امتلكت إسبانيا الكثير من الأجيال نصف العظيمة، وفي غالبية تلك الأجيال حظت بعدة لقطات مثيرة. تلك اللقطات التي وقعت في فخ ما قبلها لأنه ببساطة ليس جيلًا أسطوريًا لكن في نفس تلك اللقطات امتلك نفس الجيل القدرة على إخراج نفسه منها .. ربما أشهر تلك اللقطات ما فعله ألفونسو في يورو 2000 بهدفه في مرمى يوغسلافيا بعد أن سدد بحذائه الأبيض الشهير ليمنح إسبانيا فوزًا غاليًا في الدقيقة الأخيرة ويُرسلها إلى الدور التالي وسط دموع أيقونية لسانتياجو كانيزاريس.
لكن في جيل إسبانيا الحالي كانت الجرعة مبالغ فيها حقًا! الكثير من الضربات تعرض لها منتخب الماتادور الحالي، فقد أضاع ركلة جزاء أمام بولندا ثم ركلة جزاء أخرى أمام سلوفاكيا قبل أن يتعرض لصدمة قاسية بخطأ أوناي سيمون الذي منح الكروات تقدمًا بعد أن خانته قدماه ليسمح للكرة بالمرور وسط دهشة الجميع الذي لم يرَ سيمون قبلها في المباراة وتقريبًا طوال أحداث الشوط الأول.
لكن الصدمة الكبرى كانت بعد أن تعرضت إسبانيا لاختبار قاسي للثبات الانفعالي فمرت منه بنجاح ساحق جديد وذلك بعدما تقدمت في النتيجة 3-1 وعوضت خطأ سيمون ليصعقهم الكروات بهدفين في الدقائق العشرة الأخيرة من المباراة ويجرّوهم لوقتٍ إضافي.
لويس إنريكي قال عقب المباراة أن ما حدث فيها كان كثيرًا جدًا! الرجل لم يتحمل الضغط المرعب المثير خلال اللقاء لكنه اعترف أنه مستعد لتحمله من جديد في ربع النهائي إن تكرر طالما ستكون النهاية بتلك الطريقة الرائعة.
امتلكت إسبانيا الكثير من الأجيال نصف العظيمة، وفي غالبية تلك الأجيال حظت بعدة لقطات مثيرة. تلك اللقطات التي وقعت في فخ ما قبلها لأنه ببساطة ليس جيلًا أسطوريًا لكن في نفس تلك اللقطات امتلك نفس الجيل القدرة على إخراج نفسه منها .. ربما أشهر تلك اللقطات ما فعله ألفونسو في يورو 2000 بهدفه في مرمى يوغسلافيا بعد أن سدد بحذائه الأبيض الشهير ليمنح إسبانيا فوزًا غاليًا في الدقيقة الأخيرة ويُرسلها إلى الدور التالي وسط دموع أيقونية لسانتياجو كانيزاريس.
لكن في جيل إسبانيا الحالي كانت الجرعة مبالغ فيها حقًا! الكثير من الضربات تعرض لها منتخب الماتادور الحالي، فقد أضاع ركلة جزاء أمام بولندا ثم ركلة جزاء أخرى أمام سلوفاكيا قبل أن يتعرض لصدمة قاسية بخطأ أوناي سيمون الذي منح الكروات تقدمًا بعد أن خانته قدماه ليسمح للكرة بالمرور وسط دهشة الجميع الذي لم يرَ سيمون قبلها في المباراة وتقريبًا طوال أحداث الشوط الأول.

لكن الصدمة الكبرى كانت بعد أن تعرضت إسبانيا لاختبار قاسي للثبات الانفعالي فمرت منه بنجاح ساحق جديد وذلك بعدما تقدمت في النتيجة 3-1 وعوضت خطأ سيمون ليصعقهم الكروات بهدفين في الدقائق العشرة الأخيرة من المباراة ويجرّوهم لوقتٍ إضافي.
لويس إنريكي قال عقب المباراة أن ما حدث فيها كان كثيرًا جدًا! الرجل لم يتحمل الضغط المرعب المثير خلال اللقاء لكنه اعترف أنه مستعد لتحمله من جديد في ربع النهائي إن تكرر طالما ستكون النهاية بتلك الطريقة الرائعة.
لكن كيف تخطت إسبانيا مصاعب تلك المباراة؟
أهم ما ساعد لا روخا على تجاوز مطب المباراة الأكثر غزارة تهديفية في تاريخ اليورو -منذ انتصار فرنسا على يوغسلافيا 5-4 في نصف نهائي يورو 1960- هو مسألة التعلّم من الأخطاء والتطور خلال البطولة.
لا يمكن وصف منتخب إسبانيا بالمنتخب القوي المتكامل، لكنه كذلك ليس منتخبًا سيئًا على الإطلاق، فصحيح أن لويس إنريكي يمتلك المنتخب الأقل خبرة في تاريخ إسبانيا إذ يلعب بـ6 لاعبين خاضوا 17 مباراة دولية أو أقل إلا أن الموهبة تظل واضحة في صفوف الفريق ما يمنح إنريكي أدوات لا بأس بها.
لكن الناخب الوطني الإسباني بدأ البطولة بشكل سيىء سواء بظروف خارجة عن إرادته أو بخذلان بعض اللاعبين أو حتى باختياراته السيئة.
فبسبب فيروس كورونا ابتعد سيرجيو بوسكيتس عن صفوف الفريق في بداية البطولة ليضطر إنريكي للعب بمتوسط ميدان مانشستر سيتي رودري الذي كان يغلب على أدائه تدوير الكرة المبالغ فيه وعدم اتخاذ أي مخاطرات وتفضيل التمرير العرضي بشكل متطرف حتى ولو كان خيار التمرير الأمامي سهلًا يسيرًا كما بالصورة على سبيل المثال

باشتراك سيرجيو بوسكيتس أصبحت الأمور أفضل كثيرًا للإسبان، فرغم أن بوسكيتس يمرر كثيرًا بالعرض هو الآخر إلا أنه لا يمانع أبدًا في التمرير الأمامي إن ارتأى أن ثمة فرصة للتمرير للأمام إن كانت الاستفادة ممكنة من وضعية أحد الزملاء، ومع تعليمات إنريكي الواضحة بتفادي ما حدث من بطء أمام السويد وبولندا، أصبحت إسبانيا أسرع كثيرًا في التمرير ومن لمسة واحدة.

نقطة أخرى على صعيد السرعة قام إنريكي بتغييرها تتمثل في قراره بعدم الاعتماد من جديد على قلبي دفاع يلعبان بالقدم اليسرى وهو ما من شأنه تبطيء بعض التمريرات التي تستلزم سرعة كبيرة لعدم خسارة الثغرات التي تتكشف لمدة قصيرة جدًا في خط وسط أي فريق، لذلك قرر إنريكي الاستغناء عن خدمات باو توريس وإقحام إريك جارسيا رغم أفضلية الأول على المستوى الدفاعي.
أما على مستوى الجدية والتركيز والرغبة، فقد بدا واضحًا للجميع أن فيرّان توريس وداني أولمو لا يقدما ما يُنتظر منهما لذلك لم يجد إنريكي غضاضة في إخراجهما من التشكيلة الأساسية والاعتماد على جيرارد مورينو وبابلو سارابيا الذي تميز في كل فرصة مُنحت له قبل أن يعيد إنريكي تورّيس إلى التشكيلة من جديد أمام كرواتيا لنرى وجهًا مغايرًا تمامًا للاعب الذي كان أكثر جدية ورغبة ليصبح أصغر من يسجل ويصنع أهدافًا في نفس المباراة لإسبانيا منذ سيسك فابريجاس عام 2008.
ولأن كل مدربي المنتخبات بلا استثناء يمتلكون قناعات تثير العجب أحيانًا، فإن مسألة الاستغناء عن خيسوس نافاس من قائمة إسبانيا كان يتضح خطؤها دقيقة بعد الدقيقة، ففكرة اللعب بماركوس يورنتي كظهير أيمن لم تلقَ نجاحًا واضحًا ليعتمد إنريكي على قائد أبطال أوروبا سيزار أثبيلكويتا الذي قدم موسمًا رائعًا مع تشيلسي ثم مع إسبانيا بلوره بهدف التقدم من رأسية ممتازة، قبل أن يختار إنريكي الاستغناء عن جوردي ألبا هو الآخر والدفع بخوسيه جايا.

تشكيلة إسبانيا أمام كرواتيا:

كل تلك التغييرات كان لها أثر إيجابي على مردود المنتخب الإسباني الذي اصطدم كما هو متوقع بستارة كثيفة من لاعبي منتخب كرواتيا في عمق الوسط بعدما قرر زلاتكو داليتش أن لا أحد خارج نطاق الخدمة الدفاعية، فالكل سيدافع بلا استثناء
ورغم أن إسبانيا لم تستطع اختراق العمق كثيرًا رغم جودة وسرعة تمريرات لاعبيها إلا أن ذلك لم يمنع الاختراق كاملًا من قبل الماتادور، فبعد تحرك مفاجئ من سارابيا أخلى المساحة لبيدري ليتلقى تمريرة بوسكيتس ثم تحرك آخر مفاجئ من كوكي منح بيدري الفرصة ليمرر له تمريرة بديعة كاد أن يفتتح بها التسجيل.

لكن لأن إسبانيا سجلت 5 أهداف أمام سلوفاكيا ثم 5 أخرى أمام كرواتيا، لتصبح أول منتخب يفعلها مرتين متتاليتين في تاريخ اليورو، فإنها احتاجت لما هو أكثر من مواقف الصدفة لذلك لم يكمن الحل في العمق حيث ذلك الزحام الشديد بل في الأطراف.

قام المنتخب الإسباني بإرسال 25 عرضية إلى منطقة جزاء كرواتيا، وهي العرضيات التي جرى الإعداد لكثير منها بشكل ممتاز، فبناء اللعب لا يتم من خلال الأطراف بل يتم تسيير الكرة بتمريرات سريعة في الوسط لسحب لاعبي وسط كرواتيا تجاه الكرة وإخلاء الأطراف لمنح الفرصة لبيدري على الأرجح لإيصال الكرة بشكل جيد للجناح أو الظهير لإرسال العرضيات من أماكن مهمة من الملعب وهو ما تحقق في هدف أثبيلكويتا وهدف موراتا، وبزخم العرضيات من دون تحضير مشابه سجل الإسبان هدفهم الخامس، كما أضاعوا أكثر من فرصة أخرى أبرزها فرصة موراتا وبنفس الشكل والتحضير الذي يشبه إلى حدٍ ما ما كان يفعله ريال مدريد مع زين الدين زيدان في موسم 2016/2017.

ولأن التحضير كان جيدًا فإن النتائج كانت جيدة فقد كان 36% من تلك العرضيات الـ25 صحيحة، ومن يتابع الإحصائيات باستمرار سيدرك أنها نسبة ممتازة، ولنا في نجاح كرواتيا في عرضية واحدة ظفر لاعبوها بها من أصل 10 عرضيات قام الكروات بتنفيذها خلال المباراة.
يبقى السؤال .. هل يمكن الاطمئنان على إسبانيا من خلال هذا العرض الرائع؟ الحقيقة أنه على صعيد البناء الهجومي وصناعة الفرص فإن منتخب لا روخا ربما يتفوق على كل منتخبات اليورو حتى الآن بلا استثناء، لكن يبقى الضعف الدفاعي أمرًا يشكل صداعًا مثيرًا للقلق للإسبان الذين ارتاحوا من مواجهة فرنسا ما ضاعف من فرصهم في بلوغ نصف النهائي.
لكن الإسبان سيأملون في أن تكرر سويسرا سيناريو ما فعلته أمام فرنسا وهو السيناريو الشبيه جدًا لما تعرضت له إسبانيا أمام كرواتيا خاصة وأنها لم تكن المرة الأولى التي يخسر فيها رفاق بوسكيتس وكوكي تقدمهم في النتيجة بعد تعادلهم المُحبِط أمام بولندا.
ولأن إسبانيا مرت بسلام من كل تلك المواقف الصعبة خلال البطولة من ركلات جزاء ضائعة أو تأخر في النتيجة بخطأ للحارس أو خسارة للتقدم بعد التفوق فإنه يجدر بالإسبان الاستفادة منها كما استفاد إنريكي من إصلاح الأعطاب بتشكيلته في مثال حي على مقولة شهيرة أن كثيرًا من الأبطال صُنعوا داخل البطولة نفسها.