“كرة القدم أعقد من أن تُكتب في سطور” مقولة للمدرب الإسباني الشاب إنريكي سانشيز فلوريس.. في الواقع فإن كيكي -اللقب الذي يحلو للجميع مناداته به- ليس شابًا على الإطلاق بل هو في عمر الـ55 عامًا وهو عمر يفوق أعمار كثير من المدربين الشباب الموجودين على الساحة حاليًا لكن في زمنٍ آخر كان يمكن اعتباره شابًا إذ لم يكن واردًا أن ترى شخصًا يرتدي بدلة أنيقة ويصرخ في مجموعة من الشبّان يركضون داخل ملعبًا إلا وقد تجاوز الـ50 على أقل تقدير.
في هذا الزمن الآخر كان هناك رجل اسكتلندي عاش طيلة حياته في بلاد موسيقى القرب والتلال الخضراء المتشحة بالضباب، لاعبًا كان أو مدربًا، كان يستعد للسفر جنوبًا بضعة مئات من الكيلومترات لصناعة تاريخ لا يمكن أن يضمحل وينقل ناديًا من مصاف الأندية التي تمتلك عددًا لا بأس به من الألقاب المحلية وبدون حاضر جيد إلى أن يصبح النادي الأغنى والأكثر شعبية في العالم، والقادر على أن يصمد من دون لقب دوري أو دوري أبطال واحد لمدة 7 أعوام -مرشحة جدًا للزيادة- دون أن يجد نفسه خارج قائمة الأندية الثلاثة الأكثر تحقيقًا للأرباح السنوية في العالم رفقة ريال مدريد وبرشلونة.
السير أليكس فيرجسون رجل يعرفه الجميع، حقق ألقابًا وصلت إلى عنان السماء، محلية كانت أو أوروبية، وذلك في مسيرة مدهشة مع مانشستر يونايتد امتدت لـ27 عامًا.
لم تكن السنوات كلّها وردية.. في الحقيقة فإنه في زمننا الحالي كان من الممكن أن تكون تلك الشهور التي اقتربت من الـ350 شهرًا لا تزيد عن 45 في أقصى أقصى أحوالها وذلك لأن كرة القدم،كما أسلفنا، أعقد من أن تُكتب في سطور.
“كرة القدم أعقد من أن تُكتب في سطور” مقولة للمدرب الإسباني الشاب إنريكي سانشيز فلوريس.. في الواقع فإن كيكي -اللقب الذي يحلو للجميع مناداته به- ليس شابًا على الإطلاق بل هو في عمر الـ55 عامًا وهو عمر يفوق أعمار كثير من المدربين الشباب الموجودين على الساحة حاليًا لكن في زمنٍ آخر كان يمكن اعتباره شابًا إذ لم يكن واردًا أن ترى شخصًا يرتدي بدلة أنيقة ويصرخ في مجموعة من الشبّان يركضون داخل ملعبًا إلا وقد تجاوز الـ50 على أقل تقدير.
في هذا الزمن الآخر كان هناك رجل اسكتلندي عاش طيلة حياته في بلاد موسيقى القرب والتلال الخضراء المتشحة بالضباب، لاعبًا كان أو مدربًا، كان يستعد للسفر جنوبًا بضعة مئات من الكيلومترات لصناعة تاريخ لا يمكن أن يضمحل وينقل ناديًا من مصاف الأندية التي تمتلك عددًا لا بأس به من الألقاب المحلية وبدون حاضر جيد إلى أن يصبح النادي الأغنى والأكثر شعبية في العالم، والقادر على أن يصمد من دون لقب دوري أو دوري أبطال واحد لمدة 7 أعوام -مرشحة جدًا للزيادة- دون أن يجد نفسه خارج قائمة الأندية الثلاثة الأكثر تحقيقًا للأرباح السنوية في العالم رفقة ريال مدريد وبرشلونة.
السير أليكس فيرجسون رجل يعرفه الجميع، حقق ألقابًا وصلت إلى عنان السماء، محلية كانت أو أوروبية، وذلك في مسيرة مدهشة مع مانشستر يونايتد امتدت لـ27 عامًا.
لم تكن السنوات كلّها وردية.. في الحقيقة فإنه في زمننا الحالي كان من الممكن أن تكون تلك الشهور التي اقتربت من الـ350 شهرًا لا تزيد عن 45 في أقصى أقصى أحوالها وذلك لأن كرة القدم،كما أسلفنا، أعقد من أن تُكتب في سطور.
دعك من عصر ما بعد الثلاثية، ذاك العصر الذي جسد عبقرية فيرجسون الحقيقية بقدرته الفائقة على التعامل مع مستجدات كرة القدم وزيادة الأموال فيها وتلقيه صدمة دخول تشيلسي أبراموفيتش في اللعبة قبل أن يرد بقوة في الأعوام التالية بنسخة من ضمن النسخ الأفضل لليونايتد على يده، تلك النسخة التي شهدت استعداده للتنازل تكتيكيًا عن أمور اتبعها لسنوات لعيون المنتج الكروي النهائي، وموهبته الفائقة على إخراج أفضل ما يمكن من كل لاعب وقدرته على المنافسة وتقديم أداء قوي حتى ولو كان أحيانًا بكثيرٍ من اللاعبين العاديين، فمن ذا الذي كان قادرًا من المدربين على أن يدافع بجون أوشيه وويس براون ويهاجم بداني ويلبيك ويستمر في تقديم أداء قوي في المجمل غير أليكس فيرجسون؟
دعك من كل هذا وعد معي إلى البدايات، إلى زمن كان فيه مانشستر يونايتد يرزح تحت وطأة غياب الألقاب والترنح وسط الجدول متأثرًا بسقوطه في غياهب الدرجة الثانية قبل عقد من الزمان، زمن كان أغلب نجوم فترة ما بعد الثلاثية قد وصلوا إلى سن المدرسة أو ولدوا بعد، زمن جاء فيه فيرجسون ثم جاء بعده الجميع!
مارك روبينز
في عام 1997 صدر كتاب في إنجلترا يتساءل عن بضعة أسئلة مرعبة لأي شخص يعيش في تلك البقعة من العالم. ماذا لو لم تُعلن إنجلترا الحرب على ألمانيا في 1914 وتزعن لرأي الأغلبية في مجلس الوزراء بعدم القتال؟ ماذا لو خسرت إنجلترا “معركة بريطانيا” بعدها بـ 26 عامًا؟
ومعركة بريطانيا هي ببساطة المعركة الجوية الطاحنة بين ألمانيا وبريطانيا التي لو كانت خسرتها الأخيرة لسقطت بكل سهولة في أحضان هتلر. أمريكا لن تجد مكانًا لتضع فيه قواتها كمحطة لاستعادة أوروبا من النازيين وعلى الأرجح هتلر لن يجن جنونه أكثر من ذلك وسيعقد محادثات سلام مع الاتحاد السوفييتي أو على الأقل سيرمي بكل ثقله هناك ليكسب الحرب، ببساطة لتغير العالم إلى الأبد.
مارك روبينز هو معركة بريطانيا بالنسبة للسير أليكس فيرجسون.. ربما كان يجدر بالكتاب الأعلاه وضع سؤال ماذا لو كان مارك روبينز غير موجود في مساء الأحد 7 يناير 1990؟

مانشستر يونايتد يذهب إلى نوتنجهام لمواجهة الفورست في كأس إنجلترا وخلفه ميراث بشع في هذا الموسم. الفريق لم يفز سوى في مباراتين في أول 8 مباريات من الدوري كان آخرها خسارة 5-1 أمام مانشستر سيتي (نعم مباراة why always me? ليست المباراة الوحيدة التي تم إهانة اليونايتد فيها على يد السيتي أمام أعين فيرجسون) قبل المرور بسلسلة مريعة جديدة في نوفمبر وديسمبر وصلت إلى 8 مباريات دون أي فوز ليصبح مانشستر يونايتد على حافة منطقة الهبوط في آخر ديسمبر 1989 وهو الشهر الذي وصفه أليكس فيرجسون بالفترة الأكثر سوادًا في تاريخه مع اليونايتد.
من حين لآخر تشاهد تلك الطائرات ذات المحرك الواحد التي تحمل لافتات عدائية ضد شخص بأحد الأندية تطير بها فوق الملاعب، وقد لا يتخيل أي شخص أنها رُفعت في تلك الفترة ضد فيرجسون لكنها حدثت وكُتب “ثلاثة سنوات من الأعذار وماتزال الأمور قمامة يا فيرجي”.
فورست كانوا مرشحين للفوز على اليونايتد والجميع ينتظر إقالة فيرجسون عقب المباراة فإذا بمارك روبينز يسجل في الدقيقة 56 من المباراة بتمريرة بديعة من مارك هيوز ليفوز الشياطين بذلك الهدف وينجو فيرجسون من المقصلة مؤقتًا .. ورغم المزاعم بعد ذلك أنه لم يكن أبدًا مهددًا بالإقالة إلا أن ريتشارد كت، وهو صاحب أحد الكتب التي تتحدث عن تلك الفترة، يؤكد أن كل هذا هراء يصاحب الحديث بعد النجاح وأن الكل كان ينتظر خبر الإقالة في حالة الهزيمة بعدما نظمت الجماهير هتافات جماعية لعدة مباريات يتصدرها هتاف “رحيل فيرجسون”.
لا أحد سيعلم يقينًا ماذا كان سيحدث لو كان فيرجسون قد خسر تلك المباراة لكن ما جعل تلك المباراة عنق زجاجة بالفعل هو أن اليونايتد استمر في كأس إنجلترا حتى فاز به بعد مباراة نهائية مُعادة أمام كريستال بالاس (تعادلوا في المباراة الأولى 3-3) ليحرز أليكس فيرجسون أول بطولة له مع اليونايتد ويتأهل لكأس الكؤوس الأوروبية في نفس الموسم الذي شهد أسوأ ترتيب لفيرجي في الدوري باحتلاله المركز الـ13 أي أنه إذا لم يكن سيُقال في ليلة 7 ديسمبر فإنه حتمًا كان سيُقال في نهاية الموسم.
لكن لماذا لم يُقال أليكس فيرجسون وهو لم يفز ببطولة قبل ذلك؟ في الحقيقة فإن فيرجي تسلّم اليونايتد في وقتٍ كان يحتل فيه المركز الـ21 في شهر نوفمبر وقاده ليحتل المركز الـ11 في نهاية الموسم قبل أن يصل إلى المركز الثاني في الموسم التالي بفارق 9 نقاط عن ليفربول وهو كان أقل فارق بين الفريقين منذ وقتٍ طويل، ومن هنا استمد صبر الجميع عليه لفترة.
ثلاثية من عنق الزجاجة
إن كان مارك روبينز هو معركة بريطانيا بالنسبة لفيرجسون فإن نجم آرسنال دينيس بيركامب كان معركة بريطانيا بالنسبة للثلاثية التاريخية.
إن كنت تظن أن اللحظات التي سبقت هدف تيدي شيرينجهام الذي عادل تقدم بايرن ميونخ في ليلة كامب نو الساحرة كانت هي أصعب لحظات اليونايتد في الطريق نحو الثلاثية فأنت مخطئ .. على الأقل فإن اليونايتد كان متأخرًا بالفعل منذ الشوط الأول ويدرك ما عليه فعله منذ فترة وتلقّى تعليمات مدربه على هذا الأساس وكذلك كان يلعب مكتمل العدد! دعك من أن مباراة أخرى في هذا الموسم حدثت فيها نفس الظروف بالضبط في كأس إنجلترا -وصفها جاري نيفيل فيما بعد بأنها كانت الشرارة الأولى نحو الثلاثية- وفيها حول اليونايتد تأخره بهدف أمام ليفربول عن طريق مايكل أوين إلى تعادل بهدف دوايت يورك في الدقيقة 88 ثم هدف الفوز بقدم. نعم هو، أولي جونار سولشاير.
أما في مباراتنا هذه والتي كانت في كأس إنجلترا أيضًا (أنت ذكي بما فيه الكفاية لتعرف أنه لا ثلاثية دون الفوز به هو الآخر) فإن مانشستر يونايتد بعد طرد روي كين في الشوط الثاني كان يلعب بعشرة لاعبين أمام آرسنال في نصف نهائي البطولة (المُعاد بعد تعادل سلبي في المباراة الأولى) والنتيجة تشير إلى التعادل 1-1.
الفريق مُحاصر ولا توجد بارقة أمل في فك هذا الحصار أمام آرسنال قوي جدًا حصل على ركلة جزاء في الوقت المحتسب بدلًا من الضائع بعد عرقلة فيليب نيفيل لراي بارلور .. لا فكاك الآن .. لا يوجد مزيد من الوقت وتلعب بـ10 لاعبين والمنافس لديه ركلة جزاء سينفذها واحد من أعظم لاعبي العالم دينيس بيركامب.

لكن اليونايتد عبر من عنق زجاجة الثلاثية بأعجوبة، وذلك بعدما تمكن بيتر شمايكل من التصدي لركلة المهاجم الهولندي ليذهب الفريقان إلى وقتٍ إضافي لم يكن اليونايتد ليكون غاضبًا لو عبر منه سالمًأ إلى ركلات الجزاء إلا أن ريان جيجز تمكن من تسجيل واحد من أجمل أهدافه بعد قطعه لتمريرة باتريك فييرا الخاطئة ومراوغته لأكثر من لاعب قبل إطلاق صاروخ من مسافة قريبة في سقف شبكة ديفيد سيمان ليعبر اليونايتد إلى النهائي.
فيرجي تايم!
أول بريميرليج في التاريخ كان لليونايتد، لكن لم يكن يمر دون تلك اللذة التي تنتابك عندما تخرج من ذلك المطب الصعب لتنطلق إلى آفاق النجاح.
لكن قبلها بعدة أشهر كان أليكس فيرجسون يقوم بواحد من أهم قراراته على الإطلاق في مانشستر يونايتد .. المدير التنفيذي للغريم ليدز يونايتد بيل فوثربي يتصل برئيس مانشستر يونايتد مارتن إدواردز يطلب فيه التعاقد مع دينيس إروين فيتناقش إدواردز مع فيرجسون ويخبران ليدز أن الظهير الأيسر ليس للبيع لكن فيرجي لا يفوت الفرصة دون أن يطلب من إدواردز سؤال فوثربي حول إمكانية التعاقد مع إريك كانتونا الذي كان قد دخل في مشاكل كبيرة مع مدربه ليطلب الرحيل عن حامل لقب الموسم الماضي.
في خلال أيام كان كانتونا ينتقل إلى اليونايتد الذي كان يحتل المركز الثامن وبحاجة ماسة إلى مهاجم (حاول من قبل مع عدة أسماء كلو تيسييه دون جدوى) ليتحول موسم الفريق بشدة .. يقول بول إينس عن إريك كانتونا “لقد كان يمتلك تلك الهالة وهذا الحضور. لقد أبعد المسؤولية عنا وكأنه يقول “أنا إريك، وأنا هنا للفوز بالدوري لكم. لا عجب أنهم كانوا يطلقون عليه “الملك”.
لكن المطب الصعب الذي كان ضروريًا أن يتجاوزه اليونايتد كان في أبريل بعدما ضرب بقوة في الأشهر التالية ليصل إلى دائرة المنافسة ويتصدر قبل أن يصطدم بـ4 مباريات خسر واحدة وتعادل في 3 ليتراجع إلى المركز الثالث ثم الثاني خلف أستون فيلا بعد إحراز فوز أخيرًا إلا أنه لم يكن يحتمل هزة أخرى تُحبطه نفسيًا كانت في 10 أبريل 1993 بعدما ظل متأخرًا شيفيلد ونزداي حتى الدقيقة 86 فسجل ستيف بروس هدف التعادل وعجز عن تسجيل الفوز حتى الدقيقة 97 ليسجل بروس من جديد هدفًا أعاد به اليونايتد لصدارة الترتيب التي لم يتنازل عنها بعدها أبدًا.. هدف كان السبب في مولد مصطلح “فيرجي تايم” بما له وما عليه.

لم تكن الأمور سهلة على السير الذي كسر هيمنة سيلتك ورينجرز في اسكتلندا بأبردين، فقد ظل سنوات يحاول قبل وصوله للمجد ولم يتولى المهمة على مقعد وثير .. تخلص من لاعبين يشربون الخمر كثيرًا، تعاقد مع لاعبين صنعوا الفارق وصرف أفضل 1,7 مليون جنيه استرليني في تاريخه على بيتر شمايكل الذي تم جلبه بـ550 ألف استرليني وتصدى لركلة دينيس بيركامب و1,2 مليون استرليني على إريك كانتونا، لكن حتى وهو يصنع هذا التفوق كان عليه أن يمر بمنحنيات صعبة نجا فيها من المقصلة أمام نوتنجهام فورست وحصد بها أول بريميرليج بعد يوم شيفيلد وضمن بها الثلاثية بعد ليلتي ليفربول وآرسنال قبل أمسية بايرن ميونخ التي لا تُنسى.