محمد صلاح بقميص منتخب مصر

سبورت 360 – عاش النجم المصري محمد صلاح في عام 2019 سابقة لم تحدث أبدًا خلال مسيرته الاحترافية الناجحة في أوروبا والتي امتدت ما بين فرق بازل وتشيلسي وفيورنتينا وروما وحاليًا في ليفربول.

منذ أن بزغ اسم ابن نجريج في سماء الكرة الأوروبية وشعبيته في تصاعد مستمر، فتطورت من إعجاب بمبارياته المبهرة أمام تشيلسي وتوتنهام في الدوري الأوروبي رفقة بازل إلى ذهول من وصول لاعب مصري إلى صفوف تشيلسي وسخط على مدربه مورينيو لعدم إشراكه باستمرار قبل أن يصبح فيورنتينا لا يناسب طموح المصريين ومن ثم الانتقال المهم إلى روما حيث اللعب مع فرانشيسكو توتي والأمل في العودة من جديد إلى بؤرة الأحداث ونهاية بانفجار المستوى وكسر الأرقام تاريخيًا رفقة ليفربول في سيناريو لم يتوقعه المصريون أبدًا وفجر شعبية الدولي المصري بشكل خارق.

لكن عام 2019 لم يكن أبدًا كسابقيه .. فقد كان عام تراجع شعبية هداف الدوري الإنجليزي الممتاز في آخر موسمين، إذ أنها كانت المرة الأولى التي يظهر فيها حزبٌ يمتلك أعدادًا ليست بالقليلة قادرة على أن تبوح بما لديها من مشاعر لا تبدو إيجابية أبدًا تجاه ابن نجريج.

شعبية صلاح كانت قد وصلت إلى الذروة في صيف 2018 عندما تمكن ليفربول من الوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا قبل أن ينبري المصريون للدفاع عن المهاجم الأعسر ضد اتحاد الكرة المصري والشركة الراعية له “بريزنتيشن” ‘إثر عدم أزمات اقتصادية كانت أبرزها صورته على طائرة المنتخب الوطني التي ستقله إلى روسيا من أجل المشاركة في الحدث الكروي الأهم على كوكب الأرض.

صلاح-طائرة-منتخب-مصر

مؤتمر بنك الإسكندرية

في مارس الماضي كان الشرخ الأول في علاقة صلاح بالحزب المذكور آنفًا .. محمد صلاح يخرج ويبدأ في الحديث عن أفكاره خارج نطاق كرة القدم.

“وصلت إلى مكانة لم يصل إليها أي مصري أو عربي أو أفريقي وتأثيري على الناس كبير جدًا. لست من النوع الذي يتأثر بالسوشال ميديا .. لا أنتظر أحدًا ليخبرني إن كنت جيدًا أو سيئًا وتقديري لنفسي ينبع من داخلي وأنا قادر على أن أعرف إن كنت جيدًا أم سيئًا وما الذي أحتاج لزيادته، وهذا هو ما يفرّق بيني وبين أي شخص آخر. لم نتعلم في مصر التدريب على المستوى الذهني “منتالي” ولم يتم تدريبنا في هذا الأمر في المدارس. مشكلتنا أننا نتصور أننا نعرف كل شيء بينما أنا لدي رغبة أن أتعلم الجديد دائمًا”.

البعض تحدث عن أن مثل هذه التصريحات عادية وأن صلاح قد أصاب الحقيقة حول المصريين، وربما يكون محقًا، لكن طريقة إلقاء صلاح واختصاصه لنفسه وتفرده دونًا عن البقية استفز البعض، كما أن حديثه عن وصوله لمكانة لم يسبق إليها أحد من العالمين الخارجين من القارة السمراء كان مدعاة لسخرية المزيد.

لكن ما غرز بذرة حقيقية في مسألة تراجع الشعبية كان من كلمات محمد صلاح عن السوشال ميديا وكيف أنه لا ينتظر أن يخبره أحد بكونه جيدًا أم سيئًا ما دفع البعض للتساؤل عما إذا كانت السوشال ميديا تُستحضر من صلاح فقط عند احتياجه للدعم ضد الاتحاد المصري لكرة القدم أو بريزنتيشن وأنه كان عليه أن يُظهر المزيد من التقدير للشيء الذي دعمه بشكل كبير –أحيانًا عن حق أو عن باطل لمجرد الحب- في أي تصويت يخوضه حتى أصبح الجميع مقتنعًا أن الدولي المصري سيفوز بتصويت لاعب الأسبوع حتى وإن لم يلعب أصلًا، بينما يهمس كثيرون عن أن السوشال ميديا كانت سببًا دون غيرها في فوز هدف صلاح بجائزة هدف العام من الفيفا رغم عدم استحقاقه لهذا الأمر.

صلاح خرج بعدها بأقل من شهر ليتحدث عن عدم اهتمامه بعدم التسجيل لـ8 مباريات متتالية مؤكدًا أنه هناك من يتحدث عن أجويرو يعيش واحدًا من أفضل مواسمه رغم أنه يبعد عنه بهدفين فقط، وهي تصريحات كانت تتوافق مع قناعات حزب المناهضين عن أنه لا أحد يمكنه وحده أن يعرف دائمًا إن كان سيئًا أم جيدًا فصلاح تناسى آنذاك أن أجويرو سجل 19 هدفًا في 1990 دقيقة لعبها في 25 مباراة فقط بينما احتاج صلاح لـ 2739 دقيقة ليسجل 17 هدفًا بالإضافة لمساهمة كلا اللاعبين في 7 تمريرات حاسمة ما يعني أن أجويرو يساهم تهديفيًا كل 76 دقيقة في مقابل 114 دقيقة، ناهيك عن خطورة أن يتخيل صلاح أن كرة القدم تتمحور فقط حول الأهداف وأن مشكلته وقتها في غياب التهديف فقط بل كان في تراجع واضح في المستوى.

بدا وأن هناك تناقضًا بين ما يقوله صلاح وما يفعله، فالرجل الذي قال أنه لا يهتم لمثل هذه الإحصائيات وعدم التسجيل وأشار قبل أقل من شهر إلى أنه لم يعد يتابع ما يُقال في وسائل الإعلام والسوشال ميديا وليس مهتمًا كثيرًا بما يقال فيهما، ظهر في نفس اللقاء منفعلًا من أن هناك من يلاقي في وسائل الإعلام والسوشال ميديا مديحًا رغم قناعته أنه يقدم ما يقدمه الآخر.

صلاح-جماهير-مصر

كأس أمم أفريقيا

فاز صلاح بدوري أبطال أوروبا ونسي كثيرون ما حدث من قبل معتبرين الأمر هفوة عابرة ليعلقوا الآمال على النجم الكبير ورفاقه في المنتخب المصري من أجل الفوز بكأس أمم أفريقيا التي تحول تنظيمها إلى مصر بدلًا من الكاميرون، إلا أن الآمال انهارت بعد الخروج المخزي أمام جنوب أفريقيا بهدف في الدقائق الأخيرة وبعد سلسلة من المباريات ضعيفة المستوى تحت قيادة المكسيكي خافيير أجيرّي.

لم يكن على صلاح مسؤولية كبيرة في الخروج من البطولة لكن ما جرى داخلها زاد من عدد المنضمين للحزب المناهض وذلك بعد وقوف صاحب الرقم 10 إلى جانب زميله عمرو وردة الذي تم ضبطه في واقعة تخص احدى الفتيات وهي الواقعة التي لم تكن الأولى للاعب المحترف في اليونان وتركيا، لكن صلاح طلب من الجميع أن ينال وردة فرصة أخرى وكأنها لم تكن مرته الأولى.

في نفس البطولة كان ساديو ماني يتحول شيئًا فشيئًا من لاعب تُصب عليه لعنات المصريين لعدم تمريره إلى صلاح في ليفربول إلى لاعب يبدأ في اكتساب المزيد من الشعبية داخل مصر بفعل تصرفات ذكية –مقصودة كانت أو غير مقصودة- في برهان حرفي لمقولة “دوام الحال من المحال”.

ماني الذي كان في ظل صلاح في الموسم الأول للدولي المصري تخلص في الموسم الثاني من كاهل الواجبات الدفاعية الكبيرة التي كان يورجن كلوب يوكلها له ليقدم مستوى أفضل كثيرًا على المستوى الهجومي لتزداد أرقامه ومساهماته التهديفية بشكل واضح قبل أن يبلور موسمه الناجح أوروبيًا بالوصول لنهائي أمم أفريقيا.

ومع تغريدات غير موفقة لصلاح قبل نهاية كأس أمم أفريقيا عن استمتاعه بأجازته -غير مدرك لإمكانية استفزاز المصريين الذين كانوا مايزالون يعانون من صدمة الخروج القاري- كان كل شيء يصب في مسألة تراجع الشعبية أكثر.

صلاح-دكة-مصر

رامي عباس

في خضم صعود شعبية محمد صلاح الصاروخية طوال السنوات الماضية كان وكيله رامي عباس غير معروف للكثيرين على الساحة لكن بدأ اسمه في الأفق مع تصريحاته الواثقة عن قانونية انتقال موكله من فيورنتينا إلى روما قبل أن يبزغ نجمه عندما كان مهندس عملية انتقال صلاح إلى ليفربول.

لكن الوكيل الكولومبي ذي الأصول العربية كان دائمًا ما يتعامل مع الأمور من منطلق اقتصادي بحت ليس فيه نوع من الذكاء الاجتماعي فكان متعجرفًا في كثير من ردود فعله على أكثر من قضية غير قادر على أن يكون ممثلًا عن صلاح في أي شيء بعيد عن القانون وهو أمر طبيعي بالنظر لكونه محاميًا وليس متخصصًا في العلاقات العامة!

من الأمور الطريفة هي أنني لا أذكر وأنني شاهدت رامي عباس يبتسم أبدًا .. الرجل يبدو ملولًا متوترًا طوال الوقت ومع شعب يعشق الضحك والفكاهة كالشعب المصري لم يظهر وأن رامي قادر على دخول قلب المصريين، فقد كان عاجزًا حتى عن الابتسام أثناء كواليس إعلان شركة أوبر!

يربط البعض بين رامي وبين تغير طريقة تعامل صلاح مع ما حوله، فصلاح قدم نفسه أولًا للمصريين على أنه شخص متواضع متدين قبل أن يقرر فجأة أن تظهر لهجة الـ”أنا” أكثر من اللازم في تصريحاته التي كان يركز فيها على اختلافه عن الآخرين وهو أمر ربما كان ليخدم إمكانية تسويقه أكثر كنجم من الطراز العالمي.

صلاح-مصر

أزمة الغردقة

كان الفصل الأخير حتى توقيت كتابة تلك السطور يكمن فيما حدث قبيل حفل الإعلان عن جائزة أفضل لاعب في أفريقيا المقام في مدينة الغردقة المصرية وهو الحفل الذي فوجئ الجميع معه أن صلاح قد قرر ألا يحضر الحفل.

ربط كثيرون بين عدم حضور صلاح وبين التكهنات الواضحة والأخبار المسرّبة عن فوز زميله ساديو ماني بالجائزة التي خسرها لصالح صلاح نفسه في الموسم الماضي وهو أمر أثار استياء كثيرين الذين زاد غضبهم كون الحفل يقام في مصر.

عادت فزاعة اتحاد كرة القدم للظهور بعدما لم يكتف صلاح بالصمت وعدم التعليق فسخر من فوز اتحاد كرة القدم المصري بجائزة أفضل اتحاد في لقطة فسّرها محبوه على أن هذا هو السبب الحقيقي لعدم حضوره للحفل رغم أن الأخير كان يقام بتنظيم من الاتحاد الافريقي لكرة القدم وبرعاية أحد الفنادق في المدينة السياحية الشهيرة، بينما كانت حجة بائسة هي الحديث عن أنه سبق لرونالدو وميسي عدم حضور تظاهرات من قبل متجاهلين أنه قد تم انتقادهم على هذه الأفعال.

والحقيقة أن محبي صلاح أحد أسباب تلك الأزمات، إذ لم يتركوا فرصة أبدًا إلا للهجوم على كل من تسول له نفسه انتقاد أي شيء يخص نجمهم المحبوب متهمين إياهم بالتربص له والحقد عليه غير مدركين أن كثيرين من هؤلاء المنتقدين كانوا يهتفون باسم النجم المصري كذلك وأنه لو كانت أعدادهم لم تتغير لظل صوتهم غير مسموع كما كان الحال قبل عامين.

فإن كان محمد صلاح ومحبوه مقتنعون بأن مساندة اتحاد الكرة -الذي يمثل مصر شئنا أم أبينا- ليست ضرورية إن كان على خطأ لمجرد انتمائه لمصر وأنه لا مشكلة في السخرية من فوزه بجائزة أفضل اتحاد أفريقي، وهي وجهة نظر تحمل منطقًا مفهومًا وتُعلي فكرة الحق على الوطنية، فلماذا ينتظرون ضرورة مساندة صلاح سواء كان يستحق تلك المساندة أم لا لمجرد أنه مصري وبدافع الوطنية؟

 ولأن لكل فعل رد فعل فإن عناد حزب المناهضين ازداد وانضم إليه المزيد من المستفَزين من تصرفات المحبين لنصل إلي ما وصلنا إليه في الوقت الحالي .. نجم مصري يحذف منتخب مصر من وصفه على تويتر، لاعب هو الوحيد الذي يصل إلى العالمية الحقيقية في تاريخ الكرة المصرية لكنه يتحول فجأة إلى شخص يتحدث عما هو أكثر من كرة القدم ويبدأ في تقييم تصرفات شعب بينما يتحدث عن أنه استثناء مما يفعله هذا الشعب، شخص يؤكد أنه لا يهتم للسوشال ميديا وردود الأفعال بينما لا يبدو وأنه كذلك أبدًا بل يستخدم تلك السوشال ميديا عندما يريد وعند الاحتياج لها وانتهاءً باضطراره لنشر رد فعله على ستوري انستجرام حيث إمكانية منع التعليقات بينما بقى تويتر وفيسبوك صحراء لا زرع فيها ولا ماء.