وصل أنتونيو كونتي إلى الملاعب الإنجليزية في موسم 2016/2017 ليحصد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسمه الأول، وهو الموسم الذي سوق مسؤولو البريميرليج له باستخدام المدربين وليس اللاعبين بعدما كان موسم وصول كونتي وبيب جوارديولا إلى البريميرليج إلى جانب تولي جوزيه مورينيو تدريب مانشستر يونايتد لينضموا إلى يورجن كلوب وآرسن فينجر وكلاوديو رانييري وماوريسيو بوتشيتينو.
من خرج فائزًا كان المدرب الإيطالي الذي قاد البلوز للقب الدوري باستخدام طريقة 3/4/3 التي يعشقها وأجاد استخدامها مع النادي اللندني.
هل يمكن وصف كونتي بأول من استخدم تلك الطريقة في إنجلترا؟ الإجابة لا، فقد استخدمها بوتشيتينو قبله لكن من نشرها حقًا وجعلها مستساغة أكثر بين جموع المدربين والمحللين والصحفيين والجماهير في إنجلترا كان المدرب الذي رحل عن صفوف الإنتر قبل أيام.
خاض بيب جوارديولا نهائيه الأول في دوري الأبطال بعد غياب لمدة 10 أعوام منذ نهائي ويمبلي 2011 الذي رفع الكأس فيه رفقة برشلونة على حساب مانشستر يونايتد.
وصل أنتونيو كونتي إلى الملاعب الإنجليزية في موسم 2016/2017 ليحصد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسمه الأول، وهو الموسم الذي سوق مسؤولو البريميرليج له باستخدام المدربين وليس اللاعبين بعدما كان موسم وصول كونتي وبيب جوارديولا إلى البريميرليج إلى جانب تولي جوزيه مورينيو تدريب مانشستر يونايتد لينضموا إلى يورجن كلوب وآرسن فينجر وكلاوديو رانييري وماوريسيو بوتشيتينو.
من خرج فائزًا كان المدرب الإيطالي الذي قاد البلوز للقب الدوري باستخدام طريقة 3/4/3 التي يعشقها وأجاد استخدامها مع النادي اللندني.
هل يمكن وصف كونتي بأول من استخدم تلك الطريقة في إنجلترا؟ الإجابة لا، فقد استخدمها بوتشيتينو قبله لكن من نشرها حقًا وجعلها مستساغة أكثر بين جموع المدربين والمحللين والصحفيين والجماهير في إنجلترا كان المدرب الذي رحل عن صفوف الإنتر قبل أيام.
خاض بيب جوارديولا نهائيه الأول في دوري الأبطال بعد غياب لمدة 10 أعوام منذ نهائي ويمبلي 2011 الذي رفع الكأس فيه رفقة برشلونة على حساب مانشستر يونايتد.
منذ ذلك الحين صعد اسم المدرب الإسباني أكثر وأكثر فقد تحول من مجرد مدرب ناجح إلى مدرب مُلهم حتى إن الكاتب الإنجليزي مايكل كوكس وصفه بأكثر المدربين المؤثرين في القرن الحادي والعشرين.
وإن اختلفت مع كوكس فلن يخرج عن إطار اعتباره الأكثر تأثيرًا لكن الجميع سيظل ينظر إليه على أنه مدرب أثر كثيرًا في مجريات كرة القدم في الأعوام العشرة الأخيرة.
أما إن اتفقت مع كوكس فمبرراتك واضحة، فجوارديولا هو المدرب الذي عرف العالم معه صيحة الضغط العالي واللعب التموضعي والاستحواذ، والمعرفة هنا ليست حول سماع المصطلحات لأول مرة لكن في انتشارها وإدراكها وانعكس ذلك بوضوح على توجهات الكثير من المدربين الذين أصبحوا تلاميذًا غير مباشرين لجوارديولا أو على الأقل متأثرين بأفكاره، حتى أن بعضًا من المدربين الأقدم أدركوا أن عليهم إظهار بعض المرونة تجاه تلك الأفكار خاصة في مسألة الاستحواذ على الكرة بشكل أكبر من المعتاد.

لكن واحدة من أكثر أفكار جوارديولا التي نالت سخرية وهجومًا كبيرًا في بداياتها كانت قراره بالاستغناء عن حارس مرمى مانشستر سيتي جو هارت واستقدام الحارس كلاوديو برافو ثم إيدرسون بحجة أن هارت لا يستطيع استخدام قدميه في اللعب والتمرير للزملاء .. فكرة اعتبرها البعض فلسفة زائدة عن الحد وازدادت السخرية بعدما لم يقدم كلاوديو برافو مستوى كبير في مسألة حراسة المرمى ذاتها وتساءلوا عن أولويات بيب في هذا الصدد.
لكن مع الوقت ظهر جيلًا من حراس المرمى حول العالم يتعامل مع الكرة بشكل يقترب كثيرًا من اللاعبين العاديين حتى أن بعضهم أجاد التمرير أفضل من بعض المدافعين كما هو الحال مثلًا مع حارسي مرمى بايرن ميونخ وبرشلونة مانويل نوير وتير شتيجن وكذلك إيدرسون الذي سيطر على مركز حراسة مرمى مانشستر سيتي بعد أن انتهى دور برافو.
دع هذا الأمر جانبًا الآن ودعنا نتفق على أن العقول البشرية دائمًا ما تعمل باستمرار على إيجاد أفكار جديدة فإن عقولًا أخرى تعمل باستمرار على إيجاد طريقة لمقاومة تلك الأفكار .. الولايات المتحدة تخترع طائرة شبح أكثر حداثة ومن ثم تجمع الصين علماءها لاختراع أفضل رادار قادر على رصد هذه الطائرة المراوغة.
في بدايات صيحة الضغط العالي مع بيب جوارديولا ومن بعده ثم ازدياد الميل إلى الضغط بجميع أنواعه بقيادة زعيم الضغط العكسي في السنوات الأخيرة يورجن كلوب، كانت الفريق تعكف على رسم طريقة واضحة لمقاومة هذا الضغط العالي باستخدام لاعبين يجيدون التمرير القصير السريع الذي يُخرج المنافس المندفع خلفك من اللعبة.
تبدأ التمريرة غالبًا من حارس المرمى إلى لاعب الارتكاز الذي يمتلك أقل من ثانية للتمرير من جديد لأحد اللاعبين الخاليين في خط الدفاع وغالبًا ما يكون الظهير الذي يصبح في وضعية أفضل من لاعب الارتكاز كون وجهه أصبح لمرمى المنافس ومن ثم يمرر من جديد لأحد اللاعبين الخاليين من الرقابة أو الحاصلين على بضعة أمتار إضافية قبل تعرضهم للضغط وهكذا دواليك .. فريق يضغط بعدد كبير من اللاعبين وآخر يحاول إخراج الكرة بشكل سليم بعدة تمريرات تحمل مخاطرة لا تخطئها العين.
مع الوقت وزيادة كفاءة الضغط أصبح المخاطرة كلفتها كبيرة جدًا للفريق الذي يحاول الخروج بالكرة، فقطع الكرة أكثر سهولة من الاستمرار دون توقف في ضبط التمريرات الصعبة من دون أي هامش خطأ، لذلك عاد المدربون للأصول .. الكرات الطويلة!
لكن الأمر لم يكن بنفس الشكل الكلاسيكي القديم الذي عرفته إنجلترا منذ عقود .. لم يكن ضربة حظ تسعى من خلالها إما لاصطياد الكرة بالرأس أو باصطياد الكرة الثانية، بل بخطط محكمة في التمرير خلف خطوط الضغط سعيًا لاستغلال المساحة الضخمة التي خلفها اندفاع المنافس للأمام بغية قطع الكرة وكذلك لتجنب انقطاع الكرة في مناطق متقدمة من الملعب وهي التفصيلة الأهم التي قاد يورجن كلوب ليفربول من خلالها إلى نهائي دوري أبطال أوروبا 2018 قبل أن يخسره أمام ريال مدريد.
استفاد جوارديولا كذلك من ضربات المرمى فحولها من مرحلة مضغوطة جدًا للفريق في كيفية خروجه بالكرة من نصف ملعبه إلى مصدر رعب لأي فريق يحاول الضغط على السيتي حول منطقة جزائه فبرع إيدرسون في مسألة إرسال الكرات الطويلة والقٌطرية إلى مهاجمي الفريق مستغلًا عدم احتساب التسللات من ضربات المرمى وكرر ذلك في كثيرٍ من المرات.

إذًا نحن نمتلك الآن حراسًا مميزين في مسألة التمرير وصناعة اللعب، وحلًا سحريًا لفك الضغط العالي يمكن في الكرات الطويلة أو القُطرية وقد تكون مكافأتها كبيرة ودون كلفة دفاعية زائدة عن الحد في حالة عدم نجاح الأمر .. بماذا يذكرك هذا الأمر؟ إن كان ذهنك حاضرًا فستتذكر هدف تشيلسي الوحيد في مرمى السكاي بلوز في نهائي دوري أبطال أوروبا.
إدوارد ميندي ليس من ضمن أشهر الحراس في مسألة صناعة اللعب لكنه يمتلك مستوى لا بأس به في الأمر، وساعده توماس توخيل (أحد المتأثرين ببيب جوارديولا) في توفير فرصة كافية للتميز في هذا الصدد بعدما لعب بخماسي دفاعي يهرب أحد ظهيريه من خط الضغط لمنح خيار تمرير إلى حارس المرمى.
الأمر لم يكن صدفة ففي أكثر من مرة كان تشيلويل خيار تمرير واضح لكن ميندي آثر السلامة ومرر إلى أقرب لاعب في تلك اللقطتين لكن دائمًا ما كان يتضح وأن الظهير الجناح لتشيلسي متواجد في مكان يطرح سؤالًا صعبًا عمن يراقبه بالضبط فمحرز متواجد في خط الضغط الأول ووكر لا يمكن له المبالغة في التقدم لمراقبة تشيلويل مع ميل ماونت وفيرنر إلى جبهته.


قبل تسجيل الهدف ابتلع ميندي حبوب الشجاعة ومرر إلى تشيلويل بطريقة طبق الأصل من لقطة الهدف ليُخرج أكثر من لاعب من السيتي من اللعبة

ثم عاد وكررها في لقطة الهدف إلى تشيلويل الهارب من خط الضغط واحتاج الأمر للمسة مثالية من الأخير إلى ماونت ومن ثم تعرفون الباقي.

السؤال هو .. ماذا لو كان حارس من حراس حقبة ما قبل جو هارت/برافو متواجدًا في عرين تشيلسي في آخر لقطتين؟ غالبًا كان ليشتت الكرة إلى الأمام أو يمرر إلى أقرب لاعب كما حدث في اللقطتين الأولتين لتصير الأمور أصعب على البلوز ويخسر الفريق فرصة كسر ضغط بيب جوارديولا.
يومًا ما صرح بيب جوارديولا بعد موسمه الأول في إنجلترا أنه يواجه صعوبات في تفعيل تأثير ضغطه على الفرق الإنجليزية بسبب لجوئها للكرات الطويلة ما يجعله يفقد فرصة قطع الكرة في مناطق خطيرة، وربما يكون قد استفاد هو وغيره من هذا الأمر بشكل أذكى بعدما طوروا من أسلوب الهرب من ذلك الضغط بالكرات الطويلة.
لكن الطريف في الأمر أن اختراعين أحدهما من بنات أفكار جوارديولا وهو “الحارس المُمرر” والآخر له دور واضح في تطويره “الكرات الطولية والقُطرية الدقيقة لكسر الضغط العالي” هما أحد أسباب دفع بيب للثمن غاليًا في نهائي الأبطال بعد أن انقلب السحر على الساحر ولاقى جوارديولا ما أذاقه لآخرين بتلك الفكرتين.