“البساطة هي نهاية المطاف للسفسطائيين”  – ليوناردو دا فينتشي .

في الوقتِ الذي كانت إحدى المعاركِ في تاريخِ البشريةِ بشكلٍ عام ، هي تلك المعركة الحميمة بين البساطةِ والتعقيد ، بين التركيز على التفاصيل و عدم الاكتراث لكل شاردة وواردة في فهم الأشياء، كان للفلسفة الدور الأكبر للإجابة عن هاته الأسئلة . ولأنّ كرةَ القدمِ علمٌ غيرَ مكتملِ الأضلاعِ ، يحمل في طياته فلسفةً خاصةً به تتأثر بمفاهيم أعمّ وأشمل .. كان لابد وأن تُسقَطُ تلك المعارك على ساحته .

إنَّ فلسفةَ البساطة والتعقيد تحمل مفاهيماً غير دقيقة عند متابعي كرة القدم العوام ، فالتعقيد مثلاً ليس الغاية من التكتيك وإنّما هو اسلوبٌ مكافئٌ لقدراتِ اللاعبين في الفريق ، و منحنى التعقيد يزداد بازياد محدودية قدرات اللاعبين ، هكذا يتم تفصيل ومعالجة الامور بشكل عام قبل التخطيط لاي مباراة من اي مدرب.

ولأنّ لكل قاعدة شواذها ، فمن الممكن أن نرى مدرباً يعشق التفاصيل ولو كان لاعبو فريقه كنزاً من القدرات الفنية (التكنيك والتكتيك)  .. بيب غوارديولا على سبيل المثال وغيرها .. هؤلاء هم المجاذيب في عالم التدريب ، انجازاتهم جمّة وأساليبهم متنوعة .. ولكن لا يعني ذلك أنّهم الصواب المطلق ،  ففي عالم كرة القدم تتنوع الطرق الصحيحة .. فليس هناك طريق واحد ، بل هناك أبواب كثر للنجاح .

“في 4 يناير اتخذ فلورينتينو بيريث  أجرأ خطوة منذ زمن طويل ، منذ إعلانه الترشح لرئاسة ريال مدريد مرة أخرى عام 2000  بعد فشله قبلها بخمس سنوات امام امام رامون ميندوزا وبتلك الوعود المجنونة التي قدّمها للهيئة العامة ، أعلن فلورينتينو ان زين الدين زيدان أصبح مدرباً رسميا للفريق الأول . قرار غير متوقع  سيسفر فيما بعد عن أكبر انقلاب في تاريخ ريال مدريد منذ ال 1989 .

زيدان عندما كان لاعباً كان يعرف بأنه أسطورة السهل الممتنع ، كان ذلك الشخص الذي يفعل أسهل شيء عندما تنظر اليه .. وأصعب شيء ممكن على لاعب كرة القدم .. لم يختلف كثيراً لما أصبح مدرباً ، زيدان وبفريقٍ أوشك على الموت أصبح بطلاً لدوري الأبطال.”

“يقول زيدان بعد تتويجه بطلا لأوروبا رفقة فريقه : إن كنت محظوظاً فأنا محظوظ بامتلاك هؤلاء اللاعبين ، لن نحقق الفوز إلا بمشاركة جميع اللاعبين .

يدرك زيدان تماماً ان فريقه يضم أفضل العناصر في العالم ، وأن سبب فشل مدربٍ مثل رافا بينيتيز كان بسبب التفاصيل الكثيرة التي أعطاها للنجوم وأنّه ركز على أدق التفاصيل .. اللاعب النجم لا يحب ذلك وسواء أكان هذا الشيء سلبياً ام ايجابياً  .. على زيدان التعامل معه تحت أي ظرف .

لدى زيدان كاريزما خاصة تجعله على الدوام قريباً من قلوب المتابعين واللاعبين ، نجح سريعا بكسب صف اللاعبين والإدارة .. وخلق فريقاً لا يهزم بأقل من سنة واحدة ، يشارك كل لاعبيه لإطلاق الحدث ولا يؤثر غياب أي أحد منهم على قوة الفريق بشكل عام”

إن زيدان بشكل أو بآخر هو أول من أدخل البراغماتية إلى عالم التدريب ، فأصبح يبحث عن مصلحة فريقه بالفوز أو الخسارة ويلعب قريباً منها .. لا يجازف كثيرا وليس مضطرا لأن يخترع أسلوباً جديدا . يفوز دائماً ويمتلك فريقاً  كل لاعب فيه يشعر بأهميته .

نجوميته كلاعب كان لها الكلمة الأكبر في مسيرته كمدرب –الى الان- فلا يميل زيزو كثيرا للتعقيد الّا اذا احتاج الامر ، فشاهدنا ريال مدريد يميل إلى التحرك والضغط واللعب بأسلوب واحد طيلة مباريات كثيرة لربما احتاجت إلى ذلك ، كما أنه يدرك تماماً أن الطريق لكسب ودّ اللاعب هو ان تشعره بأهميته وأن يشارك باستمرار ، حتى يصبح فريقك كتلة واحدة نفسيا وذهنياً وفنياً حتى ..

Real-Madrid-CF-v-Athletic-Club-La-Liga

رغم كل هذا .. أسلوب الفريق بشكل عام هو الانسيابية واللعب المباشر والبحث عن المرمى والاستحواذ قدر المستطاع ، ويتباين هذا الأمر وفقاً للخصم الذي يواجه الفريق ..

يتباين وفقا للسؤال المطروح على طاولة زيدان وفقا للمعطيات المطروحة .

مهما كان السؤال التكتيكي  الذي طُرِح على ريال مدريد فإن زيدان على الأقل لم يفشل

بالإجابة عنه -الى الان- وبأقل الادوات “التكتيكية” ،  هذا سيقودنا لأن نعرف  أن أقل الأدوات هاته .. هي الإجابة على كل الأسئلة  !! .. وان خير جواب على أعقد سؤال تكتيكي .. هو أبسط تكتيك .. هذا هو جواب زيدان  -مؤسس مذهب البراغماتية في كرة القدم- .