رغم النجاحات التي حققها نادي برشلونة منذ منتصف العقد الماضي وحتى اللحظة إلا أن سياسته في سوق الانتقالات بقيت محل جدل كبير حتى مع  احتوائها على صفقات كبيرة غيرت من تاريخ النادي في بعض الأحيان.وقد تزايدت هذه الانتقالات كثيراً بعد العام 2015 وهو آخر عام نجح فيه البرشا في الحصول على لقب دوري أبطال أوروبا….فلماذا هذا التقلب في سوق الانتقالات ؟ وكيف يؤثر وسيؤثر على برشلونة وماهو المتوقع مستقبلاً ؟

تاريخ متقلب

رغم أن التركيز كبير على آخر خمس سنوات لكونها الأوضح والأقرب إلا أن البرشا كما أسلفنا عانى من تاريخ متقلب مع سوق الانتقالات . فمن نجاح كبير مع رونالدينيو وديكو في إلى فشل في صفقة زلاتان وتشيجرينسكي أيام لابورتا . ليتكرر الأمر بعد عام 2012 حيث نجحت صفقات نيمار وسواريز وراكيتيتش في حين فشلت أخرى وأشهرها كوتينيو ومالكولم حيث يبدو أن دي يونج وجريزمان وأرثور ” معظمها جاء بعد العام 2015 على الطريق للانضمام إلى القائمة.

لماذا هذا التقلب بين نجاح وإخفاق

المسألة مرتبطة بثلاثة أسباب وهي الفلسفة، الرؤية ، ليونيل ميسي والحرس القديم

الفلسفة :

برشلونة لديه فلسفة واضحة منذ أيام يوهان كرويف الذي رسخ أسس الأسلوب الذي يتم اللعب فيه الآن. وهي فلسفة تحتاج لسنوات ليتشربها اللاعب ويعتاد عليها . وبالتالي ليس من السهل إطلاقاً على الوافد الجديد التأقلم معها فمن الطبيعي أن نشهد تفاوتاً كبيراً في نجاح القادمين في التأقلم مع الفلسفة الكرويفية رغم انها تعدلت كثيراً لكنها بقيت الأساس في هوية برشلونة الكروية .

يوهان كرويف (Getty Images)

يوهان كرويف (Getty Images)

الرؤية :

اختلفت الرؤية بين الإدارات ، ففي أيام لابورتا وجوارديولا كان هناك دعم غير محدود للاعبي اللاماسيا وأعطيت لهم الأولوية ليكونوا ضمن التشكيلة الأساسية. أما في عهد روسيل وبارتوميو فقد تم التحرك إلى الخارج وإبرام صفقات كبرى بمجرد أن تباطأ إنتاج اللاماسيا للاعبين بدلاً من أنفاق الأموال عليها وعلى عملية اكتشاف المواهب. الاتجاه نحو الخارج سيعني بالضرورة زيادة احتمال الحصول على لاعبين غير متأقلمين مع أسلوب لعب الفريق وبالتالي تخبط أكبر في سوق الانتقالات.

روسيل وبارتوميو

روسيل وبارتوميو (Getty Images)

ميسي والحرس القديم

عندما تملك لاعباً ظاهرة مثل ميسي فإنه عليك أن تبني الفريق حوله. فبالتالي فإن التشكيلة المحيطة به يجب أن تعرف كيف تلعب معه أو بوجوده وليس العكس . هذا الأمر أيضاً يصعب على الصفقات الجديدة لأنك إما أن تعرف أن تلعب مع ميسي وبوجود أو لا ووقتها سيتم الاستغناء عنك ووضعك على مقاعد الاحتياط . وكم من مرة رأينا تشكيلات نجحت (نسبياً ) بعدم وجود ميسي لكونها بنيت بناء على قدرات اللاعبين الموجودين وليس بناء على ملائمتها للعب مع ميسي أو عدمه .

أما الحرس القديم فهي تعني تفضيل اللاعبين القدماء على اللعب في مراكزهم الأصلية أكثر من الوافدين الجدد . ففي مركز الارتكاز مثلاً بوسكيتس هو المفضل وليس عن دي يونج على سبيل المثال وهو الأمر الذي يجبر الهولندي على اللعب في مركز آخر. وبالتالي يخفف من تألقه ويجبر لاعباً آخر في اللعب خارج مركزه أيضاً وهو أرثور. مسألة اللعب خارج المركز تحدث مع جريزمان أيضاً حيث أجبر على اللعب بغير الجهة اليمنى وهي جهة الليو المفضلة . وهو أمر وإن كنا نفهمه لكنه يبقى جزءاً من الحالة التي ارتفاع احتمال عدم تأقلم الصفقات الجديدة مع الفريق.

ميسي وبوسكيتس (Getty Images)

ميسي وبوسكيتس (Getty Images)

السيناريوهات المتوقعة

ما الذي سيحدث في برشلونة وكيف سيكون شكل سياسة الانتقالات مرتبط بشكل كبير بالانتخابات القادمة ومن هو الرئيس القادم . فإن كان برؤية لابورتا المصبوغة بالطابع القومي لكاتالونيا فإننا سنرى تركيزاً على أبناء النادي والمقاطعة مع التطعيم بصفقات محدودة لكن قوية بنفس الأسلوب الذي كان مطبقاً منذ عام 2003 حتى 2009 . لكننا هنا سنعود إلى فكرة تراكم الديون التي رافقت فترة لابورتا حيث كان التركيز على إعلان شأن النادي رياضياً (لدعم كاتالونيا كإقليم ومقاطعة وحتى دولة ) مع إهمال الشؤون المالية .

أما في حال جاء شخص مشابه لأسلوب تفكير بارتوميو وروسيل والذي يعتمد على ” تدويل النادي ” أو جعله عالمياً بأسلوب ريال مدريد فإن النادي سيستمر في التراجع على صعيد تخريج المواهب وسيبقى يعتمد على اللاعبين القادمين من الخارج . وبقدر ما سيفتح هذا النهج إمكانات استثمارية إلا أنه سيكون مرتبطاً دائماً بسوق انتقالات قوية ومدير رياضي مميز يقودها مع مدرب منسجم معه.

خوان لابورتا عندما كان رئيساً لبرشلونة (Getty Images)

خوان لابورتا عندما كان رئيساً لبرشلونة (Getty Images)

الحل الأفضل …التوازن

أفضل السيناريوهات لبرشلونة هو إدارة تحقق التوازن ما بين الجانب الرياضي والمالي. إدارة تفهم بأن برشلونة لم يعد نادياً كتالونياً وحسب بل عالمياً . إلا أنه له خصوصية لأنه يمثل إقليماً ويقدم كرة بتقاليد مميزة . وعلى هذا الأساس يختار الفريق الذي سيقود النادي من مدرب ومدير رياضي ولاعبين وبناء عليه يتم تخطيط الفريق بعيداً عن أي محاباة أو عواطف . تخطيط يضع اقتراب رحيل ليونيل ميسي كمسألة قادمة قريباً لا محالة ويتم التخطيط لمرحلة ما بعد ميسي خلال تواجده مع الفريق….بالمختصر هي مرتبطة بقدوم رئيس يعرف تماماً كيف يحقق التوازن في استراتيجية النادي سواء الرياضية منها أم المالية.