الفيفا بمنع منتخب الأسود الثلاثة من إرتداء زهرة الخشخاش التي تملأ الشوارع الانجليزية في  شهر تشرين الثاني كنوع من التذكار للجنود الانجليز الذين قضوا حتفهم خلال الحربين العالميتين وباقي الحروب التي خاضتها انجلترا. لكن الفيفا اعتبر أن هذا الرمز رمز سياسي  ومنع ارتدائه قبل أن يتراجع تحت الضغط الانجليزي.

    جيمس مكلين لاعب ستوك سيتي السابق وويست بروم الحالي، والذي ولد في منطقة ديري في ايرلندا الشمالية والتي سقط فيها عديد الضحايا على يد الجيش الانجليزي خلال سبعينيات القرن الماضي، يرفض حتى يومنا هذا ارتداء زهرة الخشخاش احتراماً لضحايا منطقته. فهل يجب إجبار مكلين على إرتداء الزهرة رغم أن هدفه هو عدم طمث ماضي أليم مرت به منطقته؟ أو يجب منع إرتدائها من الأساس رغم كونها تساعد عبر مبيعاتها في دعم الجنود القدامى؟

    أحد أشهر الأمثلة في عالم الرياضة هي الحركة التي بدأها الظهير الربعي لفريق سان فرانسيسكو فورتي ناينرز لكرة القدم الأميركية كولين كابيرنيك بعد أن ركع خلال النشيد الوطني الأميركي قبل أحد مباريات فريقه عام 2016 للإعتراض على قمع الشرطة الأميركية للمواطنين السود.  كابيرنيك واجه الكثير من الإنتقادات من سياسيين أميركيين بعد هذه الواقعة ولم يستطع إلى اليوم أن يجد فريق آخر ليتعاقد معاه. فهل يجب منع كابيرنيك، والرياضيين الذين قلدوه، من القيام بهذه الحركة رغم أنها تسلط الضوء على مشكلة حقيقية يعاني منها ملايين السود في أميركا؟

    كولين كابرينك يركع خلال النشيد الوطني الأمريكي

    هذه الأمثلة قد تبدو إيجابية  في الأغلب ولكنها لا تخفي حقيقة  أن عديد السياسيين حاولوا وسيحاولوا  دوماً إقتراض بعض من شعبية كرة القدم من خلال التقرب من نجوم كرة القدم والتقاط الصور بجانبهم أو دعم أندية معينة لكي تكون وجه السلطة.  والأسوأ  هو أنهم سيحاولون إستغلالها لقمع الشعوب كما فعل قادة الجيش اليوغسلافي بتجنيدهم لجماهير فريق النجم الأحمر للقتال كميلشيات في الحرب الأهلية اليوغسلافية.

    فصل  كرة القدم، والرياضة عموماً، عن السياسة لا يبدو طرحاً معقولاً كون شعبية كرة القدم الجارفة تجعلها متداخلة في كل جوانب حياتنا، من السياسة للإقتصاد والفن، بشكل لم يعد يمكن عكسه. والأهم، هو أنه لكرة القدم أن تلعب دوراً إيجابياً في تسليط الضوء على حالات الظلم الإجتماعي والسياسي رغم أن البعض سيحاول أخذ هذه الدور إلى الجانب السلبي لكن مسؤولية مشجعي كرة القدم إبقاء هذا الدور إيجابي.