ميسي ورودريجو جوس

موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

غرق عشاق كرة القدم في بحرٍ من المقارنات بين نجوم الساحرة المستديرة، فكلما بزغ نجم جديد في سماء اللعبة الأشهر، إلا وتتهافت وسائل الإعلام والجماهير وأحياناً المدربون على تشبيه موهبةٍ جديدةٍ صاعدة بقوة الصاروخ، بأسطورة أخرى صالت وجالت، وحفرت اسمها في سجلات التاريخ.

وفي الفترة الأخيرة، زادت التشبيهات بين رودريجو جوس الصاعد بقوة الصاروخ رفقة نادي ريال مدريد، مع ليونيل ميسي، أيقونة برشلونة وأحد أفضل اللاعبين على مدار التاريخ.

وبدأ الإعلام المدريدي في تشبيه الموهوب البرازيلي بميسي، ففي برنامج “التشيرينجيتو” الإسباني، قال الصحفي ألفريدو دورو: “مقارنة رودريجو مع أنسو فاتي؟ دعونا نقارن رودريجو مع ميسي”.

ثقب ميسي الأسود:

يقول علماء الفيزياء إن الثقب الأسود هو جزء من الزمكان ولكنه ملتوٍ بصورة هائلة، وعندما تكون الجاذبية شديدة بشكلٍ هائل، فلا يمكن لأي شيء الهروب من قبضته، حتى لو تعلق الأمر بالضوء والغازات والتراب والنجوم.

ميسي يُشبه الثقب الأسود تماماً، فكلما اقترب منه أي نجم صاعد إلا واختفى وصار في طي النسيان، وهناك عدة لاعبين ابتعدوا عن الأضواء تدريجياً بعدما تم تشبيههم بقائد منتخب الأرجنتين.

GettyImages-1186583177 (1)

وباءت جميع محاولات استنساخ “ميسي جديد” بالفشل، ورغم ذلك، ظل الجميع يطارد هوس البحث عن خليفة البولجا دون وعي، حتى طالت القائمة عدة مواهب شابة، وما عليك سوى الذهاب إلى محرك البحث جوجل وكتابة: خليفة ميسي.

قنبلة أخرى تستعد للانفجار:

في عام 1939، تعاون العالم الألماني الأصل، ألبرت آينشتاين مع عدة فيزيائيين آخرين، في كتابة رسالة إلى الرئيس الأميركي، فرانكلين روزفلت، محذراً إياه من إمكانية صنع قنبلة نووية، ولافتاً إلى أن الحكومة الألمانية قد شرعت في صناعتها.

والرسالة التي حملت توقيع آينشتاين، ساعدت على إسراع حكومة الولايات المتحدة في إطلاق مشروع “مانهاتن” الذي يتضمن البحث والتطوير بغرض إنتاج الأسلحة النووية لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية.

واستمر مشروع مانهاتن في صناعة الأسلحة النووية، خاصةً وأن رغبة الولايات المتحدة بالانتصار في الحرب العالمية الثانية، تحولت إلى الرغبة في الهيمنة واكتساح الجميع، من خلال امتلاك ما لا يمتلكه الخصوم والأعداء، وإذا انتقلنا من عالم الحروب إلى عالم كرة القدم، فالقاعدة لا تتغير كثيراً.

وسار برشلونة على نهج الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قذف النادي الكتالوني خصومه بميسي آخر، مثلما قذف روزفلت مدينتي ناكازاكي وهيروشيما بالقنابل النووية، وكان سعيد الحظ هو بويان كريكيتش، الذي انضم لأكاديمية اللاماسيا عندما كان في التاسعة من العمر.

لكن كريكيتش كان أول ضحية للعنة ميسي، وعوض أن ينفجر في وجه الخصوم انفجر في وجه مسؤولي برشلونة، ودق اللاعب الإسباني آخر مسمار في نعش مسيرته بالانضمام إلى نادي مونتريال إمباكت الكندي المشارك في الدوري الأمريكي، بعد أن كان لاعباً في ستوك سيتي الإنجليزي.

ميسي-يسدد

وتضم قائمة ضحايا ميسي أسماءً عديدة، مثل باولو ديبالا نجم يوفنتوس، ثم الجناح التركي الأعسر لنادي روما، جينكيز أوندير، والذي قدم مستويات لافتة في حقبة المدرب دي فرانشيسكو، ثم الكوري الجنوبي سونج وو لي، والذي تدرج في اللاماسيا ثم رحل صوب نادي هيلاس فيرونا الإيطالي.

ويظهر في القائمة أيضاً، ماريو جوتزه وماركو أسينسيو، وتشافي سيمونز، أحد أشهر اللاعبين في عمره، وفينيسيوس جونيور وتاكيفوسا كوبو الذي تتلمذ في أكاديمية لامسيا قبل انتقاله إلى ريال مدريد خلال الصيف الماضي.

ولم يُدرك أحد حتى الآن خطورة اللعب بالنار، عفواً، اللعب بالنووي ميسي، فإذا لم يتحمل رودريجو جوس هذه المقارنات والتشبيهات، فإن عملية تجهيزه ليكون نجماً عالمياً، ستتحول إلى تجربة تنفجر في وجه صاحبها كما حدث في مفاعل تشيرنوبل.