من كان يصدق حدوث ذلك مطلع الموسم الحالي؟ أن يخسر باريس سان جيرمان لقب الدوري، وهو الفريق الذي وصل نهائي دوري أبطال أوروبا في 2020، وخسر بشق الأنفس أمام البافاري الرهيب بهدف دون مقابل، ليتوقع الجميع أنهم سيفوزون لا محالة بالدوري الفرنسي، وفي نفس الوقت يصلون لأبعد مدى ممكن في أوروبا.
في البداية، سقط الفريق في نصف النهائي الأوروبي أمام مانشستر سيتي، ليخسر ذهاباً وإياباً في المباراتين. ربما هذا الأمر عادياً ومقبولاً، خاصة أننا نتحدث عن منافس قوي ولديه مخزون مالي وفني كبير مثل مانشستر سيتي، بقيادة مدربهم بيب جوارديولا، لذلك مر خروج باريس سان جيرمان أوروبياً مرور الكرام، لكن الأمر لم يكن كذلك أبداً محلياً، لأن الفريق العاصمي خسر بطولة الدوري أمام خصم أقل منه شهرة، بريق، نجوم، وبالتأكيد قيمة سوقية ومالية.
829 مليون يورو تقريباً هي القيمة السوقية لفريق باريس سان جيرمان، وفق ما أكده موقع ترانسفير ماركت. إنه الفريق الذي يضم أغلى لاعبي العالم، كيليان مبابي بـ160 مليون يورو كقيمة سوقية، ونيمار التي تصل قيمته إلى 110 مليون، وماركينهوس 70 مليوناً بالإضافة إلى أسماء أخرى، مقابل 297.50 مليون يورو فقط هي القيمة السوقية لفريق ليل بالكامل.
كيليان مبابي – باريس سان جيرمان – الدوري الفرنسي
استهتر باريس سان جيرمان ببطولة الدوري الفرنسي كثيراً، وظن أنه سيفوز بهذا اللقب دون أي مشاكل، مهما كانت المعوقات والصعوبات، لأنه يركز أولاً وثانياً وثالثاً على لقب دوري أبطال أوروبا، لذلك قررت الإدارة إقالة توماس توخيل في منتصف الموسم، دون سابق إنذار، رغم أنه كان يقدم مستويات ونتائج جيدة على الصعيدين المحلي والقاري.
وقال سان جيرمان في بيان: «بعد تحليل معمق لوضعه الرياضي، قرر باريس سان جيرمان إنهاء عقد توماس توخيل»، الذي قاد النادي الباريسي للفوز بلقب الدوري الفرنسي في الموسمين اللذين أمضاهما معه بعد قدومه إليه صيف 2018، إضافة إلى قيادة الفريق الموسم الماضي لنهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه.
عملية تغيير المدربين أثرت بالسلب على الفريق العاصمي، لأن بوتشيتينو، المدرب الجديد، لم يتكيف سريعاً مع بطولة الدوري الفرنسي وخسر عدة نقاط محلية، كما خرج من دوري الأبطال في نصف النهائي، ليفشل الفريق في الفوز بالبطولتين أو حتى إحداهما، عكس فريق ليل الذي آمن بحظوظه منذ اليوم الأول، ونجح في التتويج بفضل إدارته ولاعبيه، وقدرات المدرب كريستوف غالتيير.
ليل – الدوري الفرنسي
لا يتمتع غالتيير بمسيرة تدريبية كبيرة، لقد عاش طيلة حياته التدريبية في فرنسا، مع فريقين فقط هما سانت إتيان في الفترة ما بين 2009 حتى 2017، ليفشل في تحقيق لقب الدوري لكنه فاز معهم ببطولة كأس الدوري في موسم 2012-2013، قبل أن يرحل في عام 2017 ليتولى تدريب فريق ليل الفرنسي، ويحقق معهم انطلاقة تاريخية توجت في النهاية بلقب الدوري الفرنسي.
في 22 ديسمبر 2017 ، أصبح جالتير المدير الجديد لفريق ليل، حيث كان الفريق في المركز الثامن عشر في الدوري ، لينجح في تجنب مراكز الهبوط بفارق نقطة واحدة في موسم 2017-18. وفي موسم 2018-19، قاد ليل ليحتل المركز الثاني ويتأهل لموسم دوري أبطال أوروبا المقبل ، بعد سبع سنوات من الغياب. وفي موسم 2020-21، فاز جالتير بأول لقب له في الدوري الفرنسي مع ليل ، ليكون رابع لقب دوري في تاريخهم.
إنه المدرب الذي يلعب برسم تكتيكي مزيج بين 4-2-3-1 و4-4-2 كما فعل في مباريات عديدة هذا الموسم مع ليل، ورغم أنه يلعب معظم مبارياته بثنائي هجومي هما يالمز وجوناثان ديفيد، إلا أن الفريق يمتاز بالتوازن الخططي، مع إغلاق الدفاع بشكل جيد وتقليل الفراغات في وبين الخطوط، باستخدام رباعي وسط متحرك بين العمق والأطراف، وخط دفاع متأخر أمام مرماه، مما يجعل الطريق نحو الشباك صعباً.
رقمياً وإحصائياً، يعتبر دفاع ليل أحد أفضل دفاعات أوروبا هذا الموسم، حيث استقبلت شباك الفريق 23 هدفاً فقط خلال بطولة الدوري الفرنسي، بالإضافة إلى الخروج بشباك نظيفة خلال 22 مباراة، مع قدرة الفريق على التفوق ضد باريس سان جيرمان في النقاط كذلك خلال المباريات المباشرة، فالنادي فاز على باريس في أرضه بهدف نظيف بالإياب، كذلك انتهت جولة الذهاب بالتعادل السلبي، أي أن نجوم سان جيرمان فشلوا في تسجيل أي هدف بشباك ليل خلال 180 دقيقة، بفضل الانضباط التكتيكي لمدربهم غالتيير وقوة دفاعه.
ومع تميز غالتيير في الدفاع والتكتيك وحتى استغلال نقاط قوة فريقه، فإن ليل لا يمتاز أبداً بتواجد النجوم الكبار، كما تحدثنا من قبل على انخفاض القيمة السوقية للفريق، لكنه يركز أكثر على استقطاب الأسماء ذات الخبرة العريضة، مثل البرتغالي جوزيه فونتي، الذي يبلغ من العمر 37 سنة، وسبق له اللعب في ساوثهامبتون بجوار فان دايك، لينتقل فيما بعد إلى ليل في 2018 ويحافظ على مسيرته بقوة وصلابة ومشاركة.
كذلك التركي براق يلماز، المهاجم الذي انتقل إلى ليل في 2020، في عقد لمدة موسمين، ليصنع شراكة هجومية مميزة مع جوناثان ديفيد، ويسجل المهاجم صاحب الخبرة الكبيرة 16 هدفاً ويصنع 5 في الدوري هذا الموسم، بينما سجل جوناثان ديفيد 13 هدفاً، أي أن الثنائي ساهم في 29 هدفاً خلال الموسم كتسجيل.
كذلك يتألق أيضاً يوسف يازيجي، لاعب الوسط التركي، الذي سجل 7 أهداف وصنع 4 هذا الموسم في الدوري، بالإضافة إلى جوناثان بامبا، جوناثان إيكونيه، لويس أراوخو، والبقية، حيث نجح لويس كامبوس، المدير الرياضي للنادي والعقل المدبر للفريق، في جمع هذه الكوكبة الرائعة من اللاعبين بأسعار زهيدة وبميزانية عادية، ليحقق معهم المدرب غالتيير المعجزة، ويفوزون بالدوري الفرنسي على حساب باريس سان جيرمان وأمواله.
