عندما زرت مكاتب سبورت 360 مؤخرا أجريت مقابلة مع الصديق متري حجار رئيس تحرير الموقع وأجرينا حديثا عن الفورمولا واحد بشكل عام. أثناء الحوار تطرقنا إلى فرق الفورمولا واحد المختلفة وكان متري متفاجئا لمعرفة أن أغلب الفرق على خط الانطلاق مستقلة أي فرق لا تصنع أي سيارة تجارية نقودها أنا وأنت.
فقررت أن أكتب موضوعا عن هذا الزاوية بالذات: ما هي أنواع الفرق في الفورمولا واحد وما الفرق بينهم؟
في الفورمولا واحد نوعان من الفرق (كانوا ثلاثة في الماضي): المصنعين والمستقلين. عمليا لا فرق أبدا بين الفرق على سطح الحلبة ولكن الفارق يكمن خارج المضمار.
المصنعين هم الفرق التي تملك خط انتاج سيارات طرقية بالإضافة إلى فرق الفورمولا واحد والأمثلة عديدة ومعروفة أمثال مرسيدس ورينو ، جميعنا يعرف وربما قاد سيارة رينو أو مرسيدس إلى العمل أو المنزل.
مرسيدس
حسبة بسيطة! تتميز تلك الفرق أيضا بمواردها الكبيرة المالية أو الهندسية. شركة المرسيدس الأم مثلا تضخ الاموال في فريق الفورمولا واحد للوصول إلى البطولات العالمية وذلك سعيا منها لتحسين سمعة الشركة لبيع المزيد من السيارات لي ولك. العائد من الاستثمار مربح جدا إذا كان المشروع ناجحا.
أيضا من السهل في تلك الشركات الكبرى تشارك الموارد البشرية والهندسية ، تخيل معي قسم السيارات السياحية في شتوتغارت ألمانيا الذي طور تقنية جديدة للمحرك ، تلك التقنية بإمكانها بسهولة أن تجد طريقها إلى فريق المحركات للفورمولا واحد في بريكسووث في بريطانيا ، بل والمهندس الذي اكتشفها أيضا لربما سيجد نفسه في فريق الفورمولا واحد مع راتب عال.
في الطرف الآخر لدينا الفرق المستقلة أي الفرق التي ليس لها خط انتاج سيارات عادية والمثال على ذلك فريقي المكلارين والويليامز العريقين ، وقبل أن تبدأ بالصراخ عزيزي القارئ بأن المكلارين تنتج سيارات رياضية, أود أن أوضح بأن السيارات الرياضية لمكلارين هي مشروع بدأ بعد إطلاق فريق الفورمولا واحد بعشرين سنة وهو مشروع ثانوي بالنسبة لفريق المكلارين ويبقى التركيز الاكبر على الفورمولا واحد.
الفرق المستقلة لا تملك رفاهية تمويل كبير بل تعتمد على الرعاة وموارد البث التلفزيوني التي توزع للفرق. ومؤخرا أصبح التمويل اللامحدود لفرق كمرسيدس مثلا موضع جدل كبير. ليس فقط حول عدم عدالة التنافس بل وتهديد وجود الفرق المستقلة بحد ذاتها.
يمكن أن يتواجد أيضا فرق غير مصنعة ولكن غير مستقلة مثل فريق ريد بول. ريد بول بالطبع ليس لهم سيارة (لأنها تعطيك جوانح!!) ولكن الفريق ليس بمستقل. بكل بساطة فريق الفورمولا واحد بالاضافة إلى رعاته يملك تمويلا ضخما من عملاق مشروب الطاقة الذي له باع طويل في الرياضات الخطيرة وما تواجده في غمار الفورمولا واحد إلا تأكيد تسويقي على القيم التجارية التي تتمثل بالشباب والخطورة والإثارة (ماكس فيرشتابين خير مثال)
لاحظ معي كيف أهملت فريق فيراري متعمدا. وذلك لأن الفريق الأحمر…. خذ نفس عزيزي القارئ…. فريق مستقل…. أو كان!
بدأ فريق فيراري عندما قرر انزو فيراري الموظف السابق في ألفا روميو أن يدخل سباقات الفورمولا واحد مع سيارة الفا روميو معدلة أو ما كان يعرف بالماضي بفرق الزبائن (هذا هو النوع الثالث من الفرق الذي تحدثت عنه ولكن هذا الإجراء اختفى من الرياضة… أو اختفى قليلا… قحق فريق هاس!)
فيراري
وسرعان ما قرر انزو فيراري بأن يصنع سياراته بنفسه ليولد فريق الفيراري الاسطوري ويأخذ اللون الأحمر تيمنا بلون فريق ألفا روميو الفريق السابق للسيد فيراري.
تركيز وطموح انزو فيراري كان منصبا دائما على سيارات تسابق الفورمولا واحد والفئات الأخرى. ولم يدخل غمار السيارات الطرقية إلا بعد سنوات طويلة وفقط كسيارات تسابق معدلة للطرقات العادية. الأمر الذي نلحظه حتى اليوم
على الرغم من شراء شركة فيات العملاقة للقلعة الحمراء عام 1969 وضخ الأموال المستمر فإن فريق الفيراري لطالما تفاخر باستقلاليته وهويته الفريدة من نوعها مما يجعله خليطا بين المصنع والمستقل.
في الخلاصة يمكننا القول بأن الفرق المستقلة مهمتها أصعب حاليا مع عولمة الرياضة والحياة بشكل عام وضخ الشركات الكبرى للأموال الطائلة في برامجها ولكن الاستقلالية تمنح صاحبها حرية القرار والابتكار وانتفاضة فريق المكلارين مؤخرا خير مثال على ذلك. وأيضا الاستقلال يمنحك الحرية من مجلس ادارة قد يرى الامور بمنظور مختلف (اشاعات بيع فريق المرسيدس لأن مهمة فريق الفورمولا انتهت!) فهل يكمن أن نرى توازنا بين الطرفين؟
تابع الكاتب على الفيسبوك : عالم الفورمولا مع ماهر أجمان
