عمر السومة .. سر الأهداف وركلات الجزاء وهل ينجح في أوروبا والصين؟

محمد عواد 22:17 09/11/2016
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • عمر السومة هداف منقطع النظير

    عمر السومة، اسم على كل لسان ممن يهتم بالكرة العربية هذه الأيام، فهو يسجل الهدف تلو الآخر، وقاد الأهلي لحلم كبير انتظره جيل كامل، وما زالت هذه الماكينة تعمل في الموسم الجديد، وإن احتل الراقي المركز الخامس حتى اللحظة.

    27 هدفاً الموسم الماضي في 22 مباراة، منها 7 أهداف من ضربات جزاء، مما يجعل معدل تحقيقه للأهداف حسب عدد الدقائق الملعوبة (أستبدل مرتين) هو هدف كل 72 دقيقة، أو هدف كل 98 دقيقة في حال لم نحتسب ركلات الجزاء.

    هذا الموسم يبدو عمر على نفس الوتيرة، 11 هدفاً في 720 دقيقة تجعله يسجل هدفاً كل 66 دقيقة، ومن هذه الأهداف سجل 3 من نقطة الجزاء ، مما يجعل معدله عند تجاهلها هدف كل 90 دقيقة، وهو رقم محترم للغاية.

    بعض الأصوات تتعالى مؤخراً تنتقد كثرة أهدافه من ركلات الجزاء، لكن الحقيقة أن معدل تسجيله من دونها يبقى معدلاً مميزاً للغاية، وقل تكراره في تاريخ البطولات العربية. (جميع الأرقام من موقع إحصائيات الدوري السعودي)

    فيديو لهدف مذهل سجله مؤخراً عمر السومة:

    ما سر هذه الظاهرة؟
    منذ وصل للسعودية ومعدل عمر السومة التهديفي يقارب معدل أساطير تهديف هذا الزمان ليونيل ميسي وكريستانو رونالدو، وهذا ما دفع كثيرين من مشجعي الأهلي لعقد مقارنات حول هذه الأرقام، مع التأكيد على أن هناك فارقاً خارقاً بين مستوى الصعوبة الذي يلعب فيه ميسي ورونالدو، ومستوى الصعوبة التي يلعب فيها عمر.

    عند مراجعة أهداف عمر السومة، نجد أن لها 3 أسرار مجتمعة، أولها أمر يعطيه ميزة هائلة عند اللعب في مستوى أسيوي قليل التنظيم الدفاعي أو التركيز في الرقابة الفردية، وهي ميزة التمركز المذهل، التي تقارب حسن تمركز لاعبين أوروبيين، الأمر الذي يجعله يستغل هذه المساحات ويسجل من أوضاع مميزة، تخدع ناظرها في الوهلة الأولى ويقول “أهدافه سهلة”، لكن المتأمل فيها يعرف أن السر الأساسي يكمن بمعرفته أين يقف ومتى.

    ثاني الأسرار تتمثل بسرعة اتخاذ القرار، فعادة المهاجم العادي يفكر لثواني قبل أن يقرر، وهذه صفة قاتلة لكثير من الفرص، وأفضل مهاجم هو من يتخذ القرار بجزء من الثانية، حقيقة يعرفها ويتقنها السومة، ويمكن رؤيته بوضوح من معظم أهدافه بما فيها تنفيذه للركلات الثابتة.

    السر الثالث الذي يكمل هذه الظاهرة، يكمن في بساطة تنفيذ الأمور، وعدم انجراره للتعقيد مع كثرة أهدافه، فهو يعرف حقيقة أنه لا يواجه بوفون في المرمى أو مالديني في الدفاع، فيلعب على هذا الأساس، فينفذ ركلات حرة مباشرة هدفها الوصول للمرمى وليس التعجيز المطلق للحارس، وحتى أمام المرمى يركل الكرة التي تدخل بين القائمين وليس التي تدخل في زاوية لا يمكن لنوير التصدي لها.

    هذه الظاهرة منظومة من الأسرار، حسن تمركز قل نظيره في تاريخ الكرة العربية، واتخاذ قرار سريع يميز المهاجمين المميزين، ومعرفته بظروف خصومه جيداً، فلا يبالغ بالاستهتار بهم ولا يبالغ بتضخيم مستواهم، فيجعل الأمور كما هي عليه.

    المستقبل القريب لو استمر مع الأهلي
    27 عاماً، تجعل عمر السومة على مسافة 3 سنوات منطقية من البقاء في المستوى المميز حسب الطبيعة العربية، وليس الأوروبية بالتأكيد.

    من الواضح أن عمر سينهي هذا الموسم مع الأهلي، وسوف يبقى الجميع راضين عنه، ويتغنون بقدراته الحاسمة، لكن الفوز باللقب الموسم الماضي، رفع كثيراً من سقف الطموحات هذا الموسم، مما يجعلني أشعر ببعض القلق في حال لم ينافس الفريق على اللقب هذا الموسم والموسم التالي.

    حالة الإحباط دائماً خطيرة على المحترفين الأجانب في البطولات العربية، فهم الضحية رقم 2 بعد المدربين، وبغض النظر عن الفترة الذهبية التي يعيشها عمر، فلا يمكن حسم استمراره للأبد في حال تراجعت النتائج.

    بالتالي مستقبل عمر لا يتوقف فقط على عدد أهدافه وتألقه، بل على نتائج الأهلي واستمراره قرب القمة والمنافسة، ولو حصل شيء غير متوقع من ابتعاد الراقي عن القمة، فهذا يعني خروج عمر على الأغلب مع قدوم مدرب بمطالب معينة، وهي مسألة أراها لن تأتي إلا بعد 2-3 مواسم قادمة على الأقل.

    عندما نتحدث عن سن 27 عاماً، فإن هذا السيناريو لن يحدث بوقت سيء لعمر، فلن يأتي قبل أن يدخل اللاعب في منحى ختام مسيرته كلاعب عربي يختم مسيرته عادة بسن 34، وعندها قد نراه متجولاً في بطولات أخرى في الخليج العربي لمدة 4 مواسم، لكن مع فرق بمختلف المستويات.

    هذا يعني أن عمر سيخرج بمسيرة مظفرة في الأهلي، مسيرة لاعب أسطوري في تاريخ البطولة الحديث، ولن ينساه أحد لفترة طويلة، بل سيخرج لاعباً أعاد الهيبة للمحترف العربي في الأراضي العربية، بأنه قادر على خلق الفارق، وأنه أكثر انضباطاً والتزاماً مع مشروع الفريق من غيره.

    هل ينجح في أوروبا؟ .. وماذا عن الصين ؟
    ماذا لو لم يكن السيناريو الأول؟ .. ماذا لو جاءت العروض التي لا يستطيع الأهلي رفضها وتجعل عمر يشعر بأن التحدي الجديد يناديه؟

    صحيح أن إدارة الأهلي رفضت مجرد النقاش برحيله في الصيف الماضي، لكن تلك لحظة لا يمكن لأي شيء إقناع الأهلي بذلك، ولا حتى إقناع عمر السومة، فقد كانت لحظة المجد المطلق.

    لكن لا يمكن في عالم الاحتراف قول “أبداً” في صيف 2017 وما بعده، فهناك عملاق ينمو قادر على دفع أموال مذهلة للطرفين؛ الأهلي وعمر السومة.

    هذا الطرف هو الدوري الصيني، والذي تحتاج فرقه المشاركة في دوري السوبر الصيني لشراء لاعب أسيوي من باب قوانين الاتحاد القاري، ومع غزو الكوريين الحالي لأنديتهم كلاعبين أسيويين، فإن وصولهم للمنطقة قريباً ليس أمراً مستبعداً، لأنه أمر حدث أيضاً في الماضي مع كرة السلة.

    الدوري الصيني ليس بأقوى من الدوري السعودي، وبالتالي فإن رحيل عمر السومة هناك لن يكون نقلة صعبة عليه، وسوف يواصل على الأغلب معدلاته التهديفية العالية ويحقق نجاحاً في بلاد التنين.

    أما أوروبا، فمع 27 سنة، لن يكون شراؤه سهلاً على شكل استثمار مثلما حدث مع رمضان صبحي مؤخراً من قبل ستوك سيتي، ونادراً ما نرى لاعباً يذهب لأوروبا لأول مرة في هذا السن، ويلعب بشكل دائم وينجح.

    الفرق التي ستأتي هي فرق تبحث عن لاعب أساسي وبشكل مباشر، وبالتالي هي فرق لن تدفع مبلغاً مالياً كبيراً مقنعاً للأهلي على العكس من الأندية الصينية، لأنها على الأغلب لن تكون من فرق الطبقة الأولى في أوروبا، التي لم يعرف عنها أبداً المغامرة بجلب لاعب أسيوي فوق 27 سنة بشكل مباشر، ولو وجدت حالات سيكون لها دوافع تجارية بحتة.

    بعض الفرق بحجم أياكس أو نابولي ارتبطت سابقاً بعمر السومة، لكن سيفكرون على الأغلب بالاستعارة أولاً ثم الشراء، وذلك للتحقق من قدرات اللاعب على النجاح قبل دفع المال، وهو أمر لن يناسب الأهلي بنسبة كبيرة.

    باقي الفرق التي ستكون مستعدة للمغامرة بشراء مباشر، هي الفرق المتوسطة ومشكلتها أنها لن تدفع أموالاً كبيرة، وبالتالي فإن الرحيل هنا يتوقف على الأهلي واتفاقه مع اللاعب.

    الرحيل إلى أوروبا بات صعباً بسبب السن الذي وصل له عمر السومة، لكن حلماً مدفوناً منذ عام 2012، حيث كاد يلتحق بنوتنجهام لولا رفض منحه تصريح عمل بسبب قوانين العمل في بريطانيا، قد يجعله يبحث عن مخرج.

    لو استطاع عمر إيجاد حل والذهاب لأوروبا، فإنه يملك الفطرة التهديفية ويملك حسن التمركز، ولكنه سيواجه صعوبة في البداية بأن هناك حسن توقع أفضل من قبل المدافعين، ومستوى أعلى من الحراس، وحتى يتأقلم على ذلك فإنه سيعاني في البداية.

    معاناة البداية هي اختبار حاسم، فلو تحمله وبقي بتركيزه وقوة شخصيته، سيتأقلم ويعود للتسجيل، ويترك بصمة إيجابية في أوروبا، لأنه يملك فطرة الطريق إلى المرمى، لكنه بالتأكيد لن يسجل معدلاً هائلاً مثل هدف في المباراة، فهناك حكاية أخرى من كرة القدم.