في لحظةٍ ما تخيلنا أن الكل أصبح سعيدًا بما لديه بعدما قام الاتحاد الأوروبي باقتراح تغيير شكل دوري أبطال أوروبا بدءً من عام 2024 ولـ10 سنوات قادمة على الأقل، لكن يبدو وأننا كنا مخطئين.
12 ناديًا (طموحًا كان أو جشعًا في رواية أخرى سمهم كما تشاء) التقوا ليقرروا إطلاق دوري السوبر الأوروبي .. حدث ذلك الأمر وكأنه “دُبّر بليل” فالصدمة كانت واضحة في تصريحات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم اليويفا على لسان رئيسه أليكساندر تشيفيرين.
الفكرة ليست جديدة، فهي فكرة حالمة بدأت ربما بتأسيس مجموعة الـ G14 في مطلع الألفية وانزوت جانبًا مع الوقت ومع تفكيك الـ G14 لتتكون رابطة الأندية الاوروبية ولتصير الفكرة فقط وسيلة ضغط على اليويفا لمنح الأندية الكبرى نصيب أكبر من الأموال، لكن هذه المرة الأمر أصبح جديًا حقًا!
حتى عندما أقر الاتحاد الأوروبي حزمة من التعديلات بشأن دوري الأبطال بدءً من نسخته في عام 2024 والتي تضمن خوض كل نادٍ لـ10 مباريات على الأقل، لم يثني ذلك الأندية الـ12 عن موقفها لفترة قبل أن ينهار اتحادها معًا وتبدأ الأندية الإنجليزية في الانسحاب الواحد تلو الآخر.
في لحظةٍ ما تخيلنا أن الكل أصبح سعيدًا بما لديه بعدما قام الاتحاد الأوروبي باقتراح تغيير شكل دوري أبطال أوروبا بدءً من عام 2024 ولـ10 سنوات قادمة على الأقل، لكن يبدو وأننا كنا مخطئين.
12 ناديًا (طموحًا كان أو جشعًا في رواية أخرى سمهم كما تشاء) التقوا ليقرروا إطلاق دوري السوبر الأوروبي .. حدث ذلك الأمر وكأنه “دُبّر بليل” فالصدمة كانت واضحة في تصريحات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم اليويفا على لسان رئيسه أليكساندر تشيفيرين.
الفكرة ليست جديدة، فهي فكرة حالمة بدأت ربما بتأسيس مجموعة الـ G14 في مطلع الألفية وانزوت جانبًا مع الوقت ومع تفكيك الـ G14 لتتكون رابطة الأندية الاوروبية ولتصير الفكرة فقط وسيلة ضغط على اليويفا لمنح الأندية الكبرى نصيب أكبر من الأموال، لكن هذه المرة الأمر أصبح جديًا حقًا!

حتى عندما أقر الاتحاد الأوروبي حزمة من التعديلات بشأن دوري الأبطال بدءً من نسخته في عام 2024 والتي تضمن خوض كل نادٍ لـ10 مباريات على الأقل، لم يثني ذلك الأندية الـ12 عن موقفها لفترة قبل أن ينهار اتحادها معًا وتبدأ الأندية الإنجليزية في الانسحاب الواحد تلو الآخر.
الانهيار
لم تصمد الفكرة لأكثر من 48 ساعة بعدما شن كثيرون هجومهم عليها بدءً من رئيس الاتحاد الأوروبي مرورًا بنجوم للعبة ثم بأندية أخرى وروابط الدوريات ونهاية بلاعبين شتّى خاصة من البريميرليج.
لكن لماذا كان البريميرليج الأكثر مقاومة خاصة من جانب لاعبيه؟ الإرث الكروي في إنجلترا متغلغل بشدة، فماتزال الجماهير تملأ المدرجات دائمًا ومازالوا يرتحلون خلف أنديتهم في المباريات خارج الأرض، وهو أمر يختصون به مع الألمان الذين رفضوا الفكرة من الأساس حتى لو كان رفض بايرن ميونخ مجرد ترقّب للموقف.
لافتة رفعها أحد المشجعين كتب عليها “نريد الليالي الباردة في ستوك” تصف ما ارتأته العقلية الإنجليزية في الأمر، فمايزال كثيرون يهتمون بتلك المباريات المحلية ويعشقونها ويحبون السفر خلف أنديتهم في أجازة الأسبوع، بينما لن يعيشوا نفس تلك الأجواء ولن يكونوا قادرين عليها مع كل منتصف أسبوع فالعمل يناديهم.

ما يطلبه المشاهدون
يرى زعيم الفكرة في زمننا الحالي وقائد المجموعة المتمردة فلورنتينو بيريز أن ما يحركهم هو الجماهير، فهي تريد مشاهدة المزيد من المباريات بين الأندية الكبرى.
تبدو فكرة جميلة في المطلق أن تشاهد الجماهير المزيد من المباريات بين الكبار، لكن كيف سيتم ذلك؟ دوري السوبر الأوروبي يضم 12 ناديًا مؤسسًا قد يرتفع لـ15 ضامنين لمكانهم في البطولة كل عام مع دعوة عدد من الأندية الأخرى للمشاركة في المنافسة التي ستُلعب في منتصف الأسبوع الأوروبي أي في نفس توقيت لعب دوري أبطال أوروبا.
إذًا دوري أبطال أوروبا لن يكون وجهة تلك الأندية من الآن فصاعدًا بحسب ما أعلنته، وليس هذا فقط بل ستُلعب مباريات دوري السوبر الأوروبي في نفس توقيت المنافسة الأعرق للأندية بمنتصف الأسبوع.
فكرة أزعجت كثيرًا مالك العلامة التجارية لدوري الأبطال وهو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي ينسف دوري السوبر الأوروبي بطولته نسفًا لذلك كان رئيس اليويفا أليكساندر تشيفيرين شرسًا في رده بعدما كال الاتهامات لعدة جهات وأشخاص في مقدمتهم رئيس رابطة الأندية الأوروبية ورئيس يوفنتوس أندريا أنييلي كما حذر اليويفا والفيفا في بيانات متلاحقة من مغبّة تفعيل تلك الفكرة مؤكدًا أن العقوبات ستطال من يشترك فيها من أندية ولاعبين.
لكن هناك عدة أسئلة تبرز على السطح من خلال هذه الأحداث…
هل كانت تهديدات اليويفا والفيفا جدية؟
للوهلة الأولى كان يبدو التلويح بإبعاد الأندية المتمردة عن البطولات المحلية أمرًا مستبعدًا. من هذا المجنون الذي يمكنه استبعاد ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد من الليجا؟ هل ستصير للبطولة قيمة برحيلهم؟
الحقيقة أنه في الليجا بالذات لن يكون الضرر قاتلًا، فأغلب أندية الليجا تنال الفتات حتى أن بعضًا منها ينال مبلغًا في حدود الـ10-15 مليون يورو من عوائد البث التليفزيوني في الوقت الذي يحصل فيه كلٌ من الريال والبرسا على أكثر من 150 مليون يورو لكل واحد. لذلك فإنه مسألة انخفاض دخل أغلب الأندية من 10 ملايين إلى 7 على سبيل المثال قد لا يخلق الفارق الكبير ضدها.
الوضع كان ليكون أصعب في البريميرليج مقارنة بالليجا، فمسألة الاستغناء عن 6 أندية دفعة واحدة قد يضرب عوائد الدوري الأكثر ربحًا في مقتل، فكل الأندية تحصل على مبلغ وقدره، ومسألة تراجع الأرباح قد يجعل تلك الأندية تتردد في تنفيذ تهديدها.

تضامن كل الأطراف المعارضة للفكرة قوي من موقف تلك الأطراف، فالتلويح لم يكن ليكون ذي قيمة دون تضامن ودون اتفاق في الرأي على أنه قد تخسر الآن قليلًا لكنك ستكسب كثيرًا بعد ذلك، فالأندية الـ12 قد لا تجد أندية تدعوها للبطولة، لأن تلك الأندية المدعوة قد تخشى طردها من الدوري المحلي هي الأخرى وفي نفس الوقت هي لا تضمن تواجدها السنوي في دوري السوبر أي أنها قد تجد نفسها بلا بطولة تشارك فيها بمجرد انتهاء دورها الثانوي في دوري السوبر!
كما أن مشاركة تلك الأندية المدعوة قد يعيد مسألة الروتينية التي تشتكي منها أندية الصفوة، فإن كانت مواجهة أندية أقل شأنًا أمرًا محسومًا في المواجهة بسبب الفوارق الفنية والمادية، فماذا سيحدث في ندية المباريات عندما تنضم تلك الأندية للبطولة بعدما يكون الفارق المادي قد ازداد لدرجة هائلة لم تسبق في التاريخ؟
الوضع قد يكون بالعكس كذلك، فموافقة الأندية المتضررة على تواجد الأندية الـ12 في دورياتها قد يجعلها عاجزة تمامًا عن مجاراتها، فإن كانت تلك الأندية مسيطرة إلى حدٍ كبير في دورياتها، فما بالكم عندما يتضاعف عوائدها 3 أو 4 مرات مع انخفاض متوقع جدًا لعوائد الأندية المتضررة؟
كما أن خوض الأندية الـ12 -ومن والاها- لمباراة قوية جدًا كل منتصف أسبوع من شأنها أن يجعلها تلقائيًا تخوض مباريات الدوري بتشكيلة مليئة بالاحتياطيين وأحيانًا لاعبي الصف الثالث، ما يحول تلك الدوريات إلى كأس كاراباو جديدة!
هل ستتم معالجة مشاكل الأندية اقتصاديًا حقًا؟
فلورنتينو بيريز كان يصر على أنه لا أحد يشعر بما تعانيه الأندية الكبرى في الفترة الحالية بعد أزمة كورونا وأن دوري السوبر من شأنه إصلاح وضع تلك الأندية اقتصاديًا.
لا شك في أن ما يقوله ملياردير المقاولات صحيح لكن ربما يكون حق يراد به باطل ففكرة دوري السوبر قديمة ولم تظهر لمجرد معاناة الأندية ماليًا من جائحة كورونا.

لكن القصة في كل الأحوال أكبر من ذلك، فكل الأندية الأوروبية تعاني من توابع أزمة كورونا لذلك تبدو التضحية بكل الأندية لإنقاذ الأندية الـ12 أمرًا غريبًا لكثيرين مع الأخذ في الاعتبار أن فلورنتينو بيريز مهمته في النهاية هي مصلحة ناديه فقط.
كما أن رأيًا يُعتد به في هذا الصدد عن أنه لا يمكن أن تدفع أندية أخرى ثمن الفشل الإداري لأندية أخرى في مسألة زيادة ديونها ومصاريفها، ولماذا اضطر فالنسيا على سبيل المثال لبيع دافيد فيا ودافيد سيلفا في شهر واحد لتسديد ديونه المتراكمة بينما ليس على أي نادٍ من الـ12 أن يدفع ثمن ديونه المتراكمة ويبيع نجمًا أو اثنين لترتيب البيت؟
ناهيك عن أن هناك مشكلة أخرى قد تظهر للسطح، فهناك مثال واضح يخبرنا أنه بمجرد زيادة عوائد أندية البريميرليج زائدت قوتها الشرائية ومن ثم ارتفعت أسعار اللاعبين الذين تتنافس عليهم وارتفعت رواتبهم بالتبعية.
لذلك بمزيد من التدقيق فإنه إن أخذنا سيرخيو راموس كمثال، فإنه لو افترضنا أنه يطلب 20 مليون يورو من أجل التجديد لريال مدريد ذي العوائد التي تبلغ 700 مليون يورو، فإن راموس سيطلب 50 مليون يورو عندما يعلم أن ريال مدريد صارت عوائده 2 مليار يورو.
ليونيل ميسي يظهر كمثال واضح أيضًا، ففي الوقت الذي يحصل فيه على ما يزيد عن 50 مليون يورو كراتب سنوي من برشلونة صاحب العوائد التي تبلغ 700 مليون يورو تقريبًا هو الآخر، فإنه بكل تأكيد سيطلب أكثر .. وهو أمر يراه جزء ليس بالصغير من جماهير برشلونة منطقيًا جدًا فميسي الذي يدر على البرسا قرابة نصف عوائده سيستحق مبلغًا أكبر وأكبر بمجرد زيادة تلك العوائد من برشلونة.
ومع زيادة القوة الشرائية للأندية الـ12 وزيادة حدة المنافسة المباشرة بينهم -بعدما كانت تتوزع على عدة دوريات- فإن عملية إغراء اللاعبين ستزداد والمعروض عليهم من أندية أخرى قد يمنحهم نقطة قوة في مفاوضاتهم مع الأندية التي على الأرجح ستكون مرغمة على الانصياع لطلبات هؤلاء اللاعبين وإلا فسيتراجعوا أمام أندية السوبر ليج الأخرى، وهو أمر قد يخلق ضغطًا هائلًا على الإدارات التي اعتادت جماهيرها مشاهدة ناديها ينافس على أي بطولة.
ربما يجد القارئ في هذا مبالغة، لكن الواقع يخبرنا أن أغلب الأندية الأوروبية تصرف أكثر من النصف من ميزانياتها على رواتب اللاعبين، وكلما ازدادت عوائدها لا نرى تلك الأندية توفر أموالها بل تضطر لصرف المزيد منها على رفع الرواتب وضم لاعبين جدد لتدعيم الفريق.
انهيار منظومة كرة القدم
لكن من أين سيأتي اللاعبون الجدد؟ هناك عدة مصادر .. أولها من أندية السوبر ليج وهو أمر ليس بالسهل وقد يستهلك الكثير من الأموال كون نفس تلك الأندية قوية ماديًا بما فيها الكفاية للحفاظ على لاعبيها، وثانيها من أمريكا الجنوبية وأفريقيا حيث تتواجد المواهب لكن دون خبرة كافية علمًا بأن هذا الخيار قد لا يكون متاحًا من الأساس إن نفذ الفيفا واليويفا تهديدهم، وثالث تلك المصادر وأكثرها انتشارًا هو من أندية الدوريات المحلية التي قد لا يصبح لاعبوها بالكفاءة المُنتظرة بالنظر لخوضهم منافسات أقل قوة وعدم حصولهم على خبرات كافية للانضمام لأندية الصفوة كما أن تلك الأندية المحلية قد لا تستطيع بدورها شراء لاعبين من أندية أصغر بالنظر لتراجع عوائدها المالية وانخفاض الاستثمارات.
إن كانت بعض الأندية الـ12 تتعلل بكون الاتحاد الأوروبي يفترس أغلب عوائد دوري الأبطال كما أن الفساد قد يمتص بعضًا من تلك العوائد داخل اليويفا، فإن ذلك قد يكون مفهومًا وهو حقيقي، لكن الحقيقي كذلك أن ذلك الفساد لا يمتص كل الأموال، بل يذهب جزءً ليس بالهين منها للاتحادات المحلية والأكاديميات والملاعب لتطوير كل عناصر اللعبة، ودون تمويل كافٍ فإن الأكاديميات ستُغلق أبوابها، ولن تكون قادرة على صناعة لاعبين موهوبين لإمداد الأندية المحلية ومن ثم أندية الصفوة الـ12 وهو ما يعني انهيار منظومة اللعبة من الأساس.
منظومة اللعبة تكمن في الأصل في التنافسية .. الأمل في غدٍ أفضل لك إن اجتهدت وخططت بشكل جيد. سير أليكس فيرجسون تحدث عن تجربة إيفرتون وكيف يبني ملعبًا جديدًا سيكلفه 500 مليون يورو متأملًا في أن ينافس بقوة كل عامٍ على الصعود لدوري أبطال أوروبا لتطوير النادي، فكيف سيصبح حال التوفيز إن اكتشف أن كل ما يخطط له لم يعد ذي معنى؟
نجم آخر لمانشستر يونايتد هو جاري نيفيل هاجم الفكرة بشدة، فقد سخر من أن تلعب الأندية بطولة لا تخشى فيها شيئًا، فهي غير مهددة بالهبوط ما يجعل التنافسية أقل، ووصل الأمر بظهير اليونايتد الأسبق ومحلل سكاي الحالي إلى وصف أندية مانشستر يونايتد وآرسنال وليفربول بالمجرمين، فبدلًا من أن يشعروا بخطورة ما يقومون به حاليًا كونهم التاريخ الكروي لهذا البلد، لا يأبهون بجريمتهم ضد مشجعي كرة القدم في إنجلترا.
إذًا دوري السوبر الأوروبي يلغي بلا أي جدال أي إمكانية لأي مشاريع ناجحة مستقبلًا .. حتى أتلتيكو مدريد الذي نجح بشكل ساحق في السنوات العشرة الأخيرة، لم يكن سيصبح هذا النادي أبدًا لو كان قد تم تنفيذ الفكرة قبل تلك السنوات العشرة، ما يُشعرك وأن كرة القدم ستتحول من لعبة عالمية منتشرة في كل مكان إلى مكان قاصر على 12 ناديًا يتحكمون في كل شيء تقريبًا .. 12 ناديًا لن يسمحوا لأي نادٍ آخر بخلق شعبية لنفسه على المدى الطويل لأن مشاريعهم أصبحت في خبر كان.
تطور طبيعي؟
منذ حديث فلورنتينو بيريز تحديدًا عن البطولة، ظهرت الكثير من المقارنات بين ما فعله رئيس مدريد وما فعله في السابق سانتياجو بيرنابيو عندما كان صاحب فكرة دوري أبطال اوروبا.
البعض ارتأى أن دوري السوبر الأوروبي تطور طبيعي للعبة التي صارت صناعة في العقود الأخيرة ووجود مثل هذا الدوري ما هو إلا امتداد طبيعي للأمر لا أكثر حتى لو كان لا يوافق على الفكرة.
والحقيقة أن دوري أبطال أوروبا يختلف كثيرًا عن الدوري الأوروبي، فهو لا يستأثر بوجود أندية بعينها بل يعتمد على مدى نجاح كل نادٍ في بلده، كما دوري الأبطال كان هو الامتداد الطبيعي بالفعل لعملية نضوج كرة القدم في عصورها الأولى من رغبة في مواجهة الفرق لبعضها في كؤوس محلية ثم خلق موسم كامل لكل الفرق من خلال الدوريات قبل أن تتطور الرغبة لتصير الحاجة ملحّة لمعرفة الدولة الأكثر تطورًا في كل قارة من خلال البطولات القارية.
أما مسألة إنشاء بطولة قائمة بالأساس على التفوق المالي وليس الرياضي فلا أظنه يندرج تحت وصف التطور الطبيعي، بل حتى إن كان هذا تطورًا فهو يقتل روح اللعبة .. تمامًا كما فعلته الكثير من القرارات الخاطئة على مدى عقود ووسعت الفجوة بين الأندية بعدما كنا نشاهد أبطالًا مختلفين كل سنة في كل الدوريات تقريبًا، وإقرار وجود اتجاه مادي لكرة القدم في السنوات الأخيرة لا يعني التسليم بزيادة الطين بلة وتدمير ما تبقى مما صُنعت اللعبة من أجله من الأساس.
هل هي فكرة جذابة؟
لنكن لنعد للسؤال الأول وهو الذي قد يأبه له كثير من المشجعين الذين لا يهمهم كل ما سبق، وفقط يهمهم السؤال الأهم وهو هل فكرة السوبر ليج جذابة حقًا؟ إن كانت مواجهات الكبار أمر جذاب فعلًا فإن هناك من سيرى أن تكرارها أمر مثير، بينما هناك من يرى أن الذهب ثمين لندرته وأنه لو توافر طوال الوقت لقلت قيمته، لذلك قد يصيب البعض الملل من تكرار تلك المواجهات بشكل دوري وعدم وجودها في منافسة تحصل فيها على جائزة مباشرة بالتأهل على حساب هذا الخصم، كما أن تكرار المواجهة قد يجعل قيمة الفوز على هذا المنافس تقل، فقد هزمته بالأمس وربما تهزمه غدًا فهي ليست نهاية المطاف بل أنت ضامن لفرصة سريعة للثأر.
الأمر الثاني وربما يكتشفه البعض متأخرًا هو أن أغلب تلك الفرق التي تم اختيارها اعتادت هي وجماهيرها على المنافسة على البطولات. رغم ذلك إلا أن هناك فروقًا واضحة بين بعض تلك الأندية قد تجعلنا نشاهد بعضها يخسر الكثير من المباريات فيفقد الأمل في التأهل بسرعة .. السؤال هو، هل سنضمن استمرار جدية هذا النادي في لعب مباريات تنافسية في الوقت الذي قد يقضي النصف الثاني من الموسم كله يلعب على رفع مركزه مثلًا من العاشر إلى السابع؟ ما الفارق الكبير بالنسبة لهذه الأندية بين هذين المركزين؟ وهل تصدّق أن ثمة جاذبية في أن تخوض بعضٌ من تلك الفرق كثير من المباريات ولا هدف واضح لديها بعد أن ضاع التأهل مع عدم وجود إمكانية لهبوطها من ذلك الدوري؟ إن كان البعض يضرب المثل بدوري كرة السلة الأمريكي في نجاح الفكرة، فإن نفس هذا الأمر يتكرر في هذا الدوري الذي تقل نسبة مشاهدته كثيرًا جدًا في الدوري المنتظم ولا تتصاعد إلا مع البلاي أوفس، والتي يقدمها دوري أبطال أوروبا بالفعل!
لكن الأخطر من كل هذا، والذي قد تكتشفه بعض الأندية متأخرًا إن تمت البطولة هو أنه إن استمرت كما هو متوقع غير قادرة على المنافسة على لقب دوري السوبر وتكتفي بالمراكز الشرفية غير قادرة على التأهل فإنها ستجد وأنه لا أحد من الأجيال الجديدة يشجعها، فقليلون هم من يشجعون الأندية التي لا تربح شيئًا، ووقتها فقط قد يعرفون شعور تلك الأندية التي همشونها في لحظة عابرة من الزمن قرروا أن كل شيء سيتوقف عندها.
ماذا يمكن أن نستفيده مما حدث؟
إذًا السوبر ليج في مهب الريح، لكن ما حدث في تلك الساعات المجنونة يمكن الاستفادة منه للجميع .. اليويفا يصبح أكثر تفهمًا والأندية الغنية تربح المزيد ولو أقل من أحلامها، بينما يحافظ أي نادٍ آخر على مشروعه ليصبح أفضل .. ليس شرطًا أن يصبح ريال مدريد آخر بالمناسبة فحتى الأحلام العادية كانت لتُنسف نسفًا.