هاري كين - توتنهام - الدوري الإنجليزي

سبورت 360 – “بهذه الأسعار، ومعاناة الأندية خلال جائحة كورونا، لن نستطيع التعاقد مع أي مهاجم هذا الصيف” هكذا حاول بيب جوارديولا إبعاد الأنظار عن سعيه وراء التعاقد مع هاري كين مهاجم توتنهام هوتسبير، لكن بعد أسابيع قليلة بدأت الصحف تتداول أنباء شبه مؤكدة عن تقدم مانشستر سيتي بعدة عروض للتعاقد مع كين، على عكس ما صرح به المدرب الكتالوني.

ورغم أن هاري كين قرر البقاء في توتنهام هوتسبير في الصيف الماضي، لكن ما زال الكلام جاري عن انتقاله إلى السيتي خلال فترة الانتقالات الشتوية القادمة بسبب تراجع مستواه الفني، حيث سجل خلال الموسم الحالي هدف واحد فقط في 10 مباريات خاضها من الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما تم تفسيره بأنه غير سعيد ضمن صفوف توتنهام.

رغم ذلك، تسأل الجماهير أنفسها بين الحين والآخر، هل يستطيع هاري كين النجاح مع مانشستر سيتي؟

في الحقيقة هذا السؤال لم يكن سيطرح لو أن كين سينتقل لأي نادي آخر غير السيتي، لكن لأن بيب جوارديولا مدرب له مواصفات خاصة في لعب كرة القدم، ويطلب الكثير من المهام من المهاجمين، فيصبح طرح هكذا تساؤل أكثر إلحاحًا.

لنتريث قليلًا هنا، ولننظر إلى الصورة الأكثر شمولية من بعيد، حينها سنعرف بأن القلق من فكر بيب جوارديولا، وهل سيستطيع هاري كين التأقلم معه، ليس سوى مجرد هواجس غير واقعية، بل لا تعطي المدرب الإسباني حقه.

شاهد أيضًا

جوارديولا سبق أن عمل في برشلونة وبايرن ميونخ قبل مجيئه إلى مانشستر سيتي، وخلال هذه التجارب نجد أن صامويل إيتو نجح معه بشكلٍ هائل في موسمه الأول، وحتى زلاتان إبراهيموفيتش في موسمه الثاني لم يكن سيفشل لولا تواجد ليونيل ميسي الاستثنائي، الذي كان يرغب الفيلسوف في وضعه بمركز رأس الحربة الوهمي، وهو ما أجبره على تعديل أدوار إبراهيموفيتش.

لكن هذا اللاعب _وأقصد ميسي_ غير موجود في السيتي اليوم، وهو ما يجعلنا نتوقع ألا يقوم بيب بتعديل الكثير من الأمور في مركز هاري كين، صحيح أنه سيبقى هناك متطلبات إضافية من المهاجم، إلا أنه سيبقى المهاجم الأول في الفريق، على الأقل تجربة روبرت ليفاندوفسكي مع بايرن جوارديولا تؤكد لنا ذلك بشكلٍ قاطع.

من هنا نستطيع تفكيك أول لغز، فمسألة المبالغة بالوقوف على أفكار جوارديولا، وأنه لا يحب مركز رأس الحربة غير حقيقية، فالإسباني له متطلبات خاصة، لكنه حتمًا سبق له العمل مع هذا المركز وحقق نجاحات هائلة.

هاري كين المهاجم المثالي لأداء مانشستر سيتي

في ذات الوقت، نعلم أن هاري كين تطور مستواه موسمًا تلو الآخر، بداياته كانت مع ماوريسيو بوتشيتينو الذي وصل إلى النادي اللندني، فوجد شاب يافع نحيل، ويملك القدرة على وضع توتنهام في مكانة مختلفة تمامًا عما سبقه، فما كان منه إلا أن منح هذا الشاب فرص أكثر للعب، لينفجر بشكلٍ حقيقي موسم 2014 – 2015 مسجلًا 31 هدفًا في جميع البطولات رغم أنه كان في سن 21 عامًا فقط.

انطلاقة كين المرعبة في الدوري الإنجليزي لم تتوقف، وتواصلت للمواسم التالية، لكن ما تغير حقًا هو أن هذا الرجل لا يتوقف عن التعلم، والتطور، مهما حقق من نجاحات فردية، وهو أمر يثير التفاؤل قبل تجربته مع جوارديولا.

مع بوتشيتينو كان هاري كين له أدوار جيدة في البناء مع الفريق، لكن مع مجيء جوزيه مورينيو، استخدمه الأخير بأدوار أكثر أهمية، حيث أصبح هو قائد الفريق في البناء الهجومي الفعال والسريع، فتحول من رأس حربة هدفه إنهاء الهجمات، إلى لاعب مركز 9.5 تقريبًا، يجيد الجمع بين أدوار صانع الألعاب، والهداف على حدٍ سواء.

الأرقام تؤكد هذه الحقيقة، فمثلًا لو عدنا إلى موسم 2018 – 2019 لوجدنا أن كين صنع 4 أهداف فقط لزملائه في الدوري الإنجليزي، لكنه صنع الموسم الماضي 14 هدفًا كأفضل صانع أهداف في البطولة، بل أنه أصبح يصنع فرصة ونصف تقريبًا كل مباراة لزملائه، بينما كان يصنع فرصة واحدة كمعدل كل مباراة.

تطور كين من ناحية اللعب خارج الصندوق، وتحسنه الواضح في قيادة هجمات توتنهام وإنهائها على حدٍ سواء، أمر يؤكد بأن الرجل قادر على التكيف مع طلبات جوارديولا، سواء من الحركة خارج الصندوق، أو الضغط الفعال على المنافس، أو التوجه للأطراف وتبادل المراكز مع فودين ورياض محرز على سبيل المثال.

يمكن القول بأن جوارديولا سيجد ضالته في كين، لاعب هداف من الطراز الرفيع، بل ورجل فعال في التحرك والتمرير الحاسم، وهو ما دفع جوارديولا للقول عنه في أحد المرات “إنه لاعب استثنائي، إنه يملك كل شيء، التحرك واللعب بكلتا القدمين، إنه بارع بالاحتفاظ بالكرة وإنهاء الهجمات، إنه مهاجم عصري”.

يبقى الجزم القاطع بنجاح كين مع مانشستر سيتي أمر لا يمكن أحد قوله، لكن حتمًا التخوف من ذلك أمر غير منطقي أيضًا.