من هو مستعد لتغير استراتيجية عمل ناجحة وتجلب الانتصارات في وقت حساس؟ أعتقد الجواب معروف مسبقاً على هكذا سؤال، الوصول لتوليفة ناجحة وخطة تجلب النتائج الإيجابية في عالم كرة القدم يدفع المدرب دائماً للتمسك بها، بل وتكرارها مرة تلو الأخرى للاستفادة من إيجابيتها قدر المستطاع.

لذلك حينما نتحدث عن تقديم برشلونة شوط أول حذر في معظم مباريات الموسم الحالي ورغم ذلك يحقق الانتصارات، شوط يغلب عليه العمل الدفاعي، التقارب بين الخطوط، الانضباط التام في المستطيل الأخضر، وقلة النشاط هجومياً، لا نستطيع بعد ذلك لوم إرنستو فالفيردي على هذا النهج لأنه جلب له الانتصارات، الواقعية في الشوط الأول، ثم الحسم بقوة في الشوط الثاني مع استغلال انخفاض تركيز المنافس وتراجع قدراته البدنية.

فالفيردي يطبق استراتيجية ناجحة ولا يمكن لومه عليها، بل يمكن القول بأنه مدرب ذكي عرف كيف ينتشل برشلونة من الضياع في وقت صعب ليصعد به إلى قمة الدوري الإسباني.

لكن هل يجب أن تكون الاستراتيجية مختلفة ضد تشيلسي؟

كما قلت سابقاً، تغيير استراتيجية ناجحة ليس بالأمر الهين، لكن أحياناً يكون المدرب مضطراً لقراءة المستقبل، قراءة طبيعة المباراة والمنافس والبطولة التي يشارك فيها، ليقرر بالنهاية اللجوء إلى إجراء جديد وغير متوقع بناءً على سير الموسم.

كثيرة هي الأمثلة على ذلك، فعلى سبيل المثال ريال مدريد في عهد كارلو أنشيلوتي، طبق نهج مغاير تماماً لفلسفة أنشيلوتي موسم 13\2014 أمام بايرن ميونخ في نصف النهائي واستطاع من خلال ذلك الوصول للنهائي، كذلك فعل أتلتيكو مدريد ضد برشلونة في إياب ربع نهائي 2015\2016 حينما فاجأ البرسا بالضغط العالي والأداء الهجومي منذ بداية اللقاء واستطاع الانتقال للدور التالي حينها.

مسابقة دوري أبطال أوروبا مختلفة تماماً عن الدوري الإسباني من حيث الحافز لدى اللاعبين للقتال فيها، قوة المنافس على صعيد اللاعبين أو على صعيد المدرب، سرعة الأداء، القوة البدنية والالتحامات في أرض الملعب.

دوري الأبطال يتفوق تماماً على الليجا في جميع النقاط السابقة، مما يجعل طريقة عمل فالفيردي بتقديم شوط أول كامل على طريقة جس النبض واستنزاف المنافس بدنياً ونفسياً مخاطرة كبيرة لعدة أسباب:

FBL-ESP-CUP-VALENCIA-BARCELONA

1- لا يشترط نجاحك بالحفاظ على نظافة الشباك أمام لاعبين بمستوى عالي مثل إيدين هازارد، ألفارو موراتا، سيسك فابريجاس، وغيرهم، خصوصاً إن امتلكوا ميزة استغلال الكرات العرضية العالية، وهو سلاح قادر على تحطيم أي دفاع متكتل مهما كانت درجة قوته.

تلقي برشلونة هدف في الشوط الأول، مع عدم محاولته الرد على ذلك سيكون له تأثير نفسي سلبي على الفريق في الشوط الثاني، فالمنافس فريق كبير وربما لن يسمح لك بالعودة في أجواء اللقاء على طريقة سوسيداد وغيرهم.

2- تشيلسي يعاني نفسياً بالوقت الحالي بسبب تذبذب النتائج، لذلك الأفضل أن لا تمنحه فرصة لإعادة اكتساب الثقة عبر التراجع امامه في الشوط الأول، الأفضل أن تضغط على جرحه وتحاول وضعه تحت الضغط العالي والمتواصل في بعض الدقائق، مع محاولة الاستحواذ على الكرة واللعب بأسلوب هجومي بين الحين والآخر.

3- المنافس ربما لن يكون خائفاً مثلما يحصل في الدوري الإسباني، تراجع برشلونة للخلف كان يقابله دائماً خجل من المنافس في شن الهجمات واللعب على الهجوم المرتد، لكن كما قلت سابقاً في دوري الأبطال تبدأ المباراة بشكل جنوني منذ الثانية الأولى وهذا ما أثبتته مواجهات يوفنتوس ضد توتنهام وريال مدريد ضد باريس، مما يعني أن تشيلسي لن يكون خجولاً باعتباره فريق كبير يرغب بمواصلة مشواره في البطولة، وهذه تجربة جديدة لن تكون في صالح برشلونة.

طبعاً، بعد هذا كله لا أقول بأن برشلونة يجب أن يهاجم طوال الشوط الأول، هذا انتحار تكتيكي وفني وبدني، المقصود هو أن يدخل البرسا بشخصية قوية للقاء، يطبق الضغط العالي في بعض الفترات، يستحوذ على الكرة في فترات أخرى، ثم يتراجع للخلف بواقعية فالفيردي.

تقسيم الشوط لعدة أقسام من الوقت وتطبيق عدة استراتيجيات فيها سيكون في صالح البرسا وسيوفر عنه عناء التعرض لضغط تشيلسي لمدة 45 دقيقة، مثلما سيجعل المنافس على وعي تام بأن برشلونة قادر على وضعه تحت الضغط ومحاصرته والوصول إلى شباكه في أية لحظة.

فيديو مهم : كيف قلب ريال مدريد الطاولة على ريال بيتيس