كيف أصبحت محلل كرة قدم .. ونسيت أني كنت يوماً شاعراً

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • كرة القدم والشعر

    موقع سبورت 360- أحببت الشعر..وقرأت منه الكثير..وحتى كتبته وبمرور السنوات ومثل كل شىء تفعله في حياتك فسترى نفسك منقاداً لكي تصبح ناقداً له..إذا تابعت الاقتصاد ستصبح محلل اقتصادي بعد الدراسة وتنقيح الأفكار والإطلاع على آخر الدراسات والنظريات..إذا شاهدت كثير من الأفلام فأنت في داخلك بذرة ناقد..إذا قرأت شعراً ستصبح ناقداً له..ولكن إذا ما اجتمع الاقتصاد والفن والشعر في شىء واحد وهو الكرة..فإنه شىء قاسي.

    لأنك لن تجد دائماً مادة خامة مُنتجة من تلك المعرفة التي توفرها لك متابعة كرة القدم والإطلاع على أدق أسرارها..ستعرف الكثير من الشذرات دون أن تمسك دائماً بشىء ثابت لأنها لُعبة تتماشى مع الواقع على الدوام..لكنك ستكون ناقداً ومحللاً..وهائماً..بل وسترى الجميع من تفسيرات اوجه الحياة وقراراتها داخل المجتمع الخاص بتلك الرياضة.

    لا يوجد محلل رياضي وخاصة كروي لا يملك تلك المعضلة..المشاعر، فمهما بلغت أي درجة من الحيادية والاحترافية والشجاعة في طرح الآراء لن تلغي هيامك وذكرياتك الأولى مع أول فريق أو لاعب حرّك قلبك.

    سألتني صديقتي : “أنا لا أفهمك..لماذا تتحدث كل يوم عن الكرة..قلت لها..وببساطة ..أنا أريد المنطق والحس السليم..والشعور بموازين الأشياء وهي ساطعة واضحة أمامي..ما يشبه الحق..كرة القدم تملك المنطق والحس السليم الذي يريد أن يبلغه أي انسان طبيعي قبل أن يكون شاعر”.

    مشجع لرينجرز الأسكتلندي

    مشجع لرينجرز الأسكتلندي

    في الصورة في الاعلى صورة لمشجع رينجرز الأسكتلندي يحتفل بلقب الدوري الذي حققه فريقه ويقتبس مقولة للشاعر الخالد أوسكار وايلد: “أي قديس لديه ماضي..وكل المخطئين لديهم مستقبل”.

    كل يوم..حتى في الحياة اليومية أرى و أدرك بأن بيننا كثير من الشعراء قد لا يقولون كلمة بها شعر لكنهم يتصرفون بشكل شعري..يعيشون لحظات من الشعر..ولعدد من المرات التي لا يمكن أن أحصيها، أنا أتحرك تجاه تلك القصيدة المصاحبة للحياة وأقوم بجرها بعيدا عن الحياة.

    وكرة القدم..الجيدة منها ..المباريات التي يمكن لها أن تأثرك بعنفوان الحياة وبساطتها بها..بتفاصيلها المختزنة في العقل والحس معاً..بالسرور والحزن..تجعل من كل ذلك الـ90 الدقيقة حصان خشب قديم يمكن أن ترتاده وتقوده وأنت تشاهد المنظر الجميل وراء الآخر من كل دول العالم بما يملك العالم الآن من سرعة في التنقل من بلد إلى بلد لكشف أسرار مستطيل أخضر في كل مدينة..بلدة..أمل جديد وأحلام كبيرة وأخرى خائبة ومنكسرة.

    حسناً..لا أريد أن أبالغ في الزهو بتلك المهنة ففي النهاية هي قاسية حقاً..وخصوصاً مع الآلة الإعلامية الجبارة والانفجار الإخباري اللحظي التي تجعل العالم كله بين أزرار وسنتيمترات هاتفك الذكي قليل الحجم هذا.

    مشجع كرة قدم يحضر مباراة كوين بارك رينجرز ضد بورتسموث في الدور التمهيدي من كأس الحليب الإنجليزية

    مشجع كرة قدم يحضر مباراة كوين بارك رينجرز ضد بورتسموث في الدور التمهيدي من كأس الحليب الإنجليزية

    الأمر الذي يشكل ضربة قاصمة لك إن كنت مشجعاً هائماً..ولا يوجد محلل أو صحفي أو ممتهن بأياً من أدوار اللعبة لا يملك عاطفة ومشاعر، ولن يستطيع أن يهرب من هوة الهزيمة وخيبة الأمل الساحقة..لأن مهنته تتطلب منه دوماً أن يكون راصداً متابعاً جسوراً في التقاط كل تفاصيل اللعبة أولاً بأول.

    ستنسى أنك كنت يوماً شاعراً..لكنك ما دمت تحيا سيظل الشعر يلاحقك..في كرة القدم..في الرياضة بوجه عام..أنت ملىء بالهيام في السلوكيات البشرية وهذه لعبة مبنية على السلوكيات والقرارات كل يوم..إنها ملعب للشعر!.

    من يعمل بمجال الصحافة التفاعلية على الإنترنت والتفاعلية بها الصبغة الكروية أكثر من غيرها..سيحزن وسيفرح..فلا بد أن لا يحزن مثل التاريخ..فالتاريخ طويل..عليه أن يحزن يوماً فقط ففي الكرة نوعاً من التضامن والمؤانسة بين كل الفرق..فرق تخسر اليوم لتفوز غداً والعكس..ففي الأخير هي تظاهرة بشرية بحتة.

    لذا وختاماً..هناك الكثير من الفنانين والسينمائيين والكتاب الذين عشقوا الكرة وحكاياتهم معها لا تنتهي..يمكن أن نتذكرها ونتذكرهم معاً في ذلك الركن المخصص بأدب كرة القدم.

    إحدى حفلات الاحتفال بأيقونة جامايكا والموسيقى اللاتينية بوب مارلي

    إحدى حفلات الاحتفال بأيقونة جامايكا والموسيقى اللاتينية بوب مارلي

    لكن آخرهم كان المطرب الجامايكي الشهير بوب مارلي..أشهر مغني ريفي في العالم و الذي حكى أنه لو لم يكن مغنياً لأصبح لاعب كرة قدم..فهي المهنة الأكثر قرباً للفن من كونها تعزز وتحفز الخيال للاعب في ملعب الكرة..حيث يمكن أن يتخيل بأنه سيفعل كل شىء في الميدان..في الاخير حتى وإن لم يفعله..فهو لاعب محترف لديه مهنة ودخل..وإن تلقى اللعنات..فسيصمت أمام الجماهير..لأنه تصرف نابع عن الحب ..حب الجماهير لفريقها..شىء لا يملك اللاعب تجاهه إلا أن يصمت..وفي كثير من الوظائف يمكن أن تقبل وتتصبر على تلك اللعنات..لكن في الكرة النتيجة واضحة..لا يمكن لأي شىء في العالم أن يُبرر الخسارة لأي مشجع كرة قدم..فالصمت هنا مُقدس!.

    أما الصحفيون والكتاب والمحللين داخل ذلك المجتمع..لا يُمكنم أن يصمتوا لأن بداخلهم بذرة من الحب بدأ منذ سنوات طويلة واشتد عود شجرتها وتعالت حتى أصبحت كياناً داخلك.