الممر الشرفي الذي قام به برشلونة لريال مدريد (Getty Images)

يعتبر طقس ” أو عرف ” الممر الشرفي أحد أشهر التقاليد وأكثرها إثارة للجدل في عالم كرة القدم . ففيه تقوم فرق بالاصطفاف على جانبي ممر خروج اللاعبين والتصفيق للفريق بطل الدوري أو المسابقة كنوع من التكريم له على إنجازه. وهو طقس ” أو عرف ” يهدف إلى تعزيز الروح الرياضية مثله مثل عادة المصافحة قبل اللقاء بين اللاعبين (ألغيت بسبب كورونا) ومصافحة المدربين بعده (ألغيت لنفس السبب) وسواها من الأعراف التي تؤكد على البعد الأخلاقي لرياضة كرة القدم عموماً.

لكن هذه الطقوس كثيراً ما استخدمها بطريقة معاكسة لعكس هدفها الأساسي وهو إذكاء الروح الرياضية وذلك عندما لا يقوم أحد الأطراف بالالتزام بهذا العرف لسبب أو لآخر. ونذكر كم مرة رفض مورينيو مصافحة أرسين فينجر مثلاً ورفض وأين بريدج مصافحة جون تيري بعد خيانته له مع زوجته والأهم قصة الممر الشرفي بين ريال مدريد وبرشلونة عندما رفض زيدان القيام به لأن البرشا لم يقف لهم بنفس الممر الشرفي بعد فوزهم ببطولة العالم في نهاية 2017 وما جرى من ملاسنات قبلها وبعدها مع المدرب السابق لبرشلونة فالفيردي.

فهل يعتبر مثل هذا الممر إذلالاً ومهانة ..أم ضرورة لإبراز الروح الرياضية التي تحتاجها هذه المنافسة ؟

بداية يجب التأكيد على أن هذا الممر هو ممر طوعي . بمعنى ليس هناك ما يجبر أي فريق على الوقوف للفريق الآخر. لكنه مع الزمن بات جزءاً من سمات الروح الرياضية ومخالفتها تظهر الفريق الرافض لها في موقف سيء . تماماً كما هو الحال عندما تصعد امرأة عجوز إلى حافلة مزدحمة  وهناك شاب أو شابة جالسون في مقاعدهم . لا أحد يجبرهم على أن يعطوها مكانهم لكن إن لم يفعلوا فسينظر لهم كل من في الحافلة شزراً.

بوجود وسائل التواصل الاجتماعي وتطور الصحافة والإعلام اكتسبت هذه المسألة بعداً جماهيرياً وإعلامياً جديداً وأصبح من الممكن تشكيل ضغط أكبر مما جعل الكثير من اللاعبين والمدربين وحتى الإعلاميين يرفضون الفكرة ويطالبون بإلغائها وآخرهم كان نجم ليفربول السابق داني ميرفي الذي رأى فيها سخافة شديدة وابتعاداً عن المنطق خصوصاً أنها مرفوضة من الجميع (لاعبين ، مدربين ، جمهور) باستثناء لاعبي الفريق الفائز.

الحقيقة أن المسألة مرتبطة جداً بنوعية العلاقة بين النادي البطل والنادي الذي يفترض أن يقف في الممر الشرفي . ففي حالة برشلونة وريال مدريد مثلاً هناك أكثر من مسألة التنافس الرياضي وتصل إلى مرحلة التناحر السياسي. وهناك نوع من الكره (الكروي) بين مانشستر يونايتد وليفربول مثلاً وخصومة كبيرة بين إنتر واليوفنتوس وأيضاً ميلان مع الإنتر، وبالتالي ليس من السهل أن يقوم لاعبو الفريقين بالممر الشرفي لبعضهم والدليل أن إيتو ورونالدينيو وديكو مثلاً تسببوا في تلقي أنفسهم للبطاقات حتى لا يقفوا للريال في الممر الشرفي عام 2008.

لكن مثلاً ليس هناك مشكلة أن يقوم فالنسيا مثلاً بممر شرفي للريال أو برشلونة ، وحتى ليس هناك مشكلة في أن يقوم مانشستر سيتي بممر شرفي لليفربول كما سيحدث اليوم مثلاً لأن العلاقة بين الناديين ودية للغاية سواء بين الجماهير أو بين المدربين والإدارات . لكن الوضع كان سيتغير كلياً لو كان اليونايتد بديلاً عن السيتي .

في الحقيقة الممر الشرفي هو عرف ويجب أن يبقى عرفاً ، فليقم به من يريد القيام بذلك. لكنه يبقى جزءأً جميلاً من هذه الرياضة ولا يدل  على روح الفريق الخصم الرياضية وحسب بل أيضاً قوة شخصيته . وقد أعجبني بيب جوارديولا عندما أكد بأنه سيقوم بالممر الشرفي رغم استخفاف مدرب ليفربول به كما أعجبني ما قاله بويول عام 2008 عندما قال ” لم أكن مسروراً للقيام بالممر الشرفي لكن الروح الرياضية تقتضي ذلك” وفعلاً الروح الرياضية هي المفتاح ..فإن وجدت فسيحافظ هذا الممر على معناه ، وإن فقدت فلا فائدة منه ولا معنى له بعد الآن.