في نهايات العقد الأول من الألفية كان أي فريق يواجه ستوك سيتي يخشى رميات التماس إلى حد الرعب، فالأمر كان قد وصل إلى عكس الفطرة الكروية بتفضيل المدافعين لإخراج الكرة إلى ركنية بدلًا من رمية تماس في حالة تعذر اللحاق بها، والسبب .. لاعب اسمه روري ديلاب.
ديلاب تحول إلى أيقونة لرميات التماس الطويلة التي ينفذها ليس فقط بمسافات طويلة بل بقوة وسرعة شديدة جدًا تتفوق أحيانًا على الكرات العرضية ما جعلها مصدر تهديد مستمر للنادي الإنجليزي على منافسيه.
وإن لم تكن قد حضرت هذا الأمر، فثق أن ميلان شكرينيار لم يكن ليفكر في قرار إخراج الكرة إلى رمية تماس هذا -عندما حاول روبيرت ليفاندوفسكي محاصرته خلال مباراة سلوفاكيا وبولندا- إن كان ديلاب يرتدي قميص بولندا في تلك الأمسية!
ظهير ستوك سيتي الأيمن كان مُلهمًا لمدرس تربية رياضية في احدى المدارس اسمه داني بروكس الذي سجل أطول رمية تماس في التاريخ إذ بلغ مدى الرمية 49,78 مترًا حتى تمكن أحد اللاعبين من تحطيم هذا الرقم القياسي في 18 يونيو من عام 2010 بعدما سجل رمية بلغ مداها 51,33 مترًا .. هذا الشخص هو توماس جرونيمارك.
في نهايات العقد الأول من الألفية كان أي فريق يواجه ستوك سيتي يخشى رميات التماس إلى حد الرعب، فالأمر كان قد وصل إلى عكس الفطرة الكروية بتفضيل المدافعين لإخراج الكرة إلى ركنية بدلًا من رمية تماس في حالة تعذر اللحاق بها، والسبب .. لاعب اسمه روري ديلاب.
ديلاب تحول إلى أيقونة لرميات التماس الطويلة التي ينفذها ليس فقط بمسافات طويلة بل بقوة وسرعة شديدة جدًا تتفوق أحيانًا على الكرات العرضية ما جعلها مصدر تهديد مستمر للنادي الإنجليزي على منافسيه.
وإن لم تكن قد حضرت هذا الأمر، فثق أن ميلان شكرينيار لم يكن ليفكر في قرار إخراج الكرة إلى رمية تماس هذا -عندما حاول روبيرت ليفاندوفسكي محاصرته خلال مباراة سلوفاكيا وبولندا- إن كان ديلاب يرتدي قميص بولندا في تلك الأمسية!

ظهير ستوك سيتي الأيمن كان مُلهمًا لمدرس تربية رياضية في احدى المدارس اسمه داني بروكس الذي سجل أطول رمية تماس في التاريخ إذ بلغ مدى الرمية 49,78 مترًا حتى تمكن أحد اللاعبين من تحطيم هذا الرقم القياسي في 18 يونيو من عام 2010 بعدما سجل رمية بلغ مداها 51,33 مترًا .. هذا الشخص هو توماس جرونيمارك.
لم يشتهر جرونيمارك آنذاك بهذا الإنجاز قدر ما اشتهر بعد ذلك بـ9 سنوات عندما ظهر اسمه على صدر الصفحات والمواقع العالمية من خلال عنوان “ليفربول يعين مدرب رميات تماس!”.
غالبية الأندية التي عمل معها جرونيمارك قبل ليفربول إن لم يكن جميعهم كانوا يرغبون في التعاقد معه من أجل البحث عن أفضل تنفيذ لرميات التماس الطويلة، وربما خير من استمتع بخدمات جرونيمارك في هذا الصدد هو نادي ميدتييلاند الذي عمل معه لـ10 سنوات ليتمكن الفريق في الفترة من موسم 2015/2016 وحتى 2018/2019 من تسجيل 35 هدفًا من رميات تماس!
لكن جرونيمارك يحكي في مقابلة مع موقع ذي أثلتيك أنه رغم استمتاعه بتقديم خدماته في شأن رميات التماس الطويلة إلا أنه كان يثير سخطه وضيقه دائمًا ألا يتمكن من مساعدة البعض على تحسين أمور أخرى في رميات التماس بخلاف طولها.
قرار تعيين ليفربول للمدرب الدنماركي لم يعجب البعض، إذ لم يخشَ المحلل البريطاني الشهير أندي جراي من الصوابية السياسية وسخر من الفكرة معتبرًا إياها “فزلكة” زائدة ليرد جرونيمارك بأنه يشعر بالأسف تجاهه رغم تفهمه بشكل عام في تصريحات مختلفة لاستغراب الفكرة.
في الحقيقة جرونيمارك كشف في مقابلة سابقة مع صحيفة الجارديان عن أن تلك “الفزلكة” كانت مطلوبة في 5 أندية إنجليزية أخرى غير ليفربول إلا أنه اعتذر عن العمل معها لإيمانه بعدم أخلاقية العمل مع منافسي الريدز المباشرين وأن عمله في أياكس وأندية أخرى هو الأنسب.
لكن ماذا قدم جرونيمارك للريدز تحديدًا؟
الحفاظ على رمية التماس
قبيل مكالمة يورجن كلوب للمدرب المتخصص، كان ليفربول ثالث أسوأ أندية إنجلترا في نجاح رميات التماس حيث كان ينجح في 45,4% من رميات تماسه التي ينفذها تحت ضغط أما الباقي فكان يفشل فيها في الحفاظ على الكرة، لكن جرونيمارك حوله إلى ثاني أنجح أندية أوروبا كلها في الحفاظ على رميات تماسه بعد أن وصل إلى نسبة نجاح 68,4% والمفارقة (المفهومة) أن من احتل الصدارة كان نادي ميدتييلاند تحديدًا.
ولتدرك أهمية الحفاظ على رميات التماس فإن قطعها أحيانًا يكلف بعض الفرق كثيرًا، فغالبًا ما يكون بعض لاعبي الفريق خارج مكان تمركزهم الطبيعي بفعل صعوبة تمرير الكرة من رامي التماس إلى مسافات بعيدة ما يضطر زملاؤه إلى الاقتراب أكثر منه، وفي حالة خطف الكرة أحيانًا ما يصنع خطورة مضاعفة على الفريق، وهو أمر ألقى الضوء عليه الكاتب الإنجليزي الشهير مايكل كوكس في احدى مقالاته

لذلك فإن رفع نسبة نجاح ليفربول بمقدار 23% في رميات التماس تحت ضغط هو أمر لا يمكن الاستهانة به وبقوته، فصحيح أنه قد لا يمثل شيئًا محسوسًا على أرض الملعب من حيث الفرص أو التأثير الهجومي، لكنه قد يجنبك صداعًا لا داعي له أبدًا.
يقول جرونيمارك إن مفتاح الاحتفاظ بالكرة بعد تنفيذ رمية التماس يتمثل في اللمسة الأولى المتقنة والسرعة والتحرك دون كرة مؤكدًا على أن النجاح الحقيقي في رمية التماس ليس فقط في تنفيذها بشكل صحيح وتمرير الكرة بعد ذلك لخمس أو ست أو سبع تمريرات فقد تكون كل تلك التمريرات داخل منطقة ضغط المنافس، بل النجاح الحقيقي في كيفية إخراج الكرة إلى ما هو خارج منطقة الضغط تلك.
جُمل لاستغلال رميات التماس بشكل أفضل هجوميًا
إن وسعنا محاولاتنا لرصد ما استفاد منه ليفربول من المدرب الاسكندنافي فلن تكون هناك وسيلة أفضل من متابعة عشرات رميات التماس التي نفذها ليفربول في الموسمين الماضيين وهو ما قمنا به بالفعل.
الكثير من الألعاب التي عمل ليفربول على خداع المنافسين بها .. نعرض بعضها هنا، وربما يكون تنفيذ تلك الألعاب بفطرة اللاعبين أو بتدريبات عادية وبعضها قد يكون عن طريق جرونيمارك .. الأمر متروك لتقديرك في النهاية
هنا يمكن رصد كيف تابع مدافع وست بروميتش في الدائرة تحرّك روبيرتو فيرمينو للأمام ليستغل محمد صلاح هذا الانشغال ويتراجع للخلف بضع خطوات ليتلقى رمية أرنولد في مكان جيد.

هناك نوع آخر من الرميات التي يتم تحريك عدد ليس بالقليل من اللاعبين باتجاه أرنولد قبل تنفيذ الرمية وذلك لإخلاء مساحة واضحة لمحمد صلاح للالتفاف بالكرة والتسديد .. حاول فعلها أمام مانشستر يونايتد في الموسم المنصرم لكنه لم ينجح في التفافته إلا أن الكرة شبيهة جدًا بما فعله ضد آرسنال في موسم 2019/2020 بعدما التف بالكرة وسدد إلى جوار القائم وكذلك ضد توتنهام في نفس الموسم لكنه سدد في يد الحارس

أمام أستون فيلا موسم 2020/2021 ربما كان الأمر ليتم اعتباره صدفة بعدما وقف روبيرتو فيرمينو للحظة موحيًا بأنه لن يشترك في رمية التماس قبل أن يسرق ظهير الفيلانز ماتي كاش ويتسلم الكرة، لكن الأمر كان يستحق الذكر لأن نفس اللقطة تقريبًا تكررت من جانب محمد صلاح في رمية تماس أخرى في الشوط الثاني

أمام وستهام يونايتد كان فيرمينو يخلي المساحة بشكل ذكي لفينالدوم الذي يتم رمي الكرة إليه في تلك المساحة

وبنفس الشكل وبنفس اللاعبين ينفذها الفريق في الموسم الذي سبقه أمام جينك مع ملاحظة أن فينالدوم يعرف أين يتحرك حتى قبل وصول الكرة إلى فيرمينو.

لكن ما لاحظته من خلال المتابعة هو أنه ربما أكثر لعبة تكررت في كل رميات تماس ليفربول في آخر موسمين هي رمي الكرة إلى محمد صلاح على خط المرمى مع انتظار اللاعب المندفع إلى منطقة الجزاء من الجانب الذي تم رمي التماس منه وبنفس طريقة فينالدوم أعلاه أملًا في أن يتلقى تمريرة صلاح ليصنع خطورة بالغة على المنافسين كما حدث مثلًا في لقطة أمام فولهام

أو عندما مرر إلى هندرسون في مباراة إيفرتون

أو حتى في موسم 2019/2020 أمام واتفورد

أما في هذه اللقطة أمام تشيلسي فإنه عندما اكتشف صلاح أن فيرمينو هو من يقوم بدوره هذه المرة، اندفع تلقائيًا إلى نفس المساحة التي يمرر فيها لزملائه غالبًا والتي يدرك أنه لو تمكن فيرمينو من الكرة فسيمررها حتمًا إليها، وهو ما يمكن أن يكون دليلًا جديدًا على أنه لقطات تم التدريب عليها وأصبح اللاعبون يتحركون معها بتلقائية من تكرارها المستمر.

لكن غالبًا من كان يتم استخدامه في هذا الصدد هو صلاح فهو اللاعب الأعسر الذي سيكون أقدر على التمرير بتلك القدم المنطقية للتمرير بها من تلك الوضعية، بينما سيحتاج الفريق للاعب مثل فيرمينو أو ماني لممارسة نفس الدور على الجانب الآخر من الملعب.
القدرة على إيصال رمية التماس لأبعد مدى ممكن
لكن كثير من تلك الرميات لم يكن ليظهر بهذه الصورة لو لم يعمل جرونيمارك على طريقة تنفيذ الرمية نفسها، فعلى سبيل المثال رفع الأخير من قدرة أندرو روبيرتسون على رمي الكرة إلى أبعد مدى، بعد أن كانت أقصى مسافة يستطيع الظهير الاسكتلندي إيصال الكرة إليها هي 19 مترًا، أصبحت 27 مترًا بعد تدريبات جرونيمارك .. والأمر كذلك مع أليكساندر أرنولد الذي ارتفعت قدرته على إرسال الكرة إلى مسافات أبعد كما كان الحال مثلًا مع رمية تماسه ضد ريال مدريد في ملعب ألفريدو ديستيفانو الذي يبلغ عرضه 68 مترًا، وبطرح المسافة المتبقية على منتصف هذا العرض، فإن تلك الرمية لا يقل طولها عن 26 مترًا.

لكن المسافة ليست كل شيء، فعلى سبيل المثال يحكي جرونيمارك عن أنه عندما عمل مع ميدتييلاند بدأ في التعامل مع اللاعب كيان هانسن الذي كان يتمتع بمسافة ممتازة قدرها 30 مترًا لكن مشكلته الحقيقية كانت في أن رميته تتسم بكونها عالية وبطيئة وبالتالي يمكن الدفاع بشكل أسهل ضدها، لكنه وصل إلى مسافة قدرها 36,7 مترًا مع سرعة مذهلة لرمي الكرة ما انعكس على الرقم الكبير الذي سجل منه ميدتييلاند أهدافه المذكورة في بداية المقال.
كل هذا قد لا يساوي شيئًا أمام البعض رغم تأثيره الكبير، فهل سجل ليفربول من هجمات بدأت من رميات تماس؟ الحقيقة أنه نعم .. صحيح أن الرمية لم تُسفر مباشرة عن هدف سوى في هدف ليفربول ضد أتالانتا في بيرجامو

لكن في لقطات أخرى كانت رمية التماس هي ما صنعت الموقف الخطير منذ البداية قبل أن تتطور الأمور وتتحول إلى هدف كما حدث أمام وولفر هامتون

وكذلك حدث الأمر أمام توتنهام ولاحظ كيف أن كلا الهدفين كانا هدفي الانتصار في مباراتين كانتا في مرحلة توطيد ليفربول لصدارة البريميرليج قبل الابتعاد تمامًا بعدما دانت الأمور لصالحه نفسيًا قبل أي شيء

الخلاصة .. كل ما رأيته من صور بالأعلى ليس كل ما جمعناه لكنه اختصار (تخيل أن كل ذلك اختصار!) لبعض من الحالات المكررة التي ظهرت في ليفربول في الموسمين الماضيين. بعضها قد يكون مجرد مصادفة وربما كلها، لكن على الأقل فإن الأرقام لا تكذب بخصوص تحسين قدرة الفريق على الاحتفاظ برمية التماس بعد تنفيذها أو في قدرة لاعبي الفريق على تنفيذ الرميات إلى مدى أبعد يساعدهم على اتخاذ القرار الصحيح وعلى تحويل أيديهم من صواريخ بدائية الصنع إلى صواريخ باتريوت قادرة على الوصول لأي مكان وبدقة، كما أنه على ما يبدو فإن محمد صلاح طالب نابغ وملتزم بحضور تمرينات جرونيمارك بشكل صارم!