من يفتح عينيه على كرة القدم في الزمن الحالي وكأنه ولد الآن لن يصدق أن النادي المتواجد في ايطاليا تحت مسمى ميلان يعتبر من أقوى الأندية التي أنجبتها القارة الأوروبية، كما لن يصدق أنه قدم أفضل كرة قدم ممتعة في نهاية ثمانينات القرن الماضي وبداية التسعينات مثلما يقول معظم المتابعين.

ميلان الذي أصبح كل همه التأهل لدوري أبطال أوروبا وفي النهاية لا ينجح في فعل ذلك، ميلان الذي يعاني في اقناع اللاعبين بالانتقال إلى صفوفه إن نافسه أي نادٍ على الصفقة، ميلان العاجز عن وضع أي خطة واقعية تمكنه من العودة إلى وضعه الطبيعي، إنه الكبير الذي تسيد أوروبا في الماضي!

من الطبيعي أن يصل الروسونيري إلى الحضيض ما دام من يدير دفة القيادة فيه رجال انتقلوا من عالم صنع الانجازات وجلب البطولات، إلا عالم الوهن والتخبط والقرارات السخيفة، إدارة تحولت للعمل على طريقة ديكتاتورية ترتكب الأخطاء فلا يحاسبها أحد ولا يقف في وجهها أحد.

116 عام مروا على تأسيس الروسونيري ليصل النادي إلى مرحلة صعبة جداً بتواجد سيلفيو برلسكوني وأدريانو جالياني، هما ذات الرجلان اللذين كانا سبب في انتفاضة ميلان في ثمانينات القرن الماضي ولمدة 20 عام متتالي حققوا خلاله 5 ألقاب في دوري أبطال أوروبا.

شهريار المدربين

وكأن مرض عقلي أو نفسي أصاب إدارة هذا النادي، يتعاقدون مع المدرب وبعد أشهر يرموه بقرار الإقالة، تصرف يذكرنا بحكاية الملك شهريار الذي أصابه المرض فأخذ يتجوز النساء ويقتلهم في صباح اليوم التالي.

ميلان قرر التخلي عن خدمات ماسيميليانو أليجري منتصف موسم 20132014 وتعاقد مع سيدروف، أشهر قليلة واكتشف أن الهولندي غير ناجح فجلب زميله في الملاعب إنزاجي، أشهر أخرى تمر ويكتشف أخطاء انزاجي فيصححه بالتعاقد مع ميهايلوفيتش. الآن اكتشف برلسكوني مجدداً بأن سينيسا لا يصلح لقيادة ميلان وقرار الإقالة يلوح بالأفق!

اقالة 4 مدربين في ظرف عام ونصف يعني أن هناك مسرحية سخيفة غير مترابطة وهزلية تحصل داخل مراكز صنع القرار، تكرار الإقالات يفتح الباب أمام التساؤل، لماذا لا يتم محاسبة الشخص الذي يتعاقد مع المدرب الخاطئ مرة تلو الأخرى؟ وإن لم يكن قرار التعاقد مع المدرب خاطئاً فلماذا تتم إقالته أو يتم التفكير بإقالته؟

الجميع يتطور باستثناء ميلان

في الوقت الذي عانت فيه أندية إيطاليا من تخبط اداري وفني وعلى صعيد النجوم والمنشآت نشاهد أن هناك بعض الأندية بدأت تتلمس طريق العودة، يوفنتوس يتحسن تدريجياً وتتحسن منظومته، كذلك الأمر في إنتر ميلان وحتى روما ونابولي، بينما ميلان يستمر حاله من سيئ إلى أسوأ.

قطار الدوري الايطالي وكبار أوروبا يسير بسرعة كبيرة والروسونيري يعود إلى الخلف، خطوة تلو الأخرى، ليصبح واقع النادي مخزي لدرجة أنه ميؤوس منه!

جمهور ميلان في إيطاليا ووسائل الاعلام غائبة عن المشهد

غريب أن نشاهد واحد من أعرق الأندية في العالم يتخبط بهذه الطريقة ويصبح مكانه أندية وسط الترتيب بينما تقف جماهيره مكتوفة الأيدي وكأن الأمر لا يعنيها، جماهير كل ما فعلته هو عدم التواجد في مدرجات سان سيرو، بينما نذكر جماهير برشلونة التي أجبرت ادارة النادي على اقالة فان جال ثم الاستقالة عام 2003 لأن البرسا تراجع على سلم ترتيب الدوري الاسباني، بعد ذلك حدثت الثورة التي نتابع نتائجها حتى الآن.

الجماهير وإن تحول دورها من محتفل بالألقاب فقط إلى متابع للنكسات خلف شاشات التلفاز فإن اللوم الأكبر يقع على وسائل الاعلام والصحف داخل ميلان، الانتقاد يكون حاضر للرئيس والمالك برلسكوني والمدير جالياني بشكل خجول وليس بالصورة التي نشعر من خلالها بانهيار نادٍ كبير لا يتخذ أي خطوات فعلية من أجل العودة إلى مكانته المعهودة، الجميع سلم تاريخ ميلان للرجل الذي يملك أسهمه ووقف يتفرج على ما يحصل له من نزوات.

بالفعل ميلان تحول إلى مدرسة للديكتاتورية الرياضية، المخطئ من المسؤولين لا يجد من يحاسبه أو يقول له: ماذا يحدث ولماذا تستمر في ارتكاب الأخطاء؟

** اقرأ أيضاً: ميهايلوفيتش مهدد بالإقالة غداً .. وقائمة البدلاء جاهزة