انتهى موسم توماس توخيل الأول مع تشيلسي بتحقيق اللقب الأغلى، دوري أبطال أوروبا، بعد فوزه بالنهائي على مانشستر سيتي لكن بعيداً عن الفوز بذات الأذنين ترك المدرب الألماني انطباعاً خيالياً عنه بالأشهر الأخيرة وبعد أن كانت وسائل الإعلام تكتب له عبارة “أهلاً بك بالدوري الإنجليزي” بعد تعادله مع ولفرهامبتون بمباراته الأولى، متحدثة عن الصعوبات التي سيجدها أمام هذه النوعية من الفرق واختلافها عن تجاربه بفرنسا وألمانيا، باتت الصحف تلاحق كل تفاصيل عمله وتستعين بمصادر من داخل النادي تقول أن ما يفعله بالتدريبات خيالي وأنه يعلّم لاعبيه إشارات ورموز غريبة للهجوم أو أنه يقوم بتمارين لم يعتاد الإنجليز على مشاهدتها، كالتدريب بملعب بدون خطوط أو على مرمى صغير، وكل هذا خلق هالة النجومية حول توخيل وحوّله سريعاً لمدرب لا يرغب أحد فعلاً بمواجهته وكأنه يملك شيئاً من السحر القادر على إسقاط أي خصم.
بالواقع لم يخلق توخيل أي سحر بتشيلسي ولم يخترع أشياء غريبة بل كل ما فعله هو رسم أسلوب قادر من خلاله على تجاوز المباريات الكبيرة وضمان نقاطها ليحقق سلسلة نتائج جيدة بالدوري مع أداء ممتاز بدوري الأبطال وبطرق متشابهة لكن كسرها بهذا الوقت كان صعباً على الخصوم لأن تطبيق الفريق كان أقرب للمثالي.
لم يبدأ تحضير توخيل للنهائي بعد تجاوز ريال مدريد بالمربع الذهبي حيث يبدو توخيل مستعداً للقاء بيب غوارديولا بأي لحظة ومعادلته لرقم كلوب كثاني مدرب يفوز على بيب بـ3 لقاءات متتالية بمختلف البطولات لم يأتِ عن عبث بل هو نتيجة دراسة مطولة وبالقسم الأول من الحديث سنأخذ الجانب النظري للأمر قبل أن ندخل أكثر بتكتيكات توخيل التي جعلت بيب يغير كل شيء من حوله دون فك اللغز.
يمثل بيب الملهم الأول لتوخيل فحين كان الأخير مدرباً لماينتس كان يسافر لبرشلونة ليتابع مباريات الفريق الذي كان غوارديولا يدربه حينها حتى أن مدافع ماينتس، الذي انتقل لاحقاً لبايرن، يان كيرشوف كان يقول أن توخيل كان يحاول محاكاة أفكار غوارديولا قدر الإمكان بالتمارين.
انتهى موسم توماس توخيل الأول مع تشيلسي بتحقيق اللقب الأغلى، دوري أبطال أوروبا، بعد فوزه بالنهائي على مانشستر سيتي لكن بعيداً عن الفوز بذات الأذنين ترك المدرب الألماني انطباعاً خيالياً عنه بالأشهر الأخيرة وبعد أن كانت وسائل الإعلام تكتب له عبارة “أهلاً بك بالدوري الإنجليزي” بعد تعادله مع ولفرهامبتون بمباراته الأولى، متحدثة عن الصعوبات التي سيجدها أمام هذه النوعية من الفرق واختلافها عن تجاربه بفرنسا وألمانيا، باتت الصحف تلاحق كل تفاصيل عمله وتستعين بمصادر من داخل النادي تقول أن ما يفعله بالتدريبات خيالي وأنه يعلّم لاعبيه إشارات ورموز غريبة للهجوم أو أنه يقوم بتمارين لم يعتاد الإنجليز على مشاهدتها، كالتدريب بملعب بدون خطوط أو على مرمى صغير، وكل هذا خلق هالة النجومية حول توخيل وحوّله سريعاً لمدرب لا يرغب أحد فعلاً بمواجهته وكأنه يملك شيئاً من السحر القادر على إسقاط أي خصم.
بالواقع لم يخلق توخيل أي سحر بتشيلسي ولم يخترع أشياء غريبة بل كل ما فعله هو رسم أسلوب قادر من خلاله على تجاوز المباريات الكبيرة وضمان نقاطها ليحقق سلسلة نتائج جيدة بالدوري مع أداء ممتاز بدوري الأبطال وبطرق متشابهة لكن كسرها بهذا الوقت كان صعباً على الخصوم لأن تطبيق الفريق كان أقرب للمثالي.

توخيل بالطريق للنهائي
لم يبدأ تحضير توخيل للنهائي بعد تجاوز ريال مدريد بالمربع الذهبي حيث يبدو توخيل مستعداً للقاء بيب غوارديولا بأي لحظة ومعادلته لرقم كلوب كثاني مدرب يفوز على بيب بـ3 لقاءات متتالية بمختلف البطولات لم يأتِ عن عبث بل هو نتيجة دراسة مطولة وبالقسم الأول من الحديث سنأخذ الجانب النظري للأمر قبل أن ندخل أكثر بتكتيكات توخيل التي جعلت بيب يغير كل شيء من حوله دون فك اللغز.
يمثل بيب الملهم الأول لتوخيل فحين كان الأخير مدرباً لماينتس كان يسافر لبرشلونة ليتابع مباريات الفريق الذي كان غوارديولا يدربه حينها حتى أن مدافع ماينتس، الذي انتقل لاحقاً لبايرن، يان كيرشوف كان يقول أن توخيل كان يحاول محاكاة أفكار غوارديولا قدر الإمكان بالتمارين.
قبل أيام من النهائي خرج مايكل ريشكه، المدير التقني السابق ببايرن، ليتحدث عن اللقاء الأول خارج الملعب بين توخيل وغوارديولا مشيراً إلى أن ذلك حدث بعد رحيل المدرب الألماني عن ماينتس بالوقت الذي كانت فيه حصيلة المواجهات هي تفوّق بيب 2-0 لكن الإسباني قدّر كثيراً سعي خصمه للهجوم بلقاء الفريقين رغم صغر فريقه مقارنة بالبافاري وهو ما شجعه على الالتقاء بمدرب تشيلسي الحالي ويقول ريشكه أن الجلسة كانت أقرب للمنازلة الفكرية بين نجمي شطرنج فكل منهما كان قادراً على تذكر التفاصيل بدقة متناهية وبالدقائق التي حدثت بها وهو ما أثار استغراب مساعد بايرن السابق باستيان هوفمان، وصل لنهائي 2002 مع ليفركوزن كمساعد مدرب وكان مساعداً لهاينكس في 2012 و2013، حين اجتمع بهما في اللقاء الثاني حيث قال بعد الاجتماع لريشكه أنه أخبر زوجته نيته اعتزال التدريب لأنه كان يعتقد أنه يفهم كرة القدم بشكل جيد إلى أن رأى السوية التي يتحدث بها هذين الشابين.
بالمختصر يعرف توخيل كل شيء عن غوارديولا حيث قرأ كل الكتب التي ارتبط اسم الإسباني بها وحاول لسنوات محاكاة أسلوبه والتعلم منه وبشكل طبيعي يدرك جيداً ما هي نقاط الضعف وما هي أكثر الأشياء التي قد يقلق بيب من مواجهتها ومن خلال تكرار التجربة تمكن الألماني من تغيير منحى المواجهات فبعد 3 هزائم من بيب حقق التعادل مرتين ثم جاء الانتصار بثلاث مواجهات متتالية لتمر 5 لقاءات متتالية بين الثنائي دون أن تعرف فرق بيب الفوز على فرق توخيل إلا مرة وحيدة كانت بركلات الترجيح بنهائي كأس ألمانيا موسم 2015\2016.

أدرك توخيل جيداً أن مانشستر سيتي سيلعب المباراة تحت ضغط أكبر من تشيلسي لأن الكل كان يركز على اللحظة التي سيفك فيها الفريق عقدة الخروج من ربع النهائي وستنتشر بكل الصحف الأسئلة عن إمكانية تحقيق بيب اللقب أخيراً بعد 10 سنوات من الانتظار وبظل الحديث المستمر عن حالة “over thinking” التي يعيشها بيب والمرتبطة بتوتره الزائد من المباريات الحاسمة واتخاذه لقرارات غريبة وجد الألماني أن المفتاح سيرتبط بأخذ الاتجاه المعاكس لما سيفعله السيتي.
بعد لقاء تشيلسي وأستون فيلا، الذي كاد أن يتحول لكابوس لولا فوز توتنهام على ليستر، منح المدرب لاعبيه استراحة لمدة يوم ونصف حيث أجرى تمريناً خفيفاً ظهر الاثنين ثم طلب من لاعبيه الذهاب وقضاء الوقت مع عائلاتهم مع منحهم عطلة يوم الثلاثاء ليستمتع كل منهم بقضاء وقته بعيداً عن أية ضغوطات وعند العودة لم يملك الفريق أي شكل من أشكال الضغط المرتبطة بانتظار مباراة النهائي حتى صور الفريق بالتمرين الأخير قبل اللقاء أظهرت حالة غريبة من المرح وكأن المجموعة تترقب لقاء عادياً بالدوري في اليوم التالي حيث تعمد المدرب إدخال بعض التمارين التي تضيف المزيد من جو المزاح بالتدريب ليوصل تشيلسي رسالة للجميع مفادها أنه سيلعب المباراة دون أية ضغوطات عكس مانشستر سيتي الذي كان يحتاج للإجابة على أسئلة كثيرة حين يدخل المباراة كطرف مرشح للقب لذا ربح توخيل المعركة الذهنية والنفسية بسهولة.
المعركة التكتيكية هي الأهم
مهما كنت مستعداً لنهائي الأبطال ذهنياً قد يغدرك الفارق التكتيكي وفوارق الإمكانيات الفردية ويمكننا تذكر العديد من مواجهات النهائي التي دخل فيها أحد الطرفين بقوة ثم سقط باللقاء كما حدث بنهائي 2018 بين ليفربول وريال مدريد ونهائي 2013 بين بايرن ودورتموند حين دخل الأخير اللقاء بشكل ممتاز وضغط لحوالي ثلث ساعة لكن خبرة بايرن وريال مدريد بالمرتين وامتلاك لاعبين من نوعية رونالدو وراموس أو روبن وريبيري كانت كفيلة بتغيير كل الحسابات.
بالواقع لم يقُم توخيل بالكثير من الأشياء المميزة ضد مانشستر سيتي وهنا تكمن الغرابة! ببساطة توخيل كان الرجل الذي يحب التغيير كثيراً سواء مع دورتموند أو سان جيرمان سواء بتغيير شكل الفريق من اللعب بثلاثة مدافعين أو بأربعة أو تغيير مناطق الضغط بين العمق والأطراف لكن في البلوز تكمن نقطة القوة بجرّ الخصوم دائماً لنفس الأخطاء وحين يتقدم تشيلسي بالنتيجة تصبح عملية العودة أمامه صعبة للغاية حيث لم يحدث هذا إلا أمام ويست بروميتش، التي خسرها الفريق بعد لعبه بنقص عددي، وأمام ريال مدريد حين تعادل بذهاب نصف النهائي بالتالي يمكن القول أن تشيلسي يفقد جزءاً كبيراً من قوته حين يتلقى الهدف الافتتاحي أو حين تكون النتيجة هي التعادل أمام فريق يدافع بالخلف لكن حين يتقدم يشعر الفريق برفاهية تكتيكية كبيرة.

تحدث الكثيرون عن قلة أهمية أول مواجهتين بين المدربَين كون الأولى كانت ببطولة الكأس، التي يهتم بها بيب دائماً، والثانية كانت بتوقيت غير مهم بالنسبة للسيتي بالدوري لكن هذه القاعدة لا تنطبق على لقاءات المدربين الكبار بين بعضهم حيث يحاول كل منهما قراءة ما يقوم به خصمه والأشياء التي عمل عليها وضربه معنوياً ببعض الأمور وبنظرة سريعة نرى أن بيب اعتمد على ثنائي ارتكاز خلال لقاء الفريقين بالكأس، رودري وفيرناندينيو، وأشرك لاعب ارتكاز واحد بلقاء الدوري ثم دخل لقاء نهائي الأبطال دون أي لاعب ارتكاز والنتيجة بالمرات الثلاث كانت ذاتها وهي فوز تشيلسي لذا الأمر لم يكن يرتبط بطبيعة اللاعبين الذين يشاركون بل بالأسلوب الذي كان كل فريق يتبعه.
إذا ما نظرنا لأول مباراتين بين المدربين سنرى أن غوارديولا كان على حق بفكرة عدم إشراك أي لاعب ارتكاز فبالنظر لما حدث بلقاء الكأس سنجد أنه لم يستفيد من وجود فيرناندينيو ورودري بل ضُرب من العمق بقوة لكن الشيء الغريب أن بعض الأخطاء تكررت منذ أول مباراة بين المدربين وحتى المباراة الثالثة ورغم تغير عدد كبير من اللاعبين وسنشرح هذا بالصور:
لنبدأ من لقاء الفريقين بالكأس، المباراة الأولى بين سلسلة المباريات الثلاث التي جمعت توخيل وبيب هذا الموسم، وننطلق من لقطة الهدف الملغى لزياش بسبب وجود تسلل بفارق بسيط على فيرنير:

بهذه اللقطة كان كانسيلو يشغل مركز الظهير الأيمن وترك مساحة خلفه مما اضطر روبن دياز للخروج من مكانه والتغطية خلف الظهير بالمقابل خرج تيمو فيرنير من العمق نحو اليسار وذهب زياش، الذي كان يلعب رفقة ماونت خلف المهاجم، نحو العمق وبالنتيجة استغل زياش سحب فيرنير لدياز نحو الطرف وأصبح مرتاحاً بالمنطقة واستغل تمريرة الألماني وسجل بسهولة لكن الهدف أُلغي لأنه لحسن حظ السيتي كان فيرنير متقدماً بعض الشيء حين استلم التمريرة لكن بالمرة الثانية لم ينجو فريق بيب من الوقوع بنفس الخطأ وتسببت لقطة مشابهة بتلقي الهدف الأول:

مرة أخرى ترك كانسيلو مساحة خلفه لأنه كان يساعد الفريق بالضغط وذهب فيرنير لاستغلال سرعته على الطرف ليستلم البينية وسحب معه دياز ليعطي زياش فرصاً أفضل للاستلام بالعمق والنتيجة هي تمكن المغربي من استلام الكرة بهذا الشكل:

ومن ثم تسجيل الهدف لأن لابورت كان مضطراً للتحرك وأخذ موقف بين اللاعبين وكان من الصعب على الظهير ميندي اللحاق بلاعب منطلق من العمق.
لكن ألم تذكركم هذه الهجمة ببدايتها بهجمة أخرى؟ لنشاهد الصورة التالية ونرى الربط:

بعد حوالي 40 يوم من لقاء الفريقين بالكأس استثمر تشيلسي ذات نقطة الضعف التي وقع بها السيتي باللقاء الأول، الظهير الأيمن ووكر ترك مساحة خلفه وذهب فيرنير لاستثمارها وسحب معه روبن دياز مرة أخرى واللاعب الذي كان يشكل ثلاثي المقدمة مع ماونت وفيرنير والذي كان هذه المرة كاي هافيرتز انطلق نحو العمق لاستغلال هذه المساحة لكن الفارق أن ماونت فضل لعب تمريرة ممتازة نحو العمق مباشرة دون الحاجة لمساهمة فيرنير ببناء الهجمة والنتيجة مرة أخرى هي تسجيل هدف باستغلال نفس النقاط التي استغلها الفريق بالمواجهة الأولى رغم تغير الظهير الأيمن وواحد من قلبي الدفاع والظهير الأيسر ورغم تغير طريقة التغطية بالوسط لكن ذات التحركات أدت للتسجيل مرة أخرى!
بالواقع خطط تشيلسي بشكل مستمر لاستغلال الجهة اليسرى لبناء اللعب وهنا نرى بنصف نهائي الكأس استقبال هافيرتز لكرة مرفوعة من ميندي وكيف ذهب لسحب كانسيلو وبدأ إيميرسون بالتحرك لسحب دياز بذات الأسلوب الذي كان يتبعه فيرنير:


ونتيجة لذلك حصل بوليسيستش على مساحة وسجل لكن الحكم أوقف احتفاله بسبب استعجاله بالانطلاق وبالتالي وجود تسلل لكن إذا ما نظرنا للقطة الأخيرة وللقطة هدف دوري الأبطال سنرى شيء متشابه آخر هو أنه بكل مرة يذهب فيها دياز للتغطية على الظهير ينكسر الخط الأخير للفريق وتظهر الفوارق أفقياً بينه وبين زملائه ويصبح احتمال كسر التسلل أكبر لكن بمرتين كان لاعبو تشيلسي أكثر استعجالاً لكسر التسلل.
قد يخطر ببال أي أحد سؤال بديهي هنا وهو لماذا لم يتصرف بيب ويحل مشكلة هذه الجهة؟ وكيف تكرر ذات الخطأ رغم تغيير اللاعبين؟ لكن الجواب نراه من خلال دراسة تحركات اللاعبين طوال الموسم حيث يعتمد بيب بشكل كبير على ووكر وكانسيلو للذهاب لعمق الملعب ومساعدة لاعبي الوسط بقطع الكرات سريعاً وتطبيق أسلوب الفريق المعتمد على الضغط العالي بالوقت الذي يظهر فيه زينتشينكو وميندي التزاماً أكبر بهذا الجانب لذا يكون بناء الهجمات من طرفهم أكثر صعوبة إضافة لهذا هناك 3 نقاط مهمة بهذا الجانب الأولى هي أن فيرنير يجيد بشكل ممتاز التحرك على الجهة اليسار كونه لعب لفترة طويلة بمركز الجناح الأيسر سابقاً والثانية هي أن قلب الدفاع الموجود بهذه الجهة هو روبن دياز الذي يشكل نقطة قوة السيتي دفاعياً وسحب البرتغالي بعيداً عن العمق سيجعل مهمة أي لاعب قادم من الخلف أسهل بكل تأكيد إضافة لنقطة أخرى سنشرحها من خلال الفقرة التالية:
كي تصل كل مرة للنجاح بذات الطريقة عليك قراءة الملعب بشكل صحيح واتخاذ القرار المناسب لخطتك وأسلوبك وبطريقة تشيلسي كان السؤال دائماً لدى اللاعبين هو: من أين يأتي الضغط؟ من هو اللاعب الذي سيضطر لترك فراغ ولو بسيط خلفه كي يخلق الضغط؟ ميزة أسلوب تشيلسي هي أنه يملك لاعبَين خلف المهاجم يلعبان دون مركز محدد من الممكن أن تراهما سوياً بطرف واحد بالملعب أو ترى أحدهما بالخلف وآخر بالأمام لكن بكل مرة يتحركان سوياً لأجل هدف معين يبنيه الفريق بشكل جماعي ولهذا السبب ينجح تشيلسي بالتحولات السريعة والمرتدات أكثر من مجابهة فريق متمركز بالخلف لأن قيمة هذين اللاعبين تصبح أقل مع احتياجهم للانتشار بعيداً عن بعضهما.
لنعود لبداية الهجمة التي سجل منها زياش هدفه بلقاء الكأس ونرى هذه اللقطة الكلاسيكية التي تحمل أي تعبير على أن الكرة ستذهب نحو المرمى بعد لحظات قليلة:

باللقطة الموجودة بالأعلى هناك مهاجمين من مانشستر سيتي يستعدان للإغلاق على مدافعي تشيلسي بحال لعب تمريرة أرضية للزميل بالخلف ويقف فودين وفيران بخط متقارب ومن خلفهما رودري في حين يلتزم فيرناندينيو مكاناً بالخلف قريب من الخط الخلفي لانتظار أي تحرك من الثنائي زياش وماونت لذا حتى الآن يبدو أن السيتي يغلق بشكل ممتاز لكن سيكون من الغرابة القول أن هذه اللقطة مهدت الطريق لتلقي الهدف ولنفس ذلك سنتجه للقطة الثانية بعد تمرير الكرة نحو تشيلويل:

أخذ فيران توريس موقفاً بعيداً عن تشيلويل ولم يتمركز بشكل يساعده أساساً لقطع التمريرة وحين استلم الظهير المتأخر للبلوز تركه الجناح الإسباني وحاول العودة للخلف لمنعه من التمرير للخط الخلفي لكن بهذه الحركة ذهب كانسيلو للضغط على تشيلويل وفُتح الطريق لجورجينيو كي يستلم من تشيلويل بدلاً من إغلاق الطريق وهنا استفاد الفريق من شيء بدا واضحاً هو أن فيران لن يجيد التغطية بذات كيفية فودين أو رودري، اللذان كانا سيتحركان بشكل أفضل لو لُعبت الكرة للطرف الآخر حيث يتواجد ريسي، وهو ما سيمنح جورجينيو الفرصة للاستلام واستغلال تقدم كانسيلو للأمام لخلق فوضى بالخلف كما هو بالصورة:

ذهب ماونت وفيرنير للجهة اليسرى، التي تقدم منها كانسيلو، وذهب زياش للعمق ليصبح الثلاثي بنصف واحد من الملعب دون الاهتمام بالطرف الآخر وببساطة خرجت الهجمة من سيطرة فيرناندينيو الذي كان مهتماً بتغطية الوجه الأمامي للدفاع وأصبح دياز محاصراً بين ماونت الموجود خلف ظهر كانسيلو وفيرنير الذي ينطلق بسرعة عالية للأمام.
بهذه الطريقة تماماً يمكنك سحب خصمك بطرح سؤال واضح هو: من يريد الضغط للأمام من مانشستر سيتي؟ إذاً لنذهب ونأخذ مكانه من خلال لاعبَينا العشوائيين الموجودين خلف المهاجم ويبدو هذا قريباً للدور الذي يأخذه توماس مولر ببايرن بالبحث دائماً عن المساحة الخالية للتمركز بها وسحب باقي لاعبي الخصم للخروج من مناطقهم.

لهذه الأسباب وجد بيب أن إشراك لاعبي ارتكاز بنهائي الأبطال لن يفيد كثيراً لأن مراقبة ماونت وهافيرتز لن ترتبط بلاعبي الارتكاز وبحث عن قطع الإمداد من كانتي وجورجينيو للثلاثي الموجود أمامهم لكن مرة أخرى حدث ذات الأمر تم سحب الظهير خارج مركزه وتحرك فيرنير للمساحة الخالية لينطلق هافيرتز نحو المرمى.
على الطرف الآخر ليست صدفة أن يكون الهدف الوحيد الذي تلقاه تشيلسي من سيتي بثلاث مواجهات هو من خطأ دفاعي فعدا ذلك كانت هناك قراءة ممتازة لأسلوب السيتي المرتبط برمي تمريرة طويلة لواحد من الطرفين ثم انتظار مساندة من العمق للعب عرضية سهلة للمتابعة ومن أجل هذا أصبح تشيلسي يلعب فعلياً بخماسي بالخلف وليس بثلاثي حيث يتم سحب الفريق عرضياً بشكل كامل وسحب الظهير المتأخر ليتحول كأنه لاعب بالخط الخلفي وليس بخط الوسط.

نرى من خلال العديد من الهجمات كيف كان روديغير وكريستنسين يأخذان موضعين شبيهين بقلبي دفاع خط رباعي وليس ثلاثي مع انتظار إغلاق الأطراف من أثبيليكويتا وجيمس وتشيلويل وسنرى هذا من خلال لقطتين:

من خلال هذه اللقطة نرى أن روديغير استجاب بسرعة عالية لمشهد انسحاب أثبيليكويتا وتياغو سيلفا نحو الطرف ورغم فقدان مدافعين والتفوق عليهما إلا أن التغيير السريع بالتمركز منح روديغير فرصة الوصول لفودين وإبعاد تسديدته بالوقت الذي نرى فيه تحول تشيلويل السريع ليصبح لاعباً من الخط الخلفي ويغلق على الجناح.

أما من خلال الصورة الموجودة بالأعلى نرى كيف انسحب خط دفاع تشيلسي بالكامل إلى اليمين وأصبح أثبيليكويتا بمثابة قلب دفاع والملفت بالصورة هنا أن ريسي جيمس ذهب تلقائياً لمراقبة سترلينغ ليبدو أن تشيلسي يلعب بخماسي دفاعي فعلاً وهذه الأشياء جعلت مهمة ميندي أكثر راحة حيث كان عليه التصدي فقط لكرة سترلينغ بالشوط الأول عدا ذلك لم تكن المهمة صعبة على الحارس الذي لم يحتاج للتصدي لأي تسديدة رغم سيطرة السيتي بنسبة 68% بالشوط الثاني.
فعلياً لم يرغب توخيل بالاعتماد على الظهيرين كثيراً لبناء اللعب بل كل ما كان مطلوباً منهما بالغالب هو المساعدة لخلق كثافة عرضية لقطع كرات السيتي بالخلف ومحاولة التمهيد لتحرير جورجينيو وكانتي من الضغط لبدء الهجوم بالخلف.
كل هذه الأشياء مهدت لمشاهدة تشيلسي قوي ضد مانشستر سيتي، فريق قد يكون أقل إمكانيات فردية من خصمه لكن خلال 270 دقيقة احتفل بالفوز ثلاث مرات واهتزت شباكه مرة واحدة ببساطة لا يمكن للأمور أن تكون مثالية أكثر من ذلك!
مع انتهاء الموسم يحتاج بيب غوارديولا للجلوس ومراجعة كل ما يحدث لأنه بالتأكيد لن يرضى بأن يخسر كل مرة من توخيل ويشاهد نفس الأخطاء تحدث لذا ستكون عطلة الصيف فرصة ربما للاستراحة من الـover thinking والبدء من جديد أما توخيل فربما تكون فرصة لتغيير تكتيك ناجح وخلق تكتيكات أخرى تساعده أيضاً بمواجهة الفرق التي تتكتل بالخلف خاصة إذا ما نجح النادي بضم نجوم جدد يناسبون أفكاره.