ليونيل ميسي

موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

يهمك أيضاً:

هل غادر بوتشيتينو حقاً يا مورينيو أم ما زال في توتنهام؟

ظهر يوسف الثنيان، قائد الهلال سابقاً، خلال الأسبوع الجاري بمباراة اعتزال المهاجم السعودي السابق ياسر القحطاني، وتداولت الجماهيرالرياضية لمسات “أبو يعقوب” حيث أبدوا إعجابهم باللمسات التي قدمها، واتفقت فئة عريضة من المتابعين على مقولة “الموهبة لا تموت ولا تشيخ”.

وشكلت هذه اللمسات، سطحاً طفت عليه عدة تغريدات ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشار بعض المتتبعين إلى أن موهبة يوسف الثنيان تتفوق على مهارة ليونيل ميسي، نجم برشلونة، والفائز بالكرة الذهبية السادسة، يوم الاثنين الماضي.

وذهب البعض إلى التأكيد، على أن ليونيل ميسي يطبق مهارات يوسف الثنيان، مشيرين إلى أن نجم الهلال السابق لو كان موجوداً في هذا العصر لكان من أوائل اللاعبين في العالم.

موهبة لا تُخطئها العين:

ليس خفياً على أحد أن موهبة ميسي ظهرت للعيان في وقت مبكر، حيث التقطه رادار برشلونة ومنحه فرصة اللعب في أوروبا رغم أنه كان يعاني من مشاكل هرمونية، مما جعله يتمتع بقامة صغيرة للغاية منعته من النمو كالأطفال الآخرين.

ويُمكن أن يُعزى جزء من موهبة ميسي إلى جوانب خارجية مثل استقراره العائلي وتواضعه وهدوئه، والجزء الآخر إلى قدرته على المراوغة منقطعة النظير، إذ غالباً ما يتعدى البولجا بشكل ذكي دفاعات خصومه عن طريق فتح المساحات خلفهم خلال المراوغة السريعة، وفي هذه المساحة الفارغة يكفي البرغوث ثوانٍ قليلة لكي يبحث عن زميله في الفريق ويمرر له.

81E81F24-46F4-490E-9E1D-B9ACFA7EB8BF

تحركه المميز هو الطُعم الذي يصطاد به منافسيه، وهي حركة يقوم فيها بأداء دوران وتحول الكرة بسرعة إلى الساق الأخرى بحيث أن الخصم يُخطئ في قراءة الحركة، ويتخذ الاتجاه الخاطئ ويسقط على الأرض بسبب جموده.

الموهبة والموهوب في كرة القدم:

بعيداً عن السخافات التي تُقال عن ميسي، يمكننا تعريف الموهبة بأنها تلك القدرة غير الطبيعية التي يتمتع بها الأشخاص الطبيعيين، ويولد الشخص بتلك الموهبة وتبدأ البيئة المحيطة به بملاحظتها في سن مبكرة، هذا إذا ما أتيحت له فرصة استعراضها، أما إذا ظلت مكبوتة، فهي تصبح والعدم سواء.

وهناك معايير عديدة للموهبة، فهناك من يعتبرها مجرد مراوغات، خاصة في البرازيل والأرجنتين، وباتت هي المعيار الأهم في الحكم على الموهوبين من تلك البقاع، وفي بلدان أخرى مثل إنجلترا فمعيار الموهبة هو قدرة اللاعب على كسب الالتحامات الثنائية لأن ذلك يُثبت رجولته، أما في إيطاليا فالموهبة ترتبط بالدفاع المستميت والعنفوان في التنفيذ، بينما في هولندا وإسبانيا يعتبر اللاعب موهوباً إذا كان قادراً على التحكم بالمساحات والتمريرات القصيرة.

مركز الثقل منخفض:

دعونا الآن نسبر أغوار الموهبة التي يتحلى بها ليونيل ميسي، فإذا استندنا على بعض قوانين الفيزياء، فإننا نجد أنه عندما تعمل قوة الجاذبية على الجسم تجذب كل جسيم مكوّن لهذا الجسم نحو الأرض، والقوة الناتجة تسمى وزن الجسم، وتُعرف النقطة الافتراضية التي يتركز فيها وزن الجسم على أنها “مركز ثقل الجسم”.

مركز ثقل الجسم هي نقطة يتم فيها توازن كل الأوزان الفردية، وهي غير ثابتة وتختلف باختلاف هذه الأوزان داخل الجسم، بالنسبة إلى الأجسام المثالية تكمن هذه النقطة في المركز، لكن تعمل الجاذبية بطرق أكثر تعقيداً مع تغيّر شكل الجسم.

وبالنسبة للإنسان، يتركز مركز ثقل الجسم حول الخصر، وتقول إحدى الدراسات المهمة أنه أقل بالنسبة للناس الأقصر وأعلى بالنسبة للناس الأطول.

ويرتبط مركز ثقل الشخص ارتباطاً وثيقاً بالتوازن والاستقرار. تخيّل أثناء انحناء رأسك تدريجياً نحو الأرض؛ في كل خطوة من الميلان إلى الأمام يتحول مركز ثقل الجسم إلى أعلى “حيث يزيد الوزن”، فإن انسحاب الجاذبية لهذه النقطة الجديدة سيكون بمثابة عزم الدوران، مما يجبرك على السقوط.

GettyImages-1147618701

وتعتمد قوة الهبوط على المسافة بين هذه النقطة الجديدة والمركز الأصلي للجاذبية، ويعني هذا أن الأشخاص الأطول سيجدون صعوبة في التوازن عندما يواجهون العديد من الدفعات، وعلى العكس بالنسبة للأشخاص الأقصر حيث يكون توازنهم أكثر صعوبة في التعطل.

وبالعودة إلى ميسي، ربما الآن يمكننا أن نفهم لماذا يتمكن ميسي من البقاء على قدميه عندما يحاول مراوغة المدافعين الذين يحاولون عرقلته، إذ تسمح له نقطة مركز الثقل المنخفضة أن يتباطأ ويتسارع بشكل ديناميكي سهل.

ومن الغباء أن يُقال إن ميسي يُطبق مهارات لاعب آخر مهما كان اسمه، وأن موهبته محض تقليد، لأنه غير عادل بالمقارنة مع سنوات التدريب الكثيفة التي قام بها البولجا خلال فترة مراهقته.

وما يجعل ميسي فريداً في عالم كرة القدم، هو المزيج القاتل من القدرة على التحمل والسرعة، إذ إن تقليب الكرة يرفع بشكل كبير من تكلفة الطاقة ومجهود الحركة، بالإضافة إلى أنه يزيد لاكتات الدم عند القيام به بسرعات عالية، وهو ما يساعده على التباطؤ والتسارع لتنفيذ مهاراته، “التي يتعلمها من الثنيان”!