مازالت ألمانيا تعيش على واقع الحال الذي لخصه أوليفر بيرهوف قبل 4 سنوات حين تحدث عن تطور كرة القدم الألمانية مقارناً ما يحدث بالسنوات الأخيرة بما كان يحدث بالماضي ليصفه بالقول “خلال أواخر التسعينيات حين كنت لاعباً بالدوري الإيطالي كنت أتفاجأ من ضعف العمل الموجود بألمانيا مقارنة بإيطاليا، كنت أشعر أن هناك أشياء خاطئة كثيرة تحدث لكن جاءت صدمة يورو 2004 لتنذرنا أننا بحاجة لتغيير العقلية بالكامل”.
يعرف الكثيرون حجم العمل الذي تم بذله لتطوير المواهب في ألمانيا بالاستعانة بخطة ديدريتش فايزه، أحد أشهر مدربي الفئات العمرية بمنتخبات ألمانيا عبر التاريخ، حيث تم إنشاء 121 مركزاً تدريبياً يقدم كل منهم ساعتي تدريب فني وفردي لأربعة آلاف لاعب تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عام مع توفير حوالي ألف مركز للاعبين الذين لم يتجاوزوا سن 12 عام لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه الخطة لم تشمل فقط تنمية الصغار بل كان العمل أيضاً على البحث عن مواهب تدريبية بعمر صغير.
لم يكُن مخطط الألمان هو التوجه لتطوير طرق التدريب فقط أو البحث بعلوم جديدة بل كان البحث مبكراً عن الأشخاص القادرين على التحول لمدربين ناجحين مستقبلاً من خلال دفع اللاعبين بعمر صغير لاتباع دورات تدريبية ومراقبة القادر منهم على إظهار فكر مبشر لأن يكون مدرباً ناجحاً بالمستقبل.
يمثل دومينيكو تيديسكو مثلاً واحداً من هؤلاء الشبان حيث تحول من لاعب عادي بنادٍ مغمور إلى مدرب في فريق شتوتغارت \تحت 17 عام\ بعمر 28 عام فقط وبعد 5 سنوات فقط من بدء هذه التجربة كان المدرب، الألماني الإيطالي، يحتفل مع شالكه بوصافة البوندسليغا بأول موسم له بدوري الدرجة الأولى علماً أنه يتواجد حالياً بنادي سبارتاك موسكو.
مازالت ألمانيا تعيش على واقع الحال الذي لخصه أوليفر بيرهوف قبل 4 سنوات حين تحدث عن تطور كرة القدم الألمانية مقارناً ما يحدث بالسنوات الأخيرة بما كان يحدث بالماضي ليصفه بالقول “خلال أواخر التسعينيات حين كنت لاعباً بالدوري الإيطالي كنت أتفاجأ من ضعف العمل الموجود بألمانيا مقارنة بإيطاليا، كنت أشعر أن هناك أشياء خاطئة كثيرة تحدث لكن جاءت صدمة يورو 2004 لتنذرنا أننا بحاجة لتغيير العقلية بالكامل”.
يعرف الكثيرون حجم العمل الذي تم بذله لتطوير المواهب في ألمانيا بالاستعانة بخطة ديدريتش فايزه، أحد أشهر مدربي الفئات العمرية بمنتخبات ألمانيا عبر التاريخ، حيث تم إنشاء 121 مركزاً تدريبياً يقدم كل منهم ساعتي تدريب فني وفردي لأربعة آلاف لاعب تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عام مع توفير حوالي ألف مركز للاعبين الذين لم يتجاوزوا سن 12 عام لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه الخطة لم تشمل فقط تنمية الصغار بل كان العمل أيضاً على البحث عن مواهب تدريبية بعمر صغير.

لم يكُن مخطط الألمان هو التوجه لتطوير طرق التدريب فقط أو البحث بعلوم جديدة بل كان البحث مبكراً عن الأشخاص القادرين على التحول لمدربين ناجحين مستقبلاً من خلال دفع اللاعبين بعمر صغير لاتباع دورات تدريبية ومراقبة القادر منهم على إظهار فكر مبشر لأن يكون مدرباً ناجحاً بالمستقبل.
يمثل دومينيكو تيديسكو مثلاً واحداً من هؤلاء الشبان حيث تحول من لاعب عادي بنادٍ مغمور إلى مدرب في فريق شتوتغارت \تحت 17 عام\ بعمر 28 عام فقط وبعد 5 سنوات فقط من بدء هذه التجربة كان المدرب، الألماني الإيطالي، يحتفل مع شالكه بوصافة البوندسليغا بأول موسم له بدوري الدرجة الأولى علماً أنه يتواجد حالياً بنادي سبارتاك موسكو.
تواجد تيديسكو بالدورة التي سمحت له بالحصول على رخصة تدريب فرق البوندسليغا عام 2016 مع يوليان ناغيلسمان الذي منحه توماس توخيل فرصة العمل كمحلل أداء في آوغسبورغ بعمر 19 عام فقط بعد فترة قصيرة من اعتزاله اللعب، بسبب الإصابة، قبل أن يؤمّن له توخيل فرصة أخرى كمساعد مدرب في ميونيخ 1860 لينطلق ويتقدم بخطوات سريعة جعلت اسمه بين أكبر مدربي أوروبا حالياً.
المكان السرّي للنجاح
لا يمكننا الحديث عن تطور المدربين بألمانيا دون أن نتطرق لأكاديمية “هينس فايزفايلر” في كولن والتي تمثل أحد أشهر مراكز تطوير المدربين على صعيد العالم ورغم قدم الأكاديمية، أنشئت عام 1947، إلا أنها شهدت تطوراً ملحوظاً بالسنوات الأخيرة بعد تسلم فرانك فورموث إدارتها عام 2011 حيث يؤمن الأخير كثيراً بمفهوم تطوير اللاعب من حيث الفكر التدريبي وواحدة من أبرز أفكاره كانت السعي لتوظيف مدربين شبان في أكاديميات الأندية بصورة تعطيهم الفرصة لممارسة الخبرة العملية والاحتكاك بمدربي فرق الرجال والتعلم منهم.

تتولى الأكاديمية إجراء دورات تدريبية تمنح الشهادات المختلفة بما فيها شهادة “UEFA PRO” التي تسمح للمدربين بالعمل مع أندية القمة لكن تختلف الأكاديمية بطريقة عملها عن غيرها من حيث طرق منح الشهادات ففي دراسة أجريت عام 2015 تبين أن الحصول على هذه الشهادة في إنجلترا يتضمن الخضوع لدورة مكونة من 256 ساعة في حين أن الحصول عليها من أكاديمية فايزفايلر يتطلب الخضوع لدورة من 815 ساعة حيث تركّز الأكاديمية على جعل المتدربين يواجهون مواقف تعليمية أكثر لزيادة خبرتهم بكيفية مواجهة المشاكل عدا عن زيادة معلوماتهم المتعلقة بعمل الطواقم البدنية والطبية وترجمة المعلومات التي يعطيها فريق الإحصاء بشكل أفضل وكل هذا يجعل المدرب أكثر قدرة على اتخاذ قرارات صحيحة عدا عن تركيز الدورة بشكل كبير على الجانب العملي.
لا يمكن لأي مدرب عادي اتباع دورة الـ”UEFA PRO” في أكاديمية فايزفايلر حيث يتم تعريض المدربين لاختبارات على ثلاث مراحل قبل أن يتم اختيار أفضل 24 فرد بينهم لاتباع الدورة التي وصفها النجم السابق للمانشافت مهمت شول بأنها “غسل للدماغ” علماً أن كل من كلوب وتوخيل وناغيلسمان وفليك ولوف اتبعوا دورات الأكاديمية وصولاً للحصول على شهادة PRO.

تقتصر الدروس النظرية بالأكاديمية على دراسة الحالة النفسية والعلاج الطبيعي وأصول التدريس والنظريات التكتيكية لكن الجزء الأكبر من الدراسة يكون خارج القاعات حيث يتم إجراء معسكر للمتدربين لمتابعة واحدة من البطولات الكبيرة للصغار “كأس العالم للناشئين أو أمم أوروبا” ويقومون بتدوين ملاحظاتهم بصورة تجمع بين دور المدرب ودور كشّاف المواهب ثم يكون عليهم العمل بين مجموعات لتوضيح الملاحظات التي سجلوها وكيفية معالجتها والتخطيط لبرنامج تدريبي وفقها كما تعطي الدورة كل مدرب فرصة معايشة واحد من فرق البوندسليغا لمدة 8 أسابيع.
عام 2017 بحث الألمان عن تطوير قدراتهم أكثر فأنشأوا أول أكاديمية رقمية كروية على صعيد العالم بتكلفة 150 مليون يورو ومهمة هذه الأكاديمية تحسين التقنيات للوصول لحد أكثر تطوراً من البيانات الكروية بشكل يساعد على تطوير مستوى المدربين واللاعبين.
مناخ مناسب
قد يبدو هذا الكلام حتى الآن بمثابة عناوين عريضة فكل الدول تعمل، ولو كانت الطريقة تختلف، لكن يظهر الفارق بالمناخ الذي تم من خلاله استثمار هذا العمل فالاتحاد الألماني لم يكُن الوحيد الذي يدعم فكرة الشبان بل جزء كبير من أموال التطوير قامت الأندية بدفعها بحثاً عن جيل شاب سواء باللاعبين أو المدربين وقد يعكس هذا الثقافة التي تطمح لها الأندية التي لم تستثمر أموالها بالبحث عن لاعبين جاهزين من دوريات أخرى بل اقتنعت بفكرة البناء للمستقبل.

يمثل الدوري الألماني اليوم ملجأ ممتازاً للشبان وبدا هذا واضحاً على صعيد اللاعبين باستقدام مواهب رائعة لكن بالواقع يمتد الأمر أيضاً للمدربين ففي نهاية موسم 2016\2017 كان هناك 12، من أصل 18، مدرب بالدوري أعمارهم أقل من 50 عام حيث باتت الأندية تفضل الاستعانة بمدربين شبان بدلاً من استقدام أسماء استُهلكت بأندية عديدة، مثل ماركوس بابل وأرمين فيه، وهذا يعكس الثقافة التي بحث عنها الألمان بأنديتهم والبيئة التي خُلقت لتساعد المدربين الشبان على تحمل المسؤولية فحتى وسائل الإعلام والجماهير بدت داعمة بشكل كبير لهذه الظاهرة التي ساعدت على ظهور مدربين كبار بعالم كرة القدم اليوم مثل كلوب وتوخيل وناغيلسمان فبنظرة سريعة لهذا الثلاثي نجد أن الأول بدأ مسيرته كمدرب أول بعمر 34 عام والثاني بعمر 36 عام، بعد سنوات من العمل كمساعد مدرب وفرق القواعد، أما الثالث فبدأ العمل بعمر 29 عام بعد 10 سنوات من العمل ضمن الكوادر الفنية وهذا كان بسبب مساعدة كل اللاعبين على الحصول على دورات تدريبية تساعدهم على بدء العمل بعمر صغير.
على صعيد الأسلوب
بعيداً عن موضوع التطوير ومنح الخبرة والاحتكاك نرى أن العديد من النقاط كانت مشتركة بأسلوب المدربين الشباب ويمكننا أن نرى ذلك من خلال البحث بنقاط التقاطع داخل أفكار كلوب وتوخيل وناغيلسمان حيث نجد أن الثلاثي اعتمد بشكل كبير على تطوير الحالة البدنية للفريق وجعله قادر على الجري أكثر بالملعب بصورة بدت بمثابة التطور لمفهوم الماكينات الذي عُرف به الألمان من خلال اللعب البدني والتكتيكي وهنا يمكننا أن نرى أهمية إدراك المدرب لتفاصيل عمل الكادر البدني والطبي بصورة تدفع لتحسين لياقة اللاعب لأفضل حد وليس غريباً أن نرى كلوب يعتمد على مدرب خاص لرميات التماس بكادره بالوقت الذي يضع فيه ناغيلسمان شاشة عملاقة داخل الملعب التدريبي لتحليل الفيديو بإجراء اتبعه في هوفنهايم ولايبزيغ.

تختلف طرق تنفيذ الأفكار بين مدرب وآخر فكلوب يسعى دائماً للهجوم بغض النظر عن اللاعبين الذين يملكهم بالوقت الذي نجد فيه هذه النزعة أقل عند لايبزيغ ناغيلسمان الذي يستعين بأوقات كثيرة بالخطط الدفاعية لكن مع الحفاظ على التقارب الكبير بين اللاعبين والبحث عن مجموعة تتمتع بلياقة بدنية ممتازة إضافة للسرعة لذا وقع الخيار على أسماء مثل فيرنير وزابيتزير وكلوستيرمان وهالستنبيرغ لقدرتهم على تنويع أدوارهم مع الحفاظ على ذات المستوى البدني خلال مراحل اللقاء وهو ما يسمح للفرق باللعب بإيقاع أعلى.
يعتمد الجيل الشاب من المدربين الألمان على التنوع التكتيكي الكبير فلا مجال للاختيار بين 4-3-3 و3-4-3 مثلاً بل لابد أن يكون الفريق قادر على تنفيذ كل خطة بسوية عالية فخلال 8 مباريات بدوري أبطال أوروبا موسم 2018\2019 اعتمد توخيل على 5 خطط مختلفة 2 منها اعتمدت على ثلاثي بالخلف و3 اعتمدت على خط دفاعي مكون من 4 لاعبين كما جرب اللعب بمهاجم ومهاجمَين و3 مهاجمين.
اعتمد ناغيلسمان على 7 خطط مختلفة خلال 10 مباريات بدوري الأبطال بالموسم الماضي وقد يتساءل البعض عن الجانب السلبي للأمر من خلال عدم استقرار الفريق على طريقة محددة لكن الوصول لنصف النهائي بمجموعة لاعبين كان معظمهم مغموراً قبل الانتقال للايبزيغ يعطينا الجواب الفوري عن نجاح أفكار المدرب لذا تمثل المرونة التكتيكية واحدة من الأشياء التي باتت تشتهر بها المدرسة الألمانية الحديثة طالما أن الاعتماد على اللياقة الجيدة والسرعة سيمثل بكل مرة الموضوع الأهم باختيار اللاعبين.
لن يتوقف أمر تطور المدربين الألمان عند ظهور جيل جيد وصل 3 منه لنصف نهائي دوري الأبطال الموسم الماضي بل يبدو أن التطور سيستمر بالمدى القريب وربما علينا توقع مشاهدة جيل ناجح آخر خلال سنوات قليلة.