حقبة من الانجازات والبطولات والعظمة والإبداع، 16 عاماً من التألق والتميز والعظمة والكبرياء، عقد ونصف من الحب والوفاء والدموع، إنها باختصار سنوات حارس المرمى الأسطورة والقائد العظيم إيكر كاسياس في ريال مدريد.

انتهت حتوتة الأسطورة وكتب السطر الأخير في فصلها برحيله عن منزله ريال مدريد وانتقاله إلى بورتو، أسطورة طويت لكنها لن تموت، جيل وراء جيل سيتذكر سنوات القديس، جيل وراء جيل سيتعرف على تصدياته التاريخية، عبقريته وسرعة بديهته، جيل وراء جيل سيقول "كاسياس أحد أفضل حراس المرمى في تاريخ كرة القدم".

مشوار كاسياس في ريال مدريد شهد العديد من المحطات التي لن تنسى، الكثير من المواقف العاطفية، وفي يوم العاطفة لا بد من ذرف دموع الكلمات على مشوار حارس لن ينسى.

بداية أسطورة كاسياس

كاسياس الشاب يحتفل بالدموع في نهائي دوري أبطال أوروبا 2000

في سن 18 عام حمل القديس عبئاً ثقيلاً على كتفيه بحماية عرين ريال مدريد في أعرق مسابقات الأندية حول العالم، الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا. لم يتصور المراهق الصغير أن ينهي موسمه الأول بهذه الطريقة الرائعة، التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا ليصبح بالتالي أصغر حارس مرمى يصل لهذا الانجاز. الشاب الصغير لم يتمالك نفسه حينها فانهمرت دموعه رغماً عنه.

من رحم المعاناة

>

أحياناً تقدم الحياة فرص للرجال، إن اغتنموها سيدخلون أبواب العظمة وإن لم يغتنموها سيخفت بريقهم. هذا بالضبط ما حصل لكاسياس الذي عانى من إصابة أبعدته عن الملاعب موسم 2001-2002 لصالح سيزار سانشيز، وبعد عودته من الإصابة لم يقتنع المدرب فيسنتي ديل بوسكي بقدرة حارسه الشباب على الذود عن مرماه في المباريات الحاسمة من الموسم.

كاسياس لم يتخيل أنه سيشارك في نهائي دوري الأبطال كون التشكيلة الأساسية حملت اسم سيزار، لكن القضية سارت بشكل مختلف حينما دخل كاسياس بديلاً لزميله المصاب في الدقائق الأخيرة من المباراة، الغريب في الأمر أن إيكر تصدى فور دخوله لثلاث فرص محققة للتسجيل لصالح باير ليفركوزن مؤكداً تتويج ريال مدريد بلقبه الأوروبي التاسع. حينها انهمرت دموع القديس معلنتاً ولادة أسطورة حقيقية، انجاز من رحم المعاناة.

الحب يصنع المعجزات

كثيرون لا يعرفون مدى حب كاسياس لبيته ريال مدريد، لكن مشوار اللاعب يبين مقدار هذا الحب، لن ينسى عشاق كرة القدم اللحظات التي انهار فيها أفضل حارس في العالم بالبكاء والصراخ بشكل هيستيري، الدقائق الأخيرة من مواجهة ريال مايوركا في نهاية الدوري الاسباني 2006-2007 حينما كان الريال على أبواب الخروج خالي الوفاض من الألقاب للموسم الرابع على التوالي رغم ابداع القديس في الذود عن مرماه.

الدقائق الأخيرة شهدت تسجيل هدفين لريال مدريد ليقلب النتيجة بعد ان كان مهزوماً بنتيجة 1- ويتصدر بالتالي الليجا في جولتها الأخيرة. كل من في الملعب احتفل بطريقة جنونية بينما صرخ القديس باكياً! إنه الحب والإخلاص عندما يتملك الانسان فيشعره بحلاوة الانجاز.

الرجل الصامد في معركة الهزيمة والانكسار

كاسياس يخفي دموعه في مواجهة ليفربول 2008

لماذا إيكر كاسياس الوحيد الذي يقاتل من أجل قميص ريال مدريد؟ سؤال طرحته وسائل الاعلام حول العالم بعد كارثة أنفيلد رود، ليلة سقوط الفريق الملكي بالأربعة على يد ليفربول في دوري أبطال أوروبا 2008-2009.

مباراة لن تنسى، فريق من الأشباح يقف في آخره رجل عظيم، يذود عن مرماه ويتصدى للفرصة تلو الأخرى، تثقله الجراح فيسقط ويتلقى هدف، هدفان، ثم يكابر على جراحه ويتصدى لفرص أخرى من رجال أنفيلد رود. إنها مواجهة الرجل الملكي ضد 11 رجل من الريدز، من المؤلم أن تنتهي المباراة بدموع الانكسار من كاسياس. دموع لم يفهم معناها زملائه، لكنها علمت العالم أجمع معنى الانتماء في عالم كرة القدم.

عرفان بالجميل بعد أشهر من الانكار

حينما أتى موعد اللقاء الأخير لريال مدريد موسم 2014-2015 لم يكن يحمل الكثيرون على محمل الجد مسألة رحيل القديس عن النادي رغم أنه لاحقته صافرات الاستهجان بسبب انخفاض مستواه طوال الأشهر التي تلت ذلك.

لكن المباراة الختامية بينت أن كاسياس في طريقه للرحيل، لم ينطق بها القائد لكن تصرفاته بينت ذلك، لقطات مؤثرة حيث شعرت جماهير البرنابيو ببطلها يتعرض للإذلال على يدها فكافأته في لحظاته الأخيرة بالهتاف باسمه.

إيكر لم يخرج من الملعب بعد انتهاء المباراة واستمر يحي الجماهير عدة دقائق التي بادرته التحية والوفاء، هنا انتهى كل شيء، هنا أكد البطل أنه سيرحل من أجل مستقبل ريال مدريد وجزء من جماهير النادي التي قدم لها كل شيء في سنوات المجد فتركته يسير وحيداً حزيناً بدون كبرياء في سنوات الضعف والانكسار.

** اقرأ أيضاً: رئيس إسبانيول يعلن رفضه عرض ريال مدريد للتعاقد مع كاسيا