As

موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

أكرم نادي برشلونة ضيفه ليفربول الإنجليزي، وفاز عليه بثلاثة أهداف دون مقابل، مساء أمس الأربعاء، في اللقاء الذي جمعهما بمعقل البلاوجرانا “كامب نو”، ضمن جولة الذهاب للدور نصف النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا.

وشهدت المباراة تألق ليونيل ميسي الذي سجل هدفين متتاليين في الوقت الذي كان فيه ليفربول مسيطراً على اللقاء وقريباً من إدراك هدف التعادل، كما زوّد البولجا زملاءه بالعديد من التمريرات التي وضعتهم في وضعيات سانحة للتسجيل.

وكان الجميع متحمساً لمتابعة المواجهة الثنائية بين ليونيل ميسي وفيرجيل فان دايك، الذي فاز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، قبل أيام قليلة.

سخرية عارمة:

وواجه المدافع، البالغ من العمر 27 عاماً، عاصفة سخرية على المواقع الاجتماعية، بعدما رصدته عدسات التلفزيون يطلب “المساعدة” من أجل محاصرة البرغوث الأرجنتيني.

وفي الدقيقة الواحدة والثلاثين من عمر الشوط الأول، وجد فان دايك نفسه وجهاً لوجه أمام اللاعب الفذ، ولأنه يعلم أن مهمة إيقافه وخطف الكرة من رجليه ستكون “شبه مستحيلة”، فلم يجد حلاً غير استدعاء زميله أندرو روبرتسون، لمساعدته من أجل محاصرة مهاجم برشلونة.

وكانت التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي ساخرة من اللقطة، حيث أجمع المعلقون على أن العالم عرف حجم فان دايك بعد أن واجه ميسي وأن الوقوف أمام البولجا يتطلب شجاعة كبيرة، مشيرين إلى أن أفضل المدافعين في العالم لا يتمنون مواجهة أفضل لاعب في التاريخ خوفاً مما قد يفعله بهم.

ولم يتوقف الأمر عند الجماهير والمتابعين فقط، بل امتدت هذه السخرية لتشمل الصحف أيضاً، حيث كتبت صحيفة (فرانس فوتبول) الفرنسية، ما يلي: “فان دايك كان يتجنب في كثير من الأحيان مبارزة ميسي، مثل اللقطة التي كان ميسي فيها وحيداً على الجانب الأيمن حيث دعا الهولندي زملاءه لقطع الكرة”.

موضوع أخذ أكثر من حجمه:

الحقيقة التي لا تخفى على أحد، هي أن فان دايك لم يكن في أفضل حالاته بتاتاً أمام برشلونة، فالمدافع الهولندي الذي يظل أحد أفضل المدافعين في العالم – إن لم يكن أفضلهم – بدا وأن التوتر كان يشوب أداءه في جميع أطوار المباراة، وذلك بسبب تأثره بما جرى من حديث عنه وعن ميسي طوال الأسبوع المنصرم.

لكن دعونا نؤكد أن موضوع لقطة ميسي وفان دايك أصغر بكثير من إضاعة الوقت في الحديث عنه، فالمتابعين تركوا الموسم العظيم الذي قدمه الهولندي والتأثير الكبير الذي صنعه على المنظومة الدفاعية للريدز، وركزوا بالكامل على لقطة واجه فيها صاحب الـ27 عاماً أحد أعظم اللاعبين في التاريخ.. ودعونا لا ننسى أنّ الاستثناء مع ميسي أن تقطع منه الكرة لا أن يُراوغك!

من المعروف جداً أن الأفضلية في المواجهات الثنائية تكون للمهاجم الذي بحوزته الكرة، ومن المعروف أيضاً أن المدافع ينبغي عليه ألا يتهور في التدخل على المهاجمين المهاريين لأن هذا الأمر قد يتسبب له ولفريقه في متاعب كبيرة إن تمت مراوغته، فالمشكلة لا تكمن في المراوغة بحد ذاتها، بل في أنك ستمنح لخصمك فرصة الانطلاق نحو مرماك في مدة زمنية وجيزة، عِوَض أن تقف أمامه وتعطل فكر المهاجم إلى حين عودة زملائك والتزامهم بمراكزهم.

ومن يُتابع ليفربول أو المنتخب الهولندي هذا الموسم، فإنه سيُدرك تماماً أن هذا هو أسلوب فيرجيل فان دايك في التعامل مع المهاجمين، ومن بينهم اللاعب السريع كيليان مبابي في مسابقة دوري الأمم الأوروبية، فقد كان المهاجم الفرنسي في حالة انفراد صريحة مع فيرجيل فان دايك ليتراجع هذا الأخير بخطوات قليلة إلى الوراء مجبراً نجم باريس على توجيه الكرة نحو المناطق التي لا تتواجد فيها حلول كثيرة، ليفتك منه الكرة ببراعة.

في الأخير، لا يخفى على أحد أن فيرجيل فان دايك قدم مباراة غير موفقة، فالمدافع الهولندي يتحمل جزء اً كبيراً من هدف لويس سواريز، ليس فقط بابتعاده مترين عن جويل ماتيب، بل لأنه أيضاً كان في وضعية تسمح له برؤية تحرك المهاجم الأوروجوياني نحو التمريرة البينية (خاصة وأنه أشار لألبا بالتمرير له نحو المساحة الفارغة)، أما ارتماء أليسون للجهة اليسرى عوض الجهة اليمنى، فهذا موضوع آخر.