نادراً ما نجد مدرباً يفقد عمله دائماً من دون الوقوع بأخطاء واضحة على الصعيد الرياضي وبالتأكيد لا يمكن للنجاح أن يكون حليف أي مدرب طوال مسيرته لكن مسيرة توخيل حتى الآن لا تحمل أخطاء فنية واضحة وإن كان البعض قد لا يتفق مع أسلوبه بمباريات عديدة إلا أن نسبة النجاح لديه بتحقيق الانتصار تبدو مقاربة لأي من مدربي القمة على مستوى العالم ولو أن الاعتراف بتواجده ضمن هذه النخبة مازال نادراً للغاية.
بالسطور التالية سنتناول القصص الغريبة التي كانت السبب بإنهاء مسيرة توخيل بكل تجاربه ثم سننتقل للجوانب التكتيكية وأبرز اللمسات التي جعلت منه اسماً مهماً بعالم التدريب.
توخيل بدأ مسيرته مع فرق الرجال من بوابة ماينتس ومنطقياً كان الكل يتوقع انهيار المشروع بعد سقوط الفريق للدرجة الثانية مع كلوب ورحيل المدرب لكن توخيل لم يكتفي بالحفاظ على الفريق بدوري الأضواء بعد العودة بل حقق معه أفضل رصيد نقاط بتاريخ النادي وقاده لإنهاء موسم 2010\2011 بالمركز الخامس مسجلاً البداية الأفضل بتاريخ النادي إثر تحقيقه العلامة الكاملة بأول 7 جولات بسلسلة حقق فيها انتصارات تاريخية أشهرها الفوز بآليانتس آرينا على بايرن ميونيخ.
الكاتب في ESPN يان ليديمان تحدث سابقاً عن هذه المرحلة من مسيرة توخيل مشيراً إلى أنه لم يقدم قائمة طلبات لماينتس حين تسلم الفريق بل عمل من خلال الإمكانيات الموجودة بالتالي الطريق لصناعة الأثر كان تطوير المجموعة تكتيكياً عبر تقليل المسافات بين اللاعبين والعمل أكثر بدون كرة للسيطرة على اللعب بالتالي قدم الفريق أداء ملفتاً من حيث الضغط العالي ومع مرور السنوات استقطب ماينتس العديد من المواهب الشابة التي تألقت مع توخيل مثل آندري شورليه ونيكولاي مولر وإريك مكسيم تشوبو موتينغ، الذي استقدمه توخيل لاحقاً لسان جيرمان، عدا عن تصعيد لوريس كاريوس من الفريق الرديف ليصبح أحد أفضل حراس ألمانيا بتلك الفترة.
نادراً ما نجد مدرباً يفقد عمله دائماً من دون الوقوع بأخطاء واضحة على الصعيد الرياضي وبالتأكيد لا يمكن للنجاح أن يكون حليف أي مدرب طوال مسيرته لكن مسيرة توخيل حتى الآن لا تحمل أخطاء فنية واضحة وإن كان البعض قد لا يتفق مع أسلوبه بمباريات عديدة إلا أن نسبة النجاح لديه بتحقيق الانتصار تبدو مقاربة لأي من مدربي القمة على مستوى العالم ولو أن الاعتراف بتواجده ضمن هذه النخبة مازال نادراً للغاية.
بالسطور التالية سنتناول القصص الغريبة التي كانت السبب بإنهاء مسيرة توخيل بكل تجاربه ثم سننتقل للجوانب التكتيكية وأبرز اللمسات التي جعلت منه اسماً مهماً بعالم التدريب.

بين الخطوات الناجحة والنهايات الصادمة
توخيل بدأ مسيرته مع فرق الرجال من بوابة ماينتس ومنطقياً كان الكل يتوقع انهيار المشروع بعد سقوط الفريق للدرجة الثانية مع كلوب ورحيل المدرب لكن توخيل لم يكتفي بالحفاظ على الفريق بدوري الأضواء بعد العودة بل حقق معه أفضل رصيد نقاط بتاريخ النادي وقاده لإنهاء موسم 2010\2011 بالمركز الخامس مسجلاً البداية الأفضل بتاريخ النادي إثر تحقيقه العلامة الكاملة بأول 7 جولات بسلسلة حقق فيها انتصارات تاريخية أشهرها الفوز بآليانتس آرينا على بايرن ميونيخ.
الكاتب في ESPN يان ليديمان تحدث سابقاً عن هذه المرحلة من مسيرة توخيل مشيراً إلى أنه لم يقدم قائمة طلبات لماينتس حين تسلم الفريق بل عمل من خلال الإمكانيات الموجودة بالتالي الطريق لصناعة الأثر كان تطوير المجموعة تكتيكياً عبر تقليل المسافات بين اللاعبين والعمل أكثر بدون كرة للسيطرة على اللعب بالتالي قدم الفريق أداء ملفتاً من حيث الضغط العالي ومع مرور السنوات استقطب ماينتس العديد من المواهب الشابة التي تألقت مع توخيل مثل آندري شورليه ونيكولاي مولر وإريك مكسيم تشوبو موتينغ، الذي استقدمه توخيل لاحقاً لسان جيرمان، عدا عن تصعيد لوريس كاريوس من الفريق الرديف ليصبح أحد أفضل حراس ألمانيا بتلك الفترة.

في موسمه الأخير بماينتس قالت الصحف أن توخيل رفض عرضين خلال الموسم لترك الفريق والانضمام لباير ليفركوزن أو شالكه ومع نهاية موسم 2013\2014، الذي حقق فيه المركز السابع المؤهل للدوري الأوروبي، تقدم توخيل بطلب لفسخ عقده لكنه قوبل بالرفض وحينها تحدث المدير الرياضي للنادي بالقول “نحن لا نقبل أن يُفرض علينا الأمر بهذا الشكل ولن نفسخ عقد توخيل لكن المشكلة هي أنه أخبر اللاعبين برحيله”.
رغم كل الإنجازات التي حققها توخيل اضطُر للدخول بصراع مع إدارة ماينتس قبل أن يحصل على الموافقة لإطلاق سراحه كي يبقَ دون نادٍ لحوالي عام كامل قبل أن يتولى تدريب دورتموند.
بالموسم الأول لتوخيل في دورتموند (2015\2016) بقي الفريق يصارع بايرن على اللقب حتى آخر جولتين وأنهى الموسم برصيد 78 نقطة، حقق نقطة وحيدة بآخر مباراتين، وهو رصيد أعلى من الذي سجله حين فاز بلقب الدوري موسم 2010\2011 كما خسر نهائي كأس ألمانيا بركلات الترجيح أمام بايرن أما بالموسم التالي نجح الفريق بتحقيق لقب الكأس ووصل لربع نهائي دوري الأبطال قبل أن يخرج من موناكو بسيناريو درامي عكس كل التوقعات بعد أن تأثر الفريق بانفجار عبوة ناسفة بجوار حافلة الفريق قبل اللقاء بساعات مما تسبب بتأجيله ليوم واحد.

هذا التأجيل كان الفتيل الذي أشعل الحرب بين توخيل والإدارة حيث اتهم المدرب المسؤولين بالتسبب بالهزيمة بظل عدم قدرة فريقه على اللعب بعد يوم من حادثة كهذه خاصة وهم يشاهدون إصابة بارترا وزملائهم بالزجاج الذي تطاير بسبب الحادث بالوقت الذي كذّب فيه الرئيس التنفيذي فاتسكه ادعاءات المدرب وقال أن توخيل هو من وافق على لعب المباراة بهذا التوقيت وتدريجياً كبر الشرخ بين الطرفين لينتهي الأمر برحيل المدرب نهاية الموسم رغم تفوقه على بايرن في معقل الأخير بنصف نهائي الكأس وتتويجه على حساب فرانكفورت بالنهائي.
في سان جيرمان عادت المشاكل الإدارية لتتسبب بإقصاء توخيل وصراحته الزائدة كانت المفتاح لاشتعال الخلاف بينه وبين المدير الرياضي ليوناردو فبعد التخلي عن تياغو سيلفا وكافاني والشاب نيانزو والبديل الجوكر تشوبو موتينغ إضافة للظهير مونييه فشل توخيل بإخفاء غضبه أمام وسائل الإعلام واصفاً عمل الإدارة بالسيىء وقال “إن استمرينا بالعمل بهذا الفريق فإن أهدافنا ستتغير بكل تأكيد”.

ليأتي الرد قاسياً من ليوناردو الذي قال “حين يقرر أي شخص البقاء حتى لو لم يكُن سعيداً عليه احترام السياسة الرياضية للنادي والقوانين الداخلية”.
قبل أيام من إعلان إقصائه رسمياً من النادي قال توخيل بتصريح لـ”سبورت 1″ أنه لا يشعر بتقدير ما حققه في سان جيرمان وهذا يتسبب له بالحزن ليأتي القرار الإداري بعد أيام بتنحية المدرب من منصبه ولو أن الوقوف مع ليوناردو ضد توخيل قد يبدو شيئاً غريباً فملخص مسيرة ليوناردو خارج الملعب كان تجربة تدريبية فاشلة بميلان وأفشل منها بإنتر ثم رحلة إدارية ضعيفة في ميلان ويبدو أننا بزمن قريب قد نتحدث عن إدخاله سان جيرمان بدوامة إدارية غير جيدة.

بتلخيص لهذه التجارب يمكن القول أن توخيل هو صاحب الإنجاز الأفضل بتاريخ نادي ماينتس وصاحب أفضل معدل نقاط لأي مدرب بتاريخ دورتموند وصاحب إنجاز وصول سان جيرمان لنهائي دوري الأبطال لكن بكل مرة كانت حكايته تنتهي بطريقة درامية.
أسلوب خارج الملعب
لا يمكننا عزل العديد من المعطيات المهمة خلال الحديث عن توخيل فالتعامل مع الرجل لا يبدو سهلاً وهو ما اعترف به الرئيس التنفيذي لدورتموند الذي وصفه بـ”الشخصية الصعبة” حتى أن أخبار كثيرة أشارت لرفض هوميلس والعديد من نجوم بايرن تولي توخيل تدريب البافاري بعد رحيل هاينكس عن الفريق عام 2018 بسبب أسلوبه الصارم.
يُعرف عن توخيل سعيه لتحقيق الانضباط الشديد حيث كان يتدخل بكل تفاصيل حياة لاعبي دورتموند وحين أصبح مدرباً لسان جيرمان قالت “ليكيب” أن المدرب ذهب لكل المطاعم والملاهي الليلية التي يرتادها لاعبوه وحدد لهم قائمة الممنوعات التي لا يمكن تقديمها للاعبين كي يتمكن من ضبط سلوكهم وغذائهم كما يشاء ورغم هذا نجح المدرب بكسب اللاعبين لصفه حيث اعتبرت صحيفة “ليكيب” أن اللاعبين وقفوا بجانب مدربهم بصراعه مع ليوناردو لكن هذا لم يكُن كافياً لإقناع الإدارة بجدوى استمراره.
الأفكار التكتيكية وخطة العمل
بظل سعيه لإيجاد طرق مبتكرة دائماً لاستعادة الكرة بسرعة حسب هوية الخصم وخلق الضغط يسعى توخيل دائماً لتجريب تكتيكات مختلفة لذا يغير أدوار العديد من لاعبيه بما يتناسب مع نظرته وفي سان جيرمان كان ماركينيوس أحد أبرز اللاعبين الذين خضعوا لهذا التغيير حيث تحول من قلب دفاع للاعب وسط بأدوار متنوعة ولم يعُد الهدف من تحويله للأمام إغلاق العمق دفاعياً فقط.
لشرح تطور أدوار ماركينيوس يمكننا الاستعانة بمباراتين من فترتين زمنيتين مختلفتين: الأولى أمام ليفربول بدور المجموعات 2018\2019 حين فاز سان جيرمان بهدفين لهدف وحينها لعب سان جيرمان بطريقة 4-4-2 لكن مدى التحولات خلال وقت المباراة كان كبيراً جداً فحين يستحوذ الفريق على الكرة يترك ماركينيوس مكانه بالوسط ويهبط ليلعب بين قلبي الدفاع معطياً المساحة لبيرنات وكيرير للصعود للأمام مستغلاً ضعف غوميز على الجهة اليسرى وتقدم روبيرتسون على اليمنى وفعلاً جاء هدفي الفريق في الشوط الأول بفضل الضغط الكبير بجهة غوميز ولوفرين:

إن تمعننا بالصورة الموجودة بالأعلى سنرى ما يشبه الانتحار التكتيكي حيث يصبح فيراتي في أوقات كثيرة لاعب الوسط الوحيد مع خلق الفريق لضغط كبير بالأمام وإيجاد ثلاثي بالخلف قادر على استعادة الكرة لكن هذه الخطة نجحت لأن الكل عرف تماماً كيفية التمركز بشكل ناجح من خلال وضع 4 لاعبين بين خطي وسط ودفاع الريدز ومع صعوبة لحاق المدافعين لهذا الرباعي ظهرت المساحات سريعاً أمام كل القادمين من الخلف.
أما بما يتعلق بماركينيوس قدم اللاعب يومها مباراة ممتازة دفاعياً مع قطعه 3 كرات وإبعاده 3 ولم يتمكن أي من لاعبي ليفربول من مراوغته كما قدم 6 تمريرات طويلة منها 3 صحيحة وهذه كانت الخريطة الحرارية لتحركاته بالمبارة:

رغم خسارة سان جيرمان للنهائي لا يمكن لأحد أن ينكر نجاح الفريق بتقديم مباراة كبيرة تكتيكياً خاصة بالشوط الأول الذي تسابق فيه نجومه على إهدار الفرص أمام تألق نوير حيث قام توخيل بتوظيف نيمار بمركز رأس الحربة وأعطاه مهمة الضغط على نوير خلال بناء البافاري للعب بخطوة نادراً ما نرى فريقاً يطبقها ولو أن نتائجها كانت ممتازة حيث قام مبابي بالعمل في المساحة الموجودة بين قلبي الدفاع والظهير الأيمن وعمل دي ماريا بشكل مشابه على الطرف الآخر أما هيريرا فتولى مهمة مراقبة تياغو الذي قدم مباراة من العمر وكان السبب بكسر الحصار بفضل مهارته الممتازة.
حاول سان جيرمان منع بايرن من خلق أي أفضلية بالعمق بإشراك هيريرا وباريديس وماركينيوس كثلاثي بالوسط كما كانت تعليمات توخيل واضحة بالسماح لقلبي الدفاع بالخروج من مكانهم والضغط على أي لاعب يستقبل الكرة بعمق الملعب مع الاعتماد على الثلاثي السريع بالأمام والعمل بينهم كان سبباً بخلق فرص عديدة وهذه واحدة منها حين ركض مبابي بين المدافعين وخلق إرباكاً كبيراً سمح لدي ماريا باستلام تمريرة نيمار بسهولة لكن تسديدته بالنهاية كانت سيئة للغاية>
توخيل صنع العديد من الأفكار التي تهدف لخلق فعل بالاتجاه المعاكس للتوقعات فاللقطة التالية تكررت كثيراً بمباريات الباريسي مع تمركز 4 لاعبين بمسافة متقاربة بالعمق ومحاولة واحد منهم الانطلاق بالكرة وسحب لاعبين أكثر وظهور لاعب بشكل حر على الطرف الآخر بحيث يقيد حركة الخصم تماماً ويصبح التسجيل مسألة وقت وهذا الأسلوب كان الفريق يستخدمه تحديداً أمام الفرق التي تتكتل بالخلف:

واحدة من المفاتيح المفضلة أيضاً للمدرب هي تحويل الفريق للعب بطريقة أشبه لأن تكون 3-4-2-1 مع نزول واحد من لاعبي الوسط للدفاع وتمركز 4 لاعبين بعمق مناطق الخصم بين خطي الوسط والدفاع ليصعد الظهيران دون أي رقابة للأمام مستغلين ضغط زملائهم بالعمق وصعوبة ترك أي مساحات كما بالصورة:

يملك توخيل مرونة دائماً لتغيير مفاتيحه فحتى أسلوب استخدامه لنيمار ومبابي يأتي بطريقة تخدم الأهداف الجماعية للفريق كما شاهدنا بالصور الماضية وهو ما ينفي ما قيل عن خسارة المدرب لدعم غرفة الملابس رغم اعتراف توخيل بتصريحه الأخير بصعوبة الحفاظ على نيمار ومبابي سوياً.
منطقياً يحتاج توخيل لخوض تجربة تتركز فيها الأضواء عليه أكثر كي تأخذ تكتيكاته الجذابة المزيد من الأضواء والمفتاح قد يكون ربما الدوري الإنجليزي حيث سيخوض المدرب العديد من التحديات الكبيرة وسيحظى بفرصة إثبات ذاته ضد مدربي الصف الأول.