في شمال لندن كانت الأمور محمومة جدًا في الصيف الماضي وتحديدًا في الجزء الأحمر منها.. آرسنال يقوم بتعاقد كبير جدًا استقدم فيه متوسط ميدان أتلتيكو مدريد توماس بارتي بعد أن دفع الشرط الجزائي لفسخ عقده مع النادي المدريدي والبالغ 50 مليون يورو.
لم يحدث هذا الأمر في منتصف سوق الانتقالات أو بداياته كما هو الحال عادة مع مثل تلك الصفقات بل حدث في ساعاته الأخيرة، واللافت في تلك الصفقة أن كثيرًا من مشجعي آرسنال كانوا واثقين من حدوثها، وكأن النادي اللندني اعتاد مثل هذه التصرفات في سوق انتقالاته.
أحاديث كثيرة دارت حول قبلة الحياة مُرسلة مباشرة من مالك النادي ستان كرونكي الذي ضخ المبلغ المطلوب لإتمام الصفقة وهو نفس الرجل الذي كانت تُصب حوله اللعنات باستمرار في سنوات ماضية.
آرسنال ظل لفترة طويلة يتعامل في قراراته بحسابات الديون المطلوب دفعها جراء بناء ملعبه الجديد ملعب الإمارات والذي تم دفع ما يقارب من نصف تكلفة بنائه من قروض اقترضها النادي من عدة جهات، وصحيح أن النادي تخلص إلى حدٍ كبير من وطأة هذه الديون إلا أنه في الحقيقة فإن النادي سيستمر في دفع جزء متبقي من تلك الديون حتى عامي 2029 و2031 بحسب نوعية تلك الديون، وإن لم يعجبك هذين التاريخين فسيتم عقابك على اعتراضك بإخبارك أن بعضًا من ديون آرسنال الأخرى خاصة بمبالغ تم جمعها من الجماهير لبناء المدرج الشمالي لملعب هايبري في 1991 وتبلغ 14,4 مليون جنيهًا استرلينيًا على أن يحصل المشجعون -الذين دفع كل منهم 1100 أو 1500 جنيهًا استرلينيًا- على تسهيلات للتذاكر في الأعوام العشرة التالية مقابل عدم حصولهم على فائدة من هذا القرض والذي لن يتم تسديده حتى عام 2143! نعم .. هناك بعض الديون التي سيسددها النادي الإنجليزي بعد 123 عامًا من الآن!
في شمال لندن كانت الأمور محمومة جدًا في الصيف الماضي وتحديدًا في الجزء الأحمر منها.. آرسنال يقوم بتعاقد كبير جدًا استقدم فيه متوسط ميدان أتلتيكو مدريد توماس بارتي بعد أن دفع الشرط الجزائي لفسخ عقده مع النادي المدريدي والبالغ 50 مليون يورو.
لم يحدث هذا الأمر في منتصف سوق الانتقالات أو بداياته كما هو الحال عادة مع مثل تلك الصفقات بل حدث في ساعاته الأخيرة، واللافت في تلك الصفقة أن كثيرًا من مشجعي آرسنال كانوا واثقين من حدوثها، وكأن النادي اللندني اعتاد مثل هذه التصرفات في سوق انتقالاته.
أحاديث كثيرة دارت حول قبلة الحياة مُرسلة مباشرة من مالك النادي ستان كرونكي الذي ضخ المبلغ المطلوب لإتمام الصفقة وهو نفس الرجل الذي كانت تُصب حوله اللعنات باستمرار في سنوات ماضية.

حسابات الديون
آرسنال ظل لفترة طويلة يتعامل في قراراته بحسابات الديون المطلوب دفعها جراء بناء ملعبه الجديد ملعب الإمارات والذي تم دفع ما يقارب من نصف تكلفة بنائه من قروض اقترضها النادي من عدة جهات، وصحيح أن النادي تخلص إلى حدٍ كبير من وطأة هذه الديون إلا أنه في الحقيقة فإن النادي سيستمر في دفع جزء متبقي من تلك الديون حتى عامي 2029 و2031 بحسب نوعية تلك الديون، وإن لم يعجبك هذين التاريخين فسيتم عقابك على اعتراضك بإخبارك أن بعضًا من ديون آرسنال الأخرى خاصة بمبالغ تم جمعها من الجماهير لبناء المدرج الشمالي لملعب هايبري في 1991 وتبلغ 14,4 مليون جنيهًا استرلينيًا على أن يحصل المشجعون -الذين دفع كل منهم 1100 أو 1500 جنيهًا استرلينيًا- على تسهيلات للتذاكر في الأعوام العشرة التالية مقابل عدم حصولهم على فائدة من هذا القرض والذي لن يتم تسديده حتى عام 2143! نعم .. هناك بعض الديون التي سيسددها النادي الإنجليزي بعد 123 عامًا من الآن!
ومنذ العصر الذهبي لآرسن فينجر مع آرسنال حتى عامين مضوا عانى الجانرز مما يمكن وصفه بـ “التواكل”. لم يكن ستان كرونكي هو الرجل ذي الشعبية الكبرى من بين مالكي آرسنال. حسنًا كلمة الجمع “مالكي وليس مالك” مهمة هنا لأن تلك كانت مشكلة النادي الإنجليزي الكبرى.
ما بعد عثمانوف
الكازاخستاني أليشير عثمانوف كان هو الرجل دائم الإلحاح على باقي المالكين بدعم النادي وكثيرًا ما اقترح جمع 100 مليون جنيهًا استرلينيًا سنويًا للصرف على الانتقالات الصيفية لكن نداءاته دي كانت دائمًا ما تذهب سدى ودون أية استجابة من كرونكي صاحب الحصة الكبرى التي طلب عثمانوف شراءها من قبل مؤكدًا أنه لو امتلك 100% من أسهم النادي فسيصرف عليه من ماله الخاص. نعم عثمانوف كان -ومازال- يمتلك ما يكفي من أموال للصرف على نادٍ بحجم آرسنال حيث تبلغ ثروته في 2020 11,68 مليار دولار بحسب مجلس فوربس الأمريكية.
أيًا كان عثمانوف محقًا فيما قال أم لا فنحن لن نعرف أبدًا لأنه بعد أن يأس الملياردير الكازاخي، قام في أغسطس عام 2018 ببيع حصته لستان كرونكي وولده جوش كرونكي الذي يمكن القول أنه من قاد عملية الاستحواذ هذه والتي كلفت آل كرونكي حوال 550 مليون جنيهًا استرلينيًا تم دفعها لعثمانوف بحسب ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز آنذاك.. لن أحدثك عن تفاصيل أن تلك الأموال تم دفعها مما اقترضه آل كرونكي من بنك ألماني لأنه يا إلهي .. نحتاج لشركة محاسبة لشرح كل شيء!
منذ ذلك الحين والأمور تغيرت كثيرًا في آرسنال، إذ تشير الأرقام إلى أنه منذ استحواذ آل كرونكي على المشهد أصبح آرسنال ثاني أعلى نادٍ من حيث صافي الصرف (المبالغ المدفوعة مقارنة بالأرباح) ورابع أعلى نادٍ في إجمالي الصرف.

وإن كانت مسألة الديون بالأعلى قد أزعجتك فيمكنك نسيانها لأنه من ضمن عملية إطلاق يد آرسنال في السوق ووجوده اللافت في الإحصائية أعلاه يعود بشكل رئيسي إلى أن أغلب تلك الديون قد تحولت إلى ديون داخلية بعد أن دفعها مُلّاك النادي مباشرة على أن يتم ردها إليهم بشكل مخفف جدًا كل سنة وبعضها لن يُرد أصلًا إلا في حالة بيع النادي لمستثمر آخر سيدفع هو تلك الديون لمن تكفلوا بها.
الحقيقة أن البعض يرجّح أن مشاكل كرونكي مع عثمانوف لم تكن فقط بسبب رغبة الرجل الأمريكي في الاستحواذ على آرسنال وحده بل كذلك لأنه لم يعد يؤمن بمشروع آرسن فينجر في سنواته الأخيرة لكن الأهم أن هذه القناعة تبلورت في رحيل المدير التنفيذي للنادي إيفان جازيديس، الرجل الذي كان مسؤولًا عن اختيارات وقرارات خاطئة كلفت النادي خسائر كثيرة دون نتائج ملموسة، ولعل أشهرها شراء شركة StatsDNA وهي الشركة التي كانت قد اختارت لاعبين مثل شكودران موستافي ولوكاس بيريث ومحمد النني للانضمام للنادي فنجح النني بشكل محدود بينما فشل موستافي وبيريث بشكل كارثي.

التغييرات الادارية في آرسنال
التحول في آخر 3 سنوات شهد الكثير من التغييرات الإدارية حتى وصل إلى أن يكون النادي تحت قيادة وتصرف إيدو جاسبار وبير ميرتساكر وحسين فهمي (لا ليس ذلك الممثل المصري الوسيم بل مصري آخر لكنه يحمل الجنسية البريطانية) وأخيرًا وليس آخرًا ميكيل أرتيتا. ولضبط بعض الأمور الخاصة بالصرف كان عليه إجراء تحقيقات داخلية لما حدث طوال تلك السنوات وانتهى إلى أن هناك رجلًا ينبغي الإطاحة به بأسرع وقتٍ ممكن .. الإسباني راؤول سانييهي، الرجل الذي أتى من برشلونة وأغرق آرسنال في التعامل مع الوكلاء حيث اتهمه أكثر من تقرير إعلامي بأنه دفع أموالًا إضافية كان من الممكن تفاديها في صفقة نيكولاس بيبي (وصل الأمر ببعض التقارير إلى الحديث عن أنه كان يمكن إنهاءها بنصف الثمن وإن كان الأمر غير مرجّح لأن تقارير أخرى تحدثت عن أرقام قريبة من نابولي منافس آرسنال في تلك الصفقة) وكذلك في صفقة لوكاس توريرا التي ألمحت تقارير إلى أن آرسنال دفع فيها 5 مليون يورو إضافية عن مبلغ الشرط الجزائي لفسخ عقد اللاعب.
قبلها بـ3 أسابيع فقط كان سانييهي نفسه شاهدًا على قرار التخلي عن 55 موظفًا في النادي، وصحيح أن الأمر الذي كان يسيل لعاب الصحافة أن واحدًا منهم هو الرجل الذي يرتدي رداء تميمة النادي “جنرساورس” (والذي استغله مسعود أوزيل بذكاء يُحسد عليه بعدما عرض التكفل براتبه طوال فترته كلاعب مع آرسنال) إلا أن ما كان يهم هو أن بعضًا ممن تم الاستغناء عنهم بعض الكشافين الموجودين على جدول الرواتب ولا يستفيد منهم النادي اللندني فعليًا بأي شيء.
ومع التمكن من بيع إيميليانو مارتينيز بما يقارب الـ20 مليون يورو -وهو مبلغ ممتاز لحارس احتياطي- أصبح آرسنال مرتاحًا أكثر وأكثر في السوق، وإن كان في الإمكان أفضل مما كان بخصوص ملف التخلص من الزائدين عن الحاجة، لكن ما هو واضح أن آل كرونكي يثقون حاليًا فيمن يسيّر النادي والأجواء الإدارية أكثر صحية مما كانت عليه في أي وقتٍ سابق في آخر 10 سنوات على الأقل.
كل هذا الحديث رغم تراجع أرباح النادي لأرقام قياسية بسبب ما حدث في أزمة كورونا خاصة وأن آرسنال هو النادي صاحب التذكرة الأغلى لحضور مباراة كرة قدم في أوروبا وفي ظل استمرار غياب الجماهير فإن الرهان الأهم حاليًا هو النجاح الرياضي في الملعب، فهو الضمانة الوحيدة لاستمرار إيمان المُلّاك الأمريكيين بالمشروع الحالي.