ربما يكون سيرجيو راموس واحدًا من أكثر الألغاز الكروية في كرة القدم، فكيف يمكن للاعب واحد أن يتأرجح تقييمه بين المتابعين ما بين مدافع عادي (هناك من يذهب إلى وصفه بالسيء) وبين اعتباره من قبل البعض الأفضل في التاريخ؟
مسألة تقييم المدافعين هي مسألة أصعب كثيرًا من تقييم المهاجمين. غالبية من يتابع كرة القدم يتابع كرة القدم! لا، لا يوجد هناك خطأ كتابي لكن من يتابع المباريات من الطبيعي أن تكون جُل مشاهدته هي للكرة نفسها ومن يتحرك بها أكثر مما يحدث في أماكن أخرى على الشاشة وبالتالي فإن المشاهد يحصل على فرصة معقولة نوعًا ما للحكم على اللاعبين المهتمين أكثر بالشأن الهجومي من خلال تحكمهم بالكرة سواء بالمراوغات أو الانطلاقات أو التمريرات أو التسديدات.
لكن ماذا عن المدافعين؟ من الصعب على غالبية المتابعين ترك الكرة نفسها والانشغال بمتابعة باقي اللاعبين الذين يتحركون دونها خاصة من جانب لاعبي الفريق الذي لا يمتلك الكرة، وبالطبع فإن غالبية المتابعين لا ينوون مشاهدة إعادة للمباراة لمتابعة أشياء أخرى تحدث في أماكن غير محيط الكرة نفسها.
لذلك تقتصر مسألة الحكم على المدافعين غالبًا على العرقلة المشروعة وقطع الكرة والدفاع بالرأس وتفادي المراوغة 1 لـ1 وإن نجحت في أغلبها ستُبهر الأعين التي رُغمًا عنها تكون مضطرة لتجاهل التفاصيل التي لا تأتي إلا بالتركيز فيها وترك الكرة كالتحركات والتمركز وتلك الأشياء التي لا يمكن رصدها إلا بأكثر من مشاهدة أو التضحية بالتركيز مع الكرة.
ربما يكون سيرجيو راموس واحدًا من أكثر الألغاز الكروية في كرة القدم، فكيف يمكن للاعب واحد أن يتأرجح تقييمه بين المتابعين ما بين مدافع عادي (هناك من يذهب إلى وصفه بالسيء) وبين اعتباره من قبل البعض الأفضل في التاريخ؟
مسألة تقييم المدافعين هي مسألة أصعب كثيرًا من تقييم المهاجمين. غالبية من يتابع كرة القدم يتابع كرة القدم! لا، لا يوجد هناك خطأ كتابي لكن من يتابع المباريات من الطبيعي أن تكون جُل مشاهدته هي للكرة نفسها ومن يتحرك بها أكثر مما يحدث في أماكن أخرى على الشاشة وبالتالي فإن المشاهد يحصل على فرصة معقولة نوعًا ما للحكم على اللاعبين المهتمين أكثر بالشأن الهجومي من خلال تحكمهم بالكرة سواء بالمراوغات أو الانطلاقات أو التمريرات أو التسديدات.
لكن ماذا عن المدافعين؟ من الصعب على غالبية المتابعين ترك الكرة نفسها والانشغال بمتابعة باقي اللاعبين الذين يتحركون دونها خاصة من جانب لاعبي الفريق الذي لا يمتلك الكرة، وبالطبع فإن غالبية المتابعين لا ينوون مشاهدة إعادة للمباراة لمتابعة أشياء أخرى تحدث في أماكن غير محيط الكرة نفسها.
لذلك تقتصر مسألة الحكم على المدافعين غالبًا على العرقلة المشروعة وقطع الكرة والدفاع بالرأس وتفادي المراوغة 1 لـ1 وإن نجحت في أغلبها ستُبهر الأعين التي رُغمًا عنها تكون مضطرة لتجاهل التفاصيل التي لا تأتي إلا بالتركيز فيها وترك الكرة كالتحركات والتمركز وتلك الأشياء التي لا يمكن رصدها إلا بأكثر من مشاهدة أو التضحية بالتركيز مع الكرة.
في الدفاع بالرأس وتفادي المراوغة 1لـ 1 ربما يكون سيرجيو راموس واحدًا من ضمن الأفضل، ففي الأعوام الـ10 الأخيرة لا نتذكر سوى ليونيل ميسي الذي كان قادرًا على المرور بشكل متكرر وليس في لقطة عابرة من راموس بينما كان عصيًا فعلًا أن تعبر من هذا الأخير في مراوغة عادلة تم التحضير لها من قبل الطرفين قبل الدخول في الاشتباك المثير.
أما في مسألة الارتقاءات الرأسية فحدث ولا حرج عن سيرجيو راموس الذي من الصعب أن تتغلب عليه في الصراعات الهوائية على المستوى الدفاعي أما في الهجوم فقد كان بطلًا لكم هائل من اللقطات الفارقة لريال مدريد أبرزها هدف إنقاذ العاشرة الأشهر في مسيرته بالتأكيد.
على صعيد العرقلات المشروعة tackles فإن راموس يقدم بعضًا من اللقطات المميزة في هذا الصدد وإن كانت ليست من أهم نقاط قوته وكذلك يقدم عديد اللقطات اللافتة والجذابة للعين على صعيد قطع التمريرات (interceptions) وهنا نأتي لبيت القصيد.
راموس واحد من أفضل المدافعين في العقد، ولا أستهجن أن يعتبره البعض الأفضل في العقد بشكل عام، لكن إن أتى الحديث عن اعتباره الأفضل في التاريخ أو حتى من ضمن الأفضل في التاريخ فإن الحساب والتقييم يكون مختلفًا تمامًا.
إن كانت العرقلات المشروعة والرأسيات المبهرة وقطع الكرات هي أكثر ما يلفت المتابعين بالنسبة للمدافعين على اعتبار أن كلها مرتبط بوجود الكرة في المشهد، فماذا يحدث عادة عندما يفشل راموس في قطع التمريرات وتبدأ الكرة في الخروج من المشهد الذي يتواجد به الظهير الأيمن الذي تحول إلى قلب دفاع؟
هناك حالة من الهوس لدى راموس في مسألة قطع الكرات.. الرجل لديه استعداد للتضحية بأمور أغلى دفاعيًا لصالح المخاطرة بلقطة قد لا تكون فرصته كبيرة في النجاح فيها. كل المدافعين عليهم أن يضعوا في ذهنهم مسألة قطع الكرة لكن لا يأتِ ذلك على حساب المهمة الرئيسية لهم، وهي عدم السماح لمكانهم أن يكون الثغرة التي ينفذ منها المنافس.
لنأخذ تلك اللقطة مثالًا.. راموس يتحرك باتجاه إيفان راكيتيتش بشكل غير ضروري في تلك المرحلة -لوجود كاسيميرو في الصورة- تاركًا مكانه أملًا في القيام بعرقلة مشروعة، ومن ثم يستغل الكرواتي الأمر ببساطة ويتبادل الكرة مع سيرجي روبيرتو الذي يمرر لراكيتيتش في المساحة الخالية التي تركها راموس دون ضرورة قصوى ليسجل راكي الهدف الوحيد في المباراة.

صور هدف راكيتيتش توضيح لتحرك راموس والمساحة التي تركها خلفة وتمريرة راكيتيتش لروبيرتو ثم إعادتها من جديد.
مثال آخر.. راموس يعود من دائرة اللاتمركز ملقيًا بكل بصره على الكرة دون إدراك للمساحة التي حاول مهاجم أتلتيك بلباو إينياكي ويليامز استغلالها خلفه لكن تحرك فاران الممتاز (الذي عادة لا تراه عيناك وأنت تشاهد المباراة لأنه تحرك بعيد عن الكرة كما أسلفنا) حال دون استغلال ويليامز لهذه الثغرة.

لكن فداحة الأمر هو أن راموس استمر مهمومًا بالكرة قبل كل شيء أملًا في المواجهة والعرقلة المشروعة أو في قطع الكرة باعتراضها ليستغل أوسكار دي ماركوس الأمر للمرة الثانية في 10 ثوانٍ ويتلقى التمريرة خلف راموس ليكمل الهجمة التي سجل منها إيكر مونياين هدف النادي الباسكي في تلك المباراة.
الأمر في بعض الأحيان وصل إلى أن يكون استغلال هوس راموس باعتراض الكرة هو أحد الأفكار التي يبني عليها المدربون خططهم.
هنا يمكن ملاحظة كيف تم استخدام سيرجي روبيرتو كطُعم لجذب سيرجيو راموس وإخلاء المساحة خلفه. يتحرك روبيرتو للخلف لينطلق معه راموس دون داعي حقيقي أملًا في القطع اللافت للكرة لكن الكرة بدلًا من ذلك تُمرر لسيرجي بوسكيتس الذي يُرسلها إلى سيميدو ليُخرج راموس من اللعبة تمامًا، فيضطر معها كاسيميرو إلى إنقاذ الموقف بعدما استغل ديمبلي المساحة التي يُفترض من راموس الانقضاض على الجناح الفرنسي فيها، وبوم .. هدف قاتل للبرسا يُنهي كل شيء في إياب نهائي كأس الملك.

يمكن ملاحظة أنه في كل اللقطات السابقة يحاول فاران أو كاسيميرو التقليل من فداحة المشكلة، وهو بالضبط ما يفعله راموس أحيانًا في لقطات تخص فاران تحديدًا، لكنه كذلك يحاول فعل نفس الأمر مع كاسيميرو وهو ما يجعله يحاول تقديم شيء أكثر من المطلوب دون تحديد للأولويات، فالأولوية لدى المدافع دائمًا -وبالذات قلب الدفاع- ينبغي أن تكون عدم رأب الصدع بصدع أكبر وعدم إصلاح خطأ الغير بخطأ أكبر من جانبه، فهو اللاعب الذي لا يمتلك لاعبًا آخر خلفه وهو حائط الصد الأخير أمام المنافسين قبل الوصول للمرمى، ذلك دائمًا عليه أن يكون تقدمه محسوبًا فإن لم تمتلك فرصة واضحة مرجّحة لقطع الكرة، عليك بعدم ترك مكانك أبدًا لأن العواقب ستكون وخيمة وقتها مقارنة بأي لاعب آخر في الملعب باستثناء حارس المرمى.
أود أن ألفت النظر هنا إلى أن بدايات كارلس بويول كانت شبيهة لهذا الأمر، نفس التفكير في تغطية أخطاء الآخرين دون حساب مدى خطورة الوضع على مركزه الأصلي الأهم حتمًا بالنسبة للدفاع، لكن ربما كان بويول يفضّل أكثر التغطية خلف الأظهرة -مثلما يفعل راموس مع مارسيلو- لكنه لم يفعل ذلك كثيرًا مع لاعب الارتكاز، إلا أنه في النهاية توقف عن المخاطرة بمركزه لصالح أمور أقل أهمية لتتحول مسيرته بشدة للأفضل في سنواته الأخيرة.
تذكر دائمًا أننا نتحدث عن تقييم لإمكانية تقبل وصف سيرجيو راموس كأفضل مدافع في التاريخ أو أحد أفضلهم كما يرى البعض.
لذا، هل يمكن تقبّل أن يكون “المدافع الأفضل في التاريخ أو أحد أفضلهم”، سببًا رئيسيًا في خسارة فريقه لكل المباريات الفارقة في موسم واحد كلفته خسارة كل البطولات المحلية في هذا الموسم؟ يؤسفني أن أخبرك أن هذا حدث مع راموس في موسم 2014/2015.
ريال مدريد يقدم دور أول من الطراز الرفيع رفقة كارلو أنشيلوتي الذي أعاد دوري الأبطال إلى ريال مدريد ويتصدر الليجا في الموسم التالي لكن الميرينجي يتلقى الهزيمة في ملعب الميستايا بهدفين لهدف كان هدف الفوز فيها لنيكولاس أوتامندي الذي تفوق هوائيًا على راموس ليسجل برأسه.

في نفس الموسم كان راموس يخسر صراعًا هوائيًا آخر في مباراة أكثر أهمية هي كلاسيكو العودة أمام برشلونة الذي خسره الريال بهدفين لهدف كان أولهما من توقيع جيريمي ماثيو الذي ارتقى فوق الماتادور الإسباني ليسجل هدف التقدم.

الغريب أن راموس لم يكتفِ بهذا الخطأ في المباراة، فبعدما تعادل كريستيانو رونالدو للريال إذا به يغطّي التسلل على لويس سواريز الذي استقبل تمريرة طويلة ليسجل هدف التقدم والانتصار هذه المرة.

وإن كان الدوري في النهاية يتوقف على الكثير من الأمور المتعلقة بعدد كبير من المباريات فإن الكأس ربما يكون أكثر خطورة في مسألة ارتكاب الأخطاء في المباريات الهامة، لكن ذلك لم يمنع سيرجيو راموس من ارتكاب الأخطاء أمام أتلتيكو مدريد ذهابًا إيابًا! إيابًا بهدف قتل أي إمكانية لتعويض ريال مدريد لخسارته ذهابًا بعد ارتكابه لخطأ فادح في تمريرة دون مبرر مباشرة إلى أنتوان جريزمان.

وذهابًا بعد خطأ أكثر فداحة إثر تسببه في ركلة جزاء لصالح راؤول جارسيا في كرة ميتة من رمية تماس .

هل يمكن لأفضل مدافع في التاريخ أو أحد أفضل مدافعي التاريخ أن يحظى بكل تلك اللقطات الفادحة في المباريات المهمة في موسمٍ واحد؟ لا أظن
لكن دعنا نتوقف عند هدف الذهاب أمام أتلتيكو مدريد، فهو هدف من خطأ ليس ضروريًا. كل المدافعين يُخطئون بالتأكيد لكن مشكلة راموس وآخرين أن بعضًا من أخطائهم ليست ضرورية فعلًا، وكل ما عليهم هو تفادي الاندفاع الأهوج خلف الكرة وعدم نسيان أي شيء آخر لابد من التعامل معه بحرص في طريق الوصول للكرة. جسد المنافس على سبيل المثال!
مثلما كان راموس بطل لقاءات هامة لريال مدريد في دوري الأبطال، إلا أنه كان مصرًا بلا هوادة على إضاعة فرصة ريال مدريد في بلوغ النهائي الثالث على التوالي مع زين الدين زيدان، وتحديدًا في لقاء العودة أمام بايرن ميونخ في عام 2018.

فبعد تسببه في الهدف الأول بإخراج سيء للكرة أمام جوشوا كيميتش، كان راموس يرتكب أخطاءً مشابهة لما فعله أمام راؤول جارسيا وفي مرتين متتاليتين على مدار الشوطين أمام روبرت ليفاندوفسكي داخل منطقة الجزاء لكن كانت الأقدار رحيمة به بعدما لم يشاهد الحكم تلك اللقطتين.
الإبحار في أخطاء مماثلة لسيرجيو راموس لن يكون سوى إطالة ليس لها ضرورة، تمامًا كبعض أفعال مدافع الميرينجي المتهورة، لكن هل يعني هذا أن راموس الوحيد الذي يُخطئ؟ بالطبع لا، ومن السذاجة القول بأن هناك مدافعًا لا يرتكب الهفوات.
لكن في نفس الوقت فإن عدد الأخطاء التي ارتكبها راموس في تاريخه تفرض نظرة أكثر واقعية تجاه مسيرته .. راموس قائد لا يشق له غبار يمتلك شخصية عظيمة داخل الملعب تمنح زملاءه الكثير من الثقة، ومع المميزات الأخرى التي يمتلكها كصعوبة مراوغته (رونالدينيو وميسي استثناء لأنهم قادرين على مراوغتك أنت شخصيًا من التلفاز) وتدخلاته المميزة وتفوقه الكبير في الصراعات الهوائية، فإن ذلك يضعه دون شك ضمن الأفضل في هذا العقد.
إلا أنني لا أتخيل أن أضع راموس إلى جانب باريزي ومالديني وعمالقة تاريخيين قلما كان لديهم هذه الأخطاء، وإن حدثت فهي لا تكون متكررة بهذا الشكل في أسلوب لعبهم، وإلا لم يكن ليتم وضعهم في منزلة تاريخية لم يصلوا إليها إلا لأنهم على العكس من راموس .. يجعلون الأمور أكثر صعوبة على المحللين للعثور على أخطائهم!