في عالم كرة القدم الكثير من الأشياء التي تبدو لنا بديهية في يومنا الحالي، لكنها لم تكن كذلك قبل قرن من الزمان. في موضوع سابق كان الحديث عن قصة المرمى، لكن دعنا نأخذ مثالًا آخر وهو الأرقام!
لم تكن الأرقام تُكتب من قبل على ظهور قمصان اللاعبين في أوروبا حتى مباراة آرسنال وشيفيلد يونايتد عام 1928 (كلنا نعرف أن كل شيء تقريبًا متعلق بكرة القدم يبدأ في إنجلترا) التي ظهرت الأرقام على ظهور اللاعبين لأول مرة، لكنها كانت مجرد تجربة لم تُعتمد حتى عام 1933 عندما تم استخدامها في نهائي كأس إنجلترا بين إيفرتون الذي ارتدى لاعبوه الأرقام من 1 إلى 11 وبين مانشستر سيتي الذي ارتدى لاعبوه الارقام من 12 وحتى 22. طريقة سهلة للترتيب، صحيح؟
طريقة اللعب المنتشرة آنذاك كانت طريقة 2/3/5 بتواجد مدافعين فقط وخمسة مهاجمين وفي ذلك تم ترقيم اللاعبين بترتيب المراكز المتواجدين فيها في الملعب.
الآن دعنا نبدأ سباق التحصينات الدفاعية منذ هذا اليوم وحتى العصر الحالي الذي تلعب فيه أغلب المدربين برأس حربة وحيد. لجأ بعض المدربين إلى فكرة إشراك لاعب إضافي في قلب خط الدفاع هو صاحب الرقم 5 لتصبح خطة 3/2/5 هي السائدة، لكن شكلها بالطريقة المعتادة لم يطل كثيرًا لتتحول أغلب الفرق العالم إلى صيحة الـ WM أو طريقة لعب 3/2/2/3 التي غزت التشكيلات وفيها تُرسم التشكيلة بشكل قريب من شكلي الحرفين الإنجليزيين.
في عالم كرة القدم الكثير من الأشياء التي تبدو لنا بديهية في يومنا الحالي، لكنها لم تكن كذلك قبل قرن من الزمان. في موضوع سابق كان الحديث عن قصة المرمى، لكن دعنا نأخذ مثالًا آخر وهو الأرقام!
لم تكن الأرقام تُكتب من قبل على ظهور قمصان اللاعبين في أوروبا حتى مباراة آرسنال وشيفيلد يونايتد عام 1928 (كلنا نعرف أن كل شيء تقريبًا متعلق بكرة القدم يبدأ في إنجلترا) التي ظهرت الأرقام على ظهور اللاعبين لأول مرة، لكنها كانت مجرد تجربة لم تُعتمد حتى عام 1933 عندما تم استخدامها في نهائي كأس إنجلترا بين إيفرتون الذي ارتدى لاعبوه الأرقام من 1 إلى 11 وبين مانشستر سيتي الذي ارتدى لاعبوه الارقام من 12 وحتى 22. طريقة سهلة للترتيب، صحيح؟
طريقة اللعب المنتشرة آنذاك كانت طريقة 2/3/5 بتواجد مدافعين فقط وخمسة مهاجمين وفي ذلك تم ترقيم اللاعبين بترتيب المراكز المتواجدين فيها في الملعب.

الآن دعنا نبدأ سباق التحصينات الدفاعية منذ هذا اليوم وحتى العصر الحالي الذي تلعب فيه أغلب المدربين برأس حربة وحيد. لجأ بعض المدربين إلى فكرة إشراك لاعب إضافي في قلب خط الدفاع هو صاحب الرقم 5 لتصبح خطة 3/2/5 هي السائدة، لكن شكلها بالطريقة المعتادة لم يطل كثيرًا لتتحول أغلب الفرق العالم إلى صيحة الـ WM أو طريقة لعب 3/2/2/3 التي غزت التشكيلات وفيها تُرسم التشكيلة بشكل قريب من شكلي الحرفين الإنجليزيين.

المزيد من التحصينات الدفاعية جاءت مع لجوء كثير من المدربين إلى إعادة واحد من لاعبي الوسط الدفاعي (صاحبي القميصين 4 أو 6) إلى الخط الخلفي على أن يعود صاحب القميص رقم 8 لمجاورة لاعب الوسط الدفاعي المتبقي .. الخلاف هنا كان فقط بين إنجلترا وباقي دول أوروبا حيث لجأ البريطانيون إلى إعادة صاحب القميص رقم 6 لمجاورة صاحب القميص رقم 5، بينما لجأ الآيرلنديون والألمان والفرنسيون إلى إعادة صاحب القميص رقم 4.


ومع المزيد من التحصينات الدفاعية بدأ صاحبا القميص رقم 7 والقميص رقم 11 في العودة إلى الخلف قليلًا ليتركا مجاورة صاحبي القميص رقم 9 و10 ويتحولا ليكونا أشبه بجناحين مجاورين للاعبي الوسط أصحاب القميص رقم 6 و8 على اعتبار أن الطريقة الأوروبية (التي تُعيد صاحب القميص رقم 4) انتشرت بشكل أكبر وطغت على طريقة الإنجليز بإعادة صاحب القميص رقم 6 إلى الخلف.
ومع رغبة أكبر للمدربين (كإيميه جاكيه مع منتخب فرنسا 1998) في آخر ربع قرن بالتحصين الدفاعي أو للسيطرة على وسط الملعب لجأوا إلى التخلي عن وجود مهاجمين وقاموا بإعادة صاحب القميص رقم 10 ليكون خلف رأس الحربة مع اختلاف توظيفه سوى كمهاجم ثاني أو كصانع ألعاب صريح قبل اندثار هذا المركز إلى حدٍ ما في الآونة الأخيرة رغم انتعاشته بشدة مع صعود خطة 4/2/3/1 وأصبح لاعبًا مكلّفًا بالكثير من المهام الدفاعية لتصبح الحياة أصعب على لاعبين من عينة مسعود أوزيل وفيليبي كوتينيو وغيرهم.
حتى ذلك الوقت من النصف الأول من القرن الماضي كانت الأرقام تعبّر بشكل واضح عن مركز كل لاعب في الملعب فلا أحد يرتدي رقمًا غير الذي يخص مركزه بينما يفسّر التطور الطبيعي المذكور لماذا حصل الظهيران الجانبيين على الرقمين 2 و3 بينما المنطقي بحسب طرق اللعب الحالي كان أن يحصل قلبي الدفاع على هذين الرقمين.
لكن ينبغي الإشارة إلى أن حديثنا هذا ينطبق بشكل رئيسي على التطور الذي حدث في أوروبا، ففي أمريكا اللاتينية كانت الأمور مختلفة قليلًا ما بين الأرجنتين والبرازيل وأوروجواي، فبعضهم قام بإعادة صاحب الرقم 6 إلى جانب صاحبي الرقم 2 و3 وليس بينهما كما كان الحال في منتخب البرازيل، أو من أعاد صاحب الرقم 4 كما كان الحال مع منتخب الأرجنتين ومنهم من أعاد صاحبي الرقم 4 و6 إلى جانبي الدفاع على أن يكون صاحبا الرقم 2 و3 هما قلبا الدفاع كما حدث مع منتخب الأوروجواي، لكن في النهاية كان دائمًا الجنوح إلى إعادة المزيد من اللاعبين للدفاع هو المحرّك الرئيسي لمثل هذه التغيرات.
تغير محوري
إذًا متى بدأ استخدام الأرقام بشكل غير منتظم؟ القصص متضاربة حول هذا الأمر لكن القصة المرجّحة ترجع إلى عام 1958 عندما كانت البرازيل بصدد كتابة أول سطر كبير في تاريخ مجدها العالمي بعدما خاضت نهائيات كأس العالم بالسويد وفازت به. مع المباراة الأولى كان البرازيليون يرتدون أرقامًا غير منظمة.
البعض يرجّح أن اللاعبين قد اختاروا نظامًا جديدًا ومختلفًا لكن نظرية أخرى تحدثت عن أن الاتحاد البرازيلي لم يقدم أرقام اللاعبين رفقة الأسماء المختارة من اللاعبين لخوض المباريات لذلك قام الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا بتوزيع الأرقام بشكل عشوائي وإن استمرت بعض الأرقام بشكلها المعروف عنها خاصة في خط الدفاع، لكن الأكيد أن الأكثر حظًا كان هذا الفتى البالغ من العمر 17 عامًا والذي مُنح الرقم 10 ويُدعى بيليه .. أم أن الجوهرة السوداء هو أول من منح الرقم 10 قيمته الخاصة؟
بعد ذلك وبمرور السنوات يبدو وأن بعض اللاعبين قد أصابهم الملل من الأرقام المُلزمين بها لذلك بدأوا في اختيار أرقام مختلفة عن الأرقام من 1 إلى 11 وهو ما لم تكن تمنعه القواعد ليصير الأمر عاديًا مع الوقت.
سبارتا روتردام
اللافت للنظر هو أن أحد الأندية مايزال محتفظًا بالطريقة الكلاسيكية القديمة في ترقيم قمصان اللاعبين وهو نادي سبارتا روتردام الهولندي الذي ماتزال إدارته مُصرّة على التزام لاعبيها بالأرقام من 1 إلى 11 أو بالأحرى عاد لذلك التقليد بدءً من عام 2010.
ليس هذا فقط، بل إنه لأن اللاعبين الأساسيين يتغيرون فهناك عدد كبير منهم لا يحتفظ برقم قميصه بين مباراة وأخرى، أي أن الرقم ليس حكرًا على أحد باستثناء حدوثه وديًا بين اللاعبين لا أكثر، لكن بمجرد خروجك من التشكيل الأساسي فإن الرقم سيكون من نصيب لاعب آخر لأنه ببساطة .. الرقم 12 أو أكثر ممنوعًا على المتواجدين في التشكيل الأساسي.
السر في هذا الأمر يعود إلى رغبة إدارة النادي في إظهار ناديهم كنادي عريق تقليدي مايزال مرتبطًا بتاريخه وبأصول اللعبة، وبما أن تثبيت الأرقام لكل لاعب في كل مباراة ليس فرضًا واجبًا بحسب القواعد، قرر النادي الهولندي ذلك.
وبسؤال إدارة النادي عما إذا كان هذا القرار قد لاقى معارضة من اللاعبين، أجابوا بأنه لم يتم أخذ رأيهم من الأساس، لكن لم تكن هناك شكاوى .. تُعجبني قوة الشخصية!
غير ذلك فإنه لم يعد هناك من يلتزم بالترقيم المتذمّت هذا، فعلى سبيل المثال آخر نادٍ ارتدى الأرقام من 1 لـ11 في البريميرليج بطريقة طبيعية كان نادي تشارلتون أثلتيك موسم 1998/1999 وذكرنا الطريقة الطبيعية لأنه بعد هذا التاريخ ارتدى ناديا مانشستر يونايتد ووست بروميتش ألبيون الأرقام من 1 لـ11 في مباراة واحدة عامي 2008 و2015 بالترتيب لأغراض إحياء ذكرى طائرة ميونخ بالنسبة لليونايتد وذكرى وفاة أسطورة وست بروميتش جيف أستل بالنسبة للنادي الواقع في مدينة بيرمنجهام.
أرقام مجنونة! وأسباب شيقة.
الجنوح إلى أرقام غريبة وغير معتادة لم يحدث بين يوم وليلة .. في البداية كانت الأمور تتمحور حول الأرقام من 12 إلى 20 وربما 25 لكن كثير من اللاعبين باتوا يميلون إلى اختيارات أرقام غريبة نسبيًا وهناك بعض القصص الشيقة حول هذا الأمر.
فعلى سبيل المثال اختار بيكسنتي ليزارازو الرقم 69 في فترته الثانية مع بايرن ميونخ لأنه وُلد عام 1969 (هذا أمر معتاد للكثير من اللاعبين) لكن كذلك لأن طوله 169 سم ووزنه 69 كيلو جرام.
وصحيح أنه ليس رقمًا مجنونًا فإن يوهان كرويف اختار رقم 14 بصدفة كبيرة، وذلك عندما عجز زميله جيري ميورين عن إيجاد قميصه رقم 7 فمنحه كرويف رقم 9 الذي يرتديه واختار رقمًا آخر هو 14 ليكسر قاعدة الأرقام من 1 لـ11 ويفوز فريقه فيقرر ارتدائه من الآن فصاعدًا، ولأنه كرويف صاحب الشخصية القوية فهو يعد أول من فعل هذا الأمر في الدوري الهولندي.
ماريو بالوتيلي فسر ارتداءه لرقم 45 مع ليفربول في أنه كان يرتدي هذا الرقم عندما كان ناشئًا حيث كانت الأرقام المخصصة للناشئين تبدأ من 36 وتنتهي بـ50 فاختار الرقم 45 لأن مجموع الرقمين يساوي 9 الرقم المفضّل للمهاجمين.
بالوتيلي حُرم من الرقم 45 عندما لعب لنيس الفرنسي لأن قوانين الدوري الفرنسي تمنع ارتداء اللاعبين للأرقام غير 1 إلى 30 إلا في إعفاءات معينة مع قصر الأرقام 1 و16 و30 على حرّاس المرمى.
وبما أن بالوتيلي اختار 45 كتحايل للوصول للرقم 9 فليس هناك أشهر من قصة إيفان زامورانو الذي تنازل عن رقمه 9 مع الإنتر لصالح رونالدو ليختار المهاجم التشيلي الرقم 18 مع وضع علامة (+) صغيرة بين الرقمين.
جيانلويجي بوفون له قصة هو الآخر مع الأرقام الكبيرة عندما اختار رقم 88 أثناء فترة حراسته لمرمى بارما ليلقى هجومًا عاتيًا بعدما اتهمه البعض بالفاشية فرقم 88 كان يُعد رمز نازي، فاختيار رقم 8 مرتين المساوي للحرف H أي HH بمعنى Heil Hitler أو يحيا هتلر، لكن الحارس الإيطالي الكبير نفى كل هذه الأمور وصرح وقتها أنه أراد رقم 00 في البداية لكن رابطة الدوري الإيطالي فاختار رقمًا يرمز لامتلاك الإيطاليين للكثير من الرجولة، والرقابة ستمنعنا من شرح ما يقصده للأسف!
هناك الكثير من الأسباب والتفسيرات لأغلب الأرقام التي ارتداها اللاعبون كبيرة كانت أو صغيرة، لكن ربما يكون ألكسندر أرنولد اختيارًا مناسبًا لإنهاء تلك الفقرة عندما نعلم أن سبب اختياره لرقم 66 هو أنه لا يوجد سبب! لا يوجد سبب حقًا جعل ظهير ليفربول الأيمن يختار هذا الرقم والأمر كان مجرد صدفة عابرة.
أرقام للبيع!
حسنًا، كان هذا عنوان مبالغ قليلًا لكن الحقيقة أن الأرقام في هذا العصر دخلت منعطفًا آخر إذ أصبحت جزءً من هوية اللاعب التجارية، إذ سيكون غريبًا أن تقرأ اسم CR من غير إضافة رقم 7 إلى جانبه ليصير CR7 وهي العلامة التجارية الشهيرة لكريستيانو رونالدو والتي يستخدمها في الكثير من المنتجات التي يبيعها. كذلك لم يعد ليونيل ميسي يستغني عن رمز LM10 أو M10.
لم تعد الأرقام أشياءً ثانوية استغنت عنها كرة القدم لأكثر من 50 عامًا قبل أن تدخل حيز الاستخدام، بل صارت هوية لبعض اللاعبين وكذلك هوية لبعض الجماهير التي أحيانًا ما تختار شراء قميص لأحد اللاعبين فقط لأن الرقم قد يعجبها بينما في موضوع قادم سيكون لنا حديث عن اللعبة النفسية لتلك الأرقام في بعض الأحيان وعن لاعبين ارتدوا أرقامًا ربما لم يكن يُفترض أن يرتدوها، لكن تلك قصة أخرى.
أمر جلل
أرقام القمصان لم تعد شيئًا استغنى عنه العالم الكروي في أول 50 سنة من لعب كرة القدم، وكذلك لم تعد شيئًا روتينيًا بل باتت هوية لبعض اللاعبين الذين لا يمكنهم الاستغناء عن تلك الأرقام، بل إن لاعبًا كالمغربي زكريا زروالي قرر أخذ الأمر إلى مستوى آخر بعدما اختار في فترة من الفترات أن يرتدي رقم صفر zero لأن كلمة زيرو تطابق طريقة كتابة بداية اسمه zerouali.
كارلس بويول على سبيل المثال ذهب إلى زاوية أخرى وهو حماية رقمه من براثن محدودي الموهبة، لذلك عندما قرر الاعتزال طلب من سيرجيو بوسكيتس التخلي عن رقمه 16 وارتداء رقم 5 لثقته في قدرات لاعب ارتكاز برشلونة. لم يكن بويول الوحيد الذي فعل ذلك لكن كثيرين كذلك طلبوا من آخرين ارتداء رقمهم كنوع من التكريم لهم.
رقم أكبر منك
لكن لماذا فعل كارلس بويول وآخرون هذا الأمر؟ هناك لاعبون اختاروا ما يمكن تسميته بـ “حرق الرقم” فارتدوا أرقامًا لها تاريخ كبير في هذا النادي أو ذاك في محاولة منها لفرض أهمية أكبر لها في الفريق أو للحصول على دفعة معنوية جرّاء هذا الرقم.
لاسانا ديارا واحد من تلك الأمثلة الغامضة، فقد حصل على رقم 10 في نادي ريال مدريد وهو رقم ارتداه عظماء كبار في النادي. لا أحد فهم كيف حدث هذا، فصحيح أنه وقتها لم تكن هناك رغبة من لاعب آخر في ارتداء الرقم إلا أن الأمر كان غريبًا حقًا.
فأن تجد من يرتدي الرقم 10 لاعب وسط مدافع لا يجيد الواجب الهجومي إلى حدٍ كبير ولا يمتلك شخصية وكاريزما تلفت النظر، كل هذا في نادٍ بحجم ريال مدريد لهو حدث لا يتكرر كل يوم.
ريال مدريد كان له سابقة أخرى مع رقم ربما يكون هو الأهم في تاريخ النادي الحديث وهو رقم 7 الذي ارتداه إيميليانو بوتراجينيو ثم راؤول جونزاليس ثم كريستيانو رونالدو ومن قبلهم لاعبون مثل كوبا وخوانيتو.
ماركو أسينسيو رفض الوقوع في فخ التحول من رقم 20 إلى 7 بعد رحيل كريستيانو رونالدو -دعك من فخاخ أخرى وقع فيه وجعلته يصل لمستواه السيء الحالي- لكن ماريانو دياز قرر خوض التحدي وارتداء الرقم ثقيل الوزن جدًا في النادي الملكي.
المهاجم الدومنيكاني كان قد رحل عن صفوف ريال مدريد بعد معاناته من عدم اللعب باستمرار لينضم إلى صفوف ليون الفرنسي ويقدم مستوى جيدًا كفل له العودة من جديد للميرينجي لكنه استمر يعاني من التجاهل، فما كان منه إلا أن اتخذ خطوته أملًا في الحصول على بعض الأضواء ولنيل دفعة معنوية تمكنه من أن يرتفع بمستواه إلى حاجز التطلعات المعقودة على رقم كهذا، لكنه لم يفعل وظل حبيسًا لدكة الاحتياط حتى يومنا هذا، لكن يومنا هذا أتى وقد سُلب منه الرقم ليُمنح إلى إدين هازارد.
في معسكر الغريم كان دينيس سواريز يفكر في قرار جريء بارتداء رقم 6 المملوك سابقًا لتشافي هيرنانديز لكن الأمور لم تسر بالطريقة التي يريدها، ونفس الحال كان في الإنتر مع جواو ماريو الذي ارتدى رقم 10 لكنه لم يطيل البقاء في النيراتزوري.
كل تلك الحالات المذكورة كانت تمنح اللاعب أضواءً أكبر مصحوبة بضغوط أكبر، لكن هناك لاعبًا تمكن من الحصول على أضواء أكبر دون أية ضغوط إضافية وهو ويليام جالاس مدافع تشيلسي الذي انتقل إلى آرسنال فقرر هناك أن يرتدي الرقم 10!
الأمر لم يخلق ضغوطًا إضافية على المدافع الفرنسي فقد كان الأمر مدعاة للسخرية أكثر من كونه يؤخذ على نحو جاد. لم تكن هناك تطلعات وآمال من أحدهم بشأن ارتداء جالاس لهذا الرقم المميز، فبالتأكيد لن ينتظروا أن يسجل أو يصنع هدفًا كل مباراة.
قميص لصناعة نجم؟
إذا كانت الأمثلة السابقة تتعلق برغبة من اللاعب قبل كل شيء في أن يجمع أضواءً أكبر من حوله أو استقطاب طاقة إيجابية وثقة أكبر يحتاجها للنجاح مع فريقه، فإن هناك من حصل على قميص برقم مميز بما يشبه الأمر من مدربه أو ناديه الذي رغب إما في مداواة جراح رحيل لاعب آخر أو ارتأى أن مثل هذا الأمر قد يصنع منه نجمًا كبيرًا.
في مانشستر يونايتد كان هذا الأمر واضحًا مع رحيل كريستيانو رونالدو. استقطب النادي الإنجليزي أنتونيو فالنسيا مع بعض اللاعبين الآخرين في محاولة منه لرأب الصدع الذي خلفه رحيل الصاروخ البرتغالي.
لكن ليكتمل مشهد محاولة الترويج لفكرة أن اليونايتد لم يفقد الكثير، تم منح أنتونيو فالنسيا القميص رقم 7 وهو القميص الذي لديه مكانة خاصة في نادي الشمال الإنجليزي بعد أن ارتداه رونالدو ومن قبله عظماء آخرون كدافيد بيكهام وإريك كانتونا وجورج بست.
لكن المحاولة لم تفلح، فمن هذا القادر على تعويض رونالدو الذي تصيب اللعنة كل من يرتدي قميصه وكما حدث بعدها مع ماريانو، كان فالنسيا يعاني هو الآخر من هذا الحمل الثقيل .. صحيح أنه لم يمتلك مسيرة سيئة مع اليونايتد لكن الأحلام المعقودة في بداياته كانت أكبر من أن يفي بها.
وإن توجهنا جنوبًا فسنجد أن آرسنال حاول هو الآخر تعويض رحيل أسطورته تييري هنري إلى صفوف برشلونة بمنح القميص رقم 14 إلى ثيو والكوت الذي انضم إلى الجنرز في سن صغيرة ليعقد الجميع عليه آمالًا كبيرة تبلورت في منحه القميص رقم 14 .. كلنا نعرف بقية القصة المحزنة.
أما إن عبرنا المانش فسنجد أن النادي لم يكن هو المتحكم في منح قميصٍ ما لأحد اللاعبين، بل كان مديرًا فنيًا هو ريمون دومينيك الذي استبعد أكثر من لاعب مهم من منتخب فرنسا إبان يورو 2008 ليقرر منح القميص رقم 10 إلى سيدني جوفو الذي كان يمر بفترة فنية جيدة لكنه لم يستطع مواكبة مثل هذا الحمل الكبير.
أرقام غريبة للاعبين كبار
فلورنتينو بيريز يتولى رئاسة ريال مدريد للمرة الأولى ويفي بوعده بجلب لويس فيجو إلى ريال مدريد فيرتدي النجم البرتغالي القميص رقم 10، لكن مشكلة صغيرة طرأت في العام التالي .. الريال يتعاقد مع زين الدين زيدان!
لم يكن ممكنًا أن يتخلى نجمًا كفيجو عن رقمه المفضّل خاصة وأنه كان أحد أهم أسباب نجاح فلورنتينو في الانتخابات لذلك كان على زيدان البحث عن رقم جديد ويا ليته ما فعل!
فقد اختار أسطورة فرنسا الرقم 5 الذي كان غريبًا مع مداعبات زيدان للكرة أثناء الهجمات بينما يُفترض أن من يحمله هو عدو الهجمات لكنه ما حدث واستمر زيزو بالقميص رقم 10 مع منتخب بلاده لكن الرقم 5 لم يفارقه مع الريال حتى الاعتزال.
دافيد بيكهام تعرض لموقف مشابه عندما وصل إلى ريال مدريد، فعلى طريقة كريستيانو رونالدو اصطدم بيكهام بحمل راؤول جونزاليس للقميص رقم 7 والذي يتمتع بأكبر شعبية بين جماهير الميرينجي لذلك كان على الفتى الإنجليزي البحث عن رقم جديد.
ارتدى بيكهام رقم 23 وهو رقم غير معتاد بين نجوم اللعبة، وعندما سُئل عن السبب فسّر الأمر بأنه تيمنًا بأسطورة السلة الأمريكية مايكل جوردان. لم يدربخلد بيكهام أنه بعد عدة أعوام سيسافر ليلعب في بلد جوردان .. أو ربما كان يفكر في الأمر منذ زمن بعيد!
في القارة الأفريقية كان هناك نصيب من الأرقام الغريبة لنجومها .. نوانكو كانوا كان يلعب مهاجمًا بالقميص رقم 4 لكن إن ابتلعنا الفكرة كون رقم 4 حمله لاعبين مهرة من قبل، فإن الرقم 3 كان غريبًا جدًا وهو يزين ظهر قميص أهم مهاجم لغانا في آخر 20 عامًا جيان أسامواه الذي اشتهر برقم الأظهرة اليسرى ولاعبي الارتكاز هذا.
ضحايا مارادونا
إن كان هناك لاعبون عانوا بطريقة أو بأخرى من الميراث الثقيل لأحد الأرقام المميزة في فريقهم، فإن أكثر من عانى من تلك الظاهرة هم كل من خلفوا دييجو أرماندو مارادونا في حمل القميص رقم 10 مع منتخب الأرجنتين.
بمجرد ظهور موهبة كبيرة مع منتخب الألبيسيلستي إلا وكانت الجماهير والإعلام يأملون في أن تكرر للأرجنتين مجد مارادونا، وإن قررت أن تنصاع لرغباتهم -أو ربما لرغباتك- بحمل القميص رقم 10 فقد فتحت على نفسك بابًا من أبواب الجحيم!
من هذا المجنون الذي يمكنه أن يعوّض مارادونا؟ هناك عدة مجانين حاولوا فعلها أبرزهم أرييل أورتيجا الموهبة الكبيرة الذي قدم مردودًا جيدًا جدًا مع منتخب الأرجنتين لكنه وقع في براثن المقارنات الظالمة التي قللت كثيرًا من حجم ما يفعله مع التانجو.
من حسن حظ الجماهير أن رأسها قد ارتاح قليلًا من هذا الأمر بعض ظهور ليونيل ميسي وإن كان ميسي نفسه قد عانى من هذا الأمر لسنواتٍ طويلة لكنه تمكن إلى حدٍ ما من تقليل هذا الضجيج، وإن كان من المؤكد أن سؤال من يحمل هذا القميص بعد ميسي سواء في الأرجنتين أو برشلونة سيكون هو أهم سؤال يتعلق بأرقام القمصان في الأعوام الـ20 القادمة على الأقل.