بطاقات حمراء ظالمة ترتدي قناع العدل!

محمود حمزة 18:33 21/01/2018
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • هلوسة كروية” سلسلة مقالات رياضية ساخرة لا تهدف سوى إلى رسم ابتسامة بسيطة على شفتي القارئ.. دون أغراض أخرى دنيئة! قد يراها البعض كوميدية ومضحكة، وقد يراها البعض الآخر تافهة وسخيفة.. كما أرى أنا! لكن يجب أن نتفق على أن هذه الفقرة بريئة جداً، لدرجة أن الباحث عن أدلة براءتها سيجد الكثير.. من أدلة الإدانة! لكنها حقًا لا تُكتب تأثرًا بمشاعر حب أو كراهية تجاه أي فريق أو لاعب، حتى وإن بدا أنها تحمل مشاعر كراهية وحقد.. تجاه الجميع!

    تعرض جيمس مكارثي لاعب إيفرتون لإصابة مرعبة أثناء مباراة فريقه ضد وست بروميتش في الدوري الإنجليزي بالأمس، وحدثت الإصابة عندما أراد سالومون روندون مهاجم وست بروميتش أن يسدد الكرة فتدخل مكارثي لينقذ مرمى فريقه من هدف، فسدد روندون قدمه بدلاً من تسديد الكرة!

    إصابة مفزعة؛ كسر مزدوج في الساق، بكى الفنزويلي عندما شاهد ساق الآيرلندي، لكنه لم يحصل على بطاقة حمراء أو صفراء، بل لم يحتسب الحكم مخالفة ضده! وهذا هو القرار الصحيح! لماذا يعاقبه الحكم؟ لم يرتكب اللاعب مخالفة، وكل ما أراده هو تسديد الكرة في المرمى، ولم يكن يعلم أن لاعب التوفيز سيبعد الكرة ويضع ساقه في هذا المكان، واتخذ قرار التسديد كما يتخذه أي لاعب آخر، والاختلاف الوحيد بين هذه الحالة والحالات الأخرى التي تمر بسلام.. هو سوء الحظ!

    27044474_10212829790731298_1241018880_n

    يتعرض كثير من اللاعبين للظلم عندما يطردهم الحكام بسبب حالات مشابهة، يحاول اللاعب وضع قدمه على الكرة فيسبقه اللاعب المنافس ويحرك الكرة وتصبح قدمه في مكانها، فيدهس اللاعب الأول بقدمه قدم اللاعب الثاني، وهذه هي النتيجة الطبيعية والمنطقية.. والحتمية! فماذا يحدث؟ يطرده الحكم، ويهاجمه المشجعون والمحللون والصحافة.. ومنظمات حقوق الإنسان! ويطالبون بإيقافه.. لمدة عشر سنوات!

    وفي أحيان أخرى يحاول لاعب تسديد الكرة، فيتدخل لاعب آخر لإبعادها بقدمه.. أو برأسه! ما الذي يمكن أن يحدث في هذه الحالة؟ إذا أطلقت رصاصة على شخص ما، لكنه تحرك قبل أن تصل إليه الرصاصة وحل محله شخص آخر، هل تستطيع أن توقف الرصاصة؟! ربما تتوقف الرصاصة.. في الأفلام الهندية! لكنها لن تتوقف في الحقيقة، أو في الخيال!

    لا يختلف المثال السابق عما يحدث في مباريات كرة القدم، تتلقى قدم اللاعب أمر التسديد، ويبدأ تنفيذ الأمر، ويصبح إلغاؤه مستحيلاً! لن تتوقف قدمه بشكل مفاجئ، ولن يعرف أن لاعباً آخر سيضع قدمه أو رأسه في طريقها، سيشاهد نتيجة ما فعله، ربما يجد لاعباً يتألم ويصرخ، وربما يرى لاعباً بقدم مكسورة أو برأس يسيل منها الدماء، وفي هذه الحالة لن يستطيع أن يعترض إذا أخرج الحكم بطاقة حمراء، الشعور بالذنب أقوى من سلامة النية، ومشهد الإصابة يجعله يتقبل العقوبة، ورهبة الموقف لا تترك مجالاً للاعتراض، فيعتقد كثيرون أن الحكم اتخذ القرار العادل، ويصبح الظلم عدلاً!

    في المباراة الأولى بين مانشستر سيتي وليفربول في الدوري الإنجليزي هذا الموسم طرد الحكم ساديو ماني لاعب الريدز، وذلك بسبب تدخله بالقدم على وجه إيدرسون مورايس حارس السيتي، ولم يكن السنغالي يريد سوى استلام الكرة بقدمه، لكن وجه إيدرسون حل محل الكرة، الأمر بهذه البساطة!

    أثار هذا القرار كثيراً من الجدل، لكن الموقف لم يكن يحتمل هذا الجدل، حكم يرى حارساً قد تدمر وجهه والدماء تسيل منه بسبب تدخل لاعب آخر، والعاطفة تقول “لا بد من العقاب”! وإذا كنت ترى أن ماني لا يستحق الطرد، ستتقبل العقوبة عندما تشاهد الإصابة!

    بعد المباراة علق ثلاثة مهاجمين كبار سابقون على هذه الواقعة؛ آلان شيرر وجاري لينيكر وإيان رايت، أكد شيرر أن اللاعب يستحق الطرد، لكنه أكد أنه اتخذ القرار الصحيح! ودافع عنه قائلاً: “أريد وأتمنى أن يذهب اللاعبون إلى الكرة، رايت؛ أنا متأكد من أنك كنت ستذهب إلى الكرة، جاري؛ أنا متأكد من أنك كنت ستذهب إلى الكرة، وأعلم أنني كنت سأذهب إلى الكرة”! يقصد المهاجم الإنجليزي السابق أنهم جميعاً كانوا سيفعلون مثلما فعل ماني لو كانوا في مثل هذا الموقف!

    وقال لينيكر الذي ظل يدافع عن ماني لفترة طويلة بعد هذا الطرد: “أي مهاجم كان سيفعل نفس الشيء وسيحاول الفوز بالكرة.. كل لاعب كان يركض نحو الآخر بسرعة كبيرة، كان يحاول فقط أن يلعب الكرة مثلما كان سيفعل أي مهاجم آخر”!

    وأكد رايت أن اللاعب اختار القرار الصحيح، وهو محاولة الفوز بالكرة، وقال: “أنتم تعرفون أنه لو لعب الكرة ومر من الحارس سيصبح أمام المرمى الخالي”!

    تعرّض من دافعوا عن لاعب ليفربول لهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن هذه المواقف تحدث في جميع المباريات تقريباً، ولا نشعر بذلك! والاختلاف الوحيد كما ذكرت من قبل.. هو سوء الحظ! تختلف النتيجة بسبب ثانية، أو جزء من الثانية! ولو وصل ماني إلى الكرة قبل حارس المرمى كانوا سيشيدون بمهارته في استلامها على طريقة زين الدين زيدان! ولن يعرف اللاعب من سيصل إلى الكرة أولاً، لأنه لا يحمل مقياساً للسرعة والمسافة!

    في ربع نهائي كأس العالم 2002 بين البرازيل وإنجلترا حصل رونالدينيو على بطاقة حمراء بسبب تدخله على داني ميلز، هل كان رونالدينيو لاعباً يتعمد إيذاء الآخرين؟! طرده الحكم لأنه تدخل بقدمه بقوة ضد اللاعب الإنجليزي، لكن البرازيلي لم يفعل شيئاً سوى محاولة وضع قدمه على الكرة! هل هذه المحاولة تستحق الطرد؟!

    توضح الصور التالية ما حدث في هذه اللقطة، إذا نظرت إلى الصورة الأولى ستجد رونالدينيو يحاول أن يلعب الكرة بشكل طبيعي، وإذا رأيت الصورة الثالثة فقط ستقول “إنه مجرم، ويستحق الطرد والإيقاف.. والمحاكمة! لقد تعمد دهس قدم المنافس بقدمه، ولم يحاول لعب الكرة، لأن الكرة خلفه”.. لكن الحقيقة مختلفة، كانت الكرة أمامه، ثم أصبحت خلفه في ثانية أو أقل، بعدما انطلقت الرصاصة!

    27153351_10212828770105783_1953599074_n

    جزء من الثانية يصنع هذا الفارق، ربما يركل لاعبٌ قدم لاعب آخر أو وجهه بدلاً من الكرة بسبب جزء من الثانية، ولن يعرف اللاعب أنه سيدمر منافسه بسبب جزء من الثانية، سيعرف ذلك بعدما يشاهد النتيجة فقط، والأمثلة كثيرة جداً، وباستثناء الحالات التي يتعمد فيها لاعب إيذاء منافسه أو يلعب بتهور، لا يوجد اختلاف بين محاولة مرت بسلام ومحاولة تسببت في إصابة خطيرة إلا سوء الحظ فقط!

    هذا المقال يهدف إلى الفكاهة فقط، وما يرد فيه لا يعبر بالضرورة عن حقيقة أو رأي أو موقف

    تابع حلقات:  هلوسة كروية  –  هجمة مرتدة سريعة  –  هدف ملغى