يعاني الكثيرون من صعوبة فهم الأسباب التي تجعل لاعباً مثل تيمو فيرنر يسجل عدداً كبيراً من الأهداف، فتحليلات كثيرة تتحدث عن عدم قدرة اللاعب على التواجد كرأس حربة ومواقع التواصل الاجتماعي تذكّرنا دائماً بأن فيرنر قد يُضيع فرصاً بغاية السهولة في صورة تجعلنا نتساءل عمّا إذا كان اللاعب يمتلك حساسية الهداف فعلاً وهنا لابد أن نسأل… كيف أصبح فيرنر رابع أفضل هدافي الدوريات الأوروبية الموسم الماضي، بعد إيموبيلي وليفاندوفسكي ورونالدو، ولماذا شاهدنا كل هذا الصراع على ضمه؟
إذا ما نظرنا لأرقام اللاعب بالمواسم الماضية سنشاهد تفاوتاً كبيراً بين فترة وأخرى ففي موسمه الأخير بشتوتغارت “2015\2016” سجل اللاعب 6 أهداف في 33 مباراة، شارك أساسياً في 26 منها، ومن بعدها بموسمه الأول بلايبزيغ سجل 21 هدفاً في 31 مباراة تحت إشراف هاسينهوتيل قبل أن ينخفض رقمه بالموسم التالي إلى 13 هدف في 32 مباراة و16 هدف في 30 مباراة بالموسم الذي تلاه والذي لعب فيه تحت إشراف رانجنيك ثم عاد للتقدم والوصول إلى 28 هدف في 34 مباراة بالدوري بأول مواسم ناغيلسمان في لايبزيغ وهو ما يُظهر لنا مدى تأثر أرقام فيرنر بتغير أسلوب لعب الفريق بكل موسم وتغيّر المدرب لذا فيرنر ليس هدافاً بالفطرة بل يحتاج فيرنر لطريقة تجعل منه فعالاً بالتسجيل وهذه الطريقة غالباً قد تختلف عمّا قد يحتاجه أي هداف آخر بالفرق الكبرى.
رغم امتلاك اللاعب لمهارة جيدة إلا أن الكثير من أهدافه في لايبزيغ لم تأتِ من فاصل فردي بل كانت نتيجة عمل جماعي قد يكون له هو دور كبير بإنشائه بظل قدرته بأوقات كثيرة على النزول للخلف وصناعة اللعب قبل الانطلاق للأمام والتسجيل.
لا يُجيد فيرنر القيام بأدوار رأس الحربة الكلاسيكية مثل الالتحامات الهوائية أو السعي لسحب المدافعين باتجاهه وترك المساحات للآخرين فطبيعة اللاعب البدنية لا تساعده على ذلك لذا فإن محاولات إشراكه كرأس حربة لم تأتِ بنتائج إيجابية ولنا بكأس العالم 2018 خير دليل حيث لعب بهذا المركز 3 مباريات سدد فيها 7 مرات ولم يسجل ليساهم بخروج المانشافت من الدور الأول.
يعاني الكثيرون من صعوبة فهم الأسباب التي تجعل لاعباً مثل تيمو فيرنر يسجل عدداً كبيراً من الأهداف، فتحليلات كثيرة تتحدث عن عدم قدرة اللاعب على التواجد كرأس حربة ومواقع التواصل الاجتماعي تذكّرنا دائماً بأن فيرنر قد يُضيع فرصاً بغاية السهولة في صورة تجعلنا نتساءل عمّا إذا كان اللاعب يمتلك حساسية الهداف فعلاً وهنا لابد أن نسأل… كيف أصبح فيرنر رابع أفضل هدافي الدوريات الأوروبية الموسم الماضي، بعد إيموبيلي وليفاندوفسكي ورونالدو، ولماذا شاهدنا كل هذا الصراع على ضمه؟
فيرنر المتحول
إذا ما نظرنا لأرقام اللاعب بالمواسم الماضية سنشاهد تفاوتاً كبيراً بين فترة وأخرى ففي موسمه الأخير بشتوتغارت “2015\2016” سجل اللاعب 6 أهداف في 33 مباراة، شارك أساسياً في 26 منها، ومن بعدها بموسمه الأول بلايبزيغ سجل 21 هدفاً في 31 مباراة تحت إشراف هاسينهوتيل قبل أن ينخفض رقمه بالموسم التالي إلى 13 هدف في 32 مباراة و16 هدف في 30 مباراة بالموسم الذي تلاه والذي لعب فيه تحت إشراف رانجنيك ثم عاد للتقدم والوصول إلى 28 هدف في 34 مباراة بالدوري بأول مواسم ناغيلسمان في لايبزيغ وهو ما يُظهر لنا مدى تأثر أرقام فيرنر بتغير أسلوب لعب الفريق بكل موسم وتغيّر المدرب لذا فيرنر ليس هدافاً بالفطرة بل يحتاج فيرنر لطريقة تجعل منه فعالاً بالتسجيل وهذه الطريقة غالباً قد تختلف عمّا قد يحتاجه أي هداف آخر بالفرق الكبرى.

رغم امتلاك اللاعب لمهارة جيدة إلا أن الكثير من أهدافه في لايبزيغ لم تأتِ من فاصل فردي بل كانت نتيجة عمل جماعي قد يكون له هو دور كبير بإنشائه بظل قدرته بأوقات كثيرة على النزول للخلف وصناعة اللعب قبل الانطلاق للأمام والتسجيل.

لا يُجيد فيرنر القيام بأدوار رأس الحربة الكلاسيكية مثل الالتحامات الهوائية أو السعي لسحب المدافعين باتجاهه وترك المساحات للآخرين فطبيعة اللاعب البدنية لا تساعده على ذلك لذا فإن محاولات إشراكه كرأس حربة لم تأتِ بنتائج إيجابية ولنا بكأس العالم 2018 خير دليل حيث لعب بهذا المركز 3 مباريات سدد فيها 7 مرات ولم يسجل ليساهم بخروج المانشافت من الدور الأول.

كيف وظفه ناغيلسمان؟
قسم مدرب لايبزيغ العمل بين يوسف بولسن وتيمو فيرنر بطريقة مثيرة حيث يقوم بولسن بكل الأعمال المزعجة التي يحتاج رأس الحربة لإتقانها كالالتحام والتحرك بطريقة تساعد الآخرين على الوصول بالوقت الذي تكون فيه مهمة فيرنر هي الأعمال الأنيقة للمهاجم كالمراوغة والتحرك بالمساحات وبناء اللعب والهروب خلف الدفاع والتسجيل ومن ثم بدأ المدرب بأوقات عديدة إعطاء الأدوار المزعجة لباتريك شيك الذي كان يجيد أيضاً القيام بها بكفاءة جيدة لذا يمكننا من خلال هاتين الصورتين فهم مدى ابتعاد فيرنر عن اللعب كرأس حربة كلاسيكي حيث سنستعرض بالصورة الأولى الخريطة الحرارية لتحركات فيرنر بالبوندسليغا بالموسم الماضي وبالثانية الخريطة الحرارية لتحركات ليفا بنفس البطولة وفي نفس الموسم.

يملك فيرنر سرعة عالية بالانطلاق والجري مع وبدون كرة، أمام مونشنغلادباخ بذهاب الموسم الماضي وضع اللاعب الكرة أمامه وجرى بسرعة وصلت لـ35 كيلومتر بالساعة كي يصل لها ويتجاوز الدفاع ويسجل الهدف الثاني، لكن حين يلعب كرأس حربة قد يغلب الطابع البدني للمدافعين على سرعته لذا يفضل فيرنر أن يذهب دائماً للمساحة الموجودة بين الدفاع والوسط واختيار مكان الانطلاق كما يشاء بصورة تصعب على المدافع العمل لإغلاق المساحة وتجعله يعاني أمام سرعة اللاعب كما تبدو فكرة لحاق المدافع بفيرنر سيئة بظل عدم قدرته على مواكبته حين يختار عكس حركته والتحول للأمام.

إذا نظرنا لهدف اللاعب الأول بمرمى غلادباخ بذهاب الموسم الماضي سنرى أنه كان محاصراً بين ثلاثة مدافعين لكن لم يكُن أي منهم أمامه بشكل مباشر لذا خلال حوالي ثانية فقط بعد تمرير فورسبيرغ الكرة وجد فيرنر لنفسه مكاناً داخل المنطقة ليسيطر على الكرة ويسجل.

بلقطة أخرى يمكننا أن نرى تمركز اللاعب خلال لقطة الهدف الثاني لتشيلسي بمرمى ساوثامبتون هذا الموسم “الصورة الموجودة بالأسفل” حيث احتاج الألماني لأقل من ثانيتين كي يضع نفسه أمام المدافع ويحمي الكرة وينطلق للتسجيل وهو زمن ممتاز خاصة مع تمكن فيرنر من الحصول على مسافة جيدة بوقت قصير مما ساعده على ترويض الكرة والتسجيل.
يعتمد فيرنر أيضاً على مبدأ بسيط يستخدمه المدربون بمختلف العالم وهو ما يُعرف بالـ”over lap” أي قيام لاعب بتسليم الكرة خارج منطقة الجزاء للاعب موجود على الطرف ثم الجري نحو القائم البعيد واستقبال العرضية للتسجيل وضمن هذا الخيار تمثل السرعة العالية شرطاً أساسياً للنجاح وفيرنر يستمتع بشكل كبير بالقيام بهذا لأن تسليمه الكرة بالخلف يعطيه المساحة التي يريدها للانطلاق والاستفادة من وجود لاعب آخر على القائم القريب، بالمجمل يحاول فيرنر غالباً ألا يكون اللاعب الموجود عند القائم القريب بأي هجمة فإما أن يكون مواجهاً لمنتصف المرمى أو ذاهباً للطرف البعيد حيث يقل الاعتماد على الالتحام البدني وترتفع فرصة السرعة.

هل يختلف توظيفه في تشيلسي؟
حين جاء فيرنر لتشيلسي تحدث الجميع عن ضرورة ألا يوظفه لامبارد كرأس حربة وفعلاً استمع المدرب لهذا الأمر وغيّر له مركزه أمام ليفربول بالجولة الثانية وحوله كجناح مع تحويل هافيرتز لرأس حربة ليلعب بعدها أمام ويست بروميتش وكريستال بذات المركز لكن بكل هذه المباريات الثلاث كان أداء فيرنر صادماً حيث لم يخلق أي شيء مثير بالمباراة.
بعد المباراة الأولى لفيرنر بالبريميرليغ ضد برايتون قال اللاعب “وجدت مدافعين أكثر ضخامة لكن رأيت مساحات أكثر”.

من خلال هذا التصريح يمكننا أن ندرك أن المشاكل التي كان فيرنر يعاني منها بالدوري الألماني بسب صعوبة خلف المساحة للجري قد تكون أقل بالدوري الإنجليزي مع سعي معظم الفرق للتقدم للأمام لذا حقق فيرنر نتيجة جيدة أمام ساوثامبتون كرأس حربة وسجل هدفين مستغلاً كثرة التمريرات الأرضية الموجودة بتشيلسي.
بالمجمل يملك تشيلسي الكثير من العوامل التي تساعد تيمو فيرنر على النجاح بمركز الجناح الأيسر حيث يمكنه الحصول على حرية كبيرة لتغيير مكانه واللعب خلف المهاجم أو البحث عن المساحة حين يشاء بظل وجود ظهير نشيط هجومياً مثل بين تشيلويل كما يمكن لفيرنر الاستفادة من عرضيات حكيم زياش حيث يملك المغربي قدرة عالية على لعب كرات مقوسة نحو القائم البعيد لذا يبدو هذا الأسلوب متناسباً تماماً مع إمكانيات فيرنر والطريقة التي يفضلها عدا عن امتلاك تشيلسي لهافيرتز صاحب البينيات الممتازة لذا يبدو قدوم فيرنر لهذا الفريق بمثابة الخطوة المثالية.
يمكننا شرح أفكار لامبارد من خلال الاعتماد على فيرنر كجناح أيسر من خلال الصورة التالية:

يذهب فيرنر للمساحة الحرة وينطلق تشيلويل على الطرف ويذهب كانتي أو أي من لاعبي المحور للتغطية على تقدم الظهير الأيسر بما أن تشيلسي يملك القدرة على إشراك لاعبي وسط بأدوار دفاعية قوية سواء كانتي أو كوفاسيتش مع جورجينيو بصورة قد تُظهر مدى ملاءمة الفريق لأسلوب فيرنر كي يأخذ حريته.
إذاً يملك لامبارد خيارين جيدين ففي المباريات التي يمكن فيها خلق المساحات يشارك فيرنر كرأس حربة للاستفادة من البينيات وفي المباريات التي يصعب فيها خلق المساحة يصبح من الأفضل لفيرنر التحول لجناح أيسر.
تعقيدات نفسية خاصة
إذا ما نظرنا لسلسلة فيرنر التهديفية بالموسم الماضي نرى أنه غاب مرة عن التسجيل في 4 مباريات متتالية مرة ومرة لخمس مباريات وبمعظم الأوقات الباقية كان يسجل بمباريات متتالية وبمعنى أسهل لم يتوقف فيرنر عن التسجيل بمباراة وعاد للتسجيل فوراً بالتالية وهذا يرتبط بشدة بمدى تأثره بالعامل النفسي.
بعد خيبة كأس العالم 2018 قدم فيرنر 5 مباريات سيئة مع منتخب ألمانيا ولم يساهم فيها تهديفياً أبداً لتكون الحصيلة هي 8 مباريات دولية متتالية دون أي هدف وحتى إن عدنا لبداية موسمه الأول مع تشيلسي سنرى أداء باهتاً أمام كريستال بالاس بالجولة الرابعة حتى أنه سدد لمرة واحدة ولم يقم بأي مراوغة بمباراة فاز فيها الفريق برباعية وسيطر بشكل كبير لكن السفر بعدها مع المنتخب ومساهمته بهدفين في لقاء تركيا كان المفتاح لإعادته نفسياً كي يسجل هدفين بمرمى ساوثامبتون بأول مباراة بعد التوقف.
خلال لقاء لايبزيغ وبشكتاش بدوري الأبطال موسم 2017\2018 اضطُر المدرب لإخراج فيرنر من الملعب بالدقيقة الـ32 يومها تحدثت التقارير الطبية عن اضطرار اللاعب للخروج لأنه عانى من ضغط صوت الجماهير مما جعله يفقد توازنه حيث طلب التبديل وخرج من الملعب وربما هذا يعطينا مؤشر آخر لمدى إمكانية تأثر اللاعب بعوامل عديدة وقد يكون هذا التأثير لأسباب جسدية وليست فقط ذهنية. يمثل فيرنر أحد أفضل المهاجمين حالياً بأوروبا، قد تبدو احتياجاته مختلفة وطريقة تفكيره للهروب من الدفاع مختلفة عمّا يبحث عنه لاعبون مثل ليفاندوفسكي وإيموبيلي مثلاً لكن الأكيد أنه يملك العديد من العوامل التي تساعده للنجاح بتشيلسي بالوقت الذي قد يكون فيه الحال مختلفاً مع المانشافت الذي مازال بحاجة لعوامل كثيرة لبناء منظومة ناجحة هجومياً.