Getty

موقع سبورت 360 – ارتفعت حدة الأصوات المُطالبة برحيل إرنستو عن برشلونة منذ نهاية الموسم المنصرم، خاصة بعد الإقصاء المدوي الذي تعرض له الفريق في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام روما، والذي وُصف في كثير من المنابر الإعلامية بالكارثة.. وما زاد الطين بلة، هو تراجع المستوى الجمالي في أداء الفريق الكتالوني، وافتقاره للحلول الهجومية في العديد من المباريات هذا الموسم.

لكن إدارة برشلونة فاجأت الجميع، بإعلانها صباح اليوم الجمعة، عن تمديد عقد إرنستو فالفيردي لموسم إضافي، وهو ما يأتي ليُؤكد أن الجهاز الإداري يسبح في تيار معاكس لجماهير الفريق التي جشبت هذا القرار وامتعضت منه في منصات التواصل الاجتماعي.

لكن دعونا نستعرض معكم في موقع سبورت 360، أبرز الأسباب والعوامل التي أثارت غضب جماهير برشلونة بسبب فالفيردي:

الثقة الكبيرة:

من بين سلبيات إرنستو فالفيردي التي لطالما دفع الفريق الكتالوني ثمنها، نجد الثقة الكبيرة في اللاعبين الذين يعتمد عليهم بانتظام.. فهو على سبيل المثال لا الحصر يعتقد أن ليونيل ميسي ولويس سواريز (بدرجة أقل) قادران على قيادة الفريق نحو الفوز في كل مباراة وتحت كل الظروف، وهو أمر تطور مع مرور الوقت ليُصبح الفريق بحلول هجومية قليلة.

وبغض النظر عن ذلك المثال، فإنك تجد فالفيردي يُنيط مهاماً قد تفوق مؤهلات لاعبيه اعتقاداً منه بأنهم قادرون على تلبية طلباته مهما كان حجمها.. الأمر تكرر بالتحديد مع فيليب كوتينيو وراكتيتش، فالأول ظهر بصورة سيئة جداً بعد أن أصبح يؤدي أدواراً دفاعية في الضغط والركض بدون كرة، أما الكرواتي فقد تآكل مع مرور الوقت بعد أن استنزفه “النملة” في كثرة المهام الدفاعية والهجومية التي يُعطيه إياها.

وضع الثقة في اللاعبين أمر جيد، لكن الاعتماد عليهم بشكل مبالغ فيه والاعتقاد أن كل لاعبيه هم الأفضل في العالم (كما يصرح بذلك في كثير من خرجاته الإعلامية) أمر سلبي جداً، وانعكس سلباً على خياراته وأحياناً على طريقة إداراته للمباريات.

العناد والمكابرة:

من الأمور التي قد تُغيض عشاق برشلونة بخصوص فالفيردي، هي تماديه في الأخطاء التي يرتكبها، وأحياناً أشعر شخصياً وأنه يُحاول معاندة الجماهير التي تنتقده باستمرار، ويرفض تصحيح الأخطاء التي يتم التطرق لها سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الصحف الموالية للفريق الكتالوني.

دعونا مثلاً نتحدث عن مثال سيرجي روبيرتو ونيلسون سيميدو.. منذ متى والكل يُطالب بضرورة منح فرصة أكبر للبرتغالي على حساب الإسباني المتراجع؟ أعتقد أن الأمر كان متداولاً عند الجميع على الأقل منذ بداية الموسم الجاري، لكن فالفيردي ظل مُصراً على روبيرتو لا لشيء إلا لأنه جيد هجومياً، وذلك علماً أن سيميدو يبصم على مستويات مميزة جداً كلما أتيحت له الفرصة، علاوة على أنه صلب دفاعياً وجيد هجومياً رغم حاجته للتحسن أكثر في هذا الشق.

الإصابة جاءت في النهاية لتُجهز على روبيرتو ويغيب على إثرها لـ6 أسابيع، وهو ما وضع فالفيردي أمام حتمية إشراك سيميدو أساسياً، قبل أن يعود “النملة” لممارسة هوايته المفضلة في اللقاء الأخير بإشراك البرتغالي في مركزٍ غير مركزه الأصلي، رغم أنه بصم على مستويات مميزة قبل تلك المباراة بثلاثة أيام، ضد ريال مدريد.

مثال آخر على تمادي فالفيردي في أخطائه؟ نجد إصراره على إشراك إيفان راكيتيتش في جميع المباريات وعدم إخراجه من رقعة الميدان حتى لو كان سيئاً (باستثناء مباراة الكلاسيكو قبل 10 أيام).. اللاعب الكرواتي أثبت فشلاً كبيراً في مركز الارتكاز المساند بسبب البطء الذي يتسم به دفاعياً وهجومياً، والحقيقة أنه لا يمكنني عدّ المباريات الجيدة التي لعبها الأشقر البلقاني هذا الموسم، وهي عملية يُمكنني القيام بها بسهولة إذا تعلق الأمر بالمباريات السيئة.

الخمول التكتيكي:

أشدنا كثيراً بإرنستو فالفيردي عند وصوله إلى برشلونة، وهي فترة حاول فيها تطعيم أسلحة الفريق بأمور إضافية كتقوية الدفاع وإغلاق المساحات أمام الخصوم، وحسم بعض المباريات بأقل مجهود ممكن، أو حتى بتطويره للفريق بشكل واضح في نقطة استغلال الهجمات المرتدة، لكن إضافات الفريق أصبحت شبه معدومة منذ منتصف الموسم الماضي.

كل الفرق أصبحت تعرف كيف تضايق برشلونة بالتريث في الخلف وإحكام الرقابة على ليونيل ميسي ومن ثم الاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة، وهو ما كان عائق البلاوجرانا الأكبر في المباريات الأخيرة على سبيل المثال لا الحصر ولم يجد له فالفيردي حلاً واضحاً منذ أكثر من موسم على الأقل.. وما قد يُضايق المتتبعين أكثر هو أن الفريق لم يتطور أبداً في قدرته على التنشيط الهجومي، وهو أمر يُلام عليه فالفيردي بشكل كبير.

وفوق ذلك، أصبح من النادر أن نُشاهد فالفيردي يتفاعل مع أطوار المباريات، ففي العادة يرسم المدربون سيناريوهات للمباريات، وتشمل هذه السيناريوهات العديد من الأمور مثل أن يُطرد لاعب مُبكراً، أن يتلقّ الفريق هدفاً مبكراً أو يُسجل هدفاً مبكراً، مثل إصابة نجم الفريق أو أفضل مدافع فيه أو صانع الألعاب، لكن أبسط السيناريوهات التي يضعها أي مدرب هي خطة ثانوية يعتمد عليها عندما يكون بحاجة إلى هدف وهو يضغط على الخصم، وذلك يأتي كجزء لا يتجزأ حين يُدرب برشلونة، إلا أن فالفيردي له رأي آخر في هذا الموضوع.. فالمدرب الكتالوني دأب على إقحام وسحب نفس اللاعبين في جميع المباريات، بل يصل به الحال في بعض الأحيان للتأخر في إجراء التبديلات، وكأنه يُدرك على حين غرة، أنه يملك لاعبين احتياطيين بجانبه.

التعامل مع الشباب:

قبل أيام، وأثناء تحليلي لمباراة برشلونة وأتلتيك بيلباو، ذكرت في مقالي أن الفارق بين برشلونة وريال مدريد هذا الموسم يكمن في طريقة التعامل مع أبناء الأكاديمية.. فما الذي يجعل إرنستو فالفيردي يُفضل اللجوء لحل “الترقيع” عوض الاستعانة بجوان ميراندا لتغطية غياب جوردي ألبا في تلك المباراة؟.

إرنستو فالفيردي مدرب لا يهوى المخاطرة ويُفضل التقوقع في المناطق الآمنة، هذا الأمر بدا جلياً في الموسم الماضي وظهرت ملامحه مرة أخرى هذا الموسم، فهو على السبيل المثال قتل مالكوم دي أوليفيرا بإجلاسه على مقاعد البدلاء طيلة الموسم، كما أرسل دينيس سواريز إلى آرسنال بعدما سئِم الشاب الإسباني من تدفئة كراسي الاحتياط.

تراجع الجانب الجمالي:

ليس خفياً على أحد، أن جماهير برشلونة تنهال على فالفيردي بانتقادات لاذعة وشرسة بسبب تراجع الجانب الجمالي في أداء برشلونة، فحتى مع تحقيقه للنتائج المرجوة وتواجده في صدارة الدوري الإسباني بفارق ست نقاط عن أقرب الملاحقين، إلا أن فئة عريضة من متابعي الفريق الكتالوني فقدوا الشغف والمتعة في مشاهدة مباريات الفريق، وما يؤكد هذا الأمر هو انخفاض الحضور الجماهيري بملعب الكامب نو خلال المواسم الأخيرة.

البعض يرى أن تدبير وتسيير فالفيردي للمباريات يُعتبر أمراً رزيناً، فالفريق يحتاج لتحقيق الانتصارات الاقتصادية قبل الدخول في معمعة دوري أبطال أوروبا، لكن المعارضين لفكر وفلسفة فالفيردي، يذهبون للتأكيد على أن إرث الراحل يوهان كرويف لا يُمس، خاصة وأن الأسلوب الجمالي والمُمتع هو الذي كان يُميز برشلونة عن باقي فرق أوروبا.

يُمكنك أيضاً مشاهدة: سرقة دي ستيفانو