كرة القدم استغرقت وقتًا طويلًا للوصول إلى شكلها الحالي على مستوى القوانين. كثير من القوانين تم استحداثها لخدمة اللعبة ورفع مستوى الإثارة وتحسين الفرص لمشاهدة كرة قدم أكثر نظامًا وأحيانًا أكثر هجومية.
على سبيل المثال كان التسلل في البداية وحتى عشرينيات القرن الماضي يُحتسب عندما يتجاوز المهاجم آخر ثالث مدافع وليس ثاني مدافع ما كان يُصعّب كثيرًا من عملية ضرب دفاعات الفرق، كما أنه لم يكن هناك في الماضي ما يسمّى بالتبديلات بل كان من يبدأ هو من ينهي المباراة وحتى مع إصابة أي لاعب لم يكن يُسمح للاعب احتياطي بالاشتراك، بينما لم تكن قاعدة ركلات الترجيح موجودة حتى ما بعد منتصف القرن الماضي قبل أن يتم استحداثها لحسم المباريات بدلًا من نظام تقاسم الكؤوس أو إعادة المباريات الذي كان يُعتمد قبل ذلك. وحتى مطلع التسعينات كان مسموحًا بإمساك الحارس للكرة المُعادة من زملائه بأقدامهم.
لكن كل هذه قواعد تم تعديلها أو استحداثها وبقت مستمرة بالنظر للأثر الإيجابي الذي أثرت فيه على كرة القدم والاستحسان الذي لاقته من الجميع، بينما حديثنا اليوم عن قواعد تم استحداثها ثم ذهبت في طي النسيان.
واحدة من القواعد التي استحدثتها الفيفا والمجلس الدولي لكرة القدم على اللعبة والتي كانت تقضي بأنه في حالة ذهاب الفريقين إلى وقتٍ إضافي بعد التعادل في الوقت الأصلي، فإن من يسجل هدفًا يُعلن فائزًا بشكل مباشر ودون استكمال الوقت المتبقي من الوقت الإضافي.
كرة القدم استغرقت وقتًا طويلًا للوصول إلى شكلها الحالي على مستوى القوانين. كثير من القوانين تم استحداثها لخدمة اللعبة ورفع مستوى الإثارة وتحسين الفرص لمشاهدة كرة قدم أكثر نظامًا وأحيانًا أكثر هجومية.
على سبيل المثال كان التسلل في البداية وحتى عشرينيات القرن الماضي يُحتسب عندما يتجاوز المهاجم آخر ثالث مدافع وليس ثاني مدافع ما كان يُصعّب كثيرًا من عملية ضرب دفاعات الفرق، كما أنه لم يكن هناك في الماضي ما يسمّى بالتبديلات بل كان من يبدأ هو من ينهي المباراة وحتى مع إصابة أي لاعب لم يكن يُسمح للاعب احتياطي بالاشتراك، بينما لم تكن قاعدة ركلات الترجيح موجودة حتى ما بعد منتصف القرن الماضي قبل أن يتم استحداثها لحسم المباريات بدلًا من نظام تقاسم الكؤوس أو إعادة المباريات الذي كان يُعتمد قبل ذلك. وحتى مطلع التسعينات كان مسموحًا بإمساك الحارس للكرة المُعادة من زملائه بأقدامهم.
لكن كل هذه قواعد تم تعديلها أو استحداثها وبقت مستمرة بالنظر للأثر الإيجابي الذي أثرت فيه على كرة القدم والاستحسان الذي لاقته من الجميع، بينما حديثنا اليوم عن قواعد تم استحداثها ثم ذهبت في طي النسيان.
الهدف الذهبي
واحدة من القواعد التي استحدثتها الفيفا والمجلس الدولي لكرة القدم على اللعبة والتي كانت تقضي بأنه في حالة ذهاب الفريقين إلى وقتٍ إضافي بعد التعادل في الوقت الأصلي، فإن من يسجل هدفًا يُعلن فائزًا بشكل مباشر ودون استكمال الوقت المتبقي من الوقت الإضافي.
نحن نحب الإثارة في كرة القدم، لكننا كذلك لا نحب تمزيق قلوبنا بلا رحمة! لا نحب ألا تكون هناك فرصة ولو بسيطة للتعويض… هكذا كان الهدف الذهبي، يمزّق قلب المشجعين بلا رحمة ولا يمنح فريقهم أية فرصة للتعويض.
تمزيق قلب المشجعين ليس وصفًا فيه مبالغة تجاه هدف كان يُدعى في البداية بهدف “الموت الفجائي”. وهو اختراع أمريكي شمالي تم استخدامه في بعض الأحيان منذ سبعينيات القرن الماضي لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا لم يُقرّه إلا في عام 1993 مع تعديل اسمه المزعج ليصير الهدف الذهبي لكنه لم يفرض تلك القاعدة على الجميع، فهناك الكثير من الدول التي لم تستخدمه وياله من قرار حكيم!

أكثر المتضررين من إلغاء تلك القاعدة هو منتخب فرنسا، فقد كان الفريق الأكثر استفادة تاريخيًا من تلك القاعدة، كيف لا وقد تمكن منتخبهم من تسجيل أول هدف ذهبي في تاريخ نهائيات كأس العالم بواسطة المدافع لوران بلان الذي مكنهم من تخطي عقبة باراجواي في 1998 ليواصلوا مشوارهم نحو التتويج الأول في تاريخهم بكأس العالم.
ولم ينتظر الفرنسيون سوى سنتين فقط ليستفيدوا من تلك القاعدة من جديد بعدما سجل زيدان ركلة جزاء في الوقت الإضافي ضد البرتغال في نصف نهائي يورو 2000 قبل أن يسجل دافيد تريزيجيه أشهر هدف ذهبي في تاريخ اللعبة وذلك في مرمى إيطاليا لتربح فرنسا النهائي، لكنه لم يكن النهائي الوحيد الذي فازت فيه بالهدف الذهبي وذلك بعدما تمكن تييري هنري من تسجيل هدف الفوز على الكاميرون في نهائي كأس القارات 2003 الذي لُعب دون روح بعد وفاة لاعب وسط الكاميرون مارك فيفيان فويه قبلها بأيام خلال مباراة نصف النهائي أمام كولومبيا.
أما إيطاليا فقد واصلت كراهية الهدف الذهبي بعدما ودعت نهائيات كأس العالم 2002 بهدف ذهبي من توقيع الكوري الجنوبي آهن جونج هوان في مباراة كارثية على المستوى التحكيمي من جانب الحكم الإكوادوري سيء السمعة بيرون مورينو والذي كان سببًا رئيسيًا في تأهل الكوريين. مورينو تم إرساله إلى بلاده بعد تلك المباراة وهناك استمتع بعدة إيقافات من جانب اتحاد بلاده بسبب كوارث تحكيمية في مباريات محلية قبل أن يختتم السجل “المشرف” بضبطه في عام 2010 بمطار جون كينيدي بنيويورك وقد ألصق بجسده عدة كيلوجرامات من الهيروين ليتم سجنه 30 شهرًا بتهمة تهريب المخدرات.
مع تراكم المباريات التي يسقط فيها لاعبو الخاسر أرضًا وقد تلقوا رصاصة الرحمة تحول الهدف الذهبي إلى قاعدة سيئة السمعة يكرهها كثيرون ولا يحبون مشاهدتها كما أنها زادت من حجم التحفظ الدفاعي الموجود أصلًا في الأوقات الإضافية لذلك قرر الفيفا إلغاؤه في عام 2003 والاستعانة بقاعدة أقل وطأة سمّاها.
الهدف الفضّي
والهدف الفضي ببساطة كان يمنحك وقتًا للتعويض، لكن إن سُجل في مرماك هدفًا في الشوط الإضافي الأول فإنه يمنحك فرصة للتعويض حتى نهاية هذا الشوط فقط، وإن لم تُسجّل فإن الحكم سيطلق صافرته مُعلنًا انتهاء اللقاء بفوز الفريق المُسجّل وعدم لعب الشوط الإضافي الثاني أما إن سجّلت فيُقام الشوط الثاني الإضافي دون مشاكل .. الخلاصة أن الحكم يُطلق صافرته معلنًا نهاية المباراة مع نهاية كل شوط إضافي في حالة وجود طرف متقدم في النتيجة.
أول مباراة تشهد الهدف الفضي كانت كأس السوبر الأوروبي لعام 2003 والتي شهدت فوز بورتو على سيلتك بثلاثة أهداف لهدفين منها هدف فضي من توقيع فانديرلي سيلفا الشهير باسم ديرلي، لكن هدف ديرلي الفضي كان مثل أي هدف عادي في الوقت الإضافي لأنه كان قد تم تسجيله في الدقيقة 115 لذلك تم استكمال الشوط الثاني الإضافي كما تقتضي القاعدة لذلك لم يكن وقع الأمر فادحًا.
لكن اللحظة التي ربما لم تأتِ على خلد مخترعيه جاءت عندما قرر الهدف الفضي أن يتحول لهدف ذهبي في نصف نهائي يورو 2004 مع هدف مدافع اليونان ترايانوس ديلاس الذي سجله في مرمى جمهورية التشيك في الدقيقة 105+1 أي نهاية الشوط الإضافي الأول بعدما احتسب الحكم ركلة ركنية كهجمة أخيرة لصالح اليونانيين الذين نجحوا في تسجيل الهدف ليُعلن الحكم بعدها إطلاق صافرته ليسقط جيل تشيكي مبهر بقيادة بافل نيدفيد ضحية هذا الاختراع بعدما سقط جيل تشيكي آخر قبله بـ8 سنوات بقيادة كاريل بوبورسكي ضحية لاختراع الهدف الذهبي أمام ألمانيا من توقيع أوليفر بيرهوف في نهائي يورو 1996.
لم يعمّر الهدف الفضي كثيرًا بعد حادثة اليونان والتشيك واتفق الجميع على أنه لا حاجة لنا بمثل هذه المآسي ويكفينا ما تجلبه لنا ركلات الترجيح.
ركلات الترجيح الأمريكية!
أمريكا الشمالية كانت صاحبة الفكرة المجنونة للهدف الذهبي لكنهم كذلك لم يكتفوا بذلك الاختراع بل قرروا أنه لا حاجة لأن يجلسوا مثل باقي العالم ليبكون على أطلال ما تجلبه ركلات الترجيح وأن عليهم أن يفعلوا شيئًا!
لذلك في سبعينيات القرن الماضي اعتمد دوري كرة القدم في أمريكا الشمالية وخليفته الدوري الأمريكي لكرة القدم للمحترفين فكرة جديدة ارتأوا أن فيها ما يقلل أكثر من فرصة لعب الحظ دورًا في ترجيح كفة فريق دون الآخر مقارنة بما تفعله ركلات الترجيح العادية.

الفكرة ببساطة هي عدد المحاولات التي تكفلها ركلات الترجيح العادية (5 ركلات ترجيح مع واحدة وواحدة في حالة التعادل) لكن في المحاولة نفسها يبدأ المهاجم في التحرك بالكرة من مسافة 35 ياردة (32 مترًا) وبعدد لمسات محددة للكرة ويكون عليه أن يسدد على المرمى قبل انقضاء 5 ثوان، بينما للحارس الحق في التقدم للأمام وعدم الالتزام بالتواجد عل خط المرمى كما هو الحال مع ركلة الترجيح العادية. يمكن تخيل الأمر بمثابة 5 انفرادات تحاول تسجيل أكبر عدد منها بدلًا من 5 تسديدات من علامة الجزاء.
ورغم أن الأمريكيين متخصصون في الأفكار المجنونة والألعاب المجنونة، فإنه للأمانة كانت الفكرة مثيرة وشيقة وتسمح بالمزيد من سيطرة اللاعبين على الأمور، إلا أنه تم إلغاؤها بعد 4 سنوات فقط من انطلاق الدوري الأمريكي للمحترفين عقب كأس العالم 1994.
6 ثوانٍ؟ حقًا!!؟
حسنًا، تلك القاعدة ماتزال موجودة .. لكنها كما يقولون .. موجودة جسدًا فقط وليس روحًا!
إن لم تشاهد ما كان يفعله المدافعون بإعادة الكرة لحارس المرمى ليمسك بها كل دقيقتين فقد نجوت من ملل مرعب، لكن بعض الملل قد انسل من أثر إلغاء تلك القاعدة ليستمر مع إضاعة حراس المرمى للمزيد من الوقت بالتمسك بالكرة في حوزتهم لأطول فترة ممكنة.
ذلك الملل قُضي على أغلبه بعدما قرر الفيفا والمجلس الدولي لكرة القدم إقرار قانون الـ6 ثواني في عام 1998 والذي يقضي باحتساب ركلة حرة غير مباشرة من داخل منطقة الجزاء على الحارس الذي يقضي أكثر من 6 ثوان والكرة بحوزة يديه.
القاعدة تم استخدامها لأول مرة في بطولة كبيرة عام 2000 في كأس أمم أوروبا، ولم ينتظر الحكم المصري جمال الغندور، الذي كان منتدبًا للتحكيم في اليورو بناء على اتفاقية بين اليويفا والكاف -وهو أول حكم غير أوروبي يقوم بتحكيم مباراة بكأس أمم أوروبا-، ليحتسب مخالفة من هذا النوع لصالح منتخب النرويج في أولى مباريات منتخب إسبانيا في البطولة وفي توقيت مبكر جدًا من المباراة.
اختفى الغندور سريعًا من تلك البطولة، عقب تحكيم مباراة أخرى بها بين التشيك والدنمارك التي كانت تحصيل حاصل، واختفت معه تقريبًا تلك القاعدة التي لم يستخدمها الحكام إلا قليلًا حتى ذكّرنا بها حكم مباراة ليفربول الإنجليزي وبوردو الفرنسي في الدوري الأوروبي موسم 2015/16 بعدما استغرق الحارس البلجيكي سيمون مينيوليه 22 ثانية كاملة دون أن يتخلص من الكرة ليحتسب الحكم مخالفة سجل منها الفرنسيون هدفًا لم يساعدهم على تجنب الخسارة بعدما تلقوا بعدها هدفين لفريق يورجن كلوب الذي لم يكن قد عرف للمجد طريقًا بعد.
22 ثانية في قاعدة 6 ثوان؟ بالضبط، هذا ما يوضح لك كم هو نادر جدًا أن يقرر حكم الاستعانة بتلك القاعدة، فالجميع يتغاضى عنها ولا يقوم بتطبيق النص القانوني بينما لا يتحدث أحد من المسؤولين عن الأمر ويطالب الحكام بتطبيقها لأنه قد يبدو غبيًا .. الأمر ببساطة هو قاعدة مع وقف التنفيذ تقريبًا فمن هذا “السخيف” الذي سيمنح الفريق المتضرر لعبة خطيرة “مجانية” بهذا الشكل ما لم يجبره حارس “أسخف” كمينيوليه على أن يحتسبها!
رغم أنها قاعدة قائمة مع وقف التنفيذ إلا أنه يمكن فهم عدم إلغائها رسميًا، ففيه تشجيع لحراس المرمى على العودة لإضاعة الوقت وتجريد الحكم من ورقة أخيرة قد يستخدمها.
ولتوضيح مدى الفوضى في تلك القاعدة، قمت بزيارة أحد المنتديات التي تجمع حكامًا أجانب مغمورين يتناقشون فيه عن الطريقة المُثلى لاستخدام القاعدة فكانت الأجوبة مختلفة ما بين تحذير الحارس بضرورة لعب الكرة أو بلفت نظر الحكم إلى الساعة لكن الجميع اتفق على أنه لن يحتسب الأمر إلا بعد أن يحذّر الحارس وبعد أن يشعر أن الأخير لا ينوي أن يجعل الأمور تمر بسلام ويبالغ بعد التحذير في الاستمرار في إضاعة الوقت، وهو ما يجعلك تتوقع أنه ليس هناك بروتوكولًا معينًا في الوقت الحالي لتنفيذ القاعدة بل إن الأمر يخضع لوجهة نظر الحكم الذي لديه ما يكفي أصلًا لإثارة التحفظ الدائم من البعض حتى على قراراته الصحيحة فيؤثر توفير “رصيد الغضب” إلى شيء أكثر فداحة!
السعي دائمًا لتحسين المنتج الذي نشاهده سيظل الدافع الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم والمجلس الدولي لكرة القدم لإجراء تعديلات أو استحداث قواعد جديدة. ربما يحب البعض مشاهدة ركلات الترجيح الأمريكية، وربما سيظلوا يكرهون أي حكم يحتسب قاعدة الـ6 ثواني أو ينعتونه بالمغرور والمحنّك، لكن من شبه المؤكد أن الجميع اتفق على أنه لا حاجة لنا بأفكار مثل الأهداف ذهبية وفضية وعلى أن البشرية عجزت عن إيجاد بديل مُقنع للجميع يجعلها تستغني عن ركلات الترجيح.