دائماً نسأل أنفسنا، ما الذي يميز العظماء؟ هل الموهبة فقط هي سر تميز أفضل نجوم كرة القدم؟ لماذا أصبح المدربين يستخدمون الحرب النفسية كجزء هام من أسلوب تدريبهم لكرة القدم؟ لماذا تتلقى فرق كبيرة هزائم تاريخية؟ لماذا يتراجع مستوى ذلك اللاعب بشكل مفاجئ؟ ما الذي يجعل شخصاً رياضياً مثيراً للجدل؟ الجواب دائماً يكون حاضر إن تعمقنا في النفس البشرية، إن حاولنا الوصول إلى تفاصيلها الدقيقة وجزئياتها العميقة، هذا ما سنجده في "البعد النفسي" بعالم كرة القدم.

"لا يوجد لاعب لم يتعرض لصافرات الاستهجان"، هذا التصريح الأكثر تكراراً لنجوم المنتخب الإسباني تعليقاً على صافرات الاستهجان التي يتعرض لها جيرارد بيكيه في الأشهر الأخيرة، فكلما خاض منتخب اللاروخا مباراة على أرضه إلى وانهالت الجماهير بإطلاق صافراتها ضده، وذلك يعود لعدة أسباب نتعذر عن ذكرها كونها ستخرج عن نطاق الموضوع الذي نود طرحه.

ما قاله تشافي هيرنانديز وايكر كاسياس وسانتي كازورلا وغيرهم صحيح إلى حد كبير، فمعظم اللاعبين تعرضوا لموقف مماثل خلال مسيرتهم الاحترافية  لما يحدث مع بيكيه في كل مباراة للماتادور، لكن السؤال هو كيف تتشكل ظاهرة "صافرات الاستهجان" في المدرجات والتي تسيطر على نسبة كبيرة من الجماهير في الملعب.

في البداية يجب الاتفاق على أن ظاهرة صافرات الاستهجان يحكمها قواعد السلوك الجمعي، وهي مختلفة كلياً عما يحدث في السلوك الفردي للشخص الواحد، وبالتالي هناك خطوات ومراحل مختلفة لتشكيل سلوكيات جمعية بشكل عرضي.

المرحلة الأولى .. حالة انفعالية لبعض الأفراد وسط الجموع

الشرارة الأولى لصافرات الاستهجان هو غضب وانزعاج فئة محددة من الجماهير في المدرجات اتجاه لاعب معين، وهذا الغضب هو انفعالات سلبية تترجم على شكل سلوك، وفي كرة القدم يكون السلوك عبارة صافرات يعبر فيها الأفراد عن استيائهم من بعض اللاعبين.

المرحلة الثانية .. العدوى الانفعالية

بعد إطلاق عدد قليل من الجماهير الصافرات تحدث ظاهرة تسمى في علم نفس الاجتماعي بـ "العدوى الانفعالية"، وهي تشبه تماماً العدوى الفيروسية أو البكتيرية في الأمراض الطبيعية، حيث تبدأ الانفعالات السلبية تنتقل من شخص لآخر عن طريق ما يسمى بـ "النمذجة والتكرار"، وبعد ثواني أو دقائق قليلة تبدأ نسبة أكبر من الجماهير في تقليد السلوك ألا وهو الصافرات.

المرحلة الثالثة .. غياب العقل الفردي

المرحلة الأخيرة والأكثر غرابة هو غياب العقل الفردي للمشجعين ليحل بدلاً منه "العقل الجمعي"، أي أن الفرد الواحد يتخلى عن معاييره الشخصية ومعتقداته لصالح المعايير العامة للمجموعة كاملة، وهذا يؤدي في النهاية إلى إطلاق نسبة كبير جداً من الحضور صافرات الاستهجان ضد لاعب معين.

في هذه المرحلة قد يقوم أحد المشجعين بإطلاق صافرات الاستهجان ضد جاريث بيل على سبيل المثال رغم أنه يعشقه بشدة، وذلك يعود إلى أن "العقل الجمعي" للمجموعة كاملة هو المتحكم في هذه اللحظة.

إقرأ أيضاً: بيكيه: علاقتي تحسنت مع راموس