أصبح تميز الويلزي جاريث بيل مع منتخب بلاده الشغل الشاغل لوسائل الاعلام الإسبانية والبريطانية، النجم الويلزي حصل على إشادة واسعة النطاق بعدما وضع منتخب بلاده على الطريق الصحيح للتأهل إلى نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2016.

الدور الذي يؤديه بيل في منتخب ويلز وريال مدريد أخذ أيضاً حيز كبير من الاهتمام، صحف إسبانيا تصر يومياً على أن النجم الويلزي يشغل مركز صانع الألعاب في خطة المدربين كوليمان ورافاييل بينيتيز الأمر الذي سمح له بتسجيل 6 أهداف في تصفيات يورو 2016 في 7 مباريات، مع تسجيل هدفين في جولتين من الدوري الإسباني.

والسؤال الذي أود طرحه هنا، هل حقاً جاريث بيل يشغل مركز صانع الألعاب في ريال مدريد ومنتخب ويلز؟

أولاً يجب أن نعرف صانع الألعاب في كرة القدم الحديثة، هو اللاعب الذي يتواجد بين لاعبي خط الوسط والمهاجمين بحيث يشكل حلقة وصل بين الخطوط الأمامية. مهامه الرئيسية تعتمد على تمرير الكرة في مساحات شاغرة للمهاجمين، تمرير الكرات البينية في ظهر المدافعين لزملائه، المراوغة والقدرة على التحكم بالكرة، كما يجب أن يمتلك رؤية جيدة ومميزة لأرض الملعب وطرق فعالة لبناء اللعب في الثلث الأخير من ملعب الخصم.

يضاف إلى تلك المهمات الرئيسية مهام أخرى تساعد الفريق على تحقيق الانتصارات ومنها الانطلاق بالكرة والتسديد من خارج منطقة الجزاء، مع محاولة التحرك بظهر المدافعين حينما ينشغلون بمراقبة المهاجمين.

ومن الواضح أن هناك تباعد بين الوظائف التي نشاهد بيل يؤدها على أرض الملعب والمهام المحددة لصانع الألعاب، الويلزي يميل أكثر للتوجه نحو منطقة الجزاء، لا يمرر الكرة كثيراً لزملائه بل أنه بالأساس ليس من أفضل ميزاته ارسال الكرات البينية (هذا لا يعني أنه لا يمتلك مهارات في هذا المضمار)، كما أنه يكون أقرب للمرمى من المهاجمين وليس العكس مثلما يفترض من صانع الألعاب أن يفعل.

أرقام بيل تؤكد صحة ما أقول، خلال 7 مباريات في تصفيات اليورو استطاع صناعة هدف وحيد فيما سجل 6 أهداف، مع ريال مدريد سجل هدفين وصنع هدف وحيد من كرة عرضية وليست بينية، مرر الكرة 42 مرة فقط لزملائه في المباراة الواحدة خلال أول جولتين من الدوري الإسباني، فيما أرسل كرة بينية واحدة فقط!

إحصاءات تدل أن هناك خلل كبير في اطلاق مسمى صانع الألعاب على جاريث بيل، وما يؤكد ذلك اصراره على الدخول لمنطقة الجزاء في مواجهة ريال بيتيس وفي عمق منطق الجزاء على حساب رونالدو وبنزيما، كذلك الأمر في مواجهة خيخون التي بالكاد استطاع خلالها خيسي التقدم نحو العمق بسبب تواجد بيل.

إذاً ما المركز الذي يشغله بيل على أرض الملعب؟

في تاريخ كرة القدم حصل خلط كبير بين دور صانع الألعاب والمهاجم الثاني، يقول بعض الخبراء أن المهام والصفات تتشارك في بعض اللاعبين، ذلك حدث مع نجوم من أمثال مارادونا ورونالدينيو وليونيل ميسي في الموسم الماضي، لكن يجب أن يحدث اندماج واضح في أداء اللاعب بين التقدم نحو منطقة الجزاء وتسجيل الأهداف وامتلاكه رؤيا ميدانية مثالية لصناعة اللعب وتمويل زملائه بالكرات، بيل حتى الآن يقدم الدور الأول بامتياز لكنه لا يؤدي الدور الثاني بنجاح حتى أنه لا يبدو عليه الرغبة في تحمل مسؤولية قيادة الهجمات.

الويلزي نستطيع القول أنه مهاجم ثانٍ فقط وليس قريب بعد من شغل مركز صانع ألعاب ريال مدريد الذي يؤديه خاميس رودريجيز وإيسكو وربما سيساعدهم في تأديته النجم الفرنسي بنزيما.

مركز آخر ربما يكون أقرب لدور بيل على أرض الملعب، المهاجم الوهمي الذي ينشغل في التقدم بظهر المدافعين في الوقت الذي يعمل خلاله رأس الحربة الصريح إن وجد أو الجناح الهجومي على تفريغ العمق من أجله لكي يسجل الأهداف.

المهاجم الوهمي ليس من متطلبات أدائه خلق الفرص لزملائه بل التواجد في مساحات تسمح له بخلق الفرص لنفسه، لكن المطلوب منه التراجع للخلف ومحاولة زيادة الكثافة في خط الوسط الهجومي على أقل تقدير، هذا بالضبط ما قدمه بيل في أول جولتين من الدوري الإسباني.

بعد كل ذلك، لماذا يقولون أن بيل صانع ألعاب ريال مدريد ومنتخب ويلز؟

ربما لأن تواجد بيل في الرسم الأساسي على أرض الملعب يأتي خلف رأس الحربة، أو لأن دوره الفعلي مع ريال مدريد لم يتضح بعد. أو بسبب الفكرة الأكثر تطرفاً، حتى لا يتم احباط كريستيانو رونالدو بشكل أكبر عبر التأكيد له أن هناك نجم آخر أصبح بإمكانه الاقتراب بشكل أفضل لمرمى المنافسين بل على الفريق مساعدته لفعل ذلك!