إدينسون كافاني

لا يبدو أن النادي الباريسي الأغنى في فرنسا يعيش أفضل أيامه، تصريحات الرغبة في الرحيل وعدم السعادة من نجومه، وفرارهم عند أول فرصة متاحة، ولا يبدو كذلك أنه في قمة أدائه في أبطال أوروبا وإن كانت العبرة في الخواتيم لا في البدايات المتعثرة، كل هذه الأجواء السلبية التي تحيط بحديقة الأمراء لا تبدو غير مبررة، فبالنهاية يعلم الجميع أنه نادي تمت محاولة تضخيمه بالأموال، والأموال وحدها دون عوامل مساعدة أساسية لن تفعل الكثير، فهنا يتجلى المثل القائل بأن “المال لا يشتري السعادة”بأوضح صوره.

هذا النادي الفرنسي الذي ظهر للعلن بعد الاستثمارات القطرية، لن يستطيع التخلص من نظرة الازدراء نحوه بسهولة، ففي قارة لطالما تغنت بالأصول النقية والتاريخ المجيد، لا يفرض حامل اللقب احترامه في كتب التاريخ كأحد كبار أوروبا، فلا تصدح مدرجات بارك دي برانس بذكريات ملحمية لتتويج فريقها في بطولات الأبيض والأسود، ولا تروى القصص عن كتيبة رعب نثرت سحرها في أنحاء أوروبا في فترة من الفترات، وما هذه الكتيبة الأخيرة سوى شتات تم شراؤه من هنا وهناك دون ولاء حقيقي ودون الشغف الضروري ليرفع مشجع الفريق رأسه عالياً ويقول هذا فريقي الذي سيخضع هذه القارة على ركبتيها بجنونه.

14516347_1350051641707961_4697355826379759977_n

الاستثمارات في كرة القدم أضحت أمراً واقعاً، و يحق لكل مستثمر أن يحلم ببناء فريق أحلامه وأن يدخل العالم السحري لهذه المستديرة، فعلها من قبل تشيلسي ومانشستر سيتي، لكن في فرنسا التي لا تتمتع بالمنافسة الكافية فإن الاستثمار فيها لا يختلف كثيراً عن الاستثمار في الصين أو روسيا، تسمع عن صدى الأموال والصفقات ثم لاشيء آخر يهم، النجم الذي يرحل هناك يبتعد تماماً عن أجواء السحر الحقيقي للكرة في دوري لا يلفت انتباه أحد سوى كشافة المواهب، ولا يحتاج الكثير للقتال فيه فتخيم الرتابة على الأجواء و تخبو رغبة القتال في قلوب اللاعبين شيئاً فشيئاً، فحتى هذا الهبوط في المستوى في الدوري مرده الأجواء السلبية في حجرات ملابس الأمراء، لا تقارب مستواهم الفني مع منافسيهم.

لو كان لدي نصيحة أقدمها لمالك البي أس جي لنصحته أن يستثمر في الناشئين، لطالما كان الدوري الفرنسي قبلة للمواهب الشابة، وأن تشكل مجموعتك الخاصة التي ستثبت نفسها في أوروبا ستكون هذه القصة التي ستلهم الجميع، بدلاً من تكوين مجرة نجوم تسطع وحيدة ولا تنافس نظيراتها سوى كل حين، أما في حال أصرت إدارة الحمر والزرق على سياستها، فإن إنقاذها الوحيد يكمن في كاتلونيا.

فلو أصرت المقاطعة الأسبانية على الانفصال، ولو حدث ذلك في يوم ما، ولو تبع هذا الحدث انضمام برشلونة لمنافسات الدوري الفرنسي، فإن الأنظار كلها ستتجه نحو منافسة جديدة بين العاصمة باريس والمنضم حديثاً العملاق الكتلوني.

حتى تنافس نادياً مثل برشلونة يعني أن تضطر لأن تبني فريقاً لا يشق له غبار ويضم أغلى النجوم مع أهم المدربين، ومع وجود حافز التفوق على برشلونة سيكون لديك واحد من أفضل الأندية في أوروبا، والتفوق على نجاحات البرسا يعني أن تنافسه في حضوره الأوروبي وألقابه، وهذا لن يرفع سقف الطموح الباريسي وحسب، بل سيضعه حيز التنفيذ.

الاهتمام الإعلامي، توفير بيئة مغناطيسية تلقائية تجذب أهم النجوم، ارتفاع سقف الطموح، والكثير من العوائد والأموال، كل هذا سيتم حصده تدريجياً حال وصول فريق كبرشلونة للدوري الفرنسي، لكن كل هذا مرهون بعملية الانفصال لو حدثت، ليكون البي أس جي المستفيد الأكبر في حال تمت هذه الخطوة، وتعطيه الأدوات اللازمة ليقفز خطوات عملاقة نحو القمة المنشودة في أوروبا والعالم.

لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك