مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك

دائماً نسأل أنفسنا، ما الذي يميز العظماء؟ هل الموهبة فقط هي سر تميز أفضل نجوم كرة القدم؟ لماذا أصبح المدربين يستخدمون الحرب النفسية كجزء هام من أسلوب تدريبهم لكرة القدم؟ لماذا تتلقى فرق كبيرة هزائم تاريخية؟ لماذا يتراجع مستوى ذلك اللاعب بشكل مفاجئ؟ ما الذي يجعل شخصاً رياضياً مثيراً للجدل؟ الجواب دائماً يكون حاضر إن تعمقنا في النفس البشرية، إن حاولنا الوصول إلى تفاصيلها الدقيقة وجزئياتها العميقة، هذا ما سنجده في "البعد النفسي" بعالم كرة القدم.

محور حديثنا في هذه الحلقة هو المستشار والمحامي مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك المصري والذي يعد ظاهرة فريدة من نوعها سواء اتفقت معه أو اختلفت، تاريخه المليء بالجدل على المستوى السياسي والاجتماعي والرياضي على وجه الخصوص يدفعنا لتحليل هذه الشخصية وكشف الدوافع والأسباب النفسية الخفية وراء التصريحات النارية التي يطلقها.

صراعات مرتضى منصور لا تنتهي أبداً، وتفاقمت الأمور بشكل أكبر بعد عودته لرئاسة نادي الزمالك مجدداً، حيث أصبح يدخل في حرب كلامية وأحياناً يطلق التهديدات ضد أي شخص يحاول مضايقته سواء من قريب أو بعيد، فلا شك أنه شخص هجومي لأبعد درجة ويتخذ قراراته بسرعة كبيرة دون اللجوء للتفكير المنطقي.

هناك أمور عديدة تجعل مرتضى منصور من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل عربياً في الفترة الأخيرة إن لم يكن أكثرهم، فعلى سبيل المثال، تندلع ضجة إعلامية كبيرة لمجرد أن قال أحد اللاعبين أو المدربين العالميين رأيه بصراحة في أحد زملائه في المهنة دو مجاملات، وذلك مثلما يحدث في تصريحات جوزيه مورينيو وربيرتو مانشيني وماريو بالوتيلي ..الخ في بعض الأحيان، لكن ما يفعله مرتضى تجاوز وتخطى كل الحدود، فالشتائم والتهديدات أكثر شيء يُجيده خلال تصريحاته ومداخلاته التلفزيونية.

مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك

 في الحقيقة إن الأعراض الظاهرة على مرتضى منصور والتي نرصدها عبر وسائل الإعلام يومياً تشبه تماماً الأعراض الموصوفة لـ "اضطرابات الشخصية الحدّي" (bpd)، ومن أبرز أعراض هذا الإضراب هي مشاعر خارجة عن السيطرة، علاقات غير متوازنة مع الآخرين، قلق كبير ينتاب الشخص من تخلي الناس عنه وهجرانه، اندفاعية وعدوان لفظي، كما أنه يصاحب تلك الأعراض اكتئاب ونوبات غضب وتقلب المزاج.

ولو تمعنا بتلك الأعراض سنجد أن معظمها إن لم يكن جميعها تظهر على الشخصية التي نتحدث عنها، مرتضى منصور يصعب عليه بشكل كبير ضبط انفعالاته سواء كان على حق أو لم يكن، كذلك يملك شبكة كبيرة من العلاقات المشحونة سلبياً مع أشخاص منافسين أو ممن هم في الوسط الرياضي والسياسي حتى المقربين والأصدقاء، بالإضافة إلى تقلب مزاجه الواضح وتمسكه بالظهور الإعلامي بشكل كبير لدرجة أن أقل مداخلة هاتفية له في البرامج تتعدى الـ 10 دقائق وهذا أمر نادراً ما يحدث مع الأشخاص الذين يملكون مناصب عالية أو يحظون بشهرة كبيرة، مما يؤكد فكرة محاولة تبرير الشخصية المشوهة التي يملكها.

ويجب الإشارة إلى أن التشخيص "المبدئي" لمرتضى منصور لا يعني أنه شخص يتسم بالشر أو لديه خلل عقلي أو حتى أن يحاول إيذاء الآخرين متعمداً، حيث أنه يمكن تصنيف نسبة كبيرة من البشر ضمن "اضطرابات الشخصية الحدية" فهذه الأعراض موجودة عند معظم الناس لكن بنسب معينة، ويبدو أن مرتضى من الأشخاص اللذين يملكون نسب عالية.

أسباب هذا الاضطراب تعود إلى عوامل وراثية بيولوجية وعوامل أخرى لها علاقة بالتنشئة الاجتماعية والبيئة المحيطة، مثله مثل معظم الإضرابات النفسية الأخرى، وبما أننا يصعب علينا دراسة مرتضى منصور من ناحية فسيولوجية فلذلك قد نتوقع أن هناك تجارب سيئة قد حدثت في طفولته، وفقدان الرعاية والإهمال في مرحلتي الطفولة والمراهقة قد يكون سبب آخر، بالإضافة إلى إمكانية تعرضه لبعض الصدمات العاطفية القوية.

ولا بد لنا أن نتطرق للحديث عن شخصية هجومية مثل مرتضى منصور من خلال اللجوء إلى المبادئ الرئيسية لسيجموند فرويد الذي يعد الأب الروحي لعلم النفس التحليلي، فالعالم النمساوي يرى بأن هذا العدوان ينتج من وراء "غريزة الموت" التي تستهدف إيذاء الآخرين ولو فشلت في ذلك تتجه لإيذاء الذات وتدميرها، وهي غريزة موجودة لدى جميع البشر لكن بنسب متفاوتة أيضاً.

كذلك يرى فرويد أن العدوان اللفظي هو مجرد آلية دفاعية لا إرادية يلجأ لها الشخص لمسايرة وتقليل القلق والتوتر، لذلك يقوم مرتضى منصور بالتهديد والشتم لمحاربة بعض الأفكار السلبية التي تغزو عقله بسبب عدم إشباع حاجاته الاجتماعية والعاطفية ولضعف ثقته بنفسه في مواقف معينة.

إقرأ أيضاً: الزمالك يوافق على حضور جماهيره تدريبات الفريق