فجأة انقلبت الأمور على نافاس، الحارس الذي ولولت على غيابه الجماهير والصحف، ووضع اللاعبون أيديهم على قلوبهم بل وخسر الفريق نقطتان ثمينتان أكد الجميع استحالة ضياعهما لو كان الكوستاريكي من يقف بين دفتي المرمى عوضاً عن كاسيا، لكنه ما أن عاد حتى ارتكب خطأً وانتهى الأمر بالفريق الأسباني متعادلاً من جديد، ليبدأ البعض في إعادة النظر حول مستوى نافاس الحقيقي بعيداً عن التضخيم، وأحقيته بحراسة عرين بطل أوروبا، والتحسر وإطلاق اللعنات على الدقائق الأخيرة في سوق الانتقالات التي أفشلت انتقال دي خيا لصفوف النادي الملكي، كل هذا فيما يستمر لاعبون آخرون بارتكاب الهفوات التي تؤدي لضربات جزاء، وآخرون في إهدار الفرص المحققة؛ أو القابلة للتحقيق لو كانت بين أقدام لاعب أكثر شغفاً بتسجيل الأهداف.

يذكرني هذا الأمر ببرافو، الحارس الذي قدم الكثير لبرشلونة، لكن في مباراته الأخيرة ارتكب هفوة أدت لسكون هدف في المرمى الكتالوني، ليبادر البعض بالقول أن التخلي عن التشيلي لم يكن فكرة سيئة تماماً، والتذكير بسنه المتقدم نسبياً مقابل الشاب الذي يجلس متبرماً على دكه الاحتياط مهدداً بالمغادرة لو لم يأخذ فرصته الكاملة بحراسة خشبات مرمى البلوغرانا. الأمور لا تكون سهلة أبداً في اسبانيا، يجب عليك أن تبذل الكثير، أن تكون متألقاً على مدار ال90 دقيقة في المباريات، تستمر وتستمر في العطاء ، أو ببساطة؛ أن تكون أسبانياً أو من اكتشاف النادي أو ذو قيمة مالية حتى تحظى بالحماية اللازمة.

Club+Atletico+de+Madrid+v+Real+Madrid+jbyZBqkRpCBl

نافاس الذي جاء للريال كحارس احتياطي ذو مستوى جيد يؤمن الفريق بحالة غياب أو تراخي مستوى الحارس الأساسي كاسياس، يبدو أنه لم يقنع عشاق ومتابعي ريال مدريد تماماً بعد، بالرغم من المستوى العالي الذي يقدمه، فتشكيلة الريال ستبدو أكثر إغراءاً لو كان دي خيا فيها مكان نافاس، إعلامياً، وعلى مستوى قيمة اللاعبين كون الشاب الأسباني الحارس الأول في تشكيلة اللاروخا.

وحتى من ناحية العطاء في المستقبل وتأمين هذا المركز لسنوات قادمة، أما الكوستاريكي، فل يشفع له سوى مستواه، ومستواه فقط هو من سيؤمن مستقبله في تشكيلة المال والذهب، لا وسائط ولا أي اعتبارات أخرى بعيداً عن حدود المستطيل الأخضر. لا أحد يستطيع أن يقول أن هذه الاعتبارات خاطئة، فهذه هي كرة القدم الحديثة، لعبة الحماس والشغف والجماهير، والأموال والإعلام والدعاية، تداخل هذه العناصر أصبح أمراً لا بد منه، ويستحيل على الأندية الكبرى أن تدرس صفقاتها القادمة دون الأخذ بكل هذه العوامل بعين الاعتبار، لكن غياب هذه العناصر الجاذبة عن أحد اللاعبين الذي لا يملك سوى موهبته وشغفه يجب أن لا يدفعنا للتخلي عنه عند أول خطأ، ولا تبرر لوسائل الإعلام الأسبانية تركيزها على الأمر وعلى استياء زملائه من خطئه في لحظة لوم طبيعية في المباراة، في رسالة خفية عن استعدادها الدفع بنافاس ككبش فداء لهبوط مستوى الفريق لو تراجع خطوة واحدة فقط عن كونه رائعاً، ففي النهاية ملفه سيكون الأقرب والأنسب للتضحية به إذا احتاجت الضرورة.

قليل من الصبر، وكثير من الوفاء تجاه من أبقى الريال في أجواء المنافسة حتى الأمتار الأخيرة في بطولات الموسم المنصرم حتى توج بطلاً لأوروبا، وشيء من الإيمان بقدرته على فعل الشيء نفسه هذا العام حتى لا يخرج النادي الأبيض بخفي حنين في نهاية الموسم!.

لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك