منذ أن خسر توتنهام فرصته الذهبية للتتويج بطلًا لدوري أبطال أوروبا في 2019، اعترف كريستيان إريسكن أنه شعر بأن الوقت قد حان للبحث عن تحدٍ جديد.
ربما ما فاجأ كثيرين هو أن ذلك التحدي لم يكن في الليجا أو في مانشستر يونايتد كما انتظروا، لكن كان في الكالتشو مع الإنتر. وقتها لم يكن النيراتزوري يمر بأفضل حالا فقد بدأ منحنى الفريق في التراجع رغم البداية النارية للموسم الذي انتهى -كما هي العادة في إيطاليا طوال العقد الماضي تقريبًا- بفوز يوفنتوس باللقب.
لذلك كان اختيار الإنتر غريبًا إلى حدٍ ما، لكن الأغرب من ذلك هو أن الصفقة التي دفع فيها النيراتزوري 20 مليون يورو قبل 6 أشهر من نهاية تعاقدها مع السبيرز قرر أنتونيو كونتي أنها ليست خياره الأول لبقية الموسم.
استمر الحال في بداية الموسم الجديد إلى الحد الذي جعل التوقعات برحيل الدولي الدنماركي عن الإنتر قريبة جدًا من التحقق، فلا إريكسن يخوض تحديًا جديدًا فعلًا كما يريد، ولا الإنتر يستفيد من قدرات اللاعب خاصة مع المستوى الجيد الذي يقدمه وسط الفريق.
منذ أن خسر توتنهام فرصته الذهبية للتتويج بطلًا لدوري أبطال أوروبا في 2019، اعترف كريستيان إريسكن أنه شعر بأن الوقت قد حان للبحث عن تحدٍ جديد.
ربما ما فاجأ كثيرين هو أن ذلك التحدي لم يكن في الليجا أو في مانشستر يونايتد كما انتظروا، لكن كان في الكالتشو مع الإنتر. وقتها لم يكن النيراتزوري يمر بأفضل حالا فقد بدأ منحنى الفريق في التراجع رغم البداية النارية للموسم الذي انتهى -كما هي العادة في إيطاليا طوال العقد الماضي تقريبًا- بفوز يوفنتوس باللقب.
لذلك كان اختيار الإنتر غريبًا إلى حدٍ ما، لكن الأغرب من ذلك هو أن الصفقة التي دفع فيها النيراتزوري 20 مليون يورو قبل 6 أشهر من نهاية تعاقدها مع السبيرز قرر أنتونيو كونتي أنها ليست خياره الأول لبقية الموسم.
استمر الحال في بداية الموسم الجديد إلى الحد الذي جعل التوقعات برحيل الدولي الدنماركي عن الإنتر قريبة جدًا من التحقق، فلا إريكسن يخوض تحديًا جديدًا فعلًا كما يريد، ولا الإنتر يستفيد من قدرات اللاعب خاصة مع المستوى الجيد الذي يقدمه وسط الفريق.
يلعب أنتونيو كونتي بطريقة 3/5/2 .. طريقة لم تتغير معه بشكل متطرف أبدًا .. فقط ربما استعان ببعض التعديل في تشيلسي لتصير 3/4/3، فمن هذا المجنون الذي لا يستفيد من إدين هازارد على الطرف الأيسر، بينما في الإنتر من هذا المجنون الذي لا يستفيد من ثنائية لاوتارو مارتينيز وروميلو لوكاكو في الأمام.
وفي تلك الخطة كان كونتي يميل بشكل رئيسي إلى استغلال الأطراف عن طريق أشرف حكيمي تحديدًا وإيفان بيريشيتش -عندما يشترك أساسيًا- مع الاعتماد بشكل كبير على مهاجميه المتكاملين بشكل مذهل لإنهاء الأمور في كثير من المباريات.
أما خط الوسط المكون بشكل أساسي من مارسيلو بروزوفيتش وأرتورو فيدال ونيكولو باريلا فكانت مهمته الكبرى والرئيسية هي تغطية كل هؤلاء مع عمل بدني كبير ومساهمات هجومية واضحة لباريلا، سخية على المستوى التهديفي لأرتورو فيدال وشحيحة على مستوى صناعة اللعب للدولي التشيلي.
عانى مشجعو الإنتر من الانتفاضة المتكررة لفريقهم في النصف الأول من كل موسم ثم تراجعه في سيناريو معتاد مكرر. هذا الموسم كان كسابقه، إذ يدخل كونتي بعض المباريات كرد فعل لكنه يكسب الرهان، ومع الوقت وقدرة الفريق على إيذاء المنافسين في المرتدات، يبدأون في التكتل أمام مرماهم ليفقد النيراتزوري نقطة مهمة في تهديده للمنافس وهو أمر يجعل من التحصين الدفاعي وأسلوب رد الفعل ليس بالأسلوب الأمثل للمدرب الإيطالي.
في شهري فبراير ويناير لوحظ تغير في طريقة تفكير كونتي، فقد بدأ في الاعتماد بشكل أكبر على كريستيان إريكسن بدلًا من أرتورو فيدال.
رغم أن مارسيلو بروزوفيتش هو لاعب الارتكاز في تشكيلة الإنتر، إلا أن من يبدأ الهجمة من خط الوسط هو إريكسن .. يميل بروزوفيتش إلى اليسار مفسحًا المجال إلى الدنماركي لتسلم الكرة من ثلاثي الدفاع الذي لا يمتلك سوى باستوني فقط كمدافع مميز في صناعة اللعب، ومع تطور الهجمة يتبادل بروزوفيتش وإريكسن المراكز ليصير الأخير في دوره الرئيسي والمعتاد كلاعب محوري يتحول لصانع ألعاب رقم 10 في الثلث الأخير من الهجمة مع مساعدة من نيكولو باريلا الذي يُعد أكثر الثلاثي لعبًا على الأطراف فيميل يمينًا لمساندة جبهة حكيمي ولتغطية تقدمه كذلك، وقد قدم الدولي الإيطالي مباراة مثالية ضد ميلان وكان أحد أهم أسباب فوز النيراتزوري باللقاء المفصلي في الصراع على القمة.

لكن دعنا من باريلا الذي يقدم مستوى كبير منذ بداية الموسم ولنواصل مع كريستيان إريكسن .. الدنماركي بروفايل مختلف تمامًا عن فيدال، فالأخير يميل أكثر إلى اللعب المباشر والتحرك كثيرًا دون كرة مع دخوله لمنطقة الجزاء لكن في وجود لاوتارو ولوكاكو، ربما كان توقيت دخول إريكسن في التشكيلة مثاليًا، فمع صعود الإنتر إلى الصدارة كان بحاجة إلى من يوجد حلولًا للتمرير إلى الثنائي الأمامي أكثر من مساندتهم داخل منطقة الجزاء نفسها وانتظار للإجابة على السؤال الأهم .. من يمرر لهؤلاء؟ من يفتح الممررات والثغرات بتمريراته المؤثرة في عمق دفاعات المنافس؟

كانت الإجابة مع إريكسن الذي يتفوق بوضوح على فيدال في متوسط التمريرات المفتاحية في المباراة الواحدة -بحسب شركة انستات للإحصائيات- بواقع 1,23 تمريرة في المباراة مقابل 0,43 لفيدال، كما أن إريكسن مراوغ أفضل كثيرًا من فيدال حيث يقوم بـ1,08 مراوغة في المباراة مقابل 0,48 مراوغة للدولي التشيلي، ولا ننسَ أن إريكسن يجيد التمرير بكلتا قدميه بنفس الكفاءة ما يمنحه سرعة أكبر في التمرير قبل انسداد الثغرات .. كل هذه الأمور تصب في مصلحة ضرب المنافس قبل تكتله وفتح الثغرات واستغلالها قبل انغلاقها من جديد لضمان وصول المدد الكافي للاوتارو وزميله المرعب روميلو لوكاكو الذي يعيش فترة زاهية جدًا في مسيرته.

وإن لم يكن ذلك كافيًا، فإن كونتي كان جاهزًا لتغيير قطعة شطرنج أخرى لمواصلة تفادي سيناريو التراجع، بعدما عاد من جديد ليعتمد على إيفان بيريزيتش كأساسي بدلًا من أشلي يونج ليصير الكرواتي علامة مهمة على الجانب الأيسر ويصبح الإنتر ذي جناحين طائرين غاية في القوة والتأثير هما أشرف حكيمي وبيريزيتش.
في كل شيء يتفوق إيفان بيريزيتش على أشلي يونج .. الرجل -الذي فاز مع بايرن ميونخ بدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي- يجيد اللعب بكلتا قدميه (246 تمريرة بقدمه اليمنى و199 تمريرة بقدمه اليسرى) تمكن من تسجيل هدفين وصناعة 5 أهداف مقابل صناعة هدفين فقط للاعب الإنجليزي كما أنه يقدم 0,77 تمريرة مفتاحية مقابل 0,61 ليونج ومراوغة واحدة مقابل 0,61، وكذلك يرسل 2,7 عرضية في المباراة الواحدة مقابل 1,56 لمنافسه مع دقة متساوية للطرفين إلى جانب تسديده لـ0,36 تسديدة في المباراة مقابل 0,22 للاعب اليونايتد السابق، لكن اللافت كذلك أن بيريزيتش يتفوق في عدة إحصائيات دفاعية كتفوقه في استعادة الكرة من المنافس داخل نصف ملعبه بواقع 0,82 كرة في المباراة مقابل 0,33 ليونج وكذلك قطعه لـ3 كرات في المباراة مقابل 1,33 ناهيك عن دخوله في 1,82 صراع هوائي وفوزه بـ57% منها مقابل 1 صراع هوائي ليونج وفوزه بـ37% فقط وأخيرًا وليس آخرًا أن بيريزيتش يقوم بـ1,68 عرقلة مشروعة في المباراة مقابل 0,61 ليونج .. تفوق كاسح على مستوى الأرقام ولا أعتقد أنك في العموم تحتاج لشيء لمعرفة أن بيريزيتش لاعب أفضل كثيرًا من يونج لكن كان لافتًا أن يتفوق الكرواتي رقميًا حتى على المستوى الدفاعي وليس الهجومي فقط.

إذًا، حتى الآن تفادى الإنتر مطب تقع فيه كثير من الفرق التي تنطلق انطلاقة نارية في الموسم وهو عدم وقوعها في فخ الرتابة والاعتماد على أسلوب لعب واحد لا يتغير .. قد تكون نفس العقلية موجودة عند أنتونيو كونتي، لكن لمسة بسيطة من لاعب هنا ولاعب هناك بإمكانها تغيير كثير من الأمور.
النيراتزوري مقبل على سلسلة معقولة من المباريات من الممكن أن يستثمر فيها ما حققه في الفترة الأخيرة .. شاهدنا الفريق يخوض نزهة أمام جنوى ويتلذذ بسيطرته على مجريات اللقاء وفرص نسق جمالي لا تخطئه العين في لمسات لاعبيه واستمتاعهم بقوتهم الحالية. ومع تعادل يوفنتوس أمام هيلاس فيرونا قد تهدأ أعصاب رفاق لوكاكو ولاوتارو أكثر ويؤمنون بحظوظهم بشكل أكبر رغم مطاردة ميلان الذي لم يرمي المنديل، لكن في الوقت الحالي فإن الإنتر يبدو الفريق الأكثر تماسكًا خاصة مع عدم اضطراره للعب مباريات قارية بعدما ودع منافساتها مبكرًا كما هي العادة أوروبيًا كذلك، فهل يكسر العادة محليًا هذا الموسم ويربح أول اسكوديتو في آخر 32 سنة لا يتشكك فيه البعض من أنه لولا الكالتشوبولي لما فازوا به؟