سايدو براهينو وبوروندي … كرة القدم تعطيك فرصة ثانية دائما

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • تعطيك كرة القدم فرصة دائما للإنتقام ولكنها أيضا توحد الشعوب وتهديك الفرحة والشعور بالإنجاز إن كنت مناصرا للجانب الفائز وسايدو براهينو حصد هذا الشعور بعد تأهل منتخب بلاده بوروندي لأول مرة في تاريخها إلى بطولة أمم أفريقيا المقبلة في مصر

    إنجاز تاريخي للدولة الأفريقية التي عاشت معظم فترات تاريخها إما محتله أو في حرب أهلية أستمرت منذ حصولها على الإستقلال من الإحتلال البلجيكي في 1962 لتدخل بعدها في سلسلة من الإنقلابات العسكرية تحولت إلى حرب أهلية في 1993 وأنتهت في 2006 لتبدأ البلاد من الصفر

    ولدت معظم الأسماء التي قادت بوروندي إلى المجد خلال تلك الفترة وعاشت طفولتها ما بين الخوف من التعرض للقتل برصاص المحاربين التوتسي الراغبين في إستمرار سيادتهم التي أعطاها لهم المحتل وأغلبية الهوتو المتنازعين للحصول على السلطة المحلية

    والأشهر من هذه الأسماء هو سايدو براهينو المهاجم المحترف في أنجلترا رفقة ستوك سيتي والذي كان يوما ما لاعبا إنجليزيا ينتظر فرصة المشاركة مع المنتخب الأول للأسود الثلاث قبل أن يقرر العودة والدفاع عن ألوان منتخب بوروندي عندما جاءوا لطرق بابه العام الماضي

    قصة براهينو قد تكون مشابهة لقصة معظم زملائه في المنتخب وإن كان الفارق أنه حصل على فرصة أفضل منهم بهروبه من البلاد عندما أشتعلت الحرب أكثر في البلاد ليبدأ في مكان أفضل بعيدا عن الدمار والخراب الذي تعيشه بلاده

    ولد براهينو في العاصمة البوروندية بويمبورا قبل شهرين فقط من أغتيال أول رئيس منتخب للبلاد ملشيور ندانداي على يد جماعات التوتسي بسبب رفضها لوجود رئيس من الهوتو يحكم البلاد، الصغير لم يكن يعي أن الأصوات العالية من حوله هي أصوات الرصاص والدمار

    حصدت إحدى هذه الرصاصات حياة والده عندما كان في الرابعة من عمره ليفقد أحد والديه مبكرا وسريعا فقد عائلته كلها عندما شاهد والدته وأخواته يرحلون عن المنزل بلا عودة ليترك وحيدا يمارس مع بقية الأطفال في المنطقة التي يعيش بها كرة القدم المصنوعة من الأكياس البلاستيكية المحاطة بالأربكة لجعلها تتماسك

    جاء له خبر سعيد وهو في العاشرة من عمره فقد عثروا على بقية عائلته التي تركته وسافرت إلى أنجلترا من أجل اللجوء هناك، طفل في العاشرة يضع قدمه لأول مرة خارج بلاده ليصل إلى بيرمنجهام الإنجليزية دون أن يعرفه أحد ليتم إلحاقه بأحد دور الرعاية حتى يتم البحث عن والدته

    حدث لم الشمل بعد أن تتبع مكتب الهجرة عائلة الطفل الصغير وأختبار الحمض النووي أكد على أنه من هذه العائلة ليعود أخيرا إلى أحضان والدته ويعيش مع أخواته

    لم ينسى حبه لكرة القدم هناك فألتحق بمدرسة متخصصة في تنمية المواهب الرياضية فكان متميزا في كرة القدم ومارس ألعاب القوى وكرة السلة أيضا حتى جاء له عرض للإنضمام إلى أكاديمية نادي ويست بروميتش الإنجليزي وهو الثانية عشر من عمره

    يمكن أختصار بقية القصة فبراهينو سجل نفسه كأحد المواهب الكروية المتميزة في أنجلترا وكان دائما أحد أعضاء المنتخب الإنجليزي الشاب حتى وصل لمنتخب تحت 21 عاما وكان أحد الأسماء الأساسية في كتيبة المدرب جاريث ساوثجايت الشابة في 2014 في العام الذي حصل فيه على جائزة اللاعب الإنجليزي الشاب الأفضل في العام

    قضى فترات من الإعارة في الدرجات الأدنى الإنجليزية رفقة نورثامتون وبرينتفورد وبيتربروه قبل أن يعود في صيف 2013 ويجد فريقه قد تخلى عن مهاجمه وهدافه روميلو لوكاكو ويصبح الطريق مفتوحا للشاب الإنجليزي للحصول على فرصته لقيادة هجوم النادي الذي تربى به

    سجل تسعة أهداف في موسمه الأول وفي الموسم الثاني أنفجر المهاجم الإنجليزي مسجلا 20 هدف في 45 مباراة له مع فريقه في كافة البطولات، رغم أنه الموسم الأفضل في مسيرة اللاعب إلا أنه كان مليئا بالمشاكل التي تسببت في توقف مسيرته فيما بعد

    خلال منتصف الموسم توقفت مفاوضات النادي لتجديد وتحسين عقد لاعبها الشاب بعد أن تم القبض عليه مخمورا أثناء القيادة والمفاوضات بعد عودتها لم تستمر طويلا حيث توقفت بسبب مطالب اللاعب في وضع شرط جزائي في عقده يسمح له بالرحيل وتم تسريب حوار صحفي للاعب يخبر فيه أحد الصحافيين بأنه يريد الإنتقال إلى نادي أكبر

    كان صيف 2015 ساخنا فرفضت إدارة الفريق عرضا من توتنهام للحصول على خدمات مهاجمها الشاب الذي قدم طلبات متتالية لإدارة الفريق تسمح له بالرحيل قوبلت كلها بالرفض، ويست بروم تعاقد مع سولومن روندون لقيادة هجوم الفريق وتم تجميد براهينو خلال فترة الإنتقالات

    مع غلق السوق خرج براهينو عن صمته وكتب على موقع التواصل الإجتماعي تويتر

    لن ألعب لهذا النادي مرة أخرى في وجود الرئيس جيرمي بيس

    لكنه عاد للتدريبات بدون أن يجد له مكانا في التشكيلة الأساسية سواء لنهاية ذاك الموسم أو الموسم التالي الذي تم تجميده من إدارة النادي بعد رفض عروض من نيوكاسل وكريستال بالاس وستوك سيتي للحصول على خدماته وتم إرسال اللاعب في معسكر منفرد في فرنسا من أجل خسارة ثمانية كيلوجرامات أكتسبها من الجلوس في المنزل طوال الفترات السابقة كما تم إيقافه 8 مباريات من الإتحاد الإنجليزي بسبب رسوبه في أختبار للمنشطات خلال تلك الفترة

    بعد 29 هدف و80 مشاركة في أول موسمين له مع الفريق أكتفى اللاعب ب40 مشاركة أغلبها كبديل و7 أهداف فقط في الموسم والنصف التالية واللاعب أحبط الجميع داخل ويست برومتش واللاعب نفسه شعر بالخيانة من إدارة ناديه لرفضها التخلي عنه إلى أن جاء اليوم الموعود بعد موافقة النادي على عرض بيعه إلى ستوك سيتي شتاء 2017 ليرحل أخيرا عن النادي

    لم يكن النصف موسم الاول له مع الفريق جيدا على المستوى الشخصي فلم يجد لنفسه مكانا أساسيا مع الفريق والاهداف لم تأتي والموسم التالي أستمر الجفاف التهديفي حتى مع محاولاته لتسديد ركلات جزاء باءت بالفشل فأضاع واحدة حصل عليها ضد ساوثهامبتون

    قبل أن يكمل عامين بدون تسجيل كان ستوك سيتي يعيش أياما سيئة أنتهت بوصول المدرب بول لامبارت لإنقاذ الفريق وقراره الأول كان بمعاقبة براهينو وإنزاله لتدرب مع الشباب سبب عدم الإلتزام، أنتهت موهبة براهينو وهبط ستوك سيتي للدرجة الأولى

    أغسطس 2018 كان شهرا فارقا في مسيرة اللاعب فهناك أحيا مسيرته من جديد والبداية كانت بتغير منتخب بلاده حيث وجد مسئولي المنتخب البوروندي يتواصلون معه من أجل تمثيل منتخب البلاد بعد أن أصبحت فرصته معدومة في الإنضمام لمنتخب الأسود الثلاث

    لحسن حظ براهينو أنه أثناء تألقه مع ويست بروميتش وضمه لمنتخب روي هودسجون فلم يسجل أي دقيقة سواء ودية أو رسمية بقميص الأسود الثلاث ليصبح متاحا لمنتخب بلاده الأصلي

    وافق براهينو فورا على عرض بلاده فهناك سيكون بطلا ونجما لبلاده التي لم تعطه الأمان في طولته وأخذت منه والده في الماضي

    كان دائما براهينو ما يظهر إنتماءه لبوروندي منذ بداية ظهوره ففي تصريحات له عام 2013 قال

    أريد أن ألعب في أعلى المستويات الممكنة وفي أفضل البطولات الموجودة

    بوروندي هي بلدي الأم وسأظل منتميا إلى هناك مهما حدث حتى لو أصبحت اللاعب الأفضل في الدوري الغنجليزي سأفتخر بإنتمائي إلى هذا البلد

    اللعب لمنتخب أنجلترا مختلف فهم من أعطوني فرصة ثانية في الحياة وقدموا لعائلتي أسلوب حياة مختلف

    سأظل ممتنا لأنجلترا طوال حياتي وإذا لعبت لمنتخب بلادها فسألعب بنفس الحماس والرغبة في الفوز

    لكن كان ذلك في بداية مسيرته عندما كانت مزدهرة وبسبب غياب الخبرة والرعونة خسر اللاعب كل شيء فكان عليه البدء من جديد والبداية كانت بالعودة إلى بلاده الأم

    أنطلق الموسم محليا في أنجلترا رفقة ستوك سيتي الذي أصبح في الدرجة الأولى الإنجليزية وبراهينو نجح في إقناع مدربه في إعادته للتدرب مع الفريق الاول للحصول على فرصة للمشاركة

    View this post on Instagram

    🇧🇮🇧🇮🇧🇮📍❤️❤️❤️

    A post shared by Saido Berahino (@berahino18) on

    لم يعود براهينو بعد محليا إلى مستواه المعهود مكتفيا ب23 مشاركة حتى الآن مسجلا ثلاثة أهداف، مع المنتخب البوروندي شارك لأول مرة ضد الجابون ونجح في تسجيل هدف منتخب بلاده الوحيد في المباراة التي أنتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق

    صغار ولكن بقلوب كبيرة تذكروا الأسم جيدا بوروندي

    كان هذا تعليق براهينو على أحد التسجيلات التي نشره على حسابه الشخصي على موقع إنستجرام يسجل فيه فرحته وفرحة زملائه وجماهير بلاده بتأهل تاريخي إلى الكان المقبل لأول مرة في تاريخ البلاد بعد سنوات وسنوات من الدمار والحروب الأهلية

     أعطته أنجلترا فرصة جديدة للحياة بعيدا عن الحرب وبوروندي أعطته فرصة جديدة لإحياء مسيرته الكروية بعد أن كادت تتوقف تماما