Getty

موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

يتهم الكثيرون بيب جوارديولا، بأنه يتولى تدريب الفرق الجاهزة والتي تملك كل المقومات للهيمنة على البطولات المحلية والقارية، فبرشلونة مع ليونيل ميسي كان مُهيئاً مع بعض اللمسات البسيطة والإدارة الفنية الهادئة لحصد السداسية التاريخية في 2009، أما بايرن ميونخ فهو ملك الدوري الألماني بفوارق كبيرة جداً عن المنافسين وكان من الطبيعي أن ينجح الإسباني في التتويج بلقب البوندسليجا في 3 مواسم متتالية.

برشلونة:

“جوارديولا يدرب الفرق الجاهزة”، الحقيقة أن تلك المقولة لم تنل حظها من التدقيق أبداً، لأن أغلب من رددوها لم يتابعوا بدايات الرجل مع برشلونة بقدر ما فوجِئوا بنتائجه في نهاية الموسم الأول، فالرجل بدأ حياته التدريبية مدرباً للفريق الثاني، ولم يمضِ مع الفريق الرديف سوى موسماً واحداً، قبل أن يتوسط له الراحل يوهان كرويف عراب البارسا لدى خوان لابورتا كي يتولى تدريب الفريق الأول.

وكان برشلونة يقضي أزهى أوقاته تحت قيادة فرانك ريكارد، فاستطاع الفريق بعد التتويج بلقبي الدوري ودوري الأبطال، تحقيق موسمين صفريين في 2006/2007 و2007/2008، في إنجاز لا يُحققه إلا فريق جاهز.

هذا الفريق الجاهز هزمه الفريق الرديف بقيادة بيب في أحد المباريات التحضيرية، حيث كان رونالدينيو يجر أقدامه في الملعب وزملاؤه غير قادرين على مجاراة نسق الفريق الثاني للبارسا، أما ريكارد فكان يمارس التدخين على مقاعد البدلاء وهو يشاهد فريقه الجاهز ينسحق تحت أقدام مغموري اللاماسيا.

<> on July 17, 2019 in Nanjing, China.

نعم، لقد استلم جوارديولا نجوماً كتشافي وإنييستا وميسي، فالأول كان على أعتاب الرحيل إلى مانشستر يونايتد، والثاني كان تائهاً في خطط ريكارد التكتيكية وهو يلعب على الخط، أما البولجا فقد حل ثالثاً في ترتيب أفضل لاعبي العالم.

تلك الإمكانيات هي التي حقق بها ريكارد أرقامه القياسية في آخر موسمين له، وهي التي صنعت بيب وسداسيته وخماسيته وكرته الشاملة واستحواذه، ودعوني أخبركم بأن ميسي سجل 42 هدفاً في 4 مواسم قبل قدومه مقابل 38 هدفاً في أول موسم مع بيب فقط.

بايرن ميونخ:

أضفى رحيل بيب جوارديولا إلى بايرن ميونخ، مزيداً من الصلابة الإعلامية على مقولة “بيب يدرب الفرق الجاهزة”، ورغم أن المنطق يقول إن تقديم الإضافة مع فريق مُتوج بالثلاثية هو أمر مستحيل عملياً، لأن أفضل ما يمكن الوصول إليه قد حدث بالفعل، إلا أن المدرب الإسباني وافق في الأخير على قيادة سفينة النادي البافاري.

تجربة جوارديولا مع بايرن ميونخ عموماً توصف بالمُحبطة، لأن أفضل ما يمكن أن يحققه الإسباني هو معادلة إنجاز يوب هاينكس من خلال التتويج بالثلاثية التاريخية، التي لم يسبق لأي فريق أن فاز بها مرتين متتاليتين.

أموال مانشستر سيتي:

منذ رحيله إلى مانشستر سيتي، بات جوارديولا متهماً بصرف ملايين اليوروهات للتعاقد مع أجود اللاعبين في العالم، وهو بدوره كلام مجرّد من المنطق ولا يُعبر عن الحقيقة كاملة.

فمانشستر سيتي نادٍ اعتاد على دفع الأموال الطائلة في سوق الانتقالات منذ بداية العقد الجديد، ما يعني أن صرف تلك المليارات لا علاقة له بجوارديولا، كما أن هذا الأخير اعتاد على اللجوء للاعبي المدرسة وهو أمر تجلى أكثر في فترته مع برشلونة وأيضاً أثناء قيادته لبايرن ميونخ.

بالإضافة إلى هذا، فإن بيب جوارديولا لا ينفق تلك الأموال على ليونيل ميسي أو كريستيانو رونالدو مثلاً، بل على لاعبين يخدمون أسلوبه الهجومي، وهو ما يدفع إدارة مانشستر سيتي لصرف مبالغ كبيرة من أجل ضمان إغلاق تلك الصفقات بسرعة، حتى يتمكن هؤلاء اللاعبون من المشاركة في الفترات التحضيرية والجولات الصيفية استعداداً لبداية الموسم.

ببساطة، لا يزال جوارديولا يدفع ضريبة نجاحه المدوي رفقة برشلونة، لأن الجميع ينتظر منه نجاحاً مُماثلاً وبنفس البريق حتى يُثبت لهم أن الأول لم يكن وليد الصدفة والظروف، لكن الواقع يقول: “البداية من القمة، تجعل التطور يكاد أن يكون مستحيلاً”.