موقع سبورت 360 – قد تعصف الانتخابات برئيس النادي، أو يرحل أفضل لاعبه، ومن المُمكن أن يتغير المدرب، أو يتعرض المسؤولون للإقالات، ورغم تتابع الأعوام وتغير ظروف اللعبة وظهور مسابقات جديدة واختفاء أخرى، يبقى شيء واحد في كرة القدم لا يتعدل بسهولة ألا وهو “هوية الفريق”.

ويُعد برشلونة من أبرز الأندية التي تعتمد على لاعبي الأكاديمية، وتحاول صقل موهبتهم من أجل تصعيدهم للفريق الأول، ولكن الأعوام الأخيرة أظهرت تغيراً واضحاً في هوية الفريق الكتالوني بصورة ملحوظة وجلية.

ونرصد معكم في هذا التقرير، رحلة أكاديمية برشلونة “لاماسيا” من مصنع للنجوم إلى سوق لبيع اللاعبين وعدم الاستفادة منهم:

يوم تاريخي:

يبقى يوم 25 نوفمبر 2012، يوماً تاريخياً بالنسبة لبرشلونة، ليس لأن الفريق حصد بطولة مرموقة أو فاز على غريمه ريال مدريد، في كلاسيكو شهير، ولكن لأن البارسا خاض مباراة ضد ليفانتي بتشكيل مكون بالكامل من خريجي أكاديمية الفريق (لا ماسيا) لأول مرة في تاريخ النادي.

المباراة وقتها شهدت؛ مشاركة فيكتور فالديز ومارتن مونتويا وجوردي ألبا وجيرارد بيكيه وكارليس بويول وتشافي هيرنانديز وسيرجيو بوسكيتس وأندريس إنييستا وسيسك فابريجاس وبيدرو رودريجيز وليونيل ميسي، في التشكيل الأساسي، ليرسم ملمحاً من سر تفوق النادي الكتالوني في تلك السنوات.

منجم طافح بالمواهب:

لطالما عزي نجاح برشلونة في العقد الأخير إلى مدرسة ناشئيه لاماسيا، والتي أنجبت مجموعة من الأفذاذ في عالم كرة القدم، انفجروا في القرن الحادي والعشرين على وجه الخصوص.

GettyImages-129752241 (1)

وحينما أتى الهولندي يوهان كرويف إلى برشلونة، كانت أكاديمية اللاماسيا، وتعني المنزل الريفي باللغة الكتالونية، نادياً اجتماعياً لم يحظَ بالأهمية، لكن الأب الروحي للبارسا شدد على ضرورة الاعتناء بها وتحويلها لأكاديمية لاكتشاف المواهب.

وبالفعل تمكن من ذلك، وأخرج عدداً من اللاعبين الذين انضموا للفريق الأول بعد ذلك وساهموا بصورة واضحة وجلية في تألق الجيل الذهبي بين 2008 و2012، وحتى مدربهم، بيب جوارديولا، تخرج فيها أيضاً.

نقطة التحول:

في موسم 2014/2013 خسر برشلونة كل البطولات التي نافس عليها وخرج بخفي حنين لأول مرة منذ 2008/2007 لتبدأ إدارة ساندرو روسيل (ومساعده جوسيب ماريا بارتوميو) في التفكير بعيداً عن أكاديمية اللاماسيا وبالتحديد نحو استقدام لاعبين جاهزين يستطيعون إعادة الفريق للبطولات.

وتعاقد حينها برشلونة مع لويس سواريز من ليفربول وإيفان راكيتيتش من إشبيلية، كما استقطب النادي لاعبين متواضعين أمثال جيريمي ماثيو وتوماس فيرمايلن.

ومع بداية موسم 2014/2015، اعتقد البعض أن عهد اللاماسيا الجديد بدأ بعد تسجيل منير الحدادي أول هدف له في الليجا، قبل أن يقتنص ساندرو راميريز بدوره هدفاً في الجولة الثانية بالليجا، إضافة لحصول سيرجي سامبر على فرصته للمشاركة وإظهار قدرات مميزة، لكن هذا الأمر لم يدُم طويلاً، ليأفل بريق هؤلاء بسرعة.

انهيار شبه تام:

ورغم الهيمة على البطولات المحلية، لكن التغيير في الهوية بدا واضحاً منذ نجاح جوسيب ماريا بارتوميو في انتخابات 2015، حيث أهمل الفريق الكتالوني اللاماسيا بصورة واضحة، وأصبحت الأكاديمية سوقاً لبيع اللاعبين لفرق أوروبا.

وصُقلت موهبة الياباني تاكيفوسا كوبو في “لاماسيا”، وذلك بعدما التقطته عيون كشافي المواهب في أكاديمية برشلونة، ليُسافر على إثرها إلى المدينة الكتالونية عام 2010 للانضمام إلى فرق الفئات العمرية في النادي، ويفوز معه بلقب أفضل لاعب ناشئ في بطولة ودية جرت في بلجيكا.

وراودت إدارة النادي الكتالوني أحلام كبيرة من أجل أن يصبح كوبو أحد الملهمين الجدد في مرحلة ما بعد ليونيل ميسي، لكن النادي لكنه غادر وعاد لليابان واختفى عن الأنظار الأوروبية تماما خلال السنوات الثلاث الماضية، قبل أن يخطفه ريال مدريد بمليوني يورو.

أما الضربة التي قصمت ظهر برشلونة، فكانت مساء أمس الثلاثاء، حينما غادر الموهوب تشافي سيمونز مدرسة لاماسيا لينضم إلى باريس سان جيرمان الفرنسي.

ويعتبر الهولندي الشاب، واحداً من أبرز المواهب القادمة بقوة في عالم كرة القدم، وكانت إدارة برشلونة تمني النفس بتطوره وتصعيده للفريق الأول في المستقبل القريب، خاصة وأنه يلعب بمركز الوسط، وهو المركز الذي يعاني فيه الفريق الكتالوني أيما معاناة.

وإلى جانب سيمونز وكوبو، نجد أن برشلونة تخلى عن العديد من اللاعبين الشباب في السنوات القليلة الماضية، حيث اعتمد النادي بشكل واضح على الصفقات، وإيجاد بديل لكل المراكز من خارج أسوار “لاماسيا” ولم تكن هذه الصفقات كافية والسبب جلي: “صعوبة التأقلم على فلسفة برشلونة”.